|
قمت في اليوم الاول لوصلي الى بغداد , بدأت بجولة طويلة في مناطق بغداد . وقد هالني الخراب الهائل . كأن بغداد خرجت من الدمار الحرب المدمرة , بحيث اصبحت غريبة لا تنتمي الى بغداد القديمة . حيث اندثرات معالم بغداد القديمة , التي كانت كالنجوم تطرز ثوبها الفاتن . وكانت هذه المعالم مرآة بغداد الجميلة . كأن بغداد لا تنتمي الى العصر الحالي , بل الى العصور القديمة البدائية , التي تتحكم بها العشوائيات . أينما تذهب تجد تلال من الاكوام الازبال شاخصة امامك وتصاعد الاغبرة , أينما تذهب في المناطق الشعبية , تجد الطين والبرك المائية الاسنة , التي اصبحت مرتع للحشرات والبعوض والذباب . اينما تذهب تجد العشوائيات بأنواعها تتحكم بالشوارع والارصفة . اينما تدور تجد حالات الاهمال شاخصة , في انعدام الخدمات العامة والبلدية . بينما الصورة تكون مختلفة في المناطق الراقية , حيث تجد النظام والاهتمام بالخدمات والتنظيم والتجميل . هذه الصورة المتناقضة , كأن مواطن المناطق الشعبية , وهو مواطن من الدرجة العاشرة , او في اسفل القائمة , أو شخص غير مرغوب وغير مرحب به . بينما المواطن في المناطق الراقية , هو المواطن من الدرجة الاولى , في الاهتمام والعناية وتوفير الخدمات . حيث بحبوحة العيش واضحة المعالم , عكس المواطن المناطق الشعبية . حيث يعصف بها الخراب وانعدام الاهتمام وفقر الخدمات او انعدامها والبؤس . وتكثر فيها العشوائيات و( البسطيات ) . لقد تجولت في شارع الرشيد من بدايته الى نهايته . ظهر كأنه شارع عشوائي مهمل , خارج اطار الخدمات. حيث تعبث به اكوام الازبال والاوساخ , ولا يمت بصلة الى تاريخه القديم , حيث تكدست فيه العشوائيات و( البسطيات ) المتزاحمة مع بعضها البعض , بشكل غريب وعجيب . وهذا يدل على وجود البطالة المتفاقمة , بحيث لا يجد الشباب , الذين انهوا دراساتهم الجامعية , ليجدوا البطالة امامهم , تضربهم بسوطها القاسي , بحرمانهم من فرصة عمل بسيط . مما وجدوا هذه ( البسطيات ) الملجأ الوحيد لتوفير رزقهم اليومي المر . اما ايجاد فرصة عمل او تشغيل , اصبحت تحتاج الى رشوة بمبلغ كبير من ( الشدات الدولارية ) . اما التعيين فأصبح بحكم المستحيل بدون رشوة كبيرة وايجاد ضلع كبير نافذ او مافيوزي بامتياز .
ان الاهمال الكبير وحرمان العراق من فرصة التطور , وتوفير ابسط معالم العيش البسيط . وتوفير الحد الادنى من الخدمات الصحية والتعليمة , لكن هذا الاهمال المتعمد وصل الى ارقام مخيفة , في استنزاف المواطن حتى اخر دينار في جيوبه , في نواحي الطبية والصحية والتعليم . بينما اغلب بلدان العالم حتى الفقيرة , تعتبر هذه الخدمات مجاناً من مسؤولية الدولة . مما تفاقمت الازمات المعيشية نحو التدهور الى الاسفل . رغم الاعلانات على الموازنات المالية الانفجارية كل عام . من موارد النفط. المالية , ولكن هذه الاموال التي تقدر بعشرات المليارات الدولارية, المخصصة للمشاريع البناء وتحسين البنية التحتية , وتقديم الخدمات وتوفير فرص العمل . ذهبت الى جيوب مافيات الفساد . مما جعلوا تتفاقم الازمة الحياتية ومستوى العيش البائس , مما اصبح المواطن يعاني بزخم من المشاكل الحياتية والفقر والبؤس والجور , تفاقمت الازمة الحياتية نحو الاختناق والارهاق . مثال بسيط جداً . منذ 15 عاماً لم يفتح شارع جديد واحد . بينما ارتفع عدد السيارات بطفرات هائلة من الزخم الهائل في حركة المرور والازدحام الشديد . مما جعل الشوارع لا تستطيع استيعاب اقل من 20% من ازدحام عدد السيارات . فتجد كل الطرق مسدودة ومزدحمة . لا يتحرك السير إلا بالبطئ الشديد والمرهق , . مما جعل المواطن يعاني حالات الارهاق والتعب ودوامة الصدع , الذي يصدع برأسه كالطبل . اضافة الى الوقت الطويل الضائع , في الجو الملوث بالسموم ( البنزين ) الرديء في النوعية .
