خلال فترة الحرب العالمية الثانية، اتجهت أغلب الأطراف المتحاربة لشن هجمات سريعة وواسعة النطاق للتسبب في سقوط أكبر عدد ممكن من القتلى، في سعي منها لحسم النزاع العالمي بشكل مبكر.
وإضافة للقصف الذري الأميركي على كل من هيروشيما وناغازاكي يومي السادس والتاسع من آب/أغسطس 1945، والذي أسفر عن سقوط أكثر من 100 ألف قتيل وانهيار معنويات الإمبراطورية اليابانية واتجاهها للاستسلام، سعت بريطانيا عام 1942 لاعتماد خطة مماثلة، باستخدام الأسلحة البيولوجية لقتل ملايين الألمان وإجبار أدولف هتلر على الاستسلام.
وفي ربيع 1942 وبينما كانت أغلب مناطق أوروبا في قبضة القوات الألمانية، تخوف البريطانيون من غزو ألماني محتمل لبلادهم. وأمام هذا الوضع، اتجه رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرشل، للبحث عن طريقة لتدمير اقتصاد ألمانيا وقتل أكبر عدد من شعبها وقلب موازين الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء، اعتماداً على الأسلحة البيولوجية.
وطلب تشرشل من الطبيب بول فيلدس، الذي كان رئيس وحدة الأبحاث البيولوجية بمركز الأبحاث السرية للجيش البريطاني، إعداد طريقة بيولوجية لتعطيل البرنامج العسكري التوسعي الألماني.
وجاء فيلدس بخطة مبتكرة سميت بعملية vegetarian تقتضي صناعة أغذية للماشية ملوثة بالجمرة الخبيثة (Anthrax) عرفت بـ”كعك الماشية”، وإلقائها بالمراعي الألمانية اعتماداً على قاذفات القنابل التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، الأمر الذي سيتسبب في نفوق أعداد هائلة من الماشية وبالتالي حرمان ألمانيا من مواردها الحيوانية، مما سيؤدي لتفشي المجاعة. كما سيسجل المرض انتشاره بين المواطنين الألمان في حال تناولهم للحم الحيوانات المصابة. وبسبب كل هذه العوامل، ستعيش ألمانيا على وقع كارثة قد تسفر عن سقوط ملايين القتلى، ما سيجبرها على مغادرة الحرب العالمية الثانية بشكل سريع.
وما بين شتاء 1942 وربيع 1943، عمل البريطانيون على تطوير هذا السلاح الجديد قبل أن يقدموا على نقل عشرات الخرفان نحو جزيرة غرينيارد (Gruinard Island) المهجورة، البالغة مساحتها 196 هكتاراً والواقعة شمال اسكتلندا، ثم أقدموا على تفجير صناديق مليئة بطعام الماشية الملوث بالجمرة الخبيثة بالجزيرة. وخلال بضعة أيام، لاحظ الجيش البريطاني نفوق جميع الخرفان وانتشار البكتيريا في كامل أنحاء الجزيرة، ما تسبب في إغلاقها بشكل كامل أمام الزوار لفترة طويلة.
وفي الفترة التالية، سجلت الجمرة الخبيثة انتشارها نحو إحدى المناطق الاسكتلندية القريبة من جزيرة غرينيارد. فعلى حسب ما نقله المحققون البريطانيون، نقلت أمواج البحر جثة خروف ميت من الجزيرة نحو الأراضي الرئيسية لاسكتلندا لتنتشر الجمرة الخبيثة بهذه المنطقة وتتسبب بمقتل مئات الحيوانات الأليفة. ولتجاوز الأزمة، عمدت السلطات البريطانية لعزل المنطقة الملوثة بالجمرة الخبيرة واتخذت إجراءات علاجية ووقائية سريعة.
وفي حدود ربيع 1944، امتلكت بريطانيا مخزوناً تكون من 5 ملايين قطعة كعك ماشية ملوثة بالجمرة الخبيثة معدة للإلقاء على الأراضي الألمانية. وانتظر سلاح الجو الملكي البريطاني إشارة من تشرشل لنقل هذا الكم الهائل من الغذاء الملوث نحو ألمانيا.
إلا أنه خلال تلك الفترة، كان تشرشل على علم مطلق بانهيار الجيش الألماني أمام ضربات قوات الحلفاء وقرب سقوط نظام هتلر، لهذا فضّل حماية المستقبل الاقتصادي لأوروبا ما بعد الحرب والحفاظ على الثروة الحيوانية ليتم بناء على ذلك التخلص من غذاء الماشية الملوث بالجمرة الخبيثة عن طريق حرقه.