شهدت الساحة الإيزيدية في السنوات الأخيرة العديد من المؤتمرات التي انعقدت سواء في الداخل أو الخارج، بهدف تسليط الضوء على قضايا المجتمع الإيزيدي والدفاع عن حقوقه وإيجاد حلول للتحديات التي تواجهه. ومع ذلك، لم تنجح معظم هذه المؤتمرات في تحقيق الأهداف المرجوة، مما يدعو إلى تساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى هذا الإخفاق.
أحد الأسباب الرئيسية هو غياب التنسيق والتعاون بين الجهات المنظمة لهذه المؤتمرات. فقد تُعقد المؤتمرات في ظل وجود انقسامات داخلية بين القادة الإيزيديين أو المجموعات التي تمثل المجتمع، مما يؤدي إلى تشتت الجهود وعدم توحيد الرؤى والأهداف. هذا الانقسام يضعف من قدرة المجتمع على تحقيق توافق حول المطالب الأساسية والعمل بشكل موحد لتحقيقها.
كما أن غياب وضوح الأهداف والخطط العملية يعد من العوامل التي أسهمت في فشل المؤتمرات. في كثير من الأحيان، تركز المؤتمرات على القضايا العامة دون وضع استراتيجيات واضحة وقابلة للتنفيذ، مما يجعل من الصعب تحقيق تأثير فعلي على أرض الواقع. بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب آليات واضحة لمتابعة وتنفيذ القرارات والتوصيات الصادرة من هذه المؤتمرات يساهم في بقاء النتائج مجرد كلمات دون ترجمتها إلى أفعال ملموسة.
علاوة على ذلك، يبرز غياب الدعم الدولي الفعّال كعامل آخر يعيق نجاح هذه المؤتمرات. فرغم انعقاد العديد منها في الخارج، إلا أن الحصول على دعم سياسي ودبلوماسي حقيقي من المجتمع الدولي لتبني قضايا الإيزيديين يبدو محدوداً . قد يعود ذلك إلى ضعف التمثيل أو عدم استغلال الفرص بشكل صحيح للتواصل مع الجهات الدولية المعنية.
من جانب آخر، هناك عامل آخر يسهم في فشل هذه المؤتمرات وهو تدخل الأجندات الخارجية و الداخلية التي لا تعنى بمصالح المجتمع الإيزيدي. بعض الأطراف الخارجية تسعى إلى استغلال القضية الإيزيدية لتحقيق مصالحها الخاصة، مما يؤدي إلى تشتيت الجهود وتشويه مسار المؤتمرات. بدلاً من التركيز على حقوق الإيزيديين ومصالحهم الحقيقية، تُستغل هذه المنصات لتحقيق مكاسب سياسية أو شخصية على حساب القضية الإيزيدية. هذا التدخل الخارجي يجعل من الصعب الوصول إلى حلول حقيقية لمشكلات المجتمع الإيزيدي، حيث تبقى حقوقه في الظل وتتحول القضية إلى ساحة صراع لتحقيق أجندات بعيدة عن احتياجاته الفعلية.
في الختام، يعتمد نجاح المؤتمرات الإيزيدية في المستقبل على معالجة هذه التحديات. يجب التركيز على توحيد الصفوف، تحديد أهداف واضحة وقابلة للتنفيذ، وبناء جسور تواصل قوية وفعالة مع المجتمع الدولي لضمان تحقيق نتائج ملموسة تعود بالنفع على المجتمع الإيزيدي وتساهم في تعزيز حقوقه وحمايته، بعيداً عن المصالح الشخصية والأجندات الخارجية.