من الطبيعي القول إن من ينجح بتحقيق الاهداف المحددة ، فلا بد من أن يكون إنساناً يتمتع بالقدرة على القيادة الرشيدة ، فما هي القيادة ؟ ومن هو القائد الذي يتمتع بهذه القدرة؟
الخبير البارز في مجال القيادة “وارن بينيس” استخرج 350 تعريفاً مختلفاً عن مفهوم القيادة ومن هو القائد، وبشكل ملخص يمكن استخلاص مفهوم القيادة على أنها القدرة على توجيه الناس للقيام بأمر ما على ان يتم ذلك بنجاح تام…أو كما يؤكد الرئيس الأميركي هاري ترومان بقوله “القيادة هي القدرة على ترغيب الرجال بالقيام بما لا يرغبون بالقيام به”.هذه المفاهيم للقيادة او القائد قد لا نتفق كليا مع تلك التعاريف وفق تلك المدارس التي قد تكون مدارس عسكرية وحربية واقتصادية ولكن في كل الاحوال تعرف القيادة والقائد ان كان الشخص ( انثى ام ذكر ) التي /الذي تجتمع بيده مجموعة من عناصر لإدارة الدولة او ادارة حزب معين او مؤسسة دينية سياسية ثقافية اجتماعية وهذه العناصر او المبادئ التي لها القدرة في التأثير على سلوك مجموعته العاملة والتي تعمل من اجل الوصول الى الهدف المنشود…
القائد كما ذكرنا هناك اختلافات في تعريفه …
فنجد القائد الذي بيده أعلى سلطة في البلاد أو قيادة أي حزب أو أي هيكل تنظيمي في البلاد ممكن ان يقود سفينته بنجاح الى بر الامان بالعمل الجماعي
والاخر ممكن ان يقود سفينته الى بر الامان وبنجاح ايضا ولكن بشكل فردي ، الا انه يتكبد خسائر كثيرة لفريقه …! دون اي اهتمام من القائد لما حصل لشعبه او لفريقه ، هذا يعني ان القائد قد يكون حسب ادارته للعناصر او لفريق عمله على الشكل التالي :-
1- القائد الديكتاتوري
2- القائد البيروقراطي
3- القائد الديمقراطي
قبل ان ندخل بمميزات كل واحد منهم ، علينا ان نعرف ،ان القيادة التي تجمتع بيدها السلطة كونها رأس الهرم من المفروض بأنها تقوم بتحقيق الأهداف عن طريق استخدام لسلطاتها المنوطة بها ، وتأثيرها على استمالة العاملين معها للتعاون من اجل تحقيق الأهداف المرجوة من ذلك النشاط ….. وهذا يأتي من خلال توجيه الافراد في الاتجاه الصحيح ومتابعتهم وتطوير قابليتهم اذا احتاجوا الى ذلك….. وهنا تبرز صفات القيادة للقائد ان كان رئيسا للحزب او رئيسا للسلطة او اي مؤسسة دينية سياسية ثقافية اجتماعية مدنية ، عندما ينجز القائد عمله بالتعاون مع مساعديه والمجموعة التي يعمل معها بشكل جماعي وليس فردي ،
ان القيادة في اي مرفق من مرافق قيادة الحزب او السلطة لا تختزل في قائد واحد ففي اي مرفق من مرافق الدولة او الهيكل التنظيمي للحزب او اي مؤسسة ثمة قيادة وهي تكون موزعة على جميع العاملين وليست حكرا على القائد الذي هو في اعلى الهرم…. وتبقى مهمة القائد في أي مرفق وأي مسؤولية يستلمها القائد القيام بشحن الهمم بمن حوله وان يخلق منهم نموذجا ناجحا في انجاح الهدف المنشود وتغيب الأنا وتنصهر في (نحن) هي الجامعة وهي المؤثرة في العمل الجماعي وهذه هي اهم صفات القائد الناجح وممكن تلخيصها بشكل نقاط وكما يلي :-
صفات القــائد….
1) ان يحسن اختيار معاونيه ممن يعملوا لصالح مجتمعهم فقط بعيدا عن المصالح الشخصية وان يكونون ذو خبرة بذاك الشأن.
2-) ان يكون مستمعا جيدا ولا يميز بين افراد فريقه او مجموعته الذي يتولى قيادتهم
3) أن يتعرف على مواطن الضعف ويعمل للقضاء عليها .
4) ان يكتشف نقاط القوة ويعمل على تنميتها .
5) أن يتحلي بالإنسانية والأخلاق الطيبة .
6) أن يكون قدوة ومحنك وذو خبرة الى جانب اندفاعه بالعمل
7) ان يعمل مع المجموعة بشكل مباشر بعيدا عن المكاتب الفارهة والمظاهر الكذابة من ابهة وشياكة لا معنى لها …يعني ان يتعامل ببساطة مع العاملين لكي يكسب احترامهم ويدافعون عنه ويعملون لانجاح الاهداف المنشودة ….
من هنا ومن خلال النقاط السبعة ، ممكن ان نتعرف على القائد الجيد الغيور على شعبه وعلى المؤسسة التي يديرها وتعد هذه النقاط معيار للقائد الذي نحتاجه على الصعيد الشعبي، ولكن لابد ان نتعرف ايضا عن سلبيات القائد الديكتاوري والبيرقراطي في ادارة السلطة من موقعه ان كان في الدولة او اي مرفق آخر ….اذن من هو القائد الديكتاتوري..؟
من هو القائد الديكتاتوري؟؟
هو ذلك القائد الذي يفرض خطته على العاملين ويلزمهم بالتنفيذ ويتصرف بمفرده، ولا يخضع لأحد ويفرض على الجميع ان يخضعوا له ، وقد يكون صالحا في بعض التصرفات ومخطئا في تصرفات اخرى ويمكن للديكتاتور ان يقوم بإصلاحات ، اذا اراد ذلك لوحده دون أخذ مشورة من حوله ..
كما ان الديكتاتور دائما ما يجتذب من حوله المنافقين والمؤيدين والانتهازيين ويتخلص من المخلصين له وخاصة الذين يناقشونه وينتقدون ادائه غير العلمي والمعقول ، وهذه الأمور لا تريح الديكتاتور ويشعر بأتجاها وكأنها انتقاص من كبرياءه وكرامته، لذا يفتش عن أسرع طريقة في الخلاص منهم بمساعدة هؤلاء الذين من حوله من المنافقين والمؤيدين والانتهازيين .
طبيعة الديكتاتور مجبول بالأنا والأنانية الشخصية لدرجة يصعب ان يكتشف بمن حوله ، من هو المخلص له .؟ ومن هو المنافق له.؟
ويحاول القائد دوما ان يقلل ويحط من جهود العاملين، ويبرز دوما عمله أمام الآخرين، وكأن العمل المنجز من نتاجه هو وحده ، ودوما يفرض نتائج عمله لصالحه ، وإن صاحب عمله أي فشل يعزو ذلك الفشل بسبب العاملين ويتهمهم بالخيانة والتقاعس والانحراف ….الخ ويتم محاسبتهم …
إن فشل القائد الدكتاتوري في ادارته للدولة او حزب معين او مؤسسة دينية سياسية ثقافية اجتماعية مدنية آجلا أم عاجلا هي نتيجة حتمية لتفرده بالسلطة بعقليته الاقصائية وحرمان من حوله في التحدث والتعبير عن ارائهم بحرية وعدم الاستماع الى مشورتهم الى جانب نرجسيته العالية في مطالبة الأخرين أن يسمعوه بما يريد هو أن يسمعه فقط ، ولا يقبل الأستماع أو الحديث عن أخطائه..حتى وان كانت تلك الملاحظات التي تطرح في خدمة عمله ، ونتيجة لذلك تكون سمة العاملين من حوله أو الذين يتصدون المشهد معه هو والحاشية من المنافقين والانتهازيين الذين لا تهمهم مصلحة البلاد أو الحزب أو المؤسسة الذين يعملون بها بقدر مصلحتهم الآنية ….وهنا قد وضع الديكتاتور أول مسمار في نعشه لزواله وزوال نظامه بعدما جمع من حوله هذه الشلة من الانتهازيين والمنافقين، ليكون مصيره ومصير نظامه للزوال، حتى وان كان المشروع او الفكرة اوالهدف الذي يعمل من اجله ذو طبيعة انسانية قومية شعبية ، فالغاية لا تبرر الوسيلة ولكن من الممكن الغاية الشريفة تبررها فقط الوسيلة الشريفة للوصول الى الهدف ، وبطبيعة الحال ستذهب أحلام الديكتاتور مع الريح بعد خسائر كبيرة يتكبدها الشعب الأعزل من جراء تلك الأعمال الصبيانية في عالم السياسة والقيادة .
