الإثنين, ديسمبر 23, 2024
Homeمقالاتعن تموز وحصان جواد سليم! : يوسف أبو الفوز

عن تموز وحصان جواد سليم! : يوسف أبو الفوز

لم يكن مفاجئا ــ على الأقل لجماهير القوى المدنية ــ إقدام القوى السياسية المتنفذة في البرلمان العراقي على إلغاء يوم الرابع عشر من تموز، كيوم وطني للاحتفاء بانطلاقة الثورة التي أطاحت بالنظام الملكي، رغم كل جبروت قوى (حلف بغداد). فهذا الاجراء  يتوافق منطقيا مع طبيعة القوى التي تقود البلاد وتعتقد ان (دارها مأمونة)، مثلما كان الطاغية نوري السعيد يردد عشية اقدام الضباط الاحرار الشجعان، بقيادة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم، بحركتهم، التي مهدوا لها بالاتصال بالقوى السياسية التي تنشد التغيير، مما جعلها، من الساعات الأولى ، تحظى بدعم شعبي حولها الى ثورة حقيقية تعززت بإعلان النظام الجمهوري، وتحقيق إنجازات مهمة خلال سنوات قصيرة من عمر الثورة، منها الخروج من منطقة الإسترليني، قانون شركة النفط الوطنية، قانون الإصلاح الزراعي، قانون الأحوال الشخصية، وغيرها من القوانين التي عززت استقلال العراق السياسي والاقتصادي.

حين اقدمت قوى المحاصصة الطائفية والاثنية، على خطوتها، التي لاقت اعتراضا من شريحة كبيرة من أبناء شعبنا، ولأجل خلق فتنة اجتماعية وطائفية، جعلوا ذلك ـ عامدين! ـ يترافق مع إضافة (عيد الغدير) كيوم عطلة. فهل يظنون ان الأمور تدوم لهم و(الدار مأمونة)؟ هل يتناسون بأن الجمر تحت الرماد وان كل أسباب اندلاع انتفاضة تشرين الباسلة عام 2019 ما تزال قائمة، بل واضيفت لها أسباب جديدة؟ هل يظنون حقا أن يوما تاريخيا تجذر في ذاكرة أجيال عديدة، بكل المعاني المشرقة التي يحملها يمكن محوه بقرار من قوى محدودة، لا تمثل كل الشعب، وان امتلكت زمام قرار التشريع في غفلة عن التأريخ ووصلت الى سدة الحكم والبرلمان وفق قوانين الانتخابات المجحفة التي سنوها بأنفسهم لإدامة وجودهم؟

يخبرنا تأريخ العراق، الحديث، ولا زال طريا في ذاكرة اجيال عاصرته، من ان المشير عبد السلام عارف، هاوي الانقلابات، الذي يوصف ببوق البعث الأثول ـ حاول الترويج كثيرا لما سمي بـ (عيد الشجرة)، الذي سن أيام النظام الملكي، كمحاولة للتغطية على عيد النوروز، الذي يحتفل به أبناء شعبنا الكردي، يوما قوميا، والذي يسميه أبناء شعبنا في مدن الجنوب (يوم دخول السنة)، ولن ننسى امهاتنا وهنّ يملأن البيوت بالزرع واغصان الأس، ومن لا ترد في باله الآن قصيدة مظفر النواب …(يا دخول السنة بملگاك … )؟!

وحاول الجنرال المزيف ابن العوجة، صدام التكريتي، الغاء صفة (العامل) عن الاف العمال في المؤسسات الحكومية، وذلك بإصداره قرار عام 1987، قضى فيه بتسميتهم (موظفون)، كمناورة لمنعهم من تشكيل أي نقابات عمالية، قد تطالب بحقوقهم وتثير مشاكل ما لنظامه.

أليس معروفامصيرمساعالمشير الاثول والمجرم صدامواجراءاتهماالقرقوشية؟فما الذي يعتقده سياسيالمحاصصةالطائفيةوالاثنية،بقرارالغاءالاحتفاء بثورة 14 تموزبوصفهاعيداًوطنياً؟ هل يمكنهم اقتلاعه من ذاكرة أجيال من أبناء العراق؟

في اساطير وادي الرافدين، يهاجم خنزير بري، تموز اثناء وجوده في رحلة صيد،ويقتله،لكنقدرتموزأنيعودللحياةوينهضمن موته كل عام، في أيام الربيع الأولى، وبهذا أصبحرمزاللخصبفأمتلك محبة قلوب العراقيين من عهد سومر واكد واشور وبابل.فيالرسومالبابليةنجد تموز يقف وخلفه وعلان يتعاركان بحماس وفحولة وثمة نخلة سامقة تعبيرا عن الخضرة وبهاء الحياة، فمن الاف السنين عاش تموز مع العراقيين معادلا لخصب لحياة وبهائها، فهو المخلص الذي ينتظرونه كل ربيع، فدخل اعتقاداتهم الروحية ونصوصهم الادبية من اساطير واغان وملاحم.

هل ثمت حاجة للهمس بآذان الخنزير البري، بأن الربيع قادم رغم كآبة الخريف وقسوة الشتاء، وان حصان جواد سليم لابد ان يترجل عن جداريته ليملأ العراق صهيلا، من اجل نهوض تموز، من اجل بهاء الارض واحياء الكائنات والطبيعة!

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular