الأربعاء, أكتوبر 23, 2024
Homeمقالاتالوطن : آدم دانيال هومه.

الوطن : آدم دانيال هومه.

الوطن….

أجمل من بيادر النجوم

وأغلى من ملكوت السموات

بين ثناياه أجساد الذين لن يبرحوا مخيلاتنا

على مدى العصور والدهور

لا عطر في الكون يضاهي شذى ترابه

إنه أعطر من الندى والمطر

والمسك والعنبر.

سقطت الورقة من الشجرة

فأجهش العصفور بالبكاء.

كانت أشجار الصفصاف على ضفاف الخابور

ترقص على أنغام أوتار المطر

وتُشرّع له أبواب الفصول

لتأتي إليه جميع الطيور

لتُجفف على ضفتيه قمصانها المبتلة برذاذ الضوء.

قبّرة تغسل وجهها بالندى والضياء

تحلق على أجنحة الريح

تلملم ورود السماء

لتهديها إلى شعبي الذي لايموت.

قلبي يرتعش بين صقيع الحزن

مثل زنبقة عارية على ضفة الريح

ولكن….

حينما يطلق الفرح أسرابه في سمائي

أشرب نخب الله

فيستفيق من نومه صادحاً بالشروق

ويبدّد جميع أوراق الأحزان من فضائي

فينهمل وابل المسرات على أفنان قلبي

وتصهل جميع خيول الأرض في دمائي.

عندما أتوضأ برحيق الشمس

أرسم شارة الصليب

وأمضي مدججاً بالشوق والحنين

نحو بوابة عشتار

وطن الجبابرة والأنبياء

حاملا روحي السرمدية

لأتجسّد في صورة كادح

يتلظى تحت شمس بابل المحرقة.

كلما أتأمل وطني الغارق في غياهب الظلمات

تنتابني أحزان الثكالى

تتلوى عصافير الألم على أغصان مهجتي

يختنق صوتي بالبكاء

وأنا أرى مقابر أهلي الأحياء الأموات

يعبث بها الغرباء.

يستيقظ قبل بزوغ الفجر

قبل كل الطيور

يمتطي صهوة الحلم

يرفرف كالنسيم على شرفة الهجير

يومئ نحو قمم الجبال

تحفّ بها فراشات الغيم

فيقرع باب أنليل المغلق

منذ رحيل گلگامش إلى دلمون

موطن أوتونابشتيم

بحثاً عن نبتة الخلود.

في هدأة الليل

أصغي إلى نبضات قلوب الآلهة

تصهل كالجياد الجامحة

بين النار الأزلية.

أيها النهر!…

ولدنا على ضفتيك كالزغاليل

وترعرعنا على أنغام أمواجك كأيائل الجبال

كانت مياهك ألذ من أعسال السماء

وأشهى من فتاة عارية على شاطئ البحر

لقد كانت مياهك تترقرق في دمي

كالصلاة التي كانت تترقرق على ثغر أمي

لقد هبت العاصفة الهوجاء في منتصف الليل

واقتلعتنا من جذورنا

وقذفت بنا إلى أقاصي المنافي

وأصبح وطننا المترنح بين الحزن والجنون

حصاناً يمتطيه اللصوص وقطاع الطرقات.

الميت….

لم تعد له أية أحلام أو أمنيات

لا ماضٍ… ولا مستقبل

لم يعد يتنزه في حدائق العشاق

ولم يعد يتذكر متى مات

ولا من سار في جنازته

كل الذي يتذكره

أنه لم يزل يغوص في أعماق بحر الموت.

أحدق في أروقة الشمس

فأرى يسوع يمشي مجللا بهالة قوس قزح

تتبعه الأنجم والأقمار

نايات وقيثارات الأزمنة والعصور

والورود والأزهار وأغصان الأشجار

يورق الحصى بين يديه

ويجهش الموج تحت قدميه بالبكاء

يفتح باب القيامة على مصراعيه

يوزع على العالم كله

الماء والخبز والحياة

ليخلد إلى ظله مستمتعاً بخلاص البشرية.

ملائكة تتسكع على أرصفة السماء

تتشمم عطور الشفق

تستمتع بسقسقة الغيم

وقهقهة البرق

وانتفاضة الرعد

وعويل الأمطار

تمتطي صهوات النار

تتناثر تحت حوافر جيادها أجرام السموات

تمتشق سيوف الموت

لتقود قطعان البشرية إلى الأصقاع الظلماء

ثم تأوي إلى أعشاشها في كهوف السماء.

أبحث في هذا العالم عن ملاذ آمن

يحمي أطفالي

ويصون كرامتي

في عزلة عن آكلي لحوم البشر

الذين يعيشون في الأوطان الأشبه بالأدغال

والغابات السوداء

يسيرون عكس اتجاه الساعة

يتضورون جوعا

فيلتهمون لحوم آلهتهم

ينتظرون على الشاطئ حوريات البحر

فتنهشهم أسماك القرش.

Adamhomeh@hotmail. com

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular