أفادت صحيفة “المدى” المحلية، بقرب انطلاق عمليات عسكرية عراقية تشارك فيها واشنطن بتوفير الغطاء الجوي، لتحرير أراضٍ سورية قرب الحدود مع العراق، من تنظيم داعش، فيما أشارت الى أن القوات الداخلية ستمسك القوات المحررة لأيام، قبل أن تنسحب مجدداً إلى العراق.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن “التصعيد الإعلامي بإخراج القوات الأجنبية من العراق، الذي تتبناه قوى شيعية على وجه الخصوص يقابل استعدادات غير معلنة لانطلاق حملة عسكرية كبيرة يشارك فيها الحشد الشعبي بغطاء جوي أميركي، مبينة أن “العملية التي توشك على الانطلاق، والتي من المفترض أن تنهي وجود داعش بين العراق وسوريا، تبدو قد أدت الى مراجعة حساب بعض المتحمسين لفكرة إجلاء القوات الامريكية أو أجلتها على أقل تقدير”.
وأضافت، أنه “قبل ساعة الصفر للعملية الحاسمة التي قد تبدأ خلال الـ 48 ساعة المقبلة، زادت تصريحات قيادات ميدانية (أمام لجان برلمانية) بوجود تسلل للمسلحين عبر الحدود وأهمية الاستعانة بالتقنيات العسكرية الأمريكية في دعم الرأي لبقاء أطول للقوات الأجنبية”.
وأشارت إلى أن “تلك التطورات تأتي في وقت كشفت فيه واشنطن عن تقارير سرية حول أوضاع العراق بعد 2003، حيث كشفت عن الخطأ الفادح في انسحاب القوات الامريكية من العراق نهاية 2011 وأثره على تدهور الأوضاع الأمنية بعد ذلك”.
ساعة الصفر
وبالحديث عن الأوضاع ميدانياً، نقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية وصفتها بالـ “مطلعة”، أنّ “تعزيزات القوات على الحدود مع سوريا قد اكتملت وتنتظر ساعة الصفر”.
ويرجح مصدر الصحيفة، أن “العملية ستنطلق خلال اليومين المقبلين”، مبيناً أن عدد القوات هناك وصل الى نحو “20 ألف مقاتل”.
وذكرت الصحيفة المحلية، أنه “منذ نهاية الاسبوع الماضي بدأت أولى الضربات التمهيدية، حيث قصفت المدفعية والراجمات العراقية بشكل متواصل الأراضي السورية”.
وقال قائد عمليات الأنبار للحشد، قاسم مصلح، الأربعاء الماضي، إن “تنظيم داعش شنّ مساء (اليوم) هجوما على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) داخل الحدود السورية”.
وأضاف في تصريح صحفي، انه “كإجراء احتياطي، عزز الحشد الشعبي قواته على الشريط الحدودي، تحسباً لأي طارئ”.
وقالت الصحيفة، نقلاً عن مصادرها معقبة على التصريح، إن “تلك التعزيزات من ضمن تدابير العملية العسكرية التي سيشارك فيها الحشد الشعبي والعشائري وكل صنوف القوات العراقية”.
التوغُّل في الأراضي السوريّة
وبين مصدر الصحيفة، أن “القوات العراقية ستتوغل في الأراضي السورية لمسافة 80 كم الى منطقة هجين السورية”.
وبحسب الخطة، فإن العملية تهدف الى “إنهاء وجود داعش في مناطق سوسة وشعيث وهجين” وهي مناطق تقع في الاراضي السورية.
وأشار المصدر الى أن “القوات العراقية قد تبقى 10 أيام، وهو الوقت المحددة لزمن العملية، قبل أن تسلم تلك الأراضي إلى الجانب السوري”.
ويؤكد المصدر، أن القوات الاميركية “ستشترك بقوة من خلال الدعم بالطائرات والتصوير الجوي”.
وكانت الصحيفة أفادت، الخميس الماضي، بأن القوة الأمريكية التي كانت قد وصلت قبل أيام الى الحدود، قد وضعت “اللمسات الاخيرة” على العملية العسكرية المرتقبة.
ومضت الصحيفة في تقريرها قائلة، إن “التحالف الدولي يقدر وجود 2000 مسلح في مناطق دير الزور السورية، بينما التقديرات العراقية تتحدث عن أكثر من 3000 عنصر”.
وقبل نهاية العام الماضي، زار فالح الفياض مستشار الأمني الوطني دمشق والتقى بالرئيس السوري بشار الأسد.
وقالت الصحيفة، أنه “بحسب بعض التسريبات فإن الأخير أعطى للعراق تفويضاً بضرب المناطق المحتلة من داعش في سوريا دون إذن من دمشق”.
وقالت مصادر الصحيفة، وفق التقرير، إن “العملية العسكرية الجديدة هي باتفاق بين العراق والجانب السوري”.
وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قد نفى الشهر الماضي، تلقي حكومته أي طلباً بشأن توغل قواتها العسكرية داخل الأراضي السورية، عقب انسحاب القوات الأمريكية من هناك.
وقال عبد المهدي للصحفيين في بغداد حينها، إن “قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا له تأثير مباشر على العراق لكننا اتخذنا إجراءات احترازية”.
بدورها، كانت قد نفت قيادة العمليات المشتركة، التابعة لوزارة الدفاع، أيضا وجود أي اتفاق أو مفاوضات بشأن دخول الجيش العراقي إلى داخل الأراضي السورية.
التحركات الأمريكية
ونقلت “المدى” عن فرحان محمد، وهو عضو في مجلس محافظة الانبار، إنه “منذ 10 أيام تصل تعزيزات غير اعتيادية الى الشريط الحدودي الفاصل بين العراق وسوريا لم تكن سابقا موجودة في المحافظة”.
وأكد، أن “حركة القوات الامريكية في المنطقة ليست طبيعية”. ورجّح فرحان أن “تكون هناك عملية عسكرية داخل الحدود السورية”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه “في الشهر الماضي، كان قد وصل عدد القوات الأميركية في الانبار الى 9 آلاف شخص، أنشأوا مقراً جديداً في ناحية الرمانة (التي يعتقد بأنها الناحية التي ستشهد انطلاق العملية العسكرية) وهي تابعة للقائم، وهي المدينة العراقية الاولى بعد الحدود السورية”.
وزادت الصحيفة: “في مطلع العام الجديد دخلت إلى عين الأسد، القاعدة العسكرية في غرب الانبار، 150 آلية عسكرية جديدة قادمة من الكويت، حيث شهد ذلك اليوم بدء عملية تعزيز القوات الامريكية”، بحسب شهود عيان ومسؤولين.
وأوضحت الصحيفة، أن “عمليات إدخال الآليات توالت بعد ذلك بمعدل 30 آلية يومياً بأرتال طويلة، فيما شهدت حركة الطيران العسكري منذ ذلك اليوم نشاطاً ملحوظاً، حيث سجلت 15 رحلة إقلاع وهبوط يومياً للطائرات الامريكية، التي يرجّح أن تنقل جنوداً”.
ونقلت الصحيفة المحلية عن علي جبار الغانمي، وهو عضو في لجنة الامن والدفاع البرلمانية، أن “اللجنة ترفض بشكل قاطع تواجد أي قوات أجنبية في العراق”، لكنه نفى ان يكون “هناك مشروع قانون تتم كتابته الآن داخل اللجنة بشأن انسحاب تلك القوات”، وهو عكس ما يتم الترويج له في الأروقة السياسية.
ومنذ الزيارة السريعة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الى العراق أواخر العام الماضي، بدأت التيارات الشيعية في البرلمان التي كانت تعرف سابقاً بـ “أحزاب وفصائل المقاومة” تتحدث عن مشروع “ناضج” لإخراج القوات الاجنبية بحلول نهاية العام 2019، في مهلة غير قابلة للتمديد، وفق التقرير.
كما يتضمن مشروع القانون، بحسب ما ذكرت الصحيفة، “إلغاء الاتفاقية الأمنية الستراتيجية الموقعة بين واشنطن وبغداد، التي تم بموجبها الانسحاب الأميركي من البلاد بشكل نهائي في العام 2011”.
وشهدت بغداد الجمعة الماضية، تظاهرات “خجولة” في ساحة التحرير تؤيد هذا المسار، فيما قال منصور البعيجي، عضو تحالف الفتح، إن “قانون إخراج القوات الأجنبية يشهد اللمسات الأخيرة، وسيُقدَّم إلى رئاسة مجلس النواب لإدراجه على جدول الأعمال”.
في المقابل أكد وزير المالية السابق والقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، أن “هناك قضية سياسية رئيسة ستنطلق قريباً”، في إشارة منه إلى الحراك النيابي المنتظر في هذا الشأن، الذي ربطه بما قال في تغريده على “توتير” إنها “نصيحة إيرانية لطرد القوات الأميركية عن طريق تصويت برلماني”.
تغيير المواقف
ويصر الغانمي، وهو عضو في تحالف الفتح أيضاً، على أن ما حدث حتى الآن بخصوص إخراج القوات الاجنبية من العراق “لم يخرج عن إطار المطالبات”.
وقال الغانمي إن لجنته (الأمن والدفاع) تنظر بـ “واقعية لمصلحة العراق، وإنه مازالت هناك حاجة لبقاء القوات الاجنبية للدعم الجوي والسيطرة على الحدود على وفق ما ذكرته لدينا قيادات رفيعة في القوات العراقية”.
وبيّن عضو اللجنة، أنّ لجنته التقت القيادات التي أكدت انه “مازال هناك تسلل من عناصر داعش عبر الحدود، ومن المصلحة الاستعانة بالقدرات الأجنبية”.
وقالت الصحيفة: “يبدو، بحسب كلام علي جبار الغانمي، العضو في لجنة الامن والدفاع البرلمانية أنّ لجنته مطمئنة لحركة القوات الأجنبية في العراق، حيث كشف القادة خلال استضافتهم داخل اللجنة ان تلك القوات مهمتها الاستشارة والتدريب وهي لا تتحرك ولا تعالج أي هدف بدون طلب وموافقة من الجانب العراقي”.
كذلك، أكدت تلك القيادات أن “القوات الاميركية لا تملك أي قاعدة عسكرية باسمها، سواء في القيارة أو بسماية أو في مطار بغداد، وإنما هي قواعد عراقية توجد فيها قوات أجنبية، وأكبرها من حيث عدد القوات وخاصة الامريكية هي عين الأسد”.
في المقابل قال الغانمي إن “القيادات تتكتم على ذكر أعداد القوات الاميركية، لكننا نعتقد بانها أقل من 5 آلاف”، مبيناً أن هناك تريّثاً الآن في السعي لإخراج القوات الأميركية “إلا إذا تبين أن حركة تلك القوات عكس ما كشفت لنا الحكومة العراقية”.