الجمعة, ديسمبر 27, 2024
Homeاراءبتلات الورد ( 4 ): مراد سليمان علو

بتلات الورد ( 4 ): مراد سليمان علو

ــ عادة، كتابة مقال وخاصة تلك الكتابات المتعلقة بالمسائل الاجتماعية المتشابكة، تلك الكتابات تأخذ مني جهدا كبيرا وقد أستمر في كتابته وتمحيصه والبحث عن المصادر المناسبة لأخراجه شهرا كاملا.
تأسيسا على ذلك قد يكون المقال أو المبحث طويلا نسبيا، ولكنه ليس مملا أبدأ. أنا اكتب لنفسي، لأنني استمتع بالكتابة وهذا ما اجيده في حياتي، أنا ناشر أفكار ولا انتظر جزاء كتاباتي مديحا أو شكرا من أحد، ومع ذلك يأتي أحدهم ليعكر يومي، ويعمل (تاك) لشخص آخر حتى ينتقص من قيمة هذا العمل. هذا الأخرق لا يجيد النقد بل لا يفهم ما كتبته، فهو ساكن في برجه العاجي وبالتالي يستعين بصديقه الذي كل همه أن يرجم ما أكتبه بكلماته المسمومة، وهو لا ناقة له فيها ولا جمل.
عجيب أمر بعض أفراد هذا المجتمع. بالتأكيد لا يهمني أمر هذا المعتوه ولا ذاك الأخرق، فكذلك يقال إن ذكر فرس البحر هو الذي يحمل الصغار وليس الأنثى، ولله في خلقه شؤون.

ــ في الفيسبوك قد تجد بعض المنشورات مبتورة عمدا ـ وهذا يحدث غالبا في الوقت الحاضر ـ لأثارة رغبة القاري بتكملة القصة في أول تعليق مثلا وفي التعليق الأول تجد رابط وأن حالفك الحظ وكانت الشبكة لديك قوية وسريعة تدخل فتجد قصة سخيفة ومقززة ومنفرة وفيها كل الصفات التي يمكن تلطيشها بالسوالف الماسخة.
لا تتعجب! هذا هو مجاله الخاص كي يتنفس منه ويكتب حسب ما تملي عليه شخصيته الثقافية وخلفيته الفكرية والفلسفة التي يحملها. في المجتمع نفسه تجد من هو أدنى مرتبة منك (ثقافيا) وتستنكف الجلوس معه، حتى لو كان ذلك في المقهى. ولكنه ندّ لك في التعبير عن رأيه في الفضاء الأزرق الذي لا يد لنا بزرقته.

ــ في منصات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك واخواته بالرضاعة، كل شخص يمثل نفسه. لا تدع أحدا يقلل من شأنك، أو ينتقدك دون وجه حق، لديك الوسائل الملائمة من حظر والغاء وحذف، وتهميش؛ لتوقفه عند حده، دون أن ترد عليه بالمثل أو تجادله.
أمثال هؤلاء ومن لف لفهم لا يدرون أن صراخهم علينا قد ولى زمانه، وحل محله زمان منصات التواصل الاجتماعي المرتبطة بالأنترنت الذي يعطينا آلاف الخيارات. ولنا أن نردد قول عنترة:
لا يحملُ الحقدَ من تعلو بهِ الرتبُ … ولا ينالُ العلا منْ طبعهُ الغضبُ.

ــ شخص أعرفه جيدا ويلقب بـ (العبقري)، سأله مقدم برامج أمريكي مشهور جدا: كيف تعلمت الإنكليزية؟ قال هذا المعتوه:
” في يوم من الأيام اهداني أحدهم قاموسا فتعلمت اللغة الإنكليزية من القاموس”.
أمثال هذا لم تعد تربطهم بجذورهم شيء، فقد نسي هذا الأحمق بأنه في برنامج أمريكي مشهور وسيشاهده الملايين، وادعاه هذا مفضوح جدا. نسي أو ربما تناسى هذا الغبي بأن اللغة الإنكليزية هي مادة أساسية في التعليم في مدارس العراق، وقد تعلم من المدرسة في دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، وليس من القاموس ـ لا أحد يتعلم اللغات من القواميس فقط.
أمثال هذا التافه سيصبحون قادة لهذا المجتمع المغضوب عليه، وسيرفعون من عقيرتهم وهو جالس في صومعته الغربية، يتلفظ بمصطلحات إنكليزية، وسيقول مقهقها أنه يعمل ليل نهار في خدمة القضية الأيزيدية.

ــ في أعرافنا الاجتماعية التي لا تتصل بالمدنية الحديثة بشي: كلما تبوء أحدهم مركزا مرموقا. أو توفى أحدهم… نسارع بعرض صورنا معه ونكتب كلمات وجمل مكررة في مباركته، أو ترحما عليه. يحدث هذا على الدوام وهي ظاهرة جديرة بالاهتمام والدرس، ففي العام الأول من الفرمان ذهب بعض ما يسمى بالناشطين والإعلاميين والأصدقاء وفي الحقيقة هم طارئون على الأعلام وأخذوا صورا عديدة مع البطل الشيخ خيري، وما أن استشهد الأسطورة خيري الشيخ خدر حتى سارع كل واحد منهم وعرض صوره معه.
بقينا معا في الجبل في الأسبوع الأول من الفرمان ولم أجرؤ أن التقط ولو صورة واحدة معه. أنا لا أدعى البطولة لنفسي، فلقد ندمت أشد الندم لأنني لا أمتلك صورة تجمعني به. ولكن في تلك الظروف الاستثنائية كان آخر شيء يشغل باله وبالي أن نلتقط سيلفي معا.

ــ المنطق الذي تتبناه في الحكم على المجتمع أو الأفراد وتوجهاتهم، ليس بالضرورة أن يكون صائبا ومقياس صواب، فلا يمكن اقناع الألمان ان الدبكة على ألحان العبقري عيدوى كتي أو الفنان الشعبي دخيل أوصمان هي ممتعة بقدر الاستماع جالسا صامتا الى موسيقى ضوء القمر لبيتهوفن. الناس أيضا وكذلك المجتمعات لها تقافاتها وفلسفتها في الحياة. فقط أحرص على عدم تجاوز الخطوط الحمراء غير المرئية.
ــ … لقد هزم الأنترنت، المقدسات في العقائد والنظريات والآراء الأحادية، وبات مفتوحا على تعدد الهويات واندماجها في هوية كونية فاعلة تعطي الإنسان صفة الانتقال من المواطنة مرورا بالفاعل الاجتماعي وانتهاء بكونه فاعلا كونيا اجتماعيا.
الحمد لله على نعمة الشبكة العالمية التي تمكننا من الرد على من يسيء إلينا ويحاول أن يزيد الطين بلة في وطن نحاول أن نتعايش معا بشق الأنفس، رغم أنف الحاقدين من المنتمين والقوميين…
(من مقال قادم عنوانه: عليّ الوردي وعنصريته ضد مكونات المجتمع العراقي ـ
الأيزيديون أنموذجا)

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular