في تقييم الاحداث الكبرى
( ثورة اكتوبر العظمى عام 1917 ، ثورة 14 تموز العراقية 1958 ، والثورة الكردية )
الحلقـــــة الــ 7
ولا خشية من السماح للمزيد للانتماء ، وكما اشرنا آنفا ، تحت ضغط الحاجة الملحة لانتماء المزيد ، كان يتم التنازل عن اغلب الشروط التي كانت ضرورية في يوما ما ، الى ادنى وادنى في كل مرحلة .
هكذا فتح المجال واسعا لاغلب الناس ، وهذا هو بيت القصيد بالنسبة لي ، كما قلت سابقا ، فقد تم اسغلال هذا الوضع تماما ، من قبل مختلف الفئات الغير راضية ، والغير قابلة بحكم البلاشفة ، والناقمين على الوضع القائم برمته ، لتضرر مصالحهم ، او لخشيتهم من المستقبل المجهول يالنسبة لهم ، او انهم لم يكونوا متفقين ولا منسجمين مع افكار الحزب الحاكم ، لا بل كان البعض ضد تلك الافكار اصلا ، وكانت فرصة عظيمة ، خاصة للانتهازيين من البرجوازية الصغيرة والمتوسطة ، الذين هم خبراء واساتذة ، في معرفة كيف ومن اين تؤكل الكتف !! كما يقول المثل الشعبي . كانت فرصة لهم كما قلنا للانتماء للحزب البلشفي والعمل تحت رايته ، وان الى حين ، وقد دخلوا باعداد هائلة ، ليس حبا بالحزب وبافكاره او توجهاته ، وانما لتأمين مصالحهم ، ولاكتساب مكانة وجيهة وهامة في قوام هذا الحزب !! ، وهم كما قلنا ايضا ، خبراء في التودد للمسؤولين وكسب ثقتهم ، من خلال التذلل لهم ، وقضاء حاجاتهم ، وحتى تقديم الرشاوي لهم ، بشكل مباشر او غير مباشر ، واظهار قناعاتهم بما يقال لهم ، وللتوجيهات التي تــأتيهم ، وابداء الاخلاص اللامتناهي ، لمسؤوليهم وللحزب طبعا ( كذبا وبهتانا )
وعلى هذا المنوال ، سارت الامور لسنة بعد سنة ، وكانت تترسخ اقدام هؤلاء الانتهازيين في المواقع المختلفة من الحزب ووظائف الدولة ايضا .!!
وفوق ذلك ، بعد وفاة لينين في 21 / 01 / 1924 ، وعند تولي ستالين الحكم والقيادة ، جاءت الطامة الكبرى ، او الكارثة سمها ما شئت ، التي قصمت ظهر الحزب ، والبقية من المخلصين فيه !!! اذ عمل الانتهازيون بكل قوتهم وخباثتهم على حبك المؤامرات من تحت لتحت ، كما يقول المثل الشعبي ، ومع ازدياد نفوذهم في هيئات الحزب المختلفة والدولة ، اقتضت مصالحهم ان يزيحوا المخلصين من الحزب ومن بقي من البلاشفة من طريقهم ليخلوا الجو لهم .!! وهكذا حيكت مختلف المؤامرات ، خاصة في عهد ( يوريا ) الذي كان يشغل مدير المخابرات للدولة وتمكنوا من اقناع ستالين ومن يحيط به ، بقتل ، ونفي وانهاء ، دور المئات من الالوف من هؤلاء المخلصين . !!! الذي يقال ان عدد الذين تم التخلص منهم كان يربو على الــ ( 700 الف من افضل واقدم الكوادر الحزبية ذات الخبرة والتجربة الغنية ومخلصين للحزب ) واصبح الوضع بعد تلك المأساة ، مؤاتيا للانتهازيين لتشديد قبضتهم على الحزب والحكم ايضا ، وبأسم الحزب الشيوعي بعد تبديل اسم الحزب الى الحزب الشيوعي السوفياتي .
ولا باس من ايراد فقرات من مصدر مهتم بتلك الابادات ، وهو بعنوان ، التطهير الكبير ( الاتحاد السوفييتي ومنغوليا الشعبية ) كان مصطلح «تطهير» في العامية السياسية السوفيتية هو اختصار لمصطلح تطهير صفوف الحزب. على سبيل المثال، طرد الحزب في عام 1933 نحو 400 ألف شخص. لكن منذ عام 1936 حتى عام 1953، تغير معنى المصطلح لأن معنى الطرد من الحزب تغير ليصبح معناه التقريبي هو الاعتقال والسجن وغالبًا الإعدام .
كان التطهير السياسي في البداية محاولة ، من ستالين للقضاء على التحدي من مجموعات المعارضة المحتملة والماضية ، بما في ذلك جناحيها الأيسر والأيمن بقيادة ليون تروتسكي ونيكولاي بوخارين، على الترتيب. بعد الحرب الأهلية وإعادة بناء الاقتصاد السوفيتي في أواخر عشرينيات القرن العشرين، لم يعد البلاشفة القدماء يعتقدون أنه هناك ضرورة لديكتاتورية الحرب المؤقتة، والتي انتقلت من لينين إلى ستالين . معارضو ستالين داخل الحزب وبخوه ووصفوه بأنه غير ديمقراطي ومتساهل في التعامل مع الفساد البيروقراطي ..
لعل هذه المعارضة للقيادة حينها جمعت دعمًا كبيرًا بين الطبقة العاملة من خلال مهاجمة الامتيازات والرفاهية التي منحتها الدولة للنخبة ذات الأجور المرتفعة فيها. بدا أن قضية ريوتين قد بررت شكوك ستالين. كان ريوتين يعمل مع كتلة المعارضة السرية التي شارك فيها تروتسكي وغريغوري زينوفيف، فرض ستالين حظرًا على فصائل الحزب الشيوعي وحظر أفراد الحزب الذين عارضوه، مما أدى فعليًا إلى إنهاء المركزية الديمقراطية ..
كان المكتب السياسي، في زمن حكم ستالين على وجه الخصوص، في التنظيم الجديد للحزب هم الموزعون الوحيدون لأيديولوجية الحزب. تطلب ذلك القضاء على جميع الماركسيين ذوي الآراء المختلفة، خاصة أولئك الذين يعتبرون من «المدافعين القدامى» المرموقين من الثوريين. أطلقت الحكومة (من خلال المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية) النار على أبطال البلاشفة عند بدء التطهير ومن ضمنهم ميخائيل توخاتشيفسكي وبيلا كون، إضافة إلى غالبية المكتب السياسي للينين، بسبب الاختلافات السياسية. هاجمت المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية مؤيدي وأصدقاء وعائلة أولئك الماركسيين «الهرطقيين»، سواء كانوا يعيشون في روسيا أم لا. كانت المفوضية على وشك أن تبيد عائلة تروتسكي قبل أن تقتله في مكسيكو سنة 1940 ؛ كان عميل المفوضية رامون ميركادير جزءًا من فرقة عمل اغتيالات شكلها العميل الخاص بافيل سودوبلاتوف، بموجب أوامر شخصية من ستالين
انتهى الاقتباس
ومن نافل القول ، ان نقول ونؤكد ، على ان هذه الطريقة في العمل السياسي ، تحولت واصبحت تجربة عالمية ، او بالاحرى انها كانت تجربة عالمية منذ زمن بعيد ، ولانها كانت تترسخ بعد كل تجربة اضافية لها . اذ تكررت بنفس التفاصيل او باختلاف بسيط بعض الشيئ ، في الدول التي كانت تسمى بـ ” الاشتراكية ” في اوربا .كـ ( بلغاريا ، رومانيا ، بولندا ، جيكوسلوفاكيا ، هنكاريا و…الخ ) وتكررت هذه التجربة في اغلب البلدان النامية و” المتحررة ” حديثا من محتليهم ، من ” الاستعمار” كما كانت توصف انذاك .
يتبـــــع