التغيير السياسي والفکري في إيران لم يعد مجرد موضوع تقليدي يطرح کما تطرح الکثير من المواضيع التي لا يعتبر تنفيذها ضروريا أو مطلوبا بإلحاح، بل إنه يختلف تمام الاختلاف عن المواضيع التقليدية والعادية ولاسيما وإن عدم القيام بعملية التغيير في إيران وإبقاء الاوضاع في هذا البلد على ماهو عليه، ينجم ويتداعى عنه بالضرورة الکثير من العوامل والامور السلبية وذلك يمکن إستشفافه ولمسه بکل وضوح خلال الاعوام ال45 المنصرمة من عمر النظام الديني المتطرف القائم في إيران.
الترکيز على طرح التغيير في إيران وضرورته الملحة، لم يعد مجرد موضوعا يتعلق ويرتبط بالشعب الايراني لوحده مع ضرورة الانتباه الى إنها بالتأکيد قضيته الاساسية، لکنه وبفعل الآثار والتداعيات السلبية الناجمة لحکم نظام الملالي ونهجه المشبوه، قد تعدى الحدود الايرانية منذ العقد الثامن من الالفية الماضية وصار يشکل تهديدا وتحديا أمنيا وسياسيا وفکريا وإجتماعيا لبلدان العالمين العربي والاسلامي بشکل خاص والعالم بشکل عام، والملفت للنظر هنا إن ما قد شکله ويشکله هذا النظام من خطر وتهديد لم يعد قائما على أساس مجرد فرضيات وتخمينات نظرية وإنما هو واقع ملموس وصار يتفاقم مع مرور الزمن.
التحدي والتهديد الاخطر والابرز الذي يمکن لمسه بکل وضوح من هذا النظام، يکمن في الجانب الانساني حيث يشکل خطورة مفرطة على المفاهيم الفکرية والاجتماعية ذات الطابع الانساني ويفرض عليها أنماطا سلبية لا يمکن أبدا أن تصلح لهذا العصر، إذ أن هذا النظام وکما هو واضح وجلي، يريد إعادة عقارب الساعة الى الوراء وأن يفرض أفکار وقيم العصور الوسطى عنوة ليس على الشعب الايراني فقط بل وحتى على شعوب العالمين العربي والاسلامي ويسعى بکل الطرق والاساليب المشبوهة من أجل فرض ذلك کأمر واقع.
اليوم وحيث العالم يسير بإتجاه الانفتاح الحضاري ذو التابع والعمق الانساني، فإن نظام الملالي ومن دون کل دول العالم يخرج بنغمة نشاز ويسبح في الاتجاه المضاد، ومن دون شك فإن هذا النظام ومن أجل تحقيق هدفه المشبوه هذا يقوم بإتباع مختلف الطرق والاساليب المخادعة والواهية وقد صار ثابتا ممارسته لکل أنواع الکذب والخداع وعدم إلتزامه بما هو مطلوب منه، وهذه الحقيقة أوضحتها التجمعات السنوية العامة من أجل التضامن مع نضال الشعب الايراني من أجل الحرية والتغيير في إيران والتي تقام في أواخر شهر يونيو وبدايات شهر يوليو من کل عام بل وحتى إنه قد أصبح واحدا من أهم المحاور الاساسية المطروحة فيه ولاسيما وإن الدور السلبي لهذا النظام من حيث التأثير السلبي على العامل الانساني في إيران والمنطقة والعالم يتزايد بل وحتى يتفاقم عاما بعد عام، وحتى إن ماقد وصل إليه الحال في غزة من خلال حربها الدامية وحتى في لبنان في ظل التهديدات المحدقة بها، وکذلك في بلدان المنطقة الاخرى، إنما هو ناجم عن هذا الجانب السلبي وقطعا تسليط المزيد والمزيد من الاضواء على ضرورة وحتمية وأهمية التغيير الملحة في إيرانخلال تجمع إيران الحرة 2024 بجلساته الثلاثة من قبل جميع المشارکين في هذا التجمع قد أکد بکل وضوح على إن التغيير لم يعد شأنا إيرانيا بل أصبح شأنا عالميا من خلال البعد الانساني، ومن الواضح جدا إن الذي صار واضحا هو إنه لم يعد هناك من مکان لهذا النظام في عالم اليوم ولابد من التغيير الجذري الذي قد توفرت معظم أسبابه ووعوامله ومبرراته.