السبت, نوفمبر 23, 2024
Homeمقالاتوطني فيض من الطهارة والقداسة : آدم دانيال هومه.

وطني فيض من الطهارة والقداسة : آدم دانيال هومه.

 

فتح أنكي فمه وقال مخاطباً أنليل:
يا سيد الأكوان
صدى صهيل جياد الأمس
يدوّي في أرجاء ذاكرتي
أسمع من لجة القبر زغاريد الأموات
لما رأوا أطياف گلگامش وأنكيدو
والبغي المقدسة [شمخة] بنهديها السماويين
وهم يتقاسمون الحزن على خرائب بابل
يطوفون كالنسيم حول الإيساكيلا
يشعلون الشموع في محراب إنانا
ويقيمون الصلوات في معبد أور
ويقدمون القرابين على مذبح شمّش
ثم يجددون أفراحهم
ويتناسلون في ذواتهم
ليسيل وهج سطوعهم على الكائنات أجمعين

وفي وضح النهار
يتسلقون عواميد الضوء السرمدي
يتدثرون بظلالهم الجليلة
بين أطلال بعثرتها الريح
فوق جبال آشور المقدسة.
،،،،،،،،
في الماضي

كان الحب أصدق وأنصع من دموع الأمهات
لهذا كان العشاق يمتطون صهوات النيران
وقلوبهم تخفق من النشوة والبهجة
يفرشون الورود والأزاهير تحت أقدام الأحبة
ويحلقون على أجنحة الفراشات
وفي منتصف الليل
ينامون على شرفات النجوم
يفتحون أذرعهم للسماء
ويحتضنون البحر
أما اليوم

فقد أصبحت قلوب العشاق من الورق المقوى
وأصبح الأحباء أشبه بالتماثيل المجسّمة
في متجر الملابس الداخلية
وكلمات الحب تتناسل كطيور خشبية
أصبح الحبيب مجرد دمية
وأصبحت الحبيبة شظية.
،،،،،،،،
نضبت دنان الخمر

ولم يأتِ الذين انتظرناهم طويلا على قارعة الأشواق

2

لقد مضوا يبحثون عن جذورهم في المنافي
حاملين في حقائبهم حفنات من تراب الرافدين
ينثرونها في باحات بيوتهم
ليقيموا عليها صلواتهم وقداديسهم
لعلها تنبت لهم أشجاراً باسقة
من جبال الوطن المستباح
يستظلون تحتها في قيظ الذكريات
ليسرفوا في الحنين
والنشيج
والبكاء.
،،،،،،،،
ولد في حضن حسناء نينوى
في طلعته شعاعات السحر
وفي عينيه بريق القدر
وفي كفه مهاة تومض كالجمر
ترعرع في حدائق بابل الفيحاء
أمضى ليالي السمر
على ضفاف دجلة والفرات
نما كالطود الشامخ
ساح في أرض العراق الخصيبة
ناثراً النجوم في سهوله وفوق جباله
وفي ليلة ليلاء
زحف الجراد على الربوع العذراء
فأظلمت الأرض والسماء
وهام القديسون والأنبياء على وجوههم

في الصحراء
ومن بقي منهم
صار وحيداً وغريباً في وطنه
يعاقر اليأس بين الضواري البشرية المؤمنة
يطرّز اسمه على أجنحة الملائكة
ويرتل التسابيح على قبور من رحلوا
ولكنه على يقين واطمئنان
بأنه رغم التيه والتشرد والضياع
لم تزل فيهم خلايا أمة عصيّة على الموت.

،،،،،،،،
وطني فيضٌ من الطهارة
والقداسة
والعنفوان
ناسكٌ يورق المجد في عينيه
يمارس فوق متون النيازك طقوس الولادة
ليعود طفلا يتأرجح على خيوط الفجر
مشكاة مدلاة من سقف السماء
تضيء جنبات الأرض
وطني بوابة الموت
تتحطم على عتباتها

3

جميع عربات الآلهة الرعناء
،،،،،،،،
أهلي السادرون في غيهم
المنفيون من الفردوس المفقود
فقدوا ذاكراتهم الناصعة
يمضغون آلامهم في صمت مريب
يعزفون على أوتار القمر تراتيل الإياب
يرتلون داخل قبورهم ترانيم الأمل
وأولادهم يولدون دون مخاض
وتخمد قلوبهم قبل الأوان
على قارعات الغربة القصيّة.
،،،،،،،،
جالسٌ في شرفة الشفق
منتشياً بمنظر الغيوم الداكنة
تمخر عباب السماء
تتبعها أفراس البروق والرعود
وعلى أسوار أوروك

رأيتُ صورة أمي تشع تحت هالة شموع الآلهة
وشاهدتُ يدها تمتد نحو الأفق البعيد
تستل من خاصرة الشمس إزميلا
لتنقش على واجهة قلعة أربيل كلمات مزوّقة
لايتمكن من قراءتها إلا الراسخون في التاريخ
وأرى أبي يمنح الأرض من جوارح نفسه
فيتوهج التراب بين يديه.
،،،،،،،،

يتنقل عصفور القصيدة مزهواً ومختالا
من غصن الحرف إلى أحضان الكلمة
تتلاطم أمواج أشواقه على شاطئ الجملة البديعة
أشبه بأغنيات تتماوج في ليل العشاق
أو آهات تتقطر من قلب المتيّم
التائه في وحشة الصحراء.
،،،،،،،،

ينبغي على كل من يجتاز هذه الأرض
أن يترك ولو طيف أثر
بعد رحيله.
،،،،،،،،
بعد غياب طويل
يعود الشاعر إلى عزلته المهيبة
ليكتب خاتمة القصيدة المستحيلة
بين حقول السنابل
تحت رذاذ المطر.
،،،،،،،،

Adamhomeh@hotmail.com

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular