الخميس, ديسمبر 5, 2024
Homeمقالاترسالة من الملك غوديا : يوسف ابو الفوز

رسالة من الملك غوديا : يوسف ابو الفوز

 قبل فترة تداولت وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي،خبرا مؤسفا عن عملية همجية، تمثلت في رفع تمثال الملكالسومري كوديا المقام في مدينة الدواية، شمال محافظة ذي قار،بل وسحله بعملية مهينة، والتمثال كما اشارت بعض التقارير، منعمل الفنان النحات أحمد حسن، من أهالي مدينة قضاء الشطرة،الذي قام بعمل نسختين من التمثال، وأهدى الاولى لبلدية الدوايةفي مدينته الناصرية والثانية لمتحف ذي قار الحضاري..

فمن هو الملك غوديا؟

يعتبر الملك غوديا، المعروف عالميا، أشهر ملوك سومر وهو الملكالثاني عشر لسلالة لكش (حكم 2124 ــ 2144 ق م) وتعاظمتالدولة في عهده وقام بتطوير نظام الري والتجارة الخارجية معلبنان وشبه الجزيرة العربية ومصر، وهو لم يكن من مدينة لكش،الا انه نجح في صعود سلم المناصب والزواج من ابنة ملك لكشاوربابو (2144 – 2164 ق م) . وتميز عصره بالإصلاحاتالاجتماعية فقد سمح للنساء بتملك الارض، واهتم بالفنونوالآداب، وسعى لتطبيق القوانين. أيضا تشير الأبحاث الى أنهأول من بنى معبداً مقدساً في التاريخ، ومعنى أسمه باللغةالسومرية (الرسول) أو (المُنادىمن قبل الإله-)، لذلك يصنفهبعض الباحثين على أنه (نبي).

الانباء ذكرت ان رفع تمثال الملك أو النبي غوديا تم بحجة أنه(صنم) ولا يجوز وجوده وتمت الإشارة الى محاولة استبدالهبنصب ذو دلالات دينية اسلامية.

وسرعان ما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالغضب واستياءشديد من هذا السلوك الذي يهين رموز الفكر والثقافة ويهين تأريخالبلاد، ورفض واستنكر ناشطون العملية واعدوها جريمة بحقمعالم اثار وتأريخ البلد ، ومن جانبها استنكرت ورفضت مفتشيةاثار وتراث ذي قار، عملية رفع التمثال ودعت المسؤولين فيالمحافظة ، في بيان لها الى ( محاسبة مرتكبي تلك الجريمة،وحماية تماثيل ونصب المحافظة)، وسرعان ما تراجعت السلطاتالمحلية في قضاء الدواية عن قرارها برفع التمثال، وتواصلت معالنحات لإعادة ترميمه ونصبه في مكانه السابق وأدعت بأنالساحة خضعت لأعمال ترميم .

أن هذه الحادثة تقدم لنا درسا يمكن التوقف عنده مليا،فالسلطات الحكومية، التي فاتها ان وجود هذا التمثال وغيره، هودليل اعتزاز اهل المدينة بتاريخها وحضارتها، اضطرت امامالرفض والاستنكار الشعبي للاستجابة للضغوط وإعادة نصبالتمثال. ان حادثة تمثال الملك غوديا تقول لنا بأن تنسيق وتوحيدالجهود والرفض والاحتجاج يمكن ان يأتي بثماره ليس في قضيةرفع تمثال فقط، بل وفي ملفات وقضايا اهم تخص حياة الناسومستقبلهم.

ويضع أيضا امام الجهات الحكومية المعنية مسؤولية حماية اثارومعالم الحضارة لبلادنا امام دعوات الجهل بحجج واهية لا تصبفي خدمة البلاد وتاريخها ومستقبلها. ان المواطن العراقي يشعربالخجل عند زيارته لبعض من متاحف العالم التي تحوي بعضامن اثار بلادنا، ويلمس جيدا حسن الاهتمام والطرق الحضاريةللمحافظة عليها، والمستوى العالي من الرعاية التي تلاقيها علىايدي أهل البلادالكافرة كما يقول بعض ابناء بلادي، فهليعقل ان تكون على حق، تلك الأصوات التي تعتقد ان منالحسنات قيام الاوربيين بسرقة اثارنا، لأنهم يحفظوها لنا سليمةوبأحسن حال ويعرّفون بها، بينما نقوم نحن بإهمالها وأهانتها؟

الكاتب في متحف اللوفر مع تمثال غوديا ( عدسةشادمان علي فتاح)

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular