ليس الحديث عن الدور الايراني في المنطقة کأي حديث آخر يمکن تناوله والخوض فيه، فهو حديث متشعب وذو شجون له جوانب متباينة ويفتح الکثير من الابواب وإن أخطر مافيه هو إنه ولمدى ومستوى خطورته الفائقة فقد طغى على کافة الادوار الاخرى المهددة والمٶثرة على الامن القومي لبلدان المنطقة وهو مايمکن ملاحظته عربيا وإسلاميا ودوليا بمنتهى الوضوح وصار کأمر واقع يفرض نفسه.
أقوى وأخطر مافي الدور الايراني، هو إنه يقوم بالتحرك وتنفيذ المخططات والاجندة الخاصة به بالانابة أو بالوکالة، خصوصا بعد أن إستطاع توظيف العامل الطائفي لصالحه والتمويه على الشيعة العرب بشکل ملفت للنظر، وليس من الغريب والعجيب أن نجد أن معظم العمليات والنشاطات الارهابية التي قام بها في العقد الثامن من القرن الماضي ومهاجمته لقواعد وقوات أمريکية أو إغتيالات غير عادية نظير الذي تم التخطيط له في الکويت، إنما کانت بأيادي شيعة عرب تم تجنيدهم من قبل هذا النظام.
الدور الايراني لم يقتصر على إستخدام الشيعة العرب ضد بلدان عربية أخرى أو ضد قوات وقواعد أمريکية فقط بل وحتى ضد شعوبهم وأوطانهم، وهذا أخطر مافي الدور الايراني ولاسيما وإنه قد إستطاع لفت الانظار من العدو الخارجي المتربص ببلدان المنطقة والاخطار والتهديدات الاخرى بإتجاه عدو داخلي مفتعل ومصطنع، وبدلا من الانصراف بالعدو الخارجي صارت بلدان المنطقة مشغولة بطابور خامس مزروع داخلها ويمثل خطرا جديا عليها.
الزيارة الحالية التي يقوم وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، للمنطقة وماقد أعلن خلالها عن النية لعقد قمة دولية تبحث ملفي إيران و الشرق الأوسط يومي 13 و14 فبراير/شباط في بولندا، تسلط الاضواء مرة أخرى على الدور الايراني الذي يسعى لجعل”طوابيره”في بلدان المنطقة کأمر واقع يجب القبول رغم إن هذه”الطوابير”تقوم بتنفيذ مخططات ونشاطات متناقضة ولاتتفق مع الخط العام لسياسات ونهج هذه الدول، وبتعبير أکثر وضوحا ودقة فإنها تقوم بتنفيذ مخططات وأمور تخدم إيران وتصب في مصلحتها، ويبدو إن ترکيز واشنطن مٶخرا على دور هذه الطوابير المتمثلة في الميليشيات والاحزاب التابعة لطهران، لم يأت إعتباطا خصوصا بعد أن باتت تتمادى في تبعيتها لإيران وحتى إن بعض منها قد أعلنت بأنها ستقف الى جانب القوات الايرانية في حال شن أي هجوم دولي على إيران، کما إن بعضا آخر من هذه الميليشيات قد أعلنت بأنها ستهاجم القوات الامريکية وهاهي تثير صخبا وضجة مطالبة بإخراج ماتصفه بالقوات الاجنبية ولکنها تستثنيقوات الحرس الثوري منها رغم إن الاخيرة متورطة من قمة رأسها الى أخمص قدميها بالنشاطات الارهابية، ومن هنا فإنه من الضروري جدا أن يکون هناك تفرغ دولي وإقليمي لهذا الدور وضرورة التصدي له بما يدرأ خطره وتهديده ويعيده الى حجمه الذي يجب أن يکون فيه، ونعتقد بأن أحد مقومات وأساسيات ردع طهران والتأثير عليها هو ضرورة إدخال العامل الايراني في مواجهتها وليس الاکتفاء بتحالف دولي ـ إقليمي موجه ضدها، وبمقدور هذا العامل أن يسبب الکثير من الارباك لطهران ويجعلها في موقف حرج قد يجعلها في معرض الانهيار کما فعلت الانتفاضة الاخيرة.