أن عراق اليوم . عراق مافيات الفساد واللصوصية , في فرهدة الدولة مؤسساتها ومواردها المالية . هناك حالة من التقسيم بالفرهدة . بين الاحزاب الحاكمة والمليشيات التابعة الى ولاية الفقيه , وتفتخر بأن تزين مقراتها الحزبية بصور خامئني , لتؤكد على ولائها الى ايران وليس الى العراق . هذه المليشيات الايرانية / العراقية . حصتها من الفرهدة , هي التشغيل والتوظيف والتعيين. ولا تقدم فرصة للعمل , إلا برشوة مالية كبيرة وبالدولار . وجعلت مناصب الدولة معروضة للبيع والشراء . مثلاً من يحصل على موقع وظيفي بدرجة مدير عليه ان يدفع حزمة كبيرة من الشدات الدولارية , وحتى المدير عليه ان يدفع رشوة مالية شهرياً , للحفاظ على درجته الوظيفية , او هو معرض للطرد او التنزيل او النقل . اضافة ان هذه المليشيات لها موارد مالية ضخمة من منافذ الحدود مع ايران , فهي من حصتها السيطرة على هذه المنافذ الحدودية , لذلك ازدهرت تجارة التهريب بأنواعها المختلفة عبر هذه المنافذ . وكذلك ازدهرت تجارة المخدرات والحشيشة وحبوب الهلوسة , القادمة من ايران وتدخل بكل بساطة وسهولة , انها تجارة الموت التي تعصف بالشباب بمباركة هذه المليشيات الايرانية / العراقية . دون ان تتدخل الدولة , وهي اشبه بخيال المآته , او ( جام خانه ) بين فرهدة الاحزاب والمليشيات . وكذلك حصة ( حسين الشهرستاني ) في امتلاك محطات الوقود التابعة له دون منافس . وكذلك النقل العام والمدني والمطار من حصة ( عمار الحكيم ) . اما حصة حزب الدعوة , هو الاستيلاء على عقارات واملاك الدولة الجديدة والقديمة . وكذلك تهريب النفط بواسطة الناقلات الكبيرة , وحالة الموانئ والموانئ , يعني هناك تقسيم ثابت بالفرهدة , بالتفاهم الكلي بعدم تجاوز احدهم على الاخر . لذا فأن مافيات الفساد متغلغلة الى الاعماق , في شؤون الدولة والحياة , لهذا تم تهريب عشرات المليارات الدولارية, واستنزاف موارد الدولة المالية . ومنها طامة الانفاق الهائل على عشرات الالاف من الموظفين الفضائين , الذين ليس لهم وجود , سوى في اوراق الرواتب . ونتيجة هذه الفرهدة واللصوصية . جعلت يتفاقم الفقر والبؤس والبطالة في العراق . وانعدام تقديم الخدمات الطبية والصحية والتعليمية وخدمات البلدية.
مما يكون المتضرر الوحيد هو المواطن , فهو الخاسر الاكبر من هذا الخراب والفرهدة , بصعوبة التأقلم مع المشاكل المعيشية والحياتية الخانقة . ان دور الاحزاب والمليشيات , هو دور الشرطي الامين على اللصوصية والفرهدة . وهذه الاحزاب والمليشيات تعيش في وادٍ , والشعب في وادٍ اخر , مقطوعة الجسور والتفاهم والوفاق . وهذا ينذر بالانفجار الشعبي العارم , عاجلاً ام آجلاً …………………. والله يستر العراق من الجايات !!!!!!