الجمعة, نوفمبر 22, 2024
Homeمقالاترسالة إلى السيد( بافل جلال طالباني) رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني… مجرد تذكير!...

رسالة إلى السيد( بافل جلال طالباني) رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني… مجرد تذكير! : عبدالله جعفر كوفلي

في بيان منشور على اجهزة الإعلام المختلفة ومنسوب إلى سيادتكم ( الملحق بمقالنا) حول استقلالية القضاء
العراقي باعتبار ان القضاء المستقل هو احد دعائم النظام الديمقراطي والاستقرار السياسي والاجتماعي
والاقتصادي في البلاد ويجب علينا احترام وتبجيل قراراته.
أقول في معرض رسالتنا ومن القراءة الاولى للبيان نشعر بأن السيد (بافل طالباني) يعيش في واد والعراق في وادٍ
آخر ويتحدث عن المثاليات بعيداً عن ما يلمسه الشعب العراقي من معاناة وما قدمه من تضحيات جراء قرارات
قضاءه، وكأننا نعيش في قارة بعيدة ولم نسمع بأسم العراق ولا نعرف موقعه على الأطالس، وظهر بدور الناصح
الأمين والمرشد ويعلمنا بان استقلالية القضاء أساس الحكم الرشيد.
ان المتتبع للتاريخ السياسي العراقي يعرف تماماً ان القضاء العراقي لم يكن مستقلاً ومحايداً منذ تأسيس الدولة
العراقية، بل إن تشكيل المحاكم الخاصة بعد كل انقلاب أو تغيير في الحكم كانت سمة ظاهرة للعيان بل وأبرز
السمات في المشهد السياسي العراقي، يمكننا إثبات ما ذكرناه بالنقاط التالية:-
– في العهد الملكي، كان العراق تحت نظام الانتداب البريطاني وكان في كل وزارة يوجد مستشار بريطاني يتحكم
بسياسة تلك الوزارة وفق مصالح دولته ومنها المحاكم التي لا يمكن استثناؤها.
– ⁠بعد انقلاب ١٤/تموز/ ١٩٥٨ وتغيير النظام من الملكي الى الحكم الجمهوري وما رافقه من احداث دموية، كان
تشكيل محكمة خاصة باسم محكمة الشعب أولى مهمات أصحاب الانقلاب في ٢٠/تموز/١٩٥٨ بالمرسوم المرقم
(١٨) اي بعد ستة ايام فقط، المعروف بمحكمة المهداوي وذلك لتعيين العقيد فاضل عباس المهداوي رئيساً لها،وتمّ
إحالة جميع رؤوس النظام الملكي الذين بقوا على قيد الحياة ولم يفروا من العراق الى هذه المحكمة لتصدر
أحكامها بالإعدام والسجن لمدد مختلفة بحق كل من تولى منصب من قبل، حيت كانت المحكمة أداة لتصفية كل من
يقف أمام السلطة التنفيذية، وتم تصفية المئات وزج آلاف الأشخاص في السجون.
– ⁠محكمة الثورة، تم تأسيس هذه المحكمة بعد انقلاب ١٧/تموز/١٩٦٨ وتسلم حزب البعث زمام السلطة في
العراق وترأسها لفترة طويلة عواد حمد البندر وكان بحق وسيلة بيد النظام لإقصاء جميع المعارضين وإعدامهم
وملأت السجون بقرارات صورية وجماعية لا تتجاوز دقائق معدودة وتصدر أحكامهما، حيث هناك عدد لا
يحصى من الشهود لا يزالون على قيد الحياة ومنهم افراد من تنظيمات حزبكم ذكروا ويذكرون في مذكراتهم
ومجالسهم ما كانوا يعانون منه من جراء قرارات تلك المحكمة إذا لم يعانقوا رقباتهم حبال المشنقة، السجون
العراقية كانت مكتظة بكل من يفكّر خارج تفكير النظام.
– ⁠بعد تحرير العراق عام ٢٠٠٣ كان امل الشعب كبيراً في بناء نظام ديمقراطي تعددي يكون القضاء المستقل
احد أسسه المتينة ولكن سرعان ماتحول كلّ آمالهم إلى خيال، لأن العقلية السياسية التي استولت على السلطة
سارت بنفس الاتجاه السابق وسخرت القضاء وقراراته لحمايته وتحييد كل من يقف بوجهها، مثلاً كان قانون
مكافحة الأرهاب سيفا مسلطاً على روؤس الشعب وخاصة ضد مكونٍ معين بل كانت الملفات جاهزة للإصدار
الأحكام وفق المادة الرابعة لكل معارض أو مختلف في الرأي وامتلأت السجون بالأبرياء إذا لم يتمكنوا من الفرار
إلى خارج العراق وهناك العديد من الأمثلة الحية.
– ⁠اخيراً المحكمة الاتحادية التي هي احدى الدعائم الأساسية للنظام الفيدرالي المقرر وفقّ الدستور العراقي لعام
٢٠٠٥ ولكنّ تشكيلها لم يكن دستورياً وقراراتها لم تكن محايدة خاصةً المتعلقة بإقليم كوردستان وأنها تجاوزت
حدود اختصاصاتها والغت مؤسسات الحكم في الإقليم وحاولت تمزيق الصف الوطني وضرب التعايش السلمي في
الإقليم بإلغاء مقاعد الكوتا للمسيحين والتركمان والأرمن، ناهيك عن قرارها الخاص بإرسال رواتب الموظفين ولا
يزال المسلسل مستمراً وكذلك إقصاء رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.

هذا غيظ من فيض والآتي أمر إذا لم تقف عند حدود اختصاصاتها، باختصار نقول إن المحاكم كانت ولا تزال
وسيلة بيد السلطة السياسية لحماية نفسها وضرب كل معارض وتشكيل المحاكم الخاصة دليل على عدم إيمان من
يمسك بالسلطة بنزاهة القضاء او أن تلك المحاكم لا تشفي غليلها ولا تفي بغرضها.
ونرى إنه كان من الأجدر قبل إصدار مثل هذه البيانات ذكر جميع هؤلاء الذين عانقت رقابهم حبال المشانق
بقرارات قضائية جائرة لأنهم لم يفكروا كما تفكر السلطة الحاكمة والذين قضوا سنوات طويلة خلف القضبان في
ظروف صعبة جدا ومعاناة أسرهم وذويهم والتفكير الجدي لما يعانيه ألشعب الكوردستاني وخاصة الموظفين منهم
من سوء الأحوال الاقتصادية من جراء قرارات المحكمة الاتحادية وأين وصلت بنا الأمور من وراء القرارات
السياسية الصادرة من السلطة القضائية.
إذن اين الاستقلال في القضاء؟!
———–
تظل استقلالية السلطة القضائية احدى الركائز الاساسية في البنيان الديمقراطي ومسار الحكم للدول المتقدمة ،وان
ترسيخ سيادة القانون ودعائم العدالة من ركائز الاستقرار السياسي والاجتماعي وهي الضمان والكفيل لحقوق
المواطن والمجتمع في العراق واقليم كردستان.
‏‎
وفي الوقت الذي نجدد دعمنا لقرارات المحكمة الاتحادية ودورها المشهود في صون الدستور وتحقيق العدالة
وحماية المسار الدستوري للنظام الديمقراطي، نستنكر التشهير بالمحكمة الاتحادية العليا وكيل الاتهامات والاساءة
لها وهي محكمة مستقلة مهنية ساهمت في حماية النظام السياسي في العراق و ان حماية استقلاليتها والتصدي لاية
اساءات لها من صميم الواجبات الدستورية والمهام الوطنية.
‏‎
السلطة القضائية العراقية مشهود لها بالاستقلالية، واحترامها يعكس تقدم وحضارة المجتمع وهو عامل مهم يُشعر
المواطنين بالاستقرار والأمن والأمان وضمان حقوقهم.
‏‎
لنعمل سوية على غرس روح التبجيل المطلق للقانون وتعلم الاحتكام اليه، وتثبيت استقلالية القضاء ونزاهته
وحياديته التي ساهم الرئيس الراحل مام جلال في ترسيخها ضمن الدستور العراقي.
بافل جلال طالباني
رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني

٢٣/٣/٢٠٢٤

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular