قرر مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي في تاريخ ٨ يناير ٢٠١9 إدراج قسم الأمن الداخلي لوزارة مخابرات النظام واثنين من عملاء هذه الوزارة على قوائم الإرهاب الخاصة بالاتحاد الأوروبي.
وفي تاريخ ٩ يناير قام مجلس الاتحاد الأوروبي خلال بيان له بالإعلان عن هذا الإدراج والتسمية في الصحف الرسمية للاتحاد الأوروبي. وجاء في موقع الاتحاد: “الحرب على الإرهاب؛ قام مجلس الاتحاد الأوروبي بتجديد لائحة الإرهاب الخاصة بالاتحاد الأوروبي وتسمية مؤسسة وشخصين إيرانيين على قوائم الإرهاب كردة فعل على الهجمات الأخيرة التي تم إفشالها على الأراضي الأوروبية”.
إن هذا الإدراج أو التسمية تعتبر تطورا حقيقيا جدا ومهما في علاقات النظام الإيراني وأوروبا بشكل خاص وفي العلاقات والمحافل الدولية بشكل عام. فيما يتعلق بالعلاقات والمحافل السياسية والدبلوماسية والتجارية والاقتصادية بين النظام الإيراني وأوروبا فإن هذا يعتبر قرارا سياسيا مهما.
وما يتم التأكيد عليه في الأخبار ووسائل الإعلام هو تسمية (الأمن الداخلي لوزارة المخابرات) ولكن هذه ليست الحقيقة كاملة.
الحقيقة هي أن وزارة مخابرات وأمن النظام الإيراني وجميع الجهاز الاستخباري الداخلي والقمعي لهذه الوزارة سيئة الصيت قد تم إدراجها على قوائم الإرهاب الخاصة بالاتحاد الأوروبي.
ولقد تم استخدام هذه المؤسسة التابعة لنظام الملالي بكافة إمكاناتها من أجل حفظ وحماية كل النظام الفاشي الديني في ايران. فمصطلح حفظ النظام يعتبر من أهم الواجبات وهي كلمات تم استخدامها بكثرة من قبل خميني ومن بعده من قبل العديد من المسؤلين الحكوميين .
ففي نظام ولاية الفقيه خميني فقط ومن بعده خامنئي مطلعون أكثر من جمبع مسؤولي النظام على اختلال توازن هذا النظام وعدم قدرته على تحقيق مطالب الشعب الثائر ولهذا السبب أسس خميني هذه الوزارة سيئة الصيت في عام ١٩٨٤ عن طريق هاشمي رفسنجاني من أجل مواجهة الثورات وقمع الشعب الإيراني وهذه الوزارة تذكرنا بجهاز السافاك الأداة القمعية للشاه والتي كانت محط كره شعبي واسع.
فوزارة مخابرات وأمن النظام الإيراني تعتمد على قسمين مهمين. الأول القسم الداخلي والآخر القسم الخارجي. في القسم الخارجي تعتمد هذه الوزارة على أساليب مثل اختراق المجموعات المعارضة وخاصة في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بصفتها تهديدا أساسيا لهذا النظام وتقوم بالإشراف على تهديد المعارضين في المهجر، وتقوم باعتقال الأشخاص المتهمين بالتجسس والمعارضة وحفظ العلاقات مع وكالات الاستخبارات الأجنبية والمنظمات التي تحمي وتدعم النظام الإيراني في جميع أنحاء العالم.
فوزير المخابرات مشرف على جميع العمليات السرية وأحد أهم مسؤوليات وزارة مخابرات الملالي هو تنفيذ عمليات سرية ضد مجاهدي خلق واغتيال أعضائها.
فعمليات الاغتيال المعروفة (جرائم القتل المتسلسلة) تم التخطيط لها وتنفيذها في إيران من قبل هذه الوزارة.
مايك بومبيو عندما كان رئيس منظمة المخابرات المركزية الأمريكية (سيا) قال مقارنا النظام الإيراني بداعش: “هؤلاء رواد امبراطورية الهلاك التي تتوسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
وأشار إلى وزارة مخابرات الملالي وقوات الحرس الثوري مؤكدًا أن هاتين المؤسستين التابعتين للنظام الإيراني هما أداتان لقمع الشعب وعملهم هو تنفيذ القانون في نظام أمني مجرم. فوزارة مخابرات وأمن الملالي وقوات الحرس هما عصا النظام الإيراني الديني المستبد”.
واعتبر بومبيو أيضا أن انتهاك حقوق الإنسان في إيران هو أحد أهداف منظمة مخابرات الجمهورية الإسلامية.
(وسائل إعلام ١٣ اكتوبر ٢٠١٧).
قسم الأمن الداخلي لوزارة مخابرات نظام الملالي ليس قسما صغيرا من هذه الوزارة بل هو بمثابة الجسد الأساسي لهذه الوزارة وأهم قسم فيها يوازي ثقله كل أقسام الوزارة.
وفيما يتعلق بالأشخاص الذين تم إدراجهم على قوائم الإرهاب من قبل الاتحاد الأوروبي هم أيضا أشخاص مهمون جدا في هذه الوزارة.
أحدهم هو سعيد هاشمي مقدم مسؤول جهاز الاستخبارات الداخلي ونائب وزير المخابرات.
الشخص الثاني هو اسد الله اسدي الذي مازال حتى الآن مسجونا في بلجيكا بانتظار محاكمته بسبب عمله الإرهابي وتخطيطه لتفجير تجمع الإيرانيين في٣٠ حزيران ٢٠١٨ في قاعة فيلبنت باريس.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية حول هذه التسمية: “لقد قرر مجلس الاتحاد الأوروبي باتفاق جميع آراء الدول الأعضاء إدراج مؤسسة وشخصين آخرين خططا لتنفيذ الهجوم الذي تم إحباطه في ٣٠ حزيران على تجمع منظمة مجاهدي خلق الإيرانية التي تسعى لإسقاط النظام الإيراني على قوائم الأشخاص والمجموعات والمنظمات التي ارتكبت أعمالا إرهابية.
إن هذا القرار الأوروبي الذي اتخذ بناءا على قرار حكومي مؤرخ في تاريخ الثاني من اكتوبر ٢٠١٨ ضد هذه المؤسسات والأشخاص من قبل فرنسا يشير إلى تضامن دول الاتحاد الأوروبي وإصرارهم على القيام بعمل موحد يوضح بأن مثل هذه الأعمال الإرهابية على أرض أوروبا مرفوضة وغير مقبولة بتاتا ولن تبقى بدون الرد”.
ووفقا لتقرير وسائل الإعلام فقد أشاد وزير الخارجية الفرنسي بقرار الاتحاد الأوروبي وأدان أعمال جهاز مخابرات النظام الإيراني معتبرا إياه مسؤولا عن تنظيم مخطط الهجوم الفاشل في ٣٠ حزيران ٢٠١٨ على فيلبنت في باريس ضد تجمع منظمة مجاهدي خلق المعارضة.
وأيضا أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية بأن بريطانيا وعدد من حلفائها الأوربيين يعبرون بشكل مشترك عن قلقهم العميق فيما يتعلق بإيران بخصوص نشاطاتها المعادية وتخطيطها وتنفيذها لمؤامرات إرهابية في أوروبا. واعتبر بأن مثل هذه الأعمال غير مقبولة ومرفوضة ويجب أن يكون لها عواقب”.
وبالعودة لنفس هذا التطور الهام فقد كتب مايك بومبيو على صفحته على التويتر قائلا: “لقد نفذت إيران وحزب الله أعمالا إرهابية في أوروبا منذ عام ١٩٧9 والدول الأوروبية بإجراءها الأخير ارسلت رسالة واضحة بأنها لن تتحمل الإرهاب والولايات المتحدة تدعم بقوة العقوبات الجديدة وتقف إلى جانب حلفائها لأننا نواجه تهديدا مشتركا”.
وكتب بومبيو على التويتر ايضاً: “اليوم الاتحاد الأوروبي أصدر أول عقوباته ضد النظام الإيراني منذ زمن الاتفاق النووي الإيراني وهولندا كشفت أن إيران أصدرت أمر تصفية مواطنيين هولنديين في أعوام ٢٠١٥ و ٢٠١٧. ويأتي هذا في أعقاب إحباط هجمتين إرهابيتين لإيران في عام ٢٠١٨ من قبل الدانمارك وفرنسا”.
وعلى هذا النحو يمكن القول بأن هذه أول مرة يتم فيها إدراج جهاز حكومي على القوائم الإرهابية الخاصة بالاتحاد الأوروبي والمعنى السياسي لهذا الإدراج بأن حكومة روحاني غارقة في الإرهاب”.
وبالإضافة لهذا فإن موضوع الإدراج أو التسمية من وجهة نظر حقوقية تمتلك أهمية كبيرة أيضا. لأن أحد الأفراد المدرجين على قوائم الإرهاب هو اسد الله اسدي أحد المتهمين بالتخطيط لعمل إرهابي والمشاركة في تنفيذ مخطط إرهابي عن طريق تسليم مواد متفجرة لشخصين آخرين لتفجيرها في قاعة فيلبنت في باريس حيث شارك أكثر من مئة ألف شخص وهذا الأمر لو حصل بالفعل لكان الأمر قد أدى لكارثة إنسانية كبيرة. فمحكمة الادعاء المسؤولة عن متابعة الاتهام الإرهابي للمتهم المذكور يمكنها الاستفادة من هذا الإدراج من وجهة نظر حقوقية وقضائية استصدار حكم قضائي بهذا الخصوص.
كاتب حقوقي وخبير في الشؤون الإيرانية