قبل اكثر من ست سنوات كتبت مقالا حول الموضوع ذاته وانتقدت فيه ألية اختيار المجلس الروحاني الايزيديي للهيئة الاستشارية حينئذ، دون الاعتماد على الالية الصحيحة من حيث الكفاءات وتقدير النسيج الاجتماعي والجغرافي للايزيديين، في حينها انزعج سمو الامير الراحل المرحوم تحسين بك من ذلك الانتقاد كثيرا، حسب قاعدة “الامراء وكبار القوم” تنفذ اوامرهم ولاتناقش او تنتقد قراراتهم. وبعد لقائي مع سموه في هانوفر فيما بعد، وبحضور عدد من الاصدقاء ومن ضمنهم الامير الحالي، قال لي المرحوم لماذا تضخمت الموضوع بهذا الشكل، هذه اللجنة التي اخترناه بمثابة هيئة شكلية فقط، ليس لهم اية صلاحية يذكر ولم يتم مرور اي شيئ الا بموافقة وقناعة الامير. انتهى اللقاء على الود، ووعدني بتنفيذ بعض المطالب الذي طلبت من سموه حينئذ، وهو اصلاح البيت الايزيدي بشكل عام وتدوين فلسفة الايزيديايتي على شكل كتاب غير مقدس وغيرها، وذلك بعد تشكيل لجنة مختصة وانعقاد مؤتمر بذات الشأن ليطلع عليه اولادنا والاجيال اللاحقة لمعرفة ماهية اصول عقيدتهم، وللاسف لم تنفذ تلك المطالب والوعود الى يومنا هذا.
من الجدير ذكره، بان الامير المرحوم كان مرحا جدا ويقدر المقابل كثيرا ويقرأ افكاره جيدا، لاسيما النخبة المثقفة والكتاب الايزيديين، بل كان لهم مكانة خاصة عنده وأن لم يفعل شيئا مثلما هم يريدون او يترجون منه لمصلحة بني جلدتهم..
في يوم امس تم نشر قائمة طويلة بطول مسلة حمورابي، وهي بتأسيس هيئة استشارية جديدة للمجلس الروحاني الايزيدي العالمي، بالاحرى مستشارين للامير وحده، قائمة تشمل 44 اسما من كلا الجنسين، يترأسهم من بيت الامير ويختم القائمة نجل الامير، في حين لم نرى هكذا لجنة استشارية في اي برلمان او اية حكومات عالمية، ناهيك هيئة لاعطاء توصيات لادارة شعب منهك بكامله، نصفه يعيش في المخيمات، يعيش في وطن ليس له ناقة فيه ولاجمل، بل شعب جاهز تحت الطلب، يكون ارخص ضحية وارخص سلعة في كل عيد وفي كل زمان يباع ويشترى بدون مقابل.
ههنا نود ان نسأل الامير حازم تحسين بك ومجلسه الروحاني الذي لم يخرج من سباته ابدا، الى اين انتم ذاهبون مع المجتمع الايزيدي المغلوب على امره بهذا الشكل، هل تدار المجتمعات بهذه الالية وبهذا الفكر العقيم ونحن في هذا العصر، في الامس القريب كان لكم لقاءات ورحلات مكوكية بين الوسط الايزيدي في الوطن وفي المهجر، وعدت لهم، بانكم سوف تكملون مسيرة والدكم الامير الاخير في الامارة الايزيدية الاخيرة، بتأسيس مجلس ايزيدي اعلى يتكون اعضائه مايقارب اكثر من 100 انسان ايزيدي كفوء في الوطن و المهجر لمأسسة المجتمع الايزيدي وديمومته لمواكبة متطلبات العصر، ولكن النتيجة صفر التنفيذ وصفر التفكير فيه اصلا، بل الهدف منه هو تسلية الايزيديين ونسيانهم بما جرى لهم من الابادة وانتهاك عرضه ومصادرة ارادته وارضه وانتم نائمون.
ونهمس في اذنكم سمو الامير قليلا، ماهي الالية او المعيار التي اعتمدتم عليه في اختيار هذه “اللجنة الاستشارية”، وبموافقة اية جهة او اشخاص من الايزيديين تم الاختيار على هذه الشخصيات تحديدا، وهنا لا اود الانتقاص من بعض الزميلات والزملاء المذكورين اسمائهم في تلك اللجنة، ولكن الشيء الذي حيرني وحير الكثيرين من امثالي، كيف هؤلاء المعنيين قبلوا بهذه الفكرة وهذه المهمة وبهذه الطريقة العشوائية الغير حضارية، رجعتم مجتمعكم الى ايام النظام البائد والقائد الواحد، يعمل وفق هواه وعلى الجميع القبول به بل يزمر ويطبل له متى مايشاء هو، هكذا نرى في عملكم، مثلما لم يتم ذكر المدة الزمنية لهذه اللجنة الموقرة، ونذكركم سمو الامير، بأن أية جهة او شخصية ما، عندما يقوم بعمل او نشاط على حساب شعبه او جماعته لايجوز التصرف بأحواله وتقرير مصيره، الا بالية توافقية منتخبة من تلك المجموعة او ذلك الشعب وحده.
ههنا باختياركم لهذه اللجنة رجعنا الى المربع الاول والخطأ الاول الذي حدث في زمن الامير المرحوم ولكن باربعة اضعاف، اخترتم المكان الخطأ والزمان الخطأ والنخبة الخاطئة، هؤلاء من اخترتهم غالبيتهم لديهم مناصب حكومية او تعليمية، عليهم التفكير في اكمال مسيرتهم المهنية وليس الركض وراء قرارات فضفاضة ان ارادوا تقديم المزيد من العطاء على حساب الظهور امام الملأ كأنهم يريدون تشكيل كيان سياسي او بناء دولة عصرية لاسامح الله، وأن كنتم صادقين في تقديم مجتمعكم كواجهة حضارية امام العالم عليكم ازالة الكثير من الشوائب في ادارته وغربلة بعض نصوصه الدينية وتصحيح مساره الاجتماعي والسياسي، مثلما عليكم ان تفكرون جليا بحل اشكالية زواج بعض الطبقات من الابيار الذين هم على وشك الانقراض وغير ذلك من الامور المهمة.
ماهكذا ترعى الابل ياسمو الامير، والحديث طويل والقائمة اطول من اسماء مستشاريك الجدد، عليكم اولا ان تلتزمون بوعودكم وهو بتشكيل مجلس ايزيدي اعلى ومستقل، لتمشية ومأسسة البيت الايزيدي، بل ليس لنا حاجة الى هكذا الكم الهائل من المستشارين، مع جل الود لهم جميعا، عليك ان تصرف هكذا طاقات باصلاح البيت الايزيدي الهش من اسه الى اساسه، ان لم تعلم، او لم يبلغك احد من مستشاريك السابقين او اللاحقين، فهنا نقول لكم، المجتمع في واد وانتم في واد اخر، مجتمع نصفه مشرد ونصفه الاخر لايعرف الى أي مرفأ ترسوا سفينته او تنقلب فيه امواج البحر الهائج.
اخيرا نذكرم اهمال مطاليب الشعب واهمال احترام رأيه سوف لم يكتب لاي مشروع بالنجاح، بل يتم ايجاد شرخ كبير بينكم وبينه، الايزيديون في اليوم ليس هم في الايزيديين قبل الابادة في 2014. عليكم مراجعة انفسكم عند اتخاذ اي قرار يخص المجتمع الايزيدي، الاستشارة بابطال جبل شنكال وكل من وقف يوم الابادة بمساعدة بني جلدته وخلصهم من الهلاك والابادة، اشخاص كتبوا اسمائهم في اول صفحات التأريخ من الشجاعة والكرم، وليس من كان يجلس امام الشاشات لسماع اخبار اهله يذبحون واعراضه تنهك واليوم يقررون مصير الايزيديين.
على كل انسان ان يحاسب ضميره ويحاسب نفسه قبل غيره، هل يستحق ان يكون في المقدمة ام هؤلاء الابطال الذين دافعوا بدمائهم الزكية ووقفوا امام اشرس الوحوش وقاتلوهم دون خوف او تردد.
سمو الامير أن الشعوب تقدر كبارها بقدر ماهم يقدرون شعوبهم دون تفرقة، ويبذلون الكثير من اجل حريتهم وحفظ كرامتهم، ولكن لم يبقى لهذا الشعب المشرد أي شيء يذكر ليتفاخرون به، بل مراجعة الذات واستشارة من هم يستحقون الاستشارة بهم هو الحل الوحيد للذهاب الى بر الامان أن وجد.
حسون جهور
جامعة اوسنبروك
03.03.2024
Alla reaktioner:
Hesson Gahoar och 1 till