من هو القائد البيروقراطي..؟
القائد البيرقراطي هو نتاج النظام الديكتاتوري بعد ان اختزلت الديكتاتورية شخصية العاملين لتنتج عاملين سلبيين بأتجاه شعوبهم أو احزابهم ومؤسساتهم ، وبالرغم ان القائد البيروقراطي يحاول أن يظهر نفسه بأنه مدافع عن حقوق شعبه ….ولكن يبقى القائد البيروقراطي يتعامل في سلمه الوظيفي أو الحزبي مدى محافظته على مصالحه ، لذا تكون سمات القائد البيروقراطي هي :-
1- ان القائد البيروقراطي لا يمثل العاملين من حوله فهو يسعى ان يحفظ مكانه ومكانته عن طريق مكتبه وليس مهما له العلاقة بينه وبين العاملين المهم منصبه ، فهو يهتم بالاجراءات والروتين أكثر من إهتمامه بالعمل المنجز..
2- يهرب من المسؤولية ويقوم بتوزيع المسؤولية وليس صلاحياته على العاملين ، لذا يعمل كل فرد ما يحلو له أو ما يراه مناسبا ، ونتيجة لذلك.. لايوجد نظام ولا أهداف محددة للوصول اليها، وعند حدوث الاخطأء يحاول اصلاح ذلك بخطأ آخر من خلال التسويف في تشكيل اللجان واللجان تولد لجان اخرى ..
3- غياب النظام والمسئوليات غير المحددة تعم الفوضى والأهمال ويستشري الفساد وبالنتيجة يسعى الى تغطية الاخطاء بأجراءات بيروقراطية في تشكيل لجان تلو اللجان لتغطية الاخطاء…
أذن من هو القائد الديمقراطي الذي نبحث عنه ..؟
قد يكون مربط المقالة أو مربط الفرس كما يقال أننا نبحث عن القائد الديمقراطي ، ونخطئ عندما نبحث عن القائد الديمقراطي من بطانة النظام الديكتاتوري والبيروقراطي ، كما اننا نحتاح القائد في جميع مرافق الدولة والمؤسسات الحزبية والمجتمعية لتحقيق الأهداف وليس في اعلى او راس هرم الدولة او الحزب او المؤسسات العاملة الاخرى ، وعليه تكون سمات أو الصفات التي يتميز بها القائد الديمقراطي الغيور على شعبه أو حزبه بما يلي :-
1- يضع الخطط مع العاملين معه وتضيع صفته كرئيس في الاجتماعات الدورية
2- يصعب ان تميز بين القائد و العاملين معه لأنه يكون في الميدان، ويحاول بشكل آني ومباشر ان يعالج اي خطأ أو يطور الحراك أو النشاط لدى العاملين دون الانتظار للرجوع اليه.
3- تنبع القرارات من الجماعة نفسها بعد نقاشات مستفيضة وبعد اقراراها يدرك كل فرد مكانته ومسؤوليته وصلاحيتاته ليتصرف كقائد في مكانه..
إن من يستلم مهام القيادة يجب أن يكون مؤثرا بمن حوله وأن لا يتعالى عليهم وأن يكون متواضعا بعيدا عن لغة الأوامر والتلويح بالعقوبات ، وأن يكون له رؤية للهدف المنشود واضعا خطة ستراتيجية وخطوات تنفيذها ومتابعتها والأشراف عليها ، كما على القائد الرجوع دوما لتقييم الاداء وإعادة الهيكلة اذا تطلب الأمر من أجل مصلحة العمل وأن يضع الشخص المناسب في المكان المناسب..
إن ديمومة دور القيادة في الاحزاب الثورية تتجلى ان لا تستكين في حجر مكاتبها ، عليها النزول للشارع ومعرفة مشاكل المجتمع ووضع الحلول لها دون الانتظار مما يولد الأحتقان ومن ثم الأنفجار…
كامل زومايا
ناشط في مجال حقوق الانسان والاقليات
بتصرف /ظاهر كلالدة 1997 / الاتجاهات الحديثة في القيادة الادارية وعليوة السيد 2001 تنمية المهارات القيادية للمديريين الجدد