أور الكلدانيين هي مدينة الرها (أور هاي، أورهاي) حاران، حرَّان، في تركيا الحالية، وليست أور الناصرية في العراق
يتبع ج1
ذكرنا أن كلمة كلدان لا توجد مطلقاً في النص العبري، بل هي أور الكاسديين، ولا علاقة لاسم الكلدان بمدينة أور ولا حتى بمدينة بابل مطلقاً قبل 612 ق.م.، وقبل هذا التاريخ وقيام الدولة الكلدانية، فالحضارات والسلالات التي قامت في بابل، وعددها عشرة، هي بابلية، لا كلدانية، كالأمورية والكاشية والبابلية الرابعة والخامسة..إلخ، وأقدم ذكر لكلمة كلداني في التاريخ وردت في مدونات الملك الآشوري آشور ناصر بال الثاني (883–859 ق.م.) وكان الاسم يطلق على قبيلة تقيم على مقربة من الخليج العربي وأسسوا دويلات عديدة، بيت ياكين، بيت عموكاني، بيت دكوري. (حامد عبد القادر، الأمم السامية ص80. والمحيط الجامع، ص1031)، أمَّا في الكتاب المقدس فأقدم ذكر لكلمة كلدان هو في سفر أيوب (1: 17)، مع ملاحظة أنه لا علاقة لمفهوم كلمة كلداني هنا بدولة كلدان نبوخذ نصر والتي أطلق عليها اليهود وبالذات النبي دانيال اسم الكلدان كصفة بمعنى، ساحر، مشعوذ، هرطوقي، عرَّاف إلخ، كما ترد في جميع قواميس السريان الشرقيين الذين سمتهم روما كلداناً (انظر على سبيل المثال قاموس المطران أوجين مناالكلداني ص338)، وأتت كلمة كلدان في سفر أيوب، لا لتدل على قوم، بل صفة أيضاً بمعنى قطاع طرق ولصوص، وجاءت مقترنة بالسبئيين العرب، ومعلوم أن سفر أيوب كُتب في الصحراء العربية – السورية في أرض عوص والراجح أنها منطقة حوران.
وقبل أن نناقش التوراة نفسها، أقول سلفاً: إن استشهادنا بالكتب الدينية ليس معناه أنه تاريخ مدني وآثاري بحت، لكن من الطبيعي جداً شخص مثل إبراهيم لم يرد عنه من عصره في التاريخ المدني المكتوب والآثار شيء يُذكر، بل كل ما يتعلق بإبراهيم مستند إلى الكتب الدينية أصلاً، لذلك هذه تكمن أهمية هذه الكتب، إمَّا فيها نصوص واضحة تعتبر بحد ذاتها تاريخ، كأي تاريخ آخر أو فيها قرائن وحيثيات، ناهيك عما قاله المؤرخون والمفسرون في التاريخ عن شخصية إبراهيم المهمة جداً على الأقل في ثلاثة أديان، فكل هذه الأمور تُقارن مع العلم والتاريخ المدني والآثار، لذلك نحن نُحلل وننقد النص الديني الأصلي المُستند إليه قصة إبراهيم علمياً وتاريخياً، مع ما قيل عنه عبر التاريخ، ثم نقارن القرائن مع ما موجود لدينا من تاريخ مدني وآثار تدعمها.
والآن نناقش التوراة نفسها لنرى هل إن إبراهيم خرج من أور الكلدانيين؟، فنقول:
1: إن أور الكلدانيين ليست في العراق، إنما هي مدينة الرها (أورفا) الحالية شمال سوريا في تركيا التي سكنها إبراهيم وأبيه وأجداده، وحصلت مشكلة لتارح وأبنه إبراهيم في الرها مع وثنيّ المدينة ومُنجِّميها وعبدة الإله القمر، أي الكلدان، بزعامة أحد جبابرة الرها المصوَّر باسم نمرود، والأرجح أنها كانت بسبب الحقول الزراعية والأرض والماشية، فانتقل إبراهيم وأبيه إلى حاران ونارحور القريبة جداً من الرها: (وأخذ تارح أبرام أبنه ولوطاً بن هاران ابن أبنه وساراي كنته إمرأة أبرام أبنه، فخرجوا معاً من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان فأتوا إلى حاران وأقاموا هناك، تكوين 11:31).
2 قلنا أن معنى أور هو مدينة، وليس معناها أور الناصرية في العراق، وحتى الترجمة السبعينية للكتاب المقدس سنة 280 ق.م.، التي ترجمت أور الكاسديين إلى أور الكلدانيين، لا تقول إن أور الكلدانيين، معناها أور العراق السومرية أو الأكدية، بل معنى أور هو مدينة (أرض، كورة)، كما أسلفنا.
https://d.top4top.net/p_11140j
3: في التوراة السامرية باللغة العبرية، تأتي أيضاً أور الكاسديين، ومعنى أور تحديداً هو: بياض، ضوء، نور، وليس أور العراق، أي المقصود أن إبراهيم رحل من سلطة الكلدانيين على الأرض أو الحقول، وفي الترجمة العربية للتوراة السامرية التي قام بها اليهود أنفسهم، حددوا المنطقة بالدقة والاسم بوضوح، فتقول: كان مولد إبراهيم في محيط أو أطراف (بياض) خراسان (هورسان، حاراسان، أي حاران)، وهي منطقة تقع في أرمينيا، وحول أو قريبة من الرها وحاران الحالية في تركيا، (وكلمة بياض تعني ضوء أو أطراف، حقول).
https://e.top4top.net/p_11147l
4: كلمة كلدان في كل قواميس اللغة معناها، مُنجم، عرَّاف، الكهنة المشتغلين بالكواكب، قارئ الغيب، فتاح فال، ساحر، مشعوذ، وهو ما ينطبق على حاران قرب الرها المشهورة بذلك، ولم تُعرف أور العراق السومرية والأكدية بهذه المهنة.
5: إن فلك نوح استقر في جبال أراراط في أرمينيا (تكوين 8: 4)، وعدا التوراة السامرية، وتواريخ الأرمن التي تقول إن جنة عدن وأنهارها الأربعة المذكورة في سفر التكوين هي في أرمينيا مستشهدين بأقوال آباء مشهورين في التاريخ كديونيسيوس وأغسطينوس، فهناك كثير من يرى أن جنة عدن في أرمينيا، (مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين، 1869م، بيروت، ص46. القس أنطوان خانجي، مختصر تواريخ الأرمن، 1868م، ص6، 22، وغيرها، علماً أن مار أفرام السرياني أيضاً يُفهم كلامه في تفسيره لسفر التكوين، ترجمة الدكتور اسعد صوما، مُرفق بالنص السرياني ص205، يقول: إن أرض الطوفان هي في الشمال وليس في الجنوب، فيقول: إن نسل يافث سكن بين نسل سام، واليافثيون انتشروا في الشمال الغرب)، ويؤكد الكتاب المقدس في أكثر من مكان أن الجنة هي في منطقة جبلية في الشمال: كنت في عدن جنة الله..إلخ، أنشأوا فيك صنعة صيغة الفصوص وترصيعها يوم خلقت، أنت الكروب المنبسط المظلل وأقمتك على جبل الله المقدس (حزقيال: 28: 13-14)، ويقول إشعيا: أنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات أرفع كرسيي فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال (إشعيا 14: 13)، ويُنشد داود: مدينة إلهنا جبل قدسه، جميل الارتفاع فرح كل الأرض جبل صهيون، فرح أقاصي الشمال مدينة الملك العظيم (مز 48: 1-2)، وأرفشكاد هو الجد الأبعد لإبراهيم، وورد اسمه منطقته أور فكساد أو أور بكسد، وهي المنطقة الواقعة قرب جبال أرمينيا وبلاد الحور التي كانت تعرف باسم آرابخيس.
6: إن إبراهيم نفسه يتكلم في سفر التكوين ويذكر مكان ميلاده وأرضه وبيت أبيه وعشيرته بالاسم الصريح بدون اسم أور، وهي مدينة ناحور، آرام نهرين، (حاران)، وناحور هو جد إبراهيم، وأسم أخيه أيضاً.
وقال إبراهيم لعبده كبير بيته المستولي على كل ما كان له: ضع يدك تحت فخذي، فاستحلفك بالرب اله السماء وإله الأرض أن لا تأخذ زوجة لابني من بنات الكنعانيين الذين أنا ساكن بينهم، بل إلى (أرضي وإلى عشيرتي) تذهب وتأخذ زوجة لابني إسحاق، فقال له العبد: ربما لا تشاء المرأة أن تتبعني إلى هذه الأرض، هل أرجع بابنك إلى الأرض التي خرجت منا؟، فقال له إبراهيم: احترز من أن ترجع بابني إلى هناك، الرب إله السماء الذي أخذني من (بيت أبي، ومن أرض ميلادي)، والذي كلمني والذي أقسم لي قائلا: لنسلك أُعطي هذه الأرض، هو يرسل ملاكه أمامك، فتأخذ زوجة لابني من هناك، ثم اخذ العبد عشرة جمال من جمال مولاه، ومضى وجميع خيرات مولاه في يده، فقام وذهب إلى آرام النهرين إلى مدينة ناحور. (تكوين 24: 1-10).
