ما زال قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ (رقم 188 لسنة 1959) يثير حفيظة المسيحيين ومكونات أخرى دينية وعرقية لعدم توافقه مع خصوصياتها، لأنه يعتمد على الشريعة الإسلامية في التعامل مع قضاياها.
وتعتبر قضايا الزواج والطلاق والبطلان وحضانة الأطفال والوصاية والنفقة والتبني والميراث عند المسيحيين والمكونات الأخرى، الأكثر تأثراً بمواد قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ، إلى جانب مخاوفها من قانون البطاقة الوطنية (رقم 3 لسنة 2016) الذي حافظ في المادة (26) منه على ما نصت عليه المادة (21- ثالثاً) من قانون الأحوال المدنية (رقم 65 لسنة 1972)، أي أسلمة القاصرين من أبناء هذه الديانات باعتناق أحد أبويهم الإسلام.
ونظمت الجامعة الكاثوليكية في أربيل بإقليم كردستان العراق في 27 مايو الحالي وعلى مدى 3 أيام، مؤتمرا حول قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في العراق، بحضور رجال دين مسيحيين ومختصين من العراق ولبنان والأردن وسوريا.
اقترح راعي الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، البطريرك لويس ساكو، خلال كلمته في المؤتمر، مقترحين اثنين لمعالجة التعددية في الأحوال الشخصية العراقية، نص الأول على أن “تصدر الدولة قانوناً موحداً مدنياً عاماً للأحوال الشخصية لمعالجة هذه التعددية الدينية والمذهبية والثقافية”.
وقال إن هكذا قانون “سيُخرج البلد من انقساماته الطائفية ويعزز الحس الوطني والإنساني والعيش المشترك”.
وأضاف ساكو “بالنسبة للقوانين الخاصة فبإمكان كل فرد أن يعود إلى دينه لاختيار الطريقة التي يرغب في اتباعها في الزواج الديني بعد الزواج المدني”.
أما المقترح الثاني، فنصّ على “ضرورة تشريع قانون جديد يخص مسائل الأحوال الشخصية للمسيحين في العراق، في ظل غياب قانون موحد للجميع، وذلك انطلاقا من نص المادة (41) من الدستور العراقي”.
وتنص: “العراقيون احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم، أو مذاهبهم، أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون”.
يقول الناشط المسيحي باسم عطا الله لـ”ارفع صوتك” إن الدستور كفل للمسيحيين والمكونات الدينية الأخرى بحسب المادة (41) حق امتلاك قانون أحوال شخصية خاص بهم وإنهاء معاناتهم مع قانون الأحوال الشخصية النافذ.
يشرح: “تواجه القضايا الخاصة بالمسيحيين أو المكونات الدينية الأخرى في المحاكم إشكالات عديدة، لذلك يحتار القاضي حين إصدار الحكم، فإذا حسم القضية حسب القانون قد يتأذى المسيحي أو أتباع المكونات الدينية الأخرى، لأن القانون وضع حسب الشريعة الإسلامية، حيث أن الكثير من التشريعات مثل الميراث والتبني والزواج والطلاق مختلفة تماما بالنسبة لنا كمسيحيين، لذلك نتأذى منها”.
ويعرب عطا الله عن أمله بأن يتم قريبا “تشريع قانون خاص بالأحوال الشخصية للمسيحيين، بعد اتفاق كافة الطوائف المسيحية على قانون موحد ويكون منصفا وعادلا لهم”.
“لا استجابة”
كان المسيحيون يمتلكون قانون خاصا لتنظيم محاكمهم خلال العهد الملكي في العراق، إذ أصدرت الحكومة العراقية عام 1947 قانون (رقم 32) لتنظيم المحاكم الدينية للطوائف المسيحية والموسوية، وقبله أصدرت القانون (رقم 70 لسنة 1931) الخاص بالأرمن الأرثوذكس، ومنح القانونان صلاحيات واسعة لحل العديد من مسائل هذه الطوائف الدينية، لكن تم إلغاؤهما مع إصدار قانون الأحوال الشخصية لسنة 1959 خلال العام الثاني من العهد الجمهوري.
من جهتها، تبين المحامية الأيزيدية سوزان خديدا: “رغم وجود محكمة تسمى محكمة المواد الشخصية التي تنظم الأحوال الشخصية لغير المسلمين، لكن لا يوجد قانون خاص بتنظيم الأحوال الشخصية لهم، بالتالي يطبق قانون الأحوال الشخصية الذي مصدره الأساسي الشريعة الإسلامية على كل مكونات الشعب العراقي بما فيهم غير المسلمين”.
“طالبنا مرارا ومن عدة جهات بتشريع قانون خاصة للأحوال الشخصية للمكونات الدينية، وأعددنا (مجموعة من الناشطين والمحامين الأيزيديين) مسودة لتشريع القانون، لكن للأسف حتى الآن لم نتلق أي استجابة”، تؤكد خديدا لـ”ارفع صوتك”.
دلشاد حسين