الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeاراءسنجار* : نبيل يونس دمان

سنجار* : نبيل يونس دمان

إطلعت على معالم سنجار: شوارعها، بيوتها، جبلها، سوقها، كنائسها وكنت بين الحين والآخر اذرع السوق لاشتري حاجات واحيانا ادخل الأورزدي باك لاشتري بخاصة السيكائر والهدايا. كان هناك القوشيين يعملون في سنجار كنت دائم الالتقاء بهم منهم: المساح متي يلدكو، السائق ميخا جلبي، النجار بيجو القس دنو، المدرس يوسف يونس رحيمة.
سنجار البلدة التاريخية القديمة والجميلة، بجبلها وسهلها الواسع الذي كان في ربيع 1978 يعج بالأيزيديات، بملابسهن الفضفاضة الزاهية، وهن يعملن في الحقول الزراعية، وفي تلك الفترة رأيتهم يجمعون الكعوب( ܠܓܢܐ لگني) للاستهلاك المحلي، وما يفيض منه كان يشحن الى الاسواق.
سنجار متعددة الاعراق والغلبة للأيزيدية وفيها مزاراتهم ومقامات شيوخهم وابرزها مرقد شرف الدين، اضافة الى ثلاثة مساجد وكنيستين، شاهدت فيها عيون الماء الحار شتاء الى درجة يتصاعد منه البخار واثار ذلك اعجابي، وكذلك رافقت المهندس بهزاد رمضان عبد الكريم الى قمة الجبل حيث كان يجري فتح طريق من سنجار الى سنوني، كان الهدف واضحا لاغراض عسكرية، لكن الجبل كان يضم العديد من القرى( والتي رحلتها السلطة في فترة سابقة اثر مقتل قائمقام سنجار عام 1972) ومع ذلك بقيت تجمعات للرعاة شاهدتها بام عيني، حتى صورت احد الرعاة وقد حمل نعجة صغيرة فوق رقبته( للاسف لم اتمكن من الحفاظ على تلك الصورة).
الغزال ولد الظبية الرشيق الجميل يكثر في براري الجزيرة، شبهت الجميلات به فاطلقوا اسمه على العديد منهن، ومن التين صنعوا تماثيل الغزال ليس لبيعه، بل لاهدائه الى كبار ضيوفهم، كما دخل اسم الغزال في اغانيهم الجميلة، حيث نمط الغناء الشنگاري متميز، اتذكر مهاجراً من سنجار في القوش عام 1963 مرتبته الدينية فقير، يرتدي الخرقة السوداء، ويطلق لحيته وشاربيه، كان يسكن مع عائلته في بناية( المسلخ) جنوب القوش، ولا تفارقه آلة البُزُق( الطنبور) وقد تفنن في ربط خيوط بيديه، التي يمررها على الآلة ومن الجهة الاخرى تحت طاولة خشبية، ترتبط بدمية غزالة( تحببا سمّاها غزالوك) صنعت من الاقمشة وجرى حشوها، فيعزف ويحرك الخيوط لترقص الغزالة على انغامه، وعندما يسحب خيطا معينا ترخي الغزال قوائمها، فتجلس ليتوقف ويقول الغزالة تطلب( شاباش) فتنهال الهبات النقدية عليه، فيعاود العزف والغناء بصوت مبحوح، فتنهض الغزالة لترقص ثانية، على انغام اشجى واعذب.
بترحيل القرى فقدت سنجار ظهيرها القوي، وكذلك عمادها الاقتصادي من الفواكه وانواع التبوغ، حيث تتخلل ذلك الجبل الاشم، كهاريز الماء والعيون والينابيع، كل تلك المعالم عبثت بها السلطة الدكتاتورية، لا ادري ان كان السكان في العقود الاخيرة قد تمكنوا من اعمار قراهم والسكن فيها، لانني شاهدت مجمعات قسرية ضخمة للايزيدية، في سهل سنجار واسمائها لا تزال ترن في ذاكرتي: القحطانية والعدنانية والجزيرة وتل البنات وتل القصب، يتوسطها معسكر ضخم لجيش السلطة.
* من كتابي الجاهز للطبع بعنوان
” ومرت السنوات على عجالة”

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular