من الخطأ الکبير إعتبار مسألة منح مجلس شورى النظام الايراني الثقة لحکومة مسعود بزشکيان، بأنها
مسألة عابرة ولا تحتاج للوقوف والبحث فيها، بل إنها وخصوصا إذا ما بحثنا فيها في ظل تأريخ منح
الثقة للرٶساء السابقين للنظام وکذلك في الاوضاع والتطورات السائدة والتي تعتبر إستثنائية، فإن هذه
المسألة تدل على إن بزشکيان الذي زعم في البداية إنه إصلاحي ولکن الذي توضح فيما بعد وبجلاء إنه
أکثر تبعية وولاءا لخامنئي من التيار المتشدد التابع له، وهو ما يعني بأن هناك دور محدد وواضح قد تم
وضعه من قبل خامنئي لبزشکيان.
عندما سقطت طائرة ابراهيم رئيسي وأصيب خامنئي والنظام بمصيبة کبيرة هزتهم بکل قوة ولاسيما
وإنهم کانوا يعولون کثيرا على رئيسي وينتظرون منه أن يضع حدا لحالة التارجع والضعف والتراخي
الجارية في النظام وبشکل خاص مع تزايد دور وتأثير النشاطات المتصاعدة لوحدات المقاومة بالتزامن
مع التحرکات الاحتجاجية للشرائح المختلفة للشعب الايراني بل وحتى مع إفتضاح الدور المشبوه للنظام
بإثارة الحروب في المنطقة من أجل التغطية على أوضاعه المتردية والحيلولة دون سقوطه، وهذا ما قد
دفع خامنئي والنظام للتوجس خوفا من المستقبل المجهول الذي بات ينتظرهم بعد مصرع رئيسي ولذلك
فإن بزشکيان خرج بمثابة طوف نجاة لهم ولکن وکما أثبتت الاحداث والتطورات أثناء أيام رئيسي، فإن
الشعب الايراني يعلم جيدا بأن تغيير الوجوه والادوار کلها مجرد لعبات ومسرحيات مفضوحة.
مسألة منح مجکس شورى النظام الثقة لحکومة بزشکيان، عکست حقيقة مهمة، وهي إن الحکومات
المتعاقبة في ظل هذا النظام ليست إلا مجرد أدوات للنظام مهما کان شکلها ومهما سعت من أجل تصوير
نفسها وقد أجادت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية القول عندما علقت
على هذه المسألة بقولها: "كل شيء يشير إلى أن حكومة الملالي الجديدة، مثل الحكومات السابقة، هي
مجرد أداة في يد خامنئی والحرس، وليس لها أي تغيير في المكونات الرئيسية لسياسة النظام، وخاصة
القمع والنهب والمشاريع النووية والإرهاب وإثارة الحروب في الخارج". وليس من المستغرب أن يقول
بزشكيان في جلسة لبرلمان النظام عن نفسه وعن وزرائه، "ثقوا بي، ليس الأمر كما لو أن شخصا ما
سيأتي ويقف أمام ولاية الفقيه، وأنا سأتحمله". وأقسم: "أقسم بالله أننا نريد أن نحقق الرؤية التي وضعها
القائد المعظم بقوة".
والحقيقة الاهم هنا والتي يجب علينا التوقف عندها ملية هي إن هذا النظام ومهما کانت المزاعم
والادعاءات السائدة بشأن الرٶساء أو حکوماتهم التي يشکلونها فإنهم في النتيجة ليسوا إلا جزء لا يتجزء
من هذا النظام!