الكاتبان الكورديان د شيركو كورمانج والأستاذ علي محمود محمد يطالبون الكورد المسلمين بتقديم الاعتذار للايزيديين ..
لقد تعرض الإيزيديون للإبادة الجماعية منذ أن عاشوا على أرضهم، كردستان. ووفقاً للروايات التاريخية، فقد تم نهب منازلهم مئات المرات، والأمر الأكثر مأساوية هو أن بناتهم وزوجاتهم قد تم أخذهم كعبيد وبيعهم في الأسواق والتخلي عنهم. في بعض الأحيان تم استعبادهم وتحويلهم إلى الحرية. ووفقاً للروايات الإيزيدية، فمنذ العصور الوسطى وحتى بداية التاريخ الحديث، قُتل حوالي مليون ونصف يزيدي على يد الحكام السياسيين وحكام بغداد والموصل، وغالباً على يد الأمراء والشيوخ الأكراد. لقد حفظ الإيزيديون في ذاكرتهم قصة ثلاثة وسبعين (73) أمراً عظيماً (أوامر الإبادة الجماعية). وعليه، كان هذا هو الترتيب الرابع والسبعون لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية في البلاد وسقط نحو 6500 مواطن إيزيدي في أيدي مقاتلي داعش، بعضهم أصيب بالرصاص والبعض الآخر في عداد المفقودين. ونزح أكثر من 360 ألف أيزيدي من سنجار والمناطق المحيطة بها. وكان الأكراد المسلمون، بشكل أو بآخر، القوة الرئيسية في بعض هذه التنظيمات ولعبوا دوراً حاسماً في المذابح. كل هذه الجرائم والأوامر، بما فيها تلك التي ارتكبها تنظيم داعش، ارتكبت باسم الإسلام، وارتدت ثوب الدين المقدس، وسميت في التاريخ بالجهاد وغزة.
لم تكن مجزرة الإيزيديين عملاً منعزلاً، بل نتاج خلفية فكرية ودينية وتاريخية. لا ترتكب أي إبادة جماعية دون وجود فكرة وراءها. لا يمكن فهم وقراءة الإبادة الجماعية للإيزيديين إلا في هذا السياق. وتعود بدايات فكرة الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين على يد المسلمين إلى فتاوى علماء الدين حولهم في العصور الوسطى. ثم جاءت فتاوى المشايخ الإسلاميين في الدولة العثمانية، وكذلك الملالي الأكراد (مثل الملا صالح هكاري، شرف خان، الملا محمود بايزيدي، الرباطكي، الملا محمد شريفي قاضي، عبد القادر رستمي باباني، وغيرهم) الذين استخدموا لغة عنيفة ضد الإيزيديين. وأبرزها فتوى الملا عبد الرحمن جلي زاده الذي شجع أورحمان باشا باباني ضد الإيزيديين وبرر مذبحتهم، قائلاً إنهم أكثر كفراً من الكفار الأصليين. وقتلهم جائز عند المذاهب الأربعة، وجهادهم أفضل وأجر من العبادة الدينية.
وتعكس الفتاوى السياسة الدينية للدولة والسلطات وليس التفسير الصحيح للعقيدة الإيزيدية. وقد بررت الفتاوى تصرفات السلطات ضد هذه الجماعة الدينية، وأصبحت أساساً لعشرات أحكام الإعدام، وكان أشدها أوامر الإبادة التي صدرت في القرن التاسع عشر على يد ملك راوندز الكوري عام 1832 وفي إسطنبول، وفي العاصمة العثمانية، قال إن نحو ثلاثة أرباع السكان الإيزيديين في جبال كردستان قتلوا في الحملات. ومن كويا إلى النهر الكبير، تم إبادة الإيزيديين وتم أخذ حوالي 500 امرأة كعبيد.
حتى أوائل القرن العشرين، كانت المواقف الكردية، وخاصة تلك الخاصة بالنخبة الدينية، معادية للإيزيديين. وكانت النخبة الكردية هي التي غيرت آراء المثقفين والعلماء الكرد حول الإيزيديين، وذلك بفضل شكري فضلي وبعض البدرخانيين وتوفيق وهبي. كما لعب بعض علماء الإسلام دورًا رئيسيًا في هذا التغيير المهم، ومن بينهم أنور مي والملا خليلي مشاختي.
المجتمع الكردي منقسم الآن، ويرى البعض أن الأيزيديين هم الركيزة الأساسية للشعب الكردي ويعتقدون أن إدراج الأيزيديين وجميع المجموعات الدينية والثقافية والسياسية والعرقية الأخرى في كردستان أمر ضروري لتأميم كردستان. ولا يزال جزء منها متأثراً بالآراء الدينية المحافظة لبعض العلماء والملالي منذ بداية الإسلام وحتى القرن التاسع عشر، حيث يقوم بعض الملالي والجماعات السياسية الآن بنشر سم الانقسام على شبكات التواصل الاجتماعي ووصف الإيزيديين بالكفار. إن الأكراد، الذين بدأوا عملية بناء الدولة منذ عقود، لن تكتمل دون ضم جميع فئات الشعب الكردي، ودون الاعتراف بالأخطاء التاريخية والبدء في عمليات المصالحة الوطنية والقبول المتبادل.
إن فعل الاعتذار، بالإضافة إلى كونه عظيمًا ونتاجًا لعقل منفتح وحديث، له أمثلة كثيرة بين دول العالم. في عام 2007، اعتذرت الحكومة الأسترالية رسميًا لسكانها الأصليين واعترفت بالجرائم التي ارتكبها آباؤهم ضدهم. وتم إنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا لنفس الغرض، وهو إظهار الحقيقة والاعتراف بالجرائم. ولم يعتذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للأيرلنديين إلا عن مقتل 14 متظاهراً غير مسلح على يد القوات البريطانية في أيرلندا الشمالية عام 1972.
نص المقالة باللغة الكوردية من الموقع الاصلي