ونفس الأمر مع إسحق وأبنه يعقوب: فدعا إسحاق يعقوب وباركه، وأوصاه: لا تأخذ زوجة من بنات كنعان، قم اذهب إلى فدان آرام، إلى بيت بتوئيل أبي أمك، وخذ لنفسك زوجة من هناك، ويعقوب سمع لأبيه وأمه وذهب إلى فدان آرام، فخرج يعقوب من بئر سبع وذهب نحو حاران. (تكوين 28: 1-10).
7: وقرب حران اليوم نفسها موقع أثري اسمه حران أوران يري في ولاية شانلي في الرها التي تُسمَّى أورفا أيضاً، ويحسم الموضوع أن أور هي الرها أهم الكُتَّاب في التاريخ والمعتمدين على التوراة.
ا- المؤرخ اليهودي يوسيفوس الشهير صاحب كتب الأمة اليهودية في القرن الأول الميلادي، وفي فصل: (كيف خرج إبراهيم من أرض الكلدانيين، وذهب للعيش في أرض كنعان)، يؤكِّد يوسيفوس أن حاران هي أرض الكلدانيين، والكلدانية هي اسم مذهب أو عقيدة، فيقول: إن إبراهيم غادر أرض الكلدانيين (حاران) إلى كنعان عندما كان في الخامسة والسبعين من عمره، وهو نص سفر التكوين 12: 4، (فذهب أبرام كما قال له الرب وذهب معه لوط وكان أبرام ابن خمس وسبعين سنة لما خرج من حاران)، ويضيف يوسيفوس: إن حاران تقع أعلى بلاد بابل، وأن المشكلة حدثت بين تارح أبو إبراهيم الذي أثار ضده ضجة من هم على مذهب الكلدانيين والناس الآخرين، وكان تارح يكره الكلدانيين، وهذا ما يُطابق نص التكوين أن قائد الرحلة من الرها إلى حاران تارح، وليس إبراهيم: وأخذ تارح أبرام أبنه ولوطا بن هاران ابن أبنه وساراي كنته إمرأة أبرام أبنه، فخرجوا معا من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان، فاتوا إلى حاران وأقاموا هناك. (تكوين 11:31)، ويقول يوسيفوس أيضاً إن ناحور جد إبراهيم له مقاماً شاخصاً في عصره (أي عصر يوسيفوس) (تاريخ يوسيفوس، إنكليزي، ص98-101).
ب- أسابيوس القيصري +340م أبو التاريخ الكنسي وفي كتابه عوائل اللغات، يقول: إن نمرود بنى أور (إرك) وهي الرها، وكلنة هي سلوقية، وأكد هي نصيبين. (القيصري، عوائل اللغات، نقل وتحقيق الدكتور الأب يوسف حبي، ص282).
ج- مار أفرام السرياني +373م الشهير في تفسيره لسفر التكوين، يقول: إن إبراهيم سكن حاران، وفي شرحه للمدن الواردة يقول: إن أرك (أور) هي أديسا (الرها)، وأكد هي نصيبين، ورحبوت هي حدياب (أربيل)، وكالح هي الحضر أو قطسيفون (المدائن)، ورسن هي رأس العين في الجزيرة السورية (تفسير مار أفرام السرياني، ترجمة د. أسعد، ص207، وانظر تفسيره في المخطوط الماروني، هونت112، مكتبة أوكسفرد، وكان إبراهيم يسكن حاران في جزيرة العراق، ص100).
ج- طه باقر عميد المؤرخين العراقيين يقول: إن آرام نهرين هي حرَّان، ويرد اسمهما مترادفان، وميزبوتاميا هي آرام نهرين، والمقصود بها نهري الفرات والخابور، وليس دجلة والفرات، ويقول الدكتور فرج البصمجي الملاحظ الفني في الآثار القديمة العراقية: إن تسمية ميزبوتاميا هي يونانية أُطلقت خطأ على كل العراق (مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، النيل، فارس، الإغريق، الرومان، ص303-304. مجلة سومر، ك2، 1947م، الدكتور فرج البصمجي، أقوم الشرق الأدنى القديم وهجراتهم، ص89)، وحرَّان، معناها الطريق، والآباء اليهود الأوائل جاءوا من هذه الناحية قبل استيطانهم فلسطين.
8: أمَّا المسلمون فالنسبة للقرآن الكريم لا يتطرق إلى مكان ولادة إبراهيم، لكنه يُلمِّح بصورة واضحة إلى أنها ليست في أور الناصرية، بل حاران، فالآيات التي تتحدث عن إبراهيم مرتبطة بالأصنام والتماثيل والشمس والقمر والكواكب، وهذا ينطبق على حاران وليس على أور، أمَّا تفاسير علماء المسلمون فالأغلبية الساحقة تتفق على أن ولادة إبراهيم كانت زمن نمرود، لكنهم اختلفوا في تعيين مكان ولادته، فالذين قالوا في العراق ذكروا أنها في بابل أو كوثي أو السوس في الأهواز، أو الوركاء بناحية الزابي وحدود كسكر وحاران، والمهم أن أغلب المفسرين المسلمين الذين يقولون إنه ولد في بابل أو قربها، فإن السبب الرئيس لقولهم هذا، هو ارتباط بابل بالكلدان وشهرة الدولة الكلدانية (612-539 ق.م.)، وفي تفاسيرهم يتكلمون بإسهاب عن التنجيم الكواكب والشمس والقمر والزهرة، وفي حاران وبابل، لكن هذا الأمر ينطبق على حرَّان فقط زمن إبراهيم وليس على أور السومرية الأكدية قرب الناصرية.
فابن كثير يروى عن ابن عساكر أن مولد إبراهيم كان في أرض الكلدانيين، وهي أرض بابل، وهو الصحيح المشهور عند أهل السير والتواريخ والأخبار، وصحح ذلك الحافظ ابن عساكر عن ابن عباس، أن إبراهيم ولد بغوطة دمشق في قرية يقال لها، برزة، في جبل يقال له، قاسيون، ومع أن أبن كثير يقول أن إبراهيم ولد في بابل وليس في حاران، لكنه يعود ويذكر جملة مهمة جداً، وهي: ثم ارتحلت عائلة إبراهيم قاصدين أرض الكنعانيين في بلاد بيت المقدس، فأقاموا بحاران، وهي أرض الكشدانيين، وهي تطابق النص العبري أرض الكاسديين (في بعض طبعات البداية والنهاية الحديثة، حاران أيضاً هي أرض الكلدانيين)، ويضيف أن أهل حاران كانوا يعبدون الكواكب والأصنام، وينسب ابن كثير قيادة الرحلة لوالد إبراهيم..(ابن كثير القرشي، البداية والنهاية، دار هجر، ج1 ص325).
والمسعودي يقول: إن إبراهيم هو من بني حاران، ولغته السريانية، وكان ولادته زمن نمرود ملك بابل، وخرج من حاران وعبر الفرات وذهب إلى مصر. (المسعودي، أخبار الزمان، ص103)، واليعقوبي يقول: إنه ولد في مدينة كوثا ربَّا، إلاَّ أنه يقول أن إبراهيم وزوجنه سارة بنت حاران ولوط ابن حاران ذهبوا مباشرةً من أرض نمرود إلى فلسطين. (تاريخ اليعقوبي، ج1 ص24).
أمَّا الطبري وابن والأثير والثعلبي، فلا يخرجون عن بابل وكوثي وحاران والسوس في أرض الأهواز والوركاء بناحية الزوابي وحدود كسكر، لكنهم يبدو أنهم ذكروا حلاً توافقياً بين حاران وبابل، بالقول: كان مولده بحاران، لكن أباه نقله إلى بابل، ويضيفون شيئاً آخر هو أن سارة زوجة إبراهيم هي ابنة ملك حاران، مع ملاحظة مهمة أخرى هي، أن الطبري وابن الأثير وغيرهم ذكروا أن إبراهيم غادر قومه إلى دمشق أو الشام مباشرةً، بدون (ترانزيت)، وقولهم صحيح جداً، وهو ما يعني بوضوح أنه سافر من حاران إلى الشام وليس من بابل كما اعتقد ونقل الخلف عن السلف. (تاريخ الطبري، ج1 ص77، 81. وابن الأثير، الكامل في التاريخ، ص72، 77. والثعلبي، قصص الأنبياء، ص79، 86).
وفي الكافي كان مولده إبراهيم في كوثي ربَّا، (الكليني، الكافي، ج8 ص196) أمَّا الطباطبائي، في تفسيره لسورة الأنعام وفي فصل كلام في قصة إبراهيم وشخصيته (ع): يستشهد بمقاطع كثيرة من التوراة عن إبراهيم ورحيله إلى حاران، وهو عموماً لا يذكر بنفسه صراحةً مكان مولد إبراهيم، لكن كلامه يدور في بابل وكوثي، وينقل عن الآخرين أن إبراهيم ولد في كوثي، والأمر المهم جداً هو قوله: إن الصابئيين عبدة الكواكب (ويتكلم بإسهاب عنهم) كانوا في حاران التي هاجر إليها إبراهيم من بابل أو من (أور)، فقط بدون الكلدانيين، ويضع (أور) بين قوسين وفي أكثر من مكان، لكنه حين ينقل عن التوراة، ينقلها كما هي، أور الكلدانيين، أي أنه لا يقصد أور الناصرية، والأهم قوله: (إن إبراهيم زَوَّج ابنه اسحق من عشيرته بكلدان)، أي أنه اعتبر أن أور الكلدانيين هي حاران، وكلامه واضح بقوله: وظاهر ما قَصَّهُ القران الكريم عن إبراهيم هو: أن إبراهيم هاجر قومه مباشرةً بدون تغرُّب (ترانزيت) والذهاب إلى حران أولاً، ثم من حران إلى الأراضي المقدسة، وهذا القول لا مأخذ له غير التوراة وأخبار غير سليمة من نتف إسرائيلية، كما هو ظاهر لمن تدبَّر تاريخ الطبري، على أن بعضهم ذكر أن حاران هي قرب بابل بين الفرات والخابور، وهي غير حاران الواقعة قرب دمشق، ويضيف: إن لغة إبراهيم هي السريانية، وهي لغة قومه (الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج7 ص165، 187، 332، 242، 247-248. ويبدو أن بعض المؤرخين والمفسرين اعتقدوا أن حارن هي حوران قرب دمشق).
وكل هؤلاء المؤرخون والمفسرون ربطوا أحدث إبراهيم بالكواكب والشمس والقمر والزهرة والأصنام والسحر التي عُرفت بها حاران، والأغلبية الساحقة منهم يقول أن إبراهيم كانت لغته سريانية، وهي لغة أهل حاران وشمال الشام، وليس لغة أور السومرية أو الأكدية، ولا حتى لغة بابل بقرون كثيرة.
وشكراً: موفق نيسكو
يتبع ج3
في كل الأحوال ما علاقة نمرود البابلي بأورفة التركية يهرب منها براهيم خليل بسببه ؟ نمرود , بحسب القصص التي ليست هناك كتب دينية أصدق منها لأنها هي الأخرى كانت قصصاً وروايات دونوها بعد زمن طويل من الأحداث , نمرود هو جمشيد الأسطوري وقد كان ملكاً كيشياً في بابل بقوانين حمو رابي في القرن السادس عشر قبل الميلاد بعد طرد الحيثيين , القانون يقول من يتزوج سفاحاً يخرج من البلاد وهكذا خرج براهيم خليل من مملكته من أور العراقية التابعة لبابل حينذاك بدون نار ولا حريق ولا تهديد ولا شأن للأصنام والعبادة بذلك , وهولم يتجه نحو فلسطين غرباً عبر الصحراء بل توجه شمالاً مع وادي الفرات حتى وصل شمال سورية وقد يكون هو الذي بنى أو سمى مدينة أورفة بهذا الإسم على إسم مدينته التي تركها , لكنه ترك هذه أيضاً بسبب مضايقات وفي فلسطين أيضاً تعرض إلى نفس المضايقات (بحسب الكتب الدينة) حتى إستقر في فلسطين ومات هناك , ولغته هي الأرامية وهي الاكدية وأم جميع اللغات السامية المتفرعة منها ومنها السريانية,
ثم لماذا تستشهد بالكتب المتأخرة, لكتبة مسيحيين ومسلمين فيجعلون سارا بنت حاران وتجهل توراة موسى نفسه الذي يقول في سفر التكوين (( إنها بنت أبي وليست بنت أمي فأتخذتها زوجةً لي )) ولأجل ذلك خرج هرباً من بلاد قوانين حمو رابي , أيهما كلام الرب وأيهما الأصدق وأيهما الأصل ؟