احتفل الإيزيديون في معبد لالش بمنطقة شيخان في شمال العراق بعيد رأس السنة الإيزيدية المعروف باسم عيد “سه رسال” والذي يصادف الأربعاء 16 أبريل 2017، وهو ما يوافق الأول من شهر أبريل الإيزيدي، أول شهور السنة عندهم.
دهوك (العراق) – احتشد الإيزيديون العراقيون للمشاركة في احتفالات عيد رأس السنة الإيزيدية، الذي يطلقون عليه اسم (الأربعاء الأحمر)، في معبد لالش بمحافظة دهوك العراقية يوم الثلاثاء (16 أبريل).
العيد المعروف أيضا باسم “سري صالي” أو الأربعاء الأحمر أو عيد التكوين والخليقة، من أقدم الأعياد، ويحتفلون فيه ببداية الحياة، وبنزول طاووسي ملك، وهو ملاك من عند الخالق، إلى الأرض، لكي يباركها. وتتجمع الحشود عند المعبد بعد غروب الشمس، الذي يعتقدون أنه بداية اليوم الجديد، لأداء طقوس إشعال الفتائل التي ترمز تقليديا إلى أيام السنة.
وبلباس أبيض وشعلات نار، احتفل الإيزيديون في معبد لالش بمنطقة شيخان في شمال العراق بعيد “سه رسال” أي رأس السنة الإيزيدية التي تبدأ في الأول من شهر نيسان الإيزيدي والذي يصادف الأربعاء في 16 نيسان (أبريل) هذا العام. وكلمة نيسان لديهم تنقسم إلى كلمتين “ني” أي الجديد، و”سان” أي الولادة.
بين التلال، يتجمع الإيزيديون للتضرع إلى الإله، حاملين حجارة عليها عيدان نار، ويضيئون 365 قنديلا، طلباً للخير والأمان على مدار أيام السنة. ومن بين التقاليد التي يقومون بها في هذا اليوم، هو سلق البيض وتلوينه، إذ يعتقدون بأن البيضة ترمز إلى ما يسمونه “الدرة البيضاء” والتي منها تكوّن العالم بأسره بحسب اعتقادهم.
ويرمز سلق البيض أيضا في المعتقد الإيزيدي إلى تشكل الأرض والولادة وانبعاث الحياة. وللدلالة على حلول عام جديد، يعلقون قشور البيض الملون مع زهور شقائق النعمان بواسطة العجين على أبواب البيوت.
وقال الإيزيدي نصر حاچي “هذا العيد عيد قديم جدا يعكس العمق التاريخي والديني للديانة الإيزيدية، حيث يحتفل الإيزيديون برأس السنة عندهم في معبد لالش، في القرى والبلدات التي يسكنونها. أهمية هذا العيد أنه يرمز إلى الانفجار العظيم، الانفجار الأول الذي حصل في الكون ومنه انبثقت هذه الأكوان والمجرات والكواكب”. وأضاف “عملية الاحتفال بهذا العيد (تتمثل في أنه) يرمز إلى البدء الأول أو الخليقة الأولى التي انبثق منها الكون”.
وتابع “من خلال هذا الاحتفال، ومن خلال هذا الطقس، يمكن أن نستذكر هذه الملحمة التاريخية بالانفجار العظيم الذي حصل. الديانة الإيزيدية من أوائل الأديان التي تتحدث عن هذا الانفجار. وطبعا رمزية تلوين البيض، ورمزية تعليق الزهور أو ورود الإنسان أو شقائق النعمان (نوع من الورود الحمراء)، ورمزية إشعال الفتايل، كلها دلالات تاريخية وروحية ودينية تؤكد على العمق التاريخي والحضاري للديانة الإيزيدية ”.
والإيزيديون أقلية عرقية دينية قديمة في شرق سوريا وشمال غرب العراق. واعتبرهم تنظيم الدولة الإسلامية من عبدة الشيطان بسبب عقيدتهم التي تجمع بين المعتقدات الزرادشتية والمسيحية والمانوية واليهودية والإسلامية.
بحسب الإحصاءات، يبلغ عددهم في العراق نحو 1.6 مليون نسمة، وقد وقع عشرات الآلاف منهم ضحية لانتهاكات ارتكبها تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية، عند سيطرته على مناطق شمال البلاد، في عام 2014. وبحسب الأمم المتحدة، “عمد داعش إلى استرقاق أكثر من 6،500 من النساء والأطفال وتسبب العنف بتشريد أكثر من 350،000 في مخيمات النزوح شمالي العراق. ولا يزال أكثر من 120،000 ممن عادوا إلى ديارهم يواجهون مصاعب تحول دون إعادة بناء حياتهم”.
ويقول فالح حسن جمعة (60 عاما) إنّ “الإيزيديين تعرّضوا لـ74 عملية إبادة على مرّ التاريخ، لكنّهم نهضوا في كل مرّة مثل الزرع الذي يخرج من باطن الأرض كي تستمر الحياة”.
ويضيف جمعة الذي فضّل البقاء في العراق خلافاً لإخوته الأربعة الذين هاجروا مع عوائلهم إلى ألمانيا بعد استيلاء الجهاديين على مناطقهم “نحن أقلية ضعيفة، وقع علينا ظلم ولكنّنا نهضنا من جديد لأنّنا نحبّ الحياة ونحبّ العيش بسلام مع بقية المكوّنات في هذا البلد”.
ويتابع مدرّس اللغة العربية السابق الذي ارتدى زياً أبيض، رمز السلام في المعتقد الإيزيدي، وكوفية حمراء “نحن على يقين من أنّه إذا لم ينصفنا قانون الأرض فهناك ربّ في السماء هو الذي سينصفنا في آخر المطاف ومهما حصل لن ينجح مسعى الظالم في هذه الحياة”.
ويحتفل الإيزيديون بالعيد في أماكن وجودهم في سوريا والعراق وتركيا وإيران ومناطق متفرقة من أذربيجان وأفغانستان وروسيا والكثير من الدول الأوروبية وخاصة في ألمانيا.
العرب