ثالثاً ـ خطورة التدخل العسكري التركي كـ قوة احتلال..
التوقف عند ابعاد العلاقة التركية ـ العراقية.. يتطلب بالضرورة.. التوقف عند مفصل العلاقة الكردية للإقليم مع تركيا.. هذه العلاقة التي لها جذور تاريخية.. بحكم الجغرافية التي لا يمكن تغييرها من جهة.. ونشوء الإسلام وانتشاره.. ودخول أولى المجموعات العرقية من الجذور الآذرية للدين الجديد.. ونشوء وتطور الدولة العثمانية لاحقاً.. وتسخير إمكانيات الدين الإسلامي لصالح الاتراك.. الذين تمكنوا من التحكم بالعالم الإسلامي والعربي لقرون عديدة.. وما أسفر لاحقاً.. من صراعات محلية وإقليمية.. طالت الأديان والقوميات والطوائف.. التي كانت تتواجد في الرقعة الجغرافية للإمبراطورية العثمانية ـ الإسلامية..
شكلت العلاقة مع الأكراد.. جزء من هذا التاريخ المعقد.. بعد دخول البعض من الكرد في فلك الدين الإسلامي.. لتبرز مع الأيام أسماء كردية اشتهرت بممارستها للقمع والارهاب الديني.. وكان صلاح الدين الايوبي نموذجاً لهذا التطرف المنفلت.. قاد الجيوش الإسلامية لترتكب الجرائم البشعة في اصقاع الإمبراطورية الإسلامية كما هو معروف للجميع..
اعقبه رمز آخر.. لا يقل اجراماً عنه هو: ميري كورا ـ الأمير الأعور الراوندوزي.. الذي خلف في الذاكرة الشعبية.. الكثير من قصص وحكايا الموت.. وشناعات ما زال يتناقلها الناس.. جيلا بعد جيل.. من بداية الثلث الأول من القرن الثامن عشر.. حينما بدأ بسلسلة غزواته.. المنطلقة من مركز امارة راوندوز.. نحو مناطق كويسنجق وكركوك وحرير اولاً.. ومن ثم كركوك واسكي كلك.. وقرى ومدن سهل نينوى.. مروراً بـ بحزاني وبعشيقة وختارة والقوش.. ووصلت حدود سنجار.. بعد انْ تمركز في الموصل بين الأعوام 1832 ـ 1834..
وشكل هذا المنعطف التاريخي لاحقاً.. الأساس للسلوك الإرهابي لمجموعات من الاغوات ورؤساء العشائر الكردية.. التي ساهمت في التجاوز على حقوق المجموعات البشرية.. غير المسلمة.. امتد عبر الزمن لمرحلة ما بعد انهيار وتفكك الدولة العثمانية.. في اعقاب الحرب العالمية الأولى.. وشهدنا كما تثبت الوقائع في العراق مذابح المسيحيين المتكررة قبل الحرب العالمية الأولى وما بعدها 1905ـ 1915ـ 1925 (من سريان وكلدان وأرمن والآشوريين) وتجددت في العهد الملكي عام 1933 وعرفت بمذابح الآشوريين أو مذابح سيميل.. بقيادة المجرم الكردي سعيد القزاز.. الذي كان مندفعاً لقتل الآلاف من الأبرياء باسم الدين.. مستغلاً منصبه في الدولة كوزير للداخلية.. ولم يكتفي بهذا فقط.. واستمر في نهجه العدواني ليلاحق اتباع الديانة الايزيدية أيضاً.. حينما وجه جيوشه نحو سنجار.. لترتكب المزيد من الجرائم والمجازر.. وتخرب وتدمر القرى.. وتهجر السكان..
لا بدّ وانْ نشير كمدخل ضروري أيضا.. لفهم وإدراك طبيعة السياسة التركية ومرتكزاتها المعتمدة.. على:
1ـ نزعة التفوق العنصرية للأتراك.. ومحاولات السيطرة على شعوب المنطقة والعالم..
2ـ السعي لتسخير الدين الاسلامي وتوظيفه لصالح هذه الرغبات والأهداف..
3ـ اشهار الكراهية واعلان الحقد على الكرد وسائر القوميات الأخرى وخاصة الأرمن..
