الأحد, ديسمبر 29, 2024
Homeمقالاتمساوئ السياسة االقتصادية المتبعة في كوردستان ج 3 : حاتم خاني

مساوئ السياسة االقتصادية المتبعة في كوردستان ج 3 : حاتم خاني

 

الجزء الثالث – القوانين

هل امتالك المسؤولين للشركات الخاصة حالة غير صحية في اقليم مثل
اقليم كوردستان ؟
وهل من الخطأ حقا ان يمارس المسؤولين في الدولة العمالهم التجارية الى جانب مسؤولياتهم الحكومية
؟
! الم يكن الرؤساء االميركيون والزالوا هم اصحاب شركات وامالك كبرى
ونفس االمر بالنسبة لبقية مسؤولي االدارة االميركية , ونحن نرى بالمقابل ان االقتصاد االميركي
. يتربع على عرش افضل االقتصاديات في العالم
من جهة اخرى اليس االقتصاد الصيني مغاير تماما لمسار االقتصاد االميركي و هو االخر يتبوأ المكانة
المنافسة لالميركان
ولكن …. !!!!! …. المسؤول االميركي يخضع لقوانين صارمة جدا اثناء توليه المسؤولية , حتى ال
يمارس اعماله الخاصة على حساب مسؤولياته الحكومية وال يخلط بين تلك المسؤوليات وبين اعماله )
السابقة ( , وكمثال قريب جدا الينا هو المحاكمة التي تعرض لها ابن الرئيس االميركي الحالي بايدن ,
فقد استدعت المحكمة ابن الرئيس بايدن بتهمة ) شبهة ( استغالل منصب والده للحصول على صفقات
تجارية
كذلك نحن نعلم ان معظم الرؤساء االميركيين ومعظم منتسبي ادارته هم اصحاب امالك ومشاريع وهم
!!. اغنياء قبل توليهم مسؤولياتهم الحكومية , بينما معظم مسؤولينا اصبحوا اغنياء بعد توليهم مناصبهم
هذه التساؤالت المتناقضة تؤدي الى اختالط القناعات لمن يحاول البحث عن حلول للوضع االقتصادي
. الراهن في كوردستان
فاالقتصاديات العالمية مبنية بالدرجة االساس على نشوء الشركات الخاصة التي تسعى الى المنافسة فيما
. بينها لتقديم منتجات تحضى برضا المستهلك لزيادة مبيعاتها وبالتالي الحصول على ارباح اعلى
والمستشارون االقتصاديون الذين يقدمون خدماتهم الى حكومة كوردستان محقون في توجهاتهم
. ومساعيهم لكي تسير حكومة االقليم على نفس السياسات االقتصادية العالمية الناجحة
لكن المشكلة في التطبيق وفي االهداف الرئيسية وعدم وجود قوانين او تعليمات تحدد تطلعات هذه
الشركات التي صدعت رؤوس المواطنين , وولدت لديهم قناعة تامة بأن دور هذه الشركات يكاد ال
يختلف عن دور تركيا وايران الساعيتان لهدم المجتمع الكوردستاني . وقد سبق ان اشرنا ان جل
: االسباب الرئيسية تتركز في البنى التي بنيت عليها هذه الشركات حيث
اوال : ان هذه الشركات ال تتبع ايا من المقاييس والنظم التي تتحكم بالشركات المماثلة في دول العالم
االخرى , حيث ان معظم هذه الشركات تعامل المواطن الكوردستاني من حيث الواجبات المفروضة
عليه, كأنها تمارس اعمالها في دولة اوروبية , بينما تعامله من حيث حقوقه وكأنها تمارس اعمالها في
. دولة فقيرة مثل دولنا

ثانيا : القوانين المحلية التي تضبط عمل هذه الشركات قوانين فضفاضة اعدت لتلبي مصالح اصحاب
هذه الشركات اوال وال تلزمها بالمعايير التي تصب في مصلحة البلد , وهي بعيدة عن تقديم الخدمات
االساسية المطلوبة ويأتي المواطن اخيرا ضمن سلسلة االهداف التي يسعى اليها واضعوا هذه القوانين
. ولالستدالل على ذلك , فأن معظم الشركات التي تستثمر في بناء الشقق السكنية حيث حصلت على
االراضي المطلوبة للبناء مجانا , خالية من جميع الخدمات التي يجب ان توفرها لسكان مشاريعها ,
وحتى لو انبرى احد المهندسين من الدوائر المعنية مثل دائرة االستثمار او دوائر البلدية للضغط على
اصحاب هذه الشركات من اجل االلتزام بالشروط التي تفرض عليها توفير كافة الخدمات من حدائق
ومدارس ودور حضانة او دور عبادة او مستوصفات او…… حيث تنص عليها العقود المبرمة بين
تلك الدوائر وبين تلك الشركات التي تم التوقيع عليها , فأن ذلك المهندس سيتعرض الى التوبيخ او النقل
من قبل رؤساءه او على االقل الى االهمال المتعمد وابعاده عن تلك المشاريع . ومثل ذلك , فان احدى
الشركات الكبرى المعروفة في دهوك سعت الى البناء في منطقة تقاطع للشوارع الرئيسية للحصول
على محالت تقوم باستئجارها , والن ذلك سيؤثر على هذا التقاطع , والن البلدية اصال تستقطع مساحة
من كل صاحب ملك يسعى الى الهدم والبناء من جديد في اي مكان مطل على الشوارع , لذلك الحظنا
توقف تلك الشركة الكبرى عن البناء عدة مرات تستغرق اشهرا في بعضها ثم تعود مرة اخرى
الستكمال ما بدأته , وفي النهاية انتصرت الشركة وضربت عرض الحائط كل التعليمات وكل اللوائح
التي تمنع البناء في مثل هذه التقاطعات . واستسلمت الدوائر المعنية التي لم تتمكن من ثني تلك الشركة
. عن البناء في تلك المساحة الخدمية , ومثلها العشرات من الحاالت التي رأيناها
ثالثا : على المدى القريب ال يمكن اصالح عمل هذه الشركات وذلك للتهاون والتساهل الواضح من قبل
االجهزة التي يجب ان تتولى الرقابة على عمل هذه الشركات مثل ما اشرنا اليه في النقطة السابقة ,
وهذا االسلوب في التعامل مع هذه الشركات سيستمر نتيجة البنية العشائرية التي تتحكم في العالقات
االجتماعية , وكذلك نتيجة سعي االحزاب لالبقاء واالحتفاظ بهذه البنية العشائرية التي تستخدمها عند
الحاجة اليها وال سيما اثناء الدعاية االنتخابية وعند اضطرارها لحل المنازعات العشائرية والقروية
. وهذا يعني استمرار معاناة مواطني االقليم من مساوئ هذه الشركات الجل غير معلوم
رابعا : االرباح الكبيرة جدا التي تجنيها هذه الشركات ال تتناسب مع االسعار او االجور المحلية او مع
. مثيالتها المجاورة
:ولبيان هذا االمر نضرب االمثلة التالية
اجور مبيت ليلة واحدة في غرفة انعاش مستشفى اهلي يتجاوز 750000 سبعمائة وخمسون الف دينار
عراقي وهي اجور اعلى بكثير من العديد من البلدان المجاورة او حتى في البلدان التي تتمتع بطب
متقدم جدا مثل الهند حيث اجور مبيت ليلة في غرفة االنعاش مئة دوالر , واجور اجراء عملية مثل
عملية قسطرة القلب بنصف االجور التي يتقاضاها الطبيب هنا في كوردستان على الرغم من الـتأكيدات
المضمونة التي توفرها مستشفيات الهند بالنسبة للمريض والتي ال يمكن ان تحصل عليها هنا , وهذه
االجور ال تتناسب ايضا مع الخدمات الرديئة والضعيفة جدا التي تقدمها هذه المستشفيات سواء من قبل
االطباء او كادر المستشفى او توفير العالجات واالدوية الباهضة الثمن في مؤسسات تلك المستشفيات ,
وقد تحول الهدف االساسي لهذه المستشفيات الى استنزاف اموال المواطنين وليس تقديم خدمة مناسبة
. للمواطنين والمساهمة في تطوير الحقل الطبي في المجتمع
ومثال آخر , يكلف بناء الشقة التي تقوم بها الشركات االستثمارية ,مبلغا ال يتجاوز الثالثين مليونا في
حين يتم بيعها للمواطنين بمبالغ خيالية تتجاوز 120000 مئة وعشرين مليونا وقد وصلت احيانا الى
180000 مئة وثمانين مليون دينار عراقي ,علما ان هذه الشركات تستوفي اجور تكلفة هذه الشقق في

بداية البيع على شكل اقساط اولية ) المقدمة ( , وحتى بعد اشتداد المنافسة بين هذه الشركات فان
. االسعار ال تتناسب مع تلك االسعار العالمية , عدا دول الخليج
ولو قارنا عمل الشركات الحالية مع ما كانت تقدمه المؤسسات الحكومية او المقاولين الصغار سابقا
لالحظنا تراجعا هائال في غير صالح المواطنين عكس ما هو مطلوب وعكس سير االمور في البلدان
المتقدمة تماما , ففي حين كانت الخدمات التي تقدمها كوادر المستشفى الحكومي ومع قلة وجود هذه
الكوادر وضئالة خبرتها في اعوام التسعينات ولحين ظهور المستشفيات الخاصة , افضل حتى من
مثيالتها في تركيا وايران بدليل اننا كنا نشاهد زيارة العديد من المواطنين من تلك البلدان لمستشفياتنا
الحكومية في تلك الفترة لتلقي العالج , تراجعت هذه الخدمات بعد انتشار المستشفيات االهلية لتتأخر
كثيرا عن تلك الموجودة في البلدان المجاورة باشواط كبيرة .واصبح الموظف يعمل في المستشفى
الحكومي مهمال في واجباته حيث يترك المرضى ليذهب الى النوم الن لديه عمل اخر في مستشفى
اهلي , ومع ذلك ال زالت الخدمة الموجودة في المستشفيات الحكومية وال زال التعامل الموجود بين
المرضى وكادر هذه المستشفيات ال يقارن ابدا مع المعاملة الجافة التي تبدر من كوادر المستشفيات
. االهلية وعدم خبرتها وقلة ممارستها لمهنتها
وعلى نفس المنوال كان المقاولون الصغار يبيعون الدور والشقق التي يقومون ببناءها باسعار ال
تتجاوز ربع اسعار الشركات االستثمارية الحالية مع جودة اكبر ونوعية افضل بكثير مما معروف عنها
. حاليا
اذن هل علينا ان نتقبل هذه المساوئ من قبل هذه الشركات بذريعة الحصول على اقتصاد متطور في
المستقبل ؟
سنحاول االجابة على هذا السؤال في الجزء التالي

– الدكتور عبدالعزيز رشيد
– حاتم خاني
جامعة بوليتكنيك – دهوك

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular