لن اشمت فيكم قط ، لان ليس من طبيعتي واخلاقي ان اشمت بمن خسر القضية التي كان ينادي بها ويضعها امام انظاره ( حقيقة ام زيفا وبهتانا ) .
وبعيدا عن المزايدات ، فاي انسان يرى في نفسه بعضا من الضمير، يجب ان يدين ما يتعرض له الشعب الفلسطيني واللبناني من القتل والنزوح والجوع ، ويجب ان يعمل بكل امكاناته على وقف هذه الحرب المدمرة . وادانة مسببيها من الطرفين ، كل حسب مسؤوليته .
ولكن في نفس الوقت على الانسان ، ان يكون عادلا ومنصفا وواقعيا في احكامه ، وان يقول كلمة الحق مهما كانت الظروف والاحوال .
وانا بالنسبة لي ، في تقييمي للاحداث التي جرت ، وما زالت تجري وتسيل فيها الدماء ،فاقول ، ما كان يجب ان تعطي حماس والجهاد ، اي مستمسك لاسرائيل ، فضلا عن ان تستفزها بهذا القدر، وخاصة انهم يعلمون مدى قوتها وردة فعلها ، ويعرف ذلك بكل وضوح كل مهتم بالشأن الفلسطيني.
والجميع يعلم ، وكان المفروض ان يعلموا قادة تلك الفصائل ، قبل غيرهم ، ان اسرائيل تحتاج الى نخسة فقط ، لكي تقوم بما قامت به ، وان دل على شيئ فهو يدل بكل بساطة على قلة الحكمة ونوع من الغباء لدى متخذي ذلك القرار، وانهم ليسوا في مستوى المهمات الموكلة لهم اصلا !! ، ولم يفكروا ويتوقعون قط بما سيحصل للشعب الغزاوي ، وان دل على شيئ ، فانه يدل على عدم وجود شعور بالمسؤولية باي شكل من الاشكال تجاه شعبهم !!
او ان ذلك يدل ايضا ، بان اوامر مرجعيتهم الايرانية قد حتمت عليهم القيام بهذاالعمل ، او اي عمل استفزازي اخر ، بحيث يؤدي الى منع السعودية وحلفائها من القيام بالتطبيع مع اسرائيل ، وهذه المسألة كانت مهمة ومزعجة جدا لايران ، لانه كان ان حدث التطبيع ، معنى ذلك ، ان حلفا قد يحدث بين السعودية واسرائيل ، وبحساباتها انه ربما سيضعضع وضع ايران مستقبلا !!.
الامر الاخر الذي يضحك ويبكي في نفس الوقت ، ان ( حماس وجماعتها وكذلك حزب الله ) وجمهرة واسعة جدا لا بل الاغلبية الساحقة من مؤيديهم من العرب والمسلمين وهم بطببعة الحال يحسبون بالملايين ، ما زالوا مع شديد الاسف ، يعتقدون وبقوة كالعرب الاوائل ، في السنوات الاولى من الاسلام ، بان الله سيكون بجانبهم ، وحتما سينصرهم على اعدائهم اليهود !!! وهي ليست المرة الاولى يدخلون بالتجربة ، بل بالعشرات من المرات ولم ينصرهم الله ابدا ، بل يمكن القول اذا حسبنا النصر بالمقاييس الحالية فان الله قد نصر اسرائيل مع الاسف ، وهذا يثير الكثير من الاسئلة !!
ولكن الذي نعرفه ، ان هؤلاء القادة ، لم يأخذوا بنظر الاعتبار ، كل التطورات التي جرت على العالم ، ومدى التقدم الحاصل على التكنولوجيا ، وخاصة التي تصنعها اسرائيل نفسها ، او التي تحصل عليها من الدول الغربية وخاصة من اميركا .
الان ظهرت الحقائق تدريجيا للناس المتوهمين او المخدرين بالقضايا القومية والاسلاميوية واليسارية ، اوذوي التفكير المتخلف من القرون الوسطى !! .
ان الكتابة في هذا الموضوع هو امر حساس ، لان ، الاخوة العرب والمسلمين عموما ، هم منشدون بشكل كبير، الى اخبار واوضاع فلسطين وغزة ، وهذا امر طبيعي ،وهم اوتوماتيكيا مؤيدين ومتمنين انتصار حزب الله وحماس والجهاد ، وهم متلهفون ومتحرقون لذلك !! وعندما تناقشهم وتحرجهم بالادلة يذهبون الى القول الاسلامي ،( انصر اخاك ظالما كان او مظلوما !! )
المبدأ الغير عادل تماما . والمثير للشفقة ، اذ يظهر حتى اليساريين والشيوعيين يؤمنون بنفس هذه الافكار المتخلفة ، او لنقل يتظاهرون بذلك ، لكي لا يطردوا من القطيع !!!
والشيء المثير ان اغلب هؤلاء يتناسون او لا يربطون بين مبدا الاخلاص الوطني لمبادئ مصلحة الوطن والدفاع عن مصالح هذا الوطن ووضعها في مقدمة اهدافهم واهتماماتهم !!
والمعروف عن هذه المجموعات ” حزب الله وحماس وغيرها ” انها لا ترتبط بالوطن باي شكل من الاشكال ، لا عاطفيا ولا في شعورهم ، والوطن عندهم فقط مكان او ارض ، تساعدهم في النوايا والاعمال السيئة تجاه الاخرين !!
فقد صبح معروفا من ان حزب الله قد اسر لبنان الجميل وشعبه ، وهو يتحكم بمقدراته ، وهو يفعل ما يشاء ، دون ان يستطيع ان يوقفه اي كان .
واصبح الامر واضحا تماما وبصريح االعبارة ، انهم تجار يتاجرون بمقاتليهم ومؤيديهم اولا ، وبقضية شعبهم ثانيا !!!
انهم مرتبطون باجندة ايران بشكل لا يقبل الشك نهائيا ، وهم رغم الاختلاف لبعضهم مذهبيا عن ايران كـ( حماس والجهاد وهم سنة ) ولكنهم لم يعودوا يهتمون بالتهم الموجهة لهم ، فقد تجاوزوا ذلك وبدون خجل . مستغلين مشاعر وعواطف العرب والمسلمين ، وعلى اساس هم فقط المعول عليهم في تحرير فلسطين !! زورا وبهتانا طبعا .
والغريب في الامر ان ما يقومون به او يفعلونه من اعمال تقع في باب الاجرام والارهاب والابادة ، تلقى اذانا صاغية كثيرا ، وتتحول الى افراح وتوزيع الحلوى على عامة الناس ، كما حدث في جميع المناسبات التي قامت بها هذه المنظمات من اعمال تطلب منها من المرجعية ، وخاصة ما قامت به بمناسبة 7 / اكتوبر / 2024 !!
والاكثر غرابة في كل هذه الازمة الكبيرة ، والتي دمرت البنية التحتية لغزة بكاملها ، اضافة الى ال ( 42 الف من القتلى ، والضعف من هذا العدد، من الجرحى لحد الان وما زال الحبل على الجرار ، كما يقول المثل العربي ) واضافة الى العدد الكبيرمن القتلى للمقاتلين الحمساويين والكم الهائل لكوادرهم العسكرية والمدنية ، ورب سائل يسأل وما كانت المطاليب التي من اجلها قامت ( حماس ) بمبادرة الهجوم في 7 اكتوبر ؟؟
سنستغرب بطبيعة الحال من تلك المطاليب !! ان مطاليب حماس ولحد الان هي ، ان يطلق سراح المئات من الاسرى الفلسطينين !!!! والى جانب مطاليب بسيطة اخرة ومنها ضمان حياة بقية القادة !!! والتوسل بايقاف القتال !!!
هل فقدوا عقولهم ؟؟ ، كان يجب ان يدفعهم الشعور بالمسؤولية تجاه شعبهم ان يوقفوا القنال فورا ، لكي يحفظوا شعبهم من هذه الكوارث المتعددة التي اصابته .
او ان كان الواجب عليهم ان يقبروا انانيتهم ، ويضحوا بانفسهم ، ويوقفوا القتال ويسلموا اسلحتهم ،واعتقد بذلك كانوا سيحوزوا على الاحترام من شعبهم ومن كافة العرب والمسلمين وكذلك من الشعوب الاخرى .
ولكن مع الاسف الشديد بانانيتهم وغباؤهم ، جعلوا شعبهم فرجة للعالمين .
ولكن ما يدعوا المرء مستغربا جدا الى حد كبير ، اين الشعب الذي لا يرى اي افق للحل وما زال الحبل على الجرار ، في التضحية بالعشرات كل يوم ، ولا نذكر الترحال والنزوح من مكان الى مكان ، فضلا عن معاناته من العطش والجوع !!!
هل هو اي الشعب ، فعلا يقبل بهذه السياسة من حماس وربعها ، يبدوا انه ايضا يقبل بها ، معنى ذلك مع كامل الاحترام له ، بانه يبدو ، ايضا من جماعة القطيع . لانه لم يعارض لحد الان حماس ولم يخرج في اية مظاهرة ضد حماس واعمالها التي دمرتهم !!! ولو كان اي شعب محله ، لكان رافضا لهذا الوضع الكارثي ، وكان قد ازال حماس ومن معها من الوجود !! .
وانا اعتبر ذلك ما هي الا سياسة اتباع القطيع ، حتى لم يسلم منها الافراد والجماعات وحتى الاحزاب السياسية ، خاصة اليسارية والشيوعية ، التي لا تريد ازعاج القطيع باي حال من الاحوال ، الى الحد الذي لا يتطرقون باي شكل من الاشكال الى اخطاء او الجرائم المقترفة من قبل حماس وجماعتها ، وبحجة انهم يجب ان يقفوا مع الشعب الفلسطيني او اللبناني !!!
وكنت ، قد كتبت مقالا في شهر ابريل من عام 2002 ، وكانت قد نشرته جريدة المؤتمر لصاحبها المرحوم احمد الجلبي ، وهو يصلح لهذه اللحظة وكـأنه يقرأ الاحداث .
وكان بعنوان ،( الفلسطينيون يعودون الى نقطة الصفر دوما ) وبينت فيه ان هذه المنظمات الحمساوية والجهاد وغيرها ، يفعلون امورا طائشة ، ولا يفكرون بها ، وعندما تعاقبهم اسرائيل ، يتوسلون العالم والامم المتحدة وجميع المنظمات الانسانية والعرب في المقدمة منهم ، فقط لايقاف النار، ويتخلون عن جميع المطالب الاخرى ، ويخسرون ما كانوا قد حصلوا عليه سابقا ، وبذلك يعودون الى نقطة الصفر، وهكذا الحال في كل مرة ، وهم يعرفون بان العرب مستعدون وهم كرماء كثيرا ، بان يتم ضخهم بالمليارات من الدولارات لاعادة اعمار المدن التي هدمت او تضررت ، وبطرق كثيرة قد اجادوها، يحصل القادة منهم على حصصهم من تلك الاموال ، وقد اصبح الكثير منهم مليارديرية مثل الهنية ، وخالد المشعل والكثير غيرهم . وكان المرحوم مانديلا ، عندما كان رئيسا لدولة جنوبا افريقيا ، قد زارهم في احدى المرات ، وكان تعليقه ، ان وضع القيادة والرفاهية التي تعيش فيها لا تنطبق عليها وضع ومواصفات الثوار قط !!
نتمنى ان يمنح الله العقل لهؤلاء المغامرين بحياة شعوبهم ، وفي نفس الوقت نتمنى الصحوة للشعب الغزاوي والفلسطيني ، وكل من في القطيع او من يؤيده .