ولو توقفنا بإمعان عند كل مفصل من مفاصل وركائز هذه السياسة اليوم.. لوجدنا انها ما زالتْ تدور في نفس الفلك.. وفي ذات الاتجاه.. حاملة المزيد شحنات الحقد والكراهية تجاه الآخرين.. عبر ممارسات تسعى لنفس الأهداف والغايات.. مستغلة الحالة الهشة في الإقليم.. وما فيه من فساد وميول دينية متطرفة..
تجسدت في تواصل النهج العدواني.. واستمرار التدخل في الشؤون الداخلية من عام 1984.. ونسج علاقات مع أطراف متعددة من كرد وعرب وتركمان.. وتسخيرها لخدمة السياسة التركية.. اسفرت في مرحلة الدواعش عن المزيد من الصفحات المخزية والعلنية الداعمة للإرهاب.. ابتداء من تسهيل عبور ومرور قوافل المتطرفين الدواعش.. عبر المطارات التركية.. واستقبالهم وتسهيل تنقلهم عبر الحدود.. نحو سوريا والعراق وبقية بلدان العالم.. ومعالجة جرحاهم.. وتشكيل منظمات رديفة بأسماء أخرى من بينهم.. ودعمها وتوفير السلاح والخدمات اللوجستية لها..
وبخصوص كردستان يمكننا انْ نشير الى:
1ـ تبني سياسة دعم التيارات والأحزاب الاسلامية في كردستان العراق (وتركيا أيضا).. منذ أكثر من ثلاث عقود مضت.. تحديداً بعد انتفاضة آذار 1991..
2ـ السعي لدق إسفين بين الأحزاب الكردية.. وتشجيع تشكيل ادارتين.. ومنع إقامة اية مظهر من مظهر الوحدة في إقليم كردستان.. والميل لتطوير العلاقة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني.. وجعلها علاقة متميزة.. وربطها بشبكة وأطر اقتصادية ومالية وتجارية.. تفرض شروطها وتوجهاتها السياسية على الطرف الآخر.. وتمهد لتحقيق أهدافها الاستراتيجية البعيدة المدى.. وغاياتها المعروفة للقاصي والداني في هذا المجال..
3ـ السعي للتحكم بحركة الاقتصاد والتجارة والمشاريع.. التي لها علاقة بإنتاج النفط والغاز.. واستثماره وتسويقه.. ومنع اية محاولات لتشجيع وتنمية الصناعة في كردستان.. وهكذا الحال مع الزراعة والصحة وبقية الخدمات.. في المقدمة منها مسألة الكهرباء.. والسعي منذ عام 1991 لربط كهرباء دهوك وبقية مدنها بشبكة وكهرباء تركيا من جهة.. ونصب المحطات والمولدات التركية المنتشرة في غالبية مدن وقصبات مناطق بهدينان.. وأجزاء من مناطق اقضية الموصل لليوم..
4ـ ربط الربايا ونقاط المراقبة الكردية العراقية المشكلة.. من عام 1991 لضبط ومراقبة الحدود الدولية مالياً بتركيا.. ودفع الرواتب للعاملين والمتواجدين في هذه المواقع.. بالاتفاق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني المهيمن على الحكومة المحلية في دهوك من حينها..
5ـ مشاركة القادة السياسيين.. في صفقات المتاجرة بالنفط وتسويقه.. عبر الممرات التركية الرسمية وتشجيع تهريب كميات أخرى منه عبر الشاحنات.. واستمرار المتاجرة بالنفط مع الدواعش اثناء سيطرت قواتها على الموصل وتوابعها.. وتسويق ما كانت داعش تحصل عليه من آبار النفط في الموصل وعين زاله وزمار وبيجي عبر تجار ووسطاء أكراد.. بإشراف حكومة وأحزاب الإقليم ومشاركة التجار والسياسيين الاتراك المنسقين مع الشركات الامريكية.. التي كانت تتقاسم حصيلة النفط المهرب ابتداء من حصة داعش بسعر شراء لا يتجاوز الـ 18 دولاراً للبرميل.. ومروراً ببقية الجهات.. لكي يصل بالنتيجة.. الى المسوقين الامريكان.. بسعر 30 دولار فقط.. في الوقت الذي كان فيه سعر البرميل قد تجاوز الـ 90 دولاراً حينها.. مع ضمان حصة الادارتين الكرديتين لكل منهما 5 دولار عن كل برميل.. وطبعا كانت هناك حصة لعائلة النجيفي والمسؤولين الاتراك المشتركين في هذه الصفقات وهي لا تقل عن دولار واحد لكل منهم من كل برميل مباع.. أي نسبة دولار واحد لكل طرف لقاء كل برميل..
6ـ استغلال موضوع البكه كه وتصنيفه كحزب إرهابي.. لمواصلة التدخل العسكري وقصف المدن والقرى الحدودية وتجاوزها للعمق لأكثر من مئات المرات.. خلال هذه السنوات الماضية.. على امتداد ثلاثة عقود او أكثر من الزمن.. مستغلة الاتفاقات مع النظام البعثي المقبور للتغلغل في عمق الأراضي العراقية بحجة مكافحة الإرهاب والقضاء على بكه كه..
7ـ التنبيه والتحذير المطلوب لخطورة وحجم هذا التغلغل العسكري.. يتطلب ان نوضح ونقول.. لنؤكد:
ـ اولاً..
لم تعد القوات العسكرية التركية المتواجدة في مناطق إقليم كردستان مقتصرة على مهام آنية ووقتية تتعلق بدورها في مكافحة الإرهاب.. كما كان يسوق اعلامياً.. ولا يقتصر هدفها في القضاء على تشكيلات بكه كه وتوابعه ونقاط تواجده.. بعد انْ افتقد لتأثيره.. وخفت عملياته.. ولم يعد يشكل اية خطورة على الوضع في تركيا..
ـ ثانيا..
لهذا التواجد الكبير والواسع.. مهمات استراتيجية بعيدة المدى تتعلق بأهداف السياسة التركية التوسعية من جهة.. وما يعد لتقسيم العراق وتفكيكه كبلد فقد استقلاله.. في المستقبل غير البعيد..
ـ ثالثاً..
من ضمن الاحتمالات المعدة كمشاريع قادمة للتطبيق.. المحاولات الحثيثة لتشكيل إقليم (سني ـ عربي ـ كردي) من محيط جغرافية يجمع ما بين الموصل ودهوك وأجزاء من سوريا.. وربط هذا الإقليم بتركيا.. وهي رغبة لها مؤيدوها الكثر للأسف من اكثر طرف.. وباتت تشكل منعطفاً في السلوك الانتهازي المكشوف.. يجمع ما بين عوائل عربية متنفذة في الموصل.. في مقدمتها عائلة النجيفي.. مع إدارات واحزاب في إقليم كردستان.. بمباركة تركيا وتشجيعها.. ووضعها لأسس هذا التحول.. خطوة بعد أخرى.. مدعومة بنهج التدخل السياسي والعسكري السافر والمكشوف.. سنشهد فصوله القادمة..
ان لم ننتبه ونتصدى لهذا النهج التخاذلي.. المتواطئ مع النهج التركي من قبل أوساط عراقية في بغداد أيضا.. سمحت للقوات التركية بهذا التدخل.. وسكتت وغضت النظر عمّا يجري منذ أكثر من شهرين.. حينما بدأت السلطات العسكرية التركية بدفع المزيد من قواتها.. للتمركز في عدة معسكرات ومواقع ثابتة ومستقرة..
شملت مساحة ثلاث محافظات هي (دهوك ـ اربيل ـ الموصل).. وتجاوزت نسبة 75% من أراضي محافظة دهوك.. في أقضية ونواحي.. (زاخو ـ العمادية ـ دير كار عجم ـ دير الوك ـ بيكوفة ـ سر سنك ـ بامرني ـ شيلادزي ـ كاني ماسي ـ باطوفةـ اتروش ـ سواره توكه) بالإضافة الى ديانا وشقلاوة وحرير في أربيل.. وقضاء الشيخان وناحية بعشيقة وزمار في الموصل ومناطق في قضاء عقرة..
والعشرات من القرى والبلدات على امتداد رقعة جغرافية من اقصى غرب العراق مع الحدود السورية لأكثر من 200 كلم شرقاً في مناطق شمال شرق السليمانية.. وبعمق نحو 140 كلم متراً جنوباً في ناحية بعشيقة التابعة لمركز قضاء الموصل مباشرة..
والمعلومات الميدانية تؤكد وجود القواعد والربايا العسكرية في كل من المناطق التالية.. (هرور.. أورا.. سارو.. أرادن العليا.. أرادن السفلى.. كيسته.. جلكي.. بابيري.. كاني بلاف.. قمرية.. دشت نهيلة.. سلسلة جبل كارة.. سلسلة جبل متين.. دير الوك.. بيكوفة..باطوفة..سركلي)
وعسكرياً يمكن تصنيف هذا التواجد الى:
اولاً ـ قواعد عسكرية ثابتة.. تجاوز عددها الـ (80 ـ الثمانين) لحد الآن.. وفقاً لتصريح الفريق جبار الياور الأمين العام السابق لشؤون وزارة البيشمركة لشبكات الاعلام مؤكداً.. من عام 2019 قامت الحكومة التركية ببناء قواعد عسكرية في اقليم كردستان.. وحسب الإحصاءات الرسمية لوزارة الدفاع التركية هناك 80 معسكراً وثكنة تركية داخل الاراضي العراقية، بعمق من 1 ـ 40 كلم وطول 200 كلم، على طول الحدود العراقية التركية.. داخل الإقليم.. تحديداً في محافظتي دهوك واربيل”.) منها:
1ـ قاعدة زاخو..
2ـ قاعدة بامرني..
3ـ قاعدة حرير..
4ـ قاعدة زيلكان في بعشيقة..
5ـ قاعدة كاني ماسي ـ كر باروخ..
6ـ قاعدة باتوفه ـ باطوفة على طريق زاخو ـ ناحية كاني ماسي
7ـ قاعدة سينكي
8ـ قاعدة بيكوفا ـ گري بي
9ـ قاعدة سيري.
10ـ قاعدة شيلادزي ـ العمادية.. هاجمها الأهالي بتاريخ 26 كانون الثاني 2019 واحرقوا وأصابوا عدد من الجنود الاتراك فيها..
11ـ قاعدة كويكي..
12ـ قاعدة قمريكي ـ قمرية
13ـ قاعدة کوخي سبي ـ الكوخ الابيض..
14ـ قاعدة دري دواتيا..
15ـ قاعدة سەر زيري ـ الرأس الذهبي..
16ـ قاعدة شیرتي
17ـ قاعدتان في زلخام
18ـ قاعدة بليجان ـ بليتشان..
وهناك أيضا عدد من المحطات والمقرات والمكاتب لـ (الاستخبارات التركية ـ الميت) في العديد من المدن الرئيسية.. منها زاخو ودهوك والعمادية.. تشرف على الاتصالات وتتحكم بشبكة الاتصالات العراقية وتمنع اتصالاتها وتحدد مدى الاستخدام الممكن داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان.. لصالح شبكة الاتصالات التركية فقط..
ثانياً ـ مطارات ومهابط عسكرية ملحقة في: (مطار زاخو.. مطار بامرني.. مطار حرير)
ثالثاً ـ ربايا متعددة.. ممتدة من حدود زاخو مروراً بسلاسل جبالها الشمالية الحدودية والجنوبية على قمم الجبل الأبيض.. مروراً بجبل متين.. وسلسلتي جبل كارا.. تجاوز عددها على 120 ربيئة وموقع للمراقبة والرصد لحد الآن..
رابعاً ـ نقاط تفتيش وسيطرات متعددة بين المدن والقصبات المهمة.. في عمق الأراضي العراقية.. من سواره توكه.. مروراً بـ سرسنك.. العمادية.. حتى ما بعد دير آلوك وشيلا دزه.. بالإضافة الى مناطق باطوفة وناحية كاني ماصي.. تستوقف المواطنين العراقيين وتسألهم عن هوياتهم الرسمية..
اما العدد.. وفقاً لما رشح من معلومات.. عن حجم القوات العسكرية التركية المخصصة للمهمات والتواجد والانتشار في كردستان.. من ضباط وجنود ومناوبين.. فهو بحدود 7000 ـ 10,000 عسكري.. بحوزتهم أكثر من 300 دبابة ومدرعة جديدة.. تم إدخالها مؤخراً.. مدعومة بالطائرات.. مع معدات ثقيلة لشق الطرق ومستلزمات بناء القواعد العسكرية الثابتة وتحصينها..
وكل هذه الإجراءات تؤشر وتؤكد:
الى أنّ هذا التواجد ليس مؤقتاً.. ويؤسس لقوة احتلال.. ضمن سياقات خطط عسكرية محسوبة العواقب والنتائج.. وضعت لها اهداف كبيرة.. في إطار مشروع استراتيجي بعيد المدى.. للسيطرة على المنطقة والبقاء فيها.. كقوة تمركز واحتلال.. وتجربة تركيا واطماعها واضحة ومعروفة في هذا المجال.. ومرتزقتها مستعدون ومتأهبون.. للانخراط في مشروعها التدميري ـ الاحتلالي المرتقب.. وتنفيذ بقية صفحاته بلا تردد..
والأخطر من كل هذا.. وفقاً للمعلومات التي حصلنا عليها.. من أطراف مطلعة على الأوضاع في سوريا والعراق.. انّ هذا المشروع التأمري.. يجري الاعداد له بشكل جدي.. وهناك في الصفحات المقبلة للحدث ما يؤكد.. على نية تركيا لنقل.. ما لا يقل عن 10,000 آلاف إرهابي سوري آخر.. من مختلف المنظمات الإرهابية.. التي تعاملت معهم تركيا في سوريا.. بالإضافة الى الدواعش الرسميين ممن تمّ الاحتفاظ بهم في تركيا ومخيم الهول في سوريا.. وتجنيدهم ووضعهم في هذه المعسكرات والمواقع.. التي يجري التوسع في انشائها وترتيبها..
وجميع هؤلاء من المرتزقة والقتلة الإرهابيين المدربين.. كانوا قد انخرطوا في جولات القتال واكتسبوا خبرة ومهارات لا يستهان بها.. ويحملون الفكر المتطرف.. وسوف يتم وضع جزء منهم ـ كما تسربت الاخبار ـ على حدود سنجار.. التي مازالت تركيا تستقتل.. لكي تثبت نفسها هناك.. وتسيطر على المنطقة باعتبارها ممر استراتيجي.. ضمن المثلث العراقي ـ التركي ـ السوري.. الذي سيتحول الى معبر وممر دولي خلال السنوات القادمة.. وسيشهد مد خط سكة حديد لنقل المسافرين والبضائع من ميناء البصرة مروراً بمحافظة أدلب في سوريا.. ومن ثم ساحل مناطق أدنه على البحر في تركيا.. وهي محطات لطرق التجارة الدولية القادمة.. التي يجري عليها الصراع منذ فترة تجاوزت العقدين من الزمن..
ولم تكن الاحداث.. التي مرت على سنجار.. وما رافقها من ظهور متوحش لداعش الاّ “السماد” الذي يمهد الأرض.. لهذه التحولات.. التي ستشهد متغيرات ديموغرافية.. وحالات اقتلاع بشرية.. كما حدث مع الايزيدية في سنجار..
وهو نفس الحال مع الفلسطينيين في غزة.. واحداثها الدامية.. التي هي الأخرى.. ستكون ممراً بحرياً رئيسياً في طريق التجارة الدولية.. كما هو مخطط ومتوقع لها.. ولا تريد إسرائيل وامريكا ان تتخلى عنها لبقية الأقطاب الدولية المتصارعة على طرق وممرات التجارة العالمية..
ولحد هذه اللحظة.. وفقاً للمعلومات التي استقيناها.. من المطلعين على الاحداث في دهوك.. وأهالي القرى التي تعرضت للغزو والاحتلال التركي المسكوت عنه.. سيطرت القوات التركية على عشرات من القرى في محافظة دهوك.. في إقليم كردستان العراق، منذ مطلع تموز الماضي 2024، مع تصاعد العمليات العسكرية.. التي تشنها القوات التركية في المنطقة.. بحجة تضييق الخناق وملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني.
وأخذت القوات التركية المتوغلة في عمق الأراضي العراقية.. بتثبيت مواقعها في مناطق (باليتي وكاني ماسي وجبل متين ومحيط جبل كارا، بالتوازي مع قصف جوي ومدفعي لقواعد عسكرية ومستودعات أسلحة لحزب العمال الكردستاني في قنديل وخوار كورك وكارا ومتين، حيث وصلت إلى قضاء العمادية ونواحي سرسنك وبامرني في محافظة دهوك..
وباشرت فوراً بإنشاء نقاط مراقبة داخل هذه المناطق، والعمل على تأسيس قواعد عسكرية ثابتة على سفح جبل متين المواجه لجبل كارا. وتجاوز التوغل التركي في بعض المناطق كعمق لأكثر من 40 كيلومتراً..
ناهيك عن قاعدة زيلكان في ناحية بعشيقة.. التابعة لمركز قضاء الموصل.. وهي من المناطق التي توصف بالمتنازع عليها.. وتبعد عن الحدود التركية لأكثر من 130 كلم.. وكانت تاريخياً تتخذ كقاعدة عسكرية للجنود العثمانيين.. عند شن حملات الإبادة على الإيزيدية والمسيحيين.. فيما عرف بالفرمانات العثمانية.. التي كان يصدرها الخلفاء العثمانيون.. وتعلن كقرار عسكري يجري تطبيقه.. من خلال الحملات العسكرية.. وهناك من الايزيديين من بحث في تاريخها.. وعدد أكثر من 72 فرماناً وحملة إبادة.. حدثت في عهد الدولة العثمانية والداعمين لها من الكورد المسلمين للأسف الشديد..
وأكد هذه المعلومات وصرح بها أيضا العديد من المطلعين والمسؤولين في الاقليم.. ومنهم كفاح محمود السنجاري.. المستشار السياسي والإعلامي لمسعود البارزاني الذي اقرّ..
(إن تركيا هذه المرة توغلت بالفعل إلى أبعد من 40 كيلومتراً في إقليم كردستان، حيث كانت في السنوات السابقة تركز عملياتها على أطراف منطقة قنديل، وأطراف محافظة دهوك على مقربة من الحدود التركية، وتتوغل لمسافة قليلة بموجب اتفاقية قديمة وقعتها تركيا مع العراق في زمن حكم المجرم صدام حسين تتيح لها التوغل بين 5 و10 كيلومترات فقط).
ولفت سنجاري – في حديثه للجزيرة الإخبارية – في محاولة منه لتقليل أهمية هذا التوغل.. والتخفيف من خطورته..
(إلى أن تركيا تمتلك بالأصل عشرات من النقاط العسكرية ومراكز المراقبة في العمق العراقي بما يصل إلى 30 كيلومتراً، كما في ناحية بعشيقة القريبة من الموصل وغيرها من المناطق الحدودية).. متناسياً ان المسافة بين زاخو وبعشيقة داخل الأراضي العراقية تتجاوز الـ 130 كلم.
وأشار سنجاري إلى أن قرابة 500 قرية غادرها سكانها باتجاه عمق إقليم كردستان بسبب توسع العمليات العسكرية التركية الراهنة، وهو توسع حدث تدريجياً منذ عام 2023 إلى اليوم.
في الوقت الذي تؤكد فيه كافة المعلومات الى أن عدد المواقع العسكرية التركية من ربايا ومعسكرات ثابتة.. مع ملحقاتها من مطارات.. قد تجاوزت رقماً خطيراً لا يمكن اغفاله متجاوزاً الـ (120 ـ المائة والعشرون) موقع عسكري محصن وثابت لليوم.. مع الانتهاء من كتابة هذه الاسطر.. والحبل على الجرار!
وإنّ هذا الجيش.. أخذ يستخدم مختلف أنواع القوات من صنوفه البرية والجوية والقوات الخاصة، المتجحفلة مع أسلحتها الثقيلة من المدرعات والدبابات.. المدعومة بالمدفعية البعيدة المدى.. والطيران المسير.. وقبل 5 أيام فقط.. تم الإعلان عن سقوط طائرة عسكرية تركية.. على منزل سكني داخل مدينة كركوك.. بتاريخ 29 آب 2024...
لا بل هناك من يؤكد انها استخدمت حتى الحيوانات المدربة كالدببة.. للكشف عن أماكن المخازن المعدة لتخزين المواد الغذائية في الكهوف الجبلية الخاصة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني.. وأكدوا مشاهدتهم لا طلاق هذه الحيوانات بمشاركة من ممثلين عن حكومة إقليم كردستان.. وقواتها المسلحة وأجهزة مخابراتها..
ويؤكد غالبية من استفسرنا منهم من سكان دهوك وتوابعها.. بلغة لا تخلو من السخرية والاحتجاج..
إذا كانت العمليات العسكرية التركية.. تستهدف بشكل أساسي في السابق.. قواعد حزب العمال الكردستاني.. التي أقامها بالتعاون مع الحشد الشعبي العراقي.. في مناطق قنديل من جبل سنجار.. اثناء مواجهة الدواعش.. فهي الآن قد وصلت منطقة العمادية.. وتجاوزتها بالاتجاه شرقاً.. وباتت قريبة جداً من بارزان.. وما أدراك ما بارزان.. بمباركة ومساندة حكومة السوداني.. بعد جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.. في نيسان 2024 الى بغداد.. وجملة التفاهمات الأمنية مع الحكومة العراقية المركزية وحكومة الإقليم.. التي مهدت لتجاوز هذه العمليات الشريط الحدودي المتفق عليه.. بين البلدين سابقاً..
وجرى استغلاله.. تركيّاً وأوردوغانياً.. بالتحول باتجاه تأسيس قواعد ونقاط ثابتة.. وتمركز في الارض.. وشجع على هذا التمادي وساعد على إنجاح هذا التحول في السلوك العسكري التركي.. وحوله لصفحة وشكل واضح من اشكال الاحتلال “المقبول” في عصرنا المبتذل..
ما نشاهده من خضوع وخنوع سياسي.. وعدم وجود أصوات عراقية وكردية فاعلة.. تدين الاحتلال.. ناهيك عن التصدي له.. واقصى ما نلتمسه لحد اليوم هو لغة التبرير والدعوة “لضبط ” هذا التوغل.. ويمكن ترجمتها عملياً الى مفهوم (ضبط الاحتلال).. كما تستخدمه إسرائيل في مواجهاتها مع الفلسطينيين.. أي تطويره وتعزيزه.. والتحكم بمصيرهم.. وان تطلب الموقف قتلهم والتخلص منهم.. كما يفهم اغبى من يعمل في مجال السياسة.. ويدرك ماهي تركيا.. ومن هم العثمانيون.. وعلاقة اردوغان بالتطرف والإرهاب..
والمضحك.. المضحك المبكي.. في هذا الأمر الخطير.. انّ الصوت الوحيد المنوه لخطورة هذا التواجد.. قد جاء في تغريدة وتنويه للسيدة (شانازْ إبراهيم احمد) زوجة رئيس الجمهورية.. من خلال شبكة اكس.. ووصفته وهي محقة تماماً.. بـ (بصمات احتلال).. وقالت مؤكدة.. بوضوح وشجاعة نادرة في زمن الجبناء:
(إن التطورات الأخيرة في دهوك بإقليم كردستان.. تحمل بصمات الاحتلال.. وانّ سيادة العراق في خطر، ولا أحد يتكلم)..
ونود ان نستكمل الحديث.. بما تبقى مما لم تقوله السيدة شاناز.. نعم.. ولا أحد يتكلم.. وفي المقدمة منهم:
1ـ الرئيس الحالي للجمهورية.. عبد اللطيف جمال رشيد.. وما يتبعه من قائمة رؤساء طويلة تشمل:
2ـ الرئيس بارزاني مسعود رئيس إقليم كردستان السابق وفوق الحالي..
3ـ رئيس إقليم كردستان الحالي.. نجيرفان البارزاني..
4ـ رئيس الوزراء في العراق.. محمد شياع السوداني
5ـ رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور البارزاني
6ـ رئيس جمهورية العراق الأسبق.. فواد معصوم
7ـ رئيس جمهورية العراق السابق ورئيس حكومة إقليم كردستان الأسبق.. برهم صالح
8ـ رئيس البرلمان العراقي الشاغر.. غير المعروف لحد الآن.. لكن منصب الرئيس.. وما أدراك ما الرئيس باق..
9، رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق.. لا يستحق ان نذكر اسمه مع هذا للتذكير نقول.. مدحت محمد محمود
10ـ رئيس مجلس القضاء الحالي.. القاضي فائق زيدان
11ـ رئيس اركان الجيش.. الفريق الأول الركن عبد الأمير رشيد يار الله اللامي
12ـ رئيس ديوان الرئاسة
13ـ رئيس مؤسسة المدى فخري كريم زنكنة
14ـ رئيس مؤسسة الجحوش والمرتزقة السابقة واللاحقة
15ـ رئيس البعثات الدبلوماسية العراقي
16ـ رئيس عشائر وقبائل العراق من اقصى شماله الى اقصى جنوبه
17ـ رئيس الجالية العراقية في المانيا..
18ـ رئيس الوقف السني
19ـ رئيس الوقف الشيعي
20ـ رئيس بقية الرؤساء في العراق والمهجر مع قبائل البدو في المدن والصحراء.. ابتداء من رئيس الكلجية والحرامية واللصوص.. حتى أصغر رأس ـ رئيس بصل.. مروراً بأكبر رئيس.. عفواً قصدي رأس فجل.. ماكو فرق.. شرط ان يكون عراقي..
كل هؤلاء الرؤساء من البشر والخضار.. صمتوا.. سكتوا.. خنعوا.. خرسوا امام الاحتلال التركي لأجزاء واسعة من العراق.. تجاوزت مساحة 75%من أراضي بهدينان.. وباتت مكاتب الاحتلال العسكري التركي تتوسع في المدن والقصبات.. تعتقل المواطنين وتجرهم.. وتحرق قراهم.. وتقصفها بالمدفعية والطيران وتؤسس لقواعدها الثابتة والمستقرة.. في الأرض العراقية.. لتشكل أول حالة احتلال في التاريخ.. يجري غض النظر عنها.. ولا يذكر ولو خبراً رسمياً واحداً معلناً عنها.. رسمياً وشعبياً..
ونحن ما زلنا نتصارع على الرواتب والكنى والتسميات العشائرية.. ونغض النظر عمّا يجري من حولنا.. كأننا فقدنا ليس رجولتنا فقط.. بل حتى احاسيسنا كبشر.. ولم نعد نشعر.. بما يخبئه لنا هذا المحتل بكامل عدته وجاهزيته وتوحشه..
ـ انه الجيش التركي يا ناس..
ـ انه الجيش الإنكشاري يا أحزاب..
ـ انه الجيش الذي ما زال يرفع راية الدولة العثمانية بكل همجيتها وتاريخها وإذلالها للشعوب..
ـ انه الجيش الداعم للدواعش وبقية التشكيلات الإرهابية..
ـ انه جيش رجب اوردغان طاغية وخليفة العصر
ـ انتبهوا انها..
ـ ارض العراق.. بلاد الرافدين.. ارض سومر.. وآشور..
ـ ارض إقليم كردستان.. الذي ما زال يشكل جزء من ارض الوطن وفقاً للدستور
ـ ارضكم وبلادكم.. لا تدعوها تستباح وتغتصب.. وتلحق بأراضي تركيا..
اياكم من الثالوث الخطر وهو يجمع بين (الفساد.. والتطرف الديني.. والاحتلال)
اياكم من هذا الثالوث المدمر والمقامر بكم وبمستقبلكم..
وانتبهوا.. لا مجال للوهم..
ـ الفساد هو فساد منتج للمزيد من الفساد والافساد..
ـ الدين هو ذات الدين.. المنتج للإرهاب والدواعش.. واياكم من داعش كردية قادمة..
ـ الاحتلال هو نفس الاحتلال.. لا تسمية أخرى له..
ـ انه احتلال تركي.. مدعوم بالفساد.. ومحمل بتوجه ارهابي.. يمهد لخلق داعش كردية قادمة.. لا مجال لمساومته..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
صباح كنجي
28 آب 2024