الأربعاء, ديسمبر 4, 2024
Homeاراءالتحول او” الانقلاب “الفكري الكبير والهام الذي حدث لدي “!! ح 3...

التحول او” الانقلاب “الفكري الكبير والهام الذي حدث لدي “!! ح 3 : صبحي خدر حجو

صبحي خدر حجو

 

في تقييمي للاحداث الكبرى !!

ولم نترك الامر جانيا ، او نهمل هذه المواقف ، فقد كنا نجادل الاساتذة المحاضرين في هذه القضايا ونطرح عليهم هواجسنا وقلقنا عليهم ، وكانت اجوبتهم تبريرية ، وهم كانوا مضطرين الى ذلك بسبب القبضة الحديدية للحزب ، كنا نشعر بذلك وكنا نحزن لهم وللوضع ايضا .

وبصراحة لم يقتصر عملنا على ابداء الملاحظات للاساتذة فحسب ، وانما اجتمعنا انا ورفيقين من المجموعة العراقية ، وكنت انا مسؤولا للمجموعة العراقية ، في كلا البلدين ، مع مسؤولة المدرسة الحزبية في براغ السيدة بوكورنا ، وتحدثنا لها عن ملاحظاتنا وهواجسنا وقلقنا ، وسلمنا لها  مذكرة من عدة صفحات

، وكذلك الحال ، في صوفيا عاصمة بلغاريا . فقد كان الوضع اسوء قياسا بجيكوسلوفاكيا ، خاصة انه صادف اثناء وجودنا في تلك السنة  1984 ، حدوث مشاكل بين الدولة او السلطات البلغارية  والاقلية القومية التركية ، مما حدا بالدولة لاصدار تعليمات ، لم نستسيغها نحن ، ولان وضع الاكراد في بلدنا كان يشبه وضع الاتراك في بلغاريا ، وكان النظام العراقي قد سمح بحقوق افضل من تلك التي للاقلية التركية ، ولهذا ناقشنا اساتذتنا كثيرا حول هذه القضية خاصة والقضايا الاخرى ايضا عامة . وكنا نشعر ان الاساتذة كان اغلبهم متجاوبين مع اطروحاتنا ، وفي نهاية دراستنا ، قدمنا لهم مذكرة من 16 صفحة ، تضم كل ملاحظاتنا وقلقنا وهواجسنا وانتقاداتنا تجاه اوضاعهم .

 ومن نافل القول ان اسرد حادثة وقعت بيني وبين رفاق قياديين من محلية لواء الموصل ، حيث لم تكن انذاك تسمية المحافظة قد صدر، وقد كانت في نهاية 1968 وبداية  1969 ،  ومع الاسف لا اتذكر االتاريخ بالضبط  ، اذ كانت لي بعض الملاحظات النقدية لـ( الاتحاد السوفييتي ) كنت قد جمعتها من هنا وهناك ومن المجلات التي كانت تصلني بانتظام ، وكنا ، انا والرفيقين المرحومين صديق عقراوي(  ابو ازاد ) الذي كان عضو محلية الموصل ومسؤول منظمتنا ، والرفيق المعروف والمحبوب عادل سليم ( ابو شوان ) الذي كان قادما من لجنة الاقليم  ، للاشراف على اجتماعات المنظمات المحلية ، تهيئة  للكونفرانس الحزبي الذي كان سيعقد في اوائل 1969 ، والذي كان انذاك شيئا مهما جدا بنظرنا نحن الحزبيون ، والذي اعتقد انه كان اول كونفرنس ، بعد المؤتمر الاول للحزب ، وكنا في جلستنا تلك نتبادل الاحاديث حول وضع البلد والامور السياسة بشكل عام ، وقد وصل النقاش بنا الى  الاتحاد السوفييتي ، وابديت بعض الملاحظات النقدية ، وتفاجأت من نبرة الرفيق عادل سليم بصراحة ، اذ هاجمني وبلهجة شديدة وشرسة لم نعهدها في الرفيق ابو شوان  قط ، خاصة اذ كانت له مكانة خاصة في نفوسنا ، وهو الانسان الهادئ والصبور ، مدافعا عن الاتحاد السوفييتي ، بشكل اذهلني وكأنني قد تجاوزت الخطوط الحمر، الى درجة ان الجو الرفاقي تعكر تماما . وانا لم اتنازل عن ملاحظاتي وبقي الجو مكفهرا .. وقد كان ذلك سببا في حرماني من حضور الكونفرنس والذي كنت اعتقد انني من اوائل من كان  سيدعى لذلك الكونفرنس العتيد !! . اذ لم يكن انذلك من هو اجدر واكثر التزاما مني بين رفاق المنطقة كلها ، وكان ذلك باعتراف الهيئات القيادية مرارا .

ومن الامورالتي كانت مؤثرة في تكوين هذه الملاحظات وجمعها والتي استطعت ان اقارن ما ورد فيها مع الوقائع المعاشة والتي حولنا ، وهي الرواية الخالدة ( وداعا يا كولساري ) ” تقال بالكاف بالفارسية ” للكاتب الداغستاني القدير( جنكيز ايتماتوف ) ” تقال بالكاف بالفارسية ”  التي قرأتها لا اتذكر مع الاسف ولكني اعتقد انها كانت في منتصف السبعينات من القرن الماضي  . لقد اثرت بي الرواية تاثيرا كبيرا وكأنها دلتني على السبب الرئيسي للاوضاع السلبية الموجودة في تلك البلدان ” الاشتراكية ” ولابد ان اشرح بعض الخلاصة لهذه الرواية التي قرأتها خمسة مرات ولم اشبع منها وفي كل مرة كانت تؤثر في اكثر من المرات السابقة ، وكنت بصراحة ابكي في بعض فصولها .

الرواية ، تحكي عن فلاح كان له حصانا جميلا اسمه كولساري ، ويقرأ ( بالكاف الفارسية ) وكان اعتماد الفلاح عليه في تحصيل رزقه . في الرواية احداث كثيرة ولكنها تعطي مغزى كبيرا ، حيث فيها الجهود الجبارة التي كان يبذلها الحزبيون المخصلون والناس العامة لتنفيذ خطط الحزب الاقتصادية ، ومعاناتهم الشديدة من الفقر والاملاق والعمل المضني لهم ولعوائلهم ، وكيف كان موقف الانتهازيين الذين امتطوا منظمات الحزب وتوزعوا على وظائف الدولة ، ويتصرفون بعنجهية وتكبر مع العاملين في مشاريع او دوائر الدولة ، وتظهر الرواية مصير المخلصين الذي يؤؤل الى النسيان واللاشيء !! ، انا سردتها بشكل مباشر ولكنها في الرواية تختلف فهي تسرد بشكل روائي جميل ورائع ، وعلى القارئ ان يكون فطنا لاكتشاف المعاني والمغزى منها  وكنت انصح الرفاق الذين التقيهم بقراءتها لاهميتها .

وبصراحة شديدة ، فقد ساعدتني الرواية على وضع الاصبع على الجرح كما يقول المثل ، وكشفت لي السبب الحقيقي للتدهور الحاصل في هذه البلدان ، التي كنا نستميت في الدفاع عنها وعن كل سياساتها التي لم تكن تعجبنا احيانا ، ولكننا بغباء شديد ، كنا نبررها لانفسنا وللاخرين ايضا . على اساس انهم ” الحزب ” والمسؤولين هناك لن غفلوا عن تلك النواقص وحتما ان الامور ستجيري كما كنا نتصورها ببساطة وحسن نية ، ولكن بـ ” غباء ” كبير .

  1. الاحساس .. بدون مبالغة اشعر انني امتلك احساسا مرهفا ليس من النواحي العاطفية وما يتعلق بها ، ولكن تجاه الاوضاع السياسية بشكل خاص وبشكل عام تجاه المسائل الاجتماعية ، وكذلك اقول وبدون مبالغة ايضا ان هذا الاحساس لم يخذلني ابدا في جميع المواقف التي صادفتني وما اكثرها في حياتي ، ورب سائل يسأل : ما دمت تملك هذا الاحساس اذن ، لماذا وقعت هذه المصائب بك وبعائلتك ؟؟ وهو سؤال وجيه وسيأتي الجواب عليه في فقرات اخرى ،و لكن باختصار شديد هو نتيجة عاملين اثنين ،” الالتزام الحزبي الحديدي ” ( وساشرحه بالتفصيل ، في فصل اخر ) الذي الزمت نفسي به من بداية مشواري السياسي ، والثاني هو” صفة الخجل ” التي لدي ” الخجل من المجتمع ، من الرفاق ، “ومن الاقرباء والاصدقتاء ايضا !!!
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular