1
على الرغم من انتشار البطالة بين الشباب العراقي , بالإضافة الى وجود اثنين مليون طفل ومراهق خارج المدرسة … ؛ اضطروا الى اعانة اسرهم وترك المدرسة وهم موزعون بواقع (400الف تلميذ في المرحلة الابتدائية و600الف طالب في المرحلة المتوسطة ومليون طالب في المرحلة الاعدادية) بسبب الفقر والنزوح وغيرهما … ؛ بحسب تقارير منظمتي اليونسكو واليونسيف والاتحاد الاوربي …. ؛ اجتاحت الاراضي العراقية موجات عمالة اجنبية و بأعداد كبيرة جدا , لا تتناسب مع الواقع الاقتصادي العام , فقد اعلنت مصادر متعددة ان العمالة الاجنبية تقدر بمليون عامل , منها بموجب تعاقدات مع الشركات او مكاتب التشغيل ’ او تسرب غير رسمي خلال السياحة الدينية والتقليدية او التهريب وغيرها … .
الا ان المتابع للشؤون الاقتصادية العراقية وبالأخص ملف العمالة الاجنبية , يصل الى النتيجة التالية : بسبب تتضارب الأرقام الرسمية بشأن عدد العمال الأجانب ؛ يعتبر العدد الحقيقي للعمال الأجانب في العراق غير واضح ولا محدد بصورة دقيقة , …؛ فقد صرح وزير العمل السابق باسم عبد الزمان في يوليو/تموز 2019 أن الرقم بلغ نحو 750 ألفًا… , هذا بينما أكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 2018 وجود 400 ألف عامل أجنبي غير شرعي في العراق… , ومع ذلك، أظهرت أحدث إحصاءات قدمتها لجنة العمل والشؤون الاجتماعية البرلمانية في مارس/آذار أن هناك 1.5 مليون وخمسمائة الف عامل أجنبي في البلاد، بما في ذلك العمال غير الشرعيين ؛ وقيل غير ذلك … ؛ وبصرف النظر عن العدد الحقيقي ، فإن وجود العمال الأجانب قد أجج استياء بعض العراقيين والنخب الواعية وغيارى واحرار الامة العراقية … ؛ فقد ولدت العمالة الاجنبية تنافسا حادا بين العاطلين والشباب العراقيين وبين العمال الاجانب الذين استولوا على استحقاقات العراقيين بالعمل في بلادهم وسرقوا منهم فرص العمل في القطاع الخاص والنفطي , ولعل من اهم اسباب البطالة بين العراقيين وهروب العلمة الصعبة من البلاد ؛ العمالة الاجنبية فهي تمثل تحديا اقتصاديا خطيرا للشباب العراقيين , وعليه لابد ان يتحرك ابناء الامة والاغلبية العراقية للحد من استفحال هذه الظاهرة الخطيرة والتي تهدد ابناءنا وشبابنا وخريجي جامعاتنا … .
ومن اهم الاسباب التي تدفع الاجانب والغرباء للمجيء الى العراق ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة والى وقتنا الراهن ؛ فارق الأجر , أو توافر فرص العمل , والتسهيلات المقدمة من العراق حكومة وشعبا .
ولم ترتبط ظاهرة العمالة الاجنبية في العراق بالتطورات والتنمية الاقتصادية العامة كما هو الحال في اغلب دول العالم ؛ اذ لم تخلو بلاد الرافدين قط من هؤلاء الغرباء , فعلى الرغم من ظروف الحصار القاسي التي مر بها العراق والامة العراقية في عقد التسعينات من القرن المنصرم , كان العمال الغرباء موجودون في العراق ؛ لاسيما العرب منهم وبالأخص السودانيين والمصريين والصوماليين والفلسطينيين … ؛ وبعد سقوط النظام الهجين عام 2003 والانتعاش المالي وارتفاع المستوى المعيشي للمواطنين العراقيين ؛ تزايدت اعداد العمال الاجانب والغرباء بشكل ملفت للنظر , مما نتج عن ذلك الكثير من الاثار السلبية كارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وانخفاض مستوى العمالة الوطنية و التي تنعكس بدورها على زعزعة استقرار المجتمع ؛ فضلا عن التداعيات الامنية والاجتماعية والثقافية الاخرى …؛ بل والتغييرات الديموغرافية احيانا كما حدث في بداية تأسيس الدولة العراقية اذ تم تجنيس الكثير من رعايا الاحتلال العثماني والبريطاني , بالإضافة الى تسكين الكثير من العرب وغيرهم في العراق ؛ لإحداث التغييرات الاجتماعية وتغييب الهوية العراقية الاصيلة ؛ لغايات استعمارية و طائفية ومنكوسة … ؛ ففي بداية تأسيس الدولة العراقية الحديثة ؛ لم يهاجر بقايا العثمنة ولم يرجع رعايا الاتراك الى بلادهم الاصلية او يلتحقوا بأسيادهم الاتراك في تركيا , وانما طاب لهم المقام في العراق , بل وتسنموا القيادة فيه والزعامة على اهله …؟! , وكذلك جاءت افواج من الموظفين والمعلمين الغرباء من الدول العربية للعمل في العراق ومن ثم الحصول على الجنسية العراقية والبقاء في العراق , وبلغ التغيير الديموغرافي وقتذاك حدا خطرا , مما اثر تأثيرا سلبيا على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني واستمر الى هذه اللحظة الراهنة .
وكانت للعراق تجربة قاسية ومريرة مع العمالة العربية الوافدة , وكان ذلك في ثمانينات القرن المنصرم اثناء الحرب العراقية – الايرانية، وقد بلغت تلك العمالة ارقاما قياسية، مقارنة بعدد نفوس العراق والايدي القادرة على العمل فيه من سكانه، ولعل السبب المباشر لذلك عمليات التجنيد الواسعة للشباب والرجال قي محرقة تلك الحرب الطويلة والمريرة والتي افتعلها السفاح صدام بأوامر خارجية لإهلاك البلاد والعباد .
دخلت العمالة العربية وخاصة المصرية منها الى جميع مرافق العمل الحكومي والخاص، وكان المنكوس صدام الهجين قد اصدر عدة قرارات لصالح تلك العمالة حتى على حساب المواطن العراقي ، وقد نقل عن صدام قوله في لقاءه مع مجموعة من المصريين في البصرة – في الثمانينات – وخلال الحرب العراقية الايرانية : (يا مصري اذا العراقي ضربك فرد عليه واضربه واذا العراقي قال لك يا مصري اخرج من بلدي العراق فلك الحق يا مصري ان تطرد العراقي وان تقول له انت يا عراقي اطلع من العراق هذا (عراقنا) عراق المصريين)…!! .
وقد خلفت تلك العمالة وراءها ؛ الكثير من الاثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السلبية في حينها , ومنها ما زال ساري المفعول الى هذه اللحظة ؛ ففي العام 1989 وبعد خروج المصريين في تظاهرات فرح بعد فوز المنتخب المصري على الجزائر… ؛ قام عدد من العراقيين الاصلاء الغيارى بإطلاق النار على المصريين الغرباء المتظاهرين بسبب تجاوزات المصريين وعدم احترامهم للعادات والتقاليد العراقية ، وقتلوا عددا منهم وجرحوا كثيرين نتيجة ما اعتبروه استفزازا ، خاصة وان العراقيين في تلك الفترة وبعد توقف المعارك ، لم يجدوا فرص عمل , فقد استولى المصريون على كل شيء في عراق صدام العار واوغاد العوجة .
بالإضافة الى حصول عدة حوادث اخرى , ادت الى وفاة بعض المصريين وللعلم البعض من هؤلاء كانوا مجرمين ؛ في ظروف غامضة ، وقد اثارت تلك الوفيات ازمة سياسية بين الحكومتين المصرية والعراقية ؛ واطلق عليها في حينها (النعوش الطائرة).
ولم يسلم العراق من البلاء المصري وتبعات العمالة الاجنبية والمصرية والعربية , فقد طالب المصريون الحكومات العراقية في العهد الجديد ؛ باسترداد ما اسموه بحقوق العمالة المصرية من العراق مع الفوائد المتراكمة , اذ لم يكتفوا بما نهبوه من ثروات العراق وحقوق العراقيين , اذ راحوا يطالبون بحقوق ما انزل الله بها من سلطان , فقد شن نواب مجلس الشعب المصري و وسائل الاعلام المصرية , حملة قوية على العراق كعادتهم في التآمر ضد الحكومات العراقية , وتزامن اطلاق هذه الدعوات في مجلس الشعب المصري مع نجاح السلطات الكويتية بالحجز على طائرة الخطوط الجوية العراقية في مطار غاتويك البريطاني بسب دعوى بقيمة 1.2 مليار دولار تعويضات عن طائرات كويتية عطبت او استولى عليها نظام صدام البائد… ؛ وقال السفير أيمن زين الدين- نائب مساعد وزير الخارجية المصري : ان الحكومة المصرية لن تفرط بحقوق العمال المصريين العاملين في العراق والذين غادروا العراق قبل 13 عاماً اثناء الحصار الغربي على العراق بسبب غزوه الكويت… ؛ وأكد زين الدين خلال اجتماع لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب المصري : أن الرقم الدقيق لمستحقات العمالة المصرية بالعراق يبلغ 408 ملايين دولار، بينما بلغت الفوائد 537 مليون دولار حتي عام 2009 ؛ وقد استجابت الحكومة العراقية للضغوط المصرية الباطلة , واعطت الحكومة العراقية رواتب تقاعدية مجزية لهم , وذلك تثمينا لدورهم المنكوس في تثبيت اركان النظام الصدامي الاجرامي ؛ و اصدرت هيأة التقاعد العامة، توضيحا حول هذا الموضوع , في وقت سابق , جاء فيه : (( … منذ سبعينات القرن الماضي وظفت الدولة عدد من المواطنين الفلسطينيين والاردنيين والمصريين السودانيين وبالتالي استحقوا رواتب تقاعدية عن خدماتهم في الدولة، ولم يصدر اي قانون او قرار ألغى استحقاقهم من الراتب التقاعدي وفق شرطي الخدمة، مشيرا الى انه قسم كبير منهم لم يغادر العراق، ولازال مستمرا بالخدمة في دوائر الدولة وعند إحالته إلى التقاعد يستحق الحقوق التقاعدية وفق قوانين التقاعد النافذة … )) …!! .
2
بعد هلاك نظام الفقر البعثي والبؤس التكريتي والقحط الصدامي , وتصاعد الحركة الاقتصادية والتجارية في العراق وارتفاع مستويات الدخول ؛ رجع العراقي يستعيد عافيته شيء فشيئا , ويحي امجاد اسلافه الامراء والشيوخ والاغنياء والاسياد والاشاوس , فراح يطلب خدمة الغرباء له , وهو اولى بالخدمة من غيره من مواطني دول الجوار , وقد تهافت العراقيون على الخدم والخادمات الاجنبيات وضمن مواصفات محددة … ؛ وتجدد الحديث عن العمالة الوافدة وهذه المرة ليست مصرية بل اسيوية من عدة دول ؛ وان تناهى الى سمعي دخول الاف المصريين الى العراق وايضا قدمت لهم الحكومة العراقية العديد من التسهيلات بما فيها فرق سعر صرف العملة وسهولة التحويلات … ؛ فقد شهد سوق العمل العراقي توالي دخول الأيدي العاملة الآسيوية وأبرزها البنغلادشية ، التي باتت أمراً مألوفاً في الفنادق والمطاعم وبعض المستشفيات الخاصة، ويشكل الذكور القادمين من بنغلادش 99 في المائة من العاملين في حين تشكل الاندونيسيات عددا قليلا وكذلك الافريقيات مقارنة بالذكور .
و أوضح الخبراء والمختصون : إن العراق لايزال يمتلك مجموعة من العوامل الاقتصادية الجاذبة للعمالة الوافدة على الرغم من كل الظروف غير الطبيعية التي يمر بها على الصعيد الامني او السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي ، وذكروا إن عملية التنمية الاقتصادية في العراق بعد 2003 ولاسيما في القطاع النفطي والخدمة المنزلية والبناء ؛ فرضت الاستعانة بالعمالة الاجنبية لأغراض متعددة مما تشكل تحدياً اضافياً من تحديات سياسات التشغيل والاستخدام للقوى العاملة الوطنية في ظل هذه الظاهرة الخطيرة والمقلقة .
وقال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور أحمد اليساري : بأن ظاهرة العمالة الوافدة بدأت تزداد بشكل خطير في السنوات الأخيرة، بقدوم وافدين من مختلف الدول، وسيطروا على نسبة عالية من المهن والاعمال، مما أثر بشكل واضح على فرص العمل المتاحة لأبناء البلد، وهذا الأمر يتطلب حرص كبير وجدية عالية من قبل الجهات المختصة في تنظيم تلك الظاهرة وتطبيق القوانين والتشريعات على الوافدين وتنظيم اجراءاتهم بما يضمن الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي للبلد.
شباب عراقيون بلا عمل ولا وظيفة ولا يملكون دينارا واحدا , واضحوا كالبئر المعطلة وتبددت طاقاتهم في المقاهي والشوارع وممارسة العادات الخاطئة … ؛ بسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة وظاهرة العمالة الاجنبية المستشرية … , وانا اتباع برنامج الصندوق الاسود من على قناة اليوتيوب وهو برنامج يتحدث عن الشباب المهاجرين من العراق الى اوربا وغيرها , ولاحظت : ان من اهم الاسباب التي دعتهم للهجرة والسفر , انعدام العمل والوظيفة والمستقبل , ومما تحدث به المهاجر علي الخالدي بهذا الخصوص : انه يبذل جهد جيد في العمل الا ان اصحاب العمل في الكاظمية يفضلون العمال الاجانب كالأفغاني وغيره على العراقي , بحيث يتقاضى الافغاني اجرا اعلى من اجور العراقيين …؛ وقال أكرم حميد، الذي يعمل في شركة ديكور منزلي ، في حديث إلى موقع أمواج ميديا ، إنه حتى مع وظيفته، ” أصبحت الحياة لا تطاق في ظل المصاعب السائدة”… , ويرى حميد أن “السبب الرئيسي لتباطؤ عملنا هو تدفق العمال الأجانب من الدول الآسيوية والأفريقية، وكذلك من سوريا ولبنان، الذين يحلون محلنا وهم أقل تكلفة من العمال المحليين.” (1) .
ومن مهازل قطاع النفط وصناعته وبلاويه , ان القوى الدولية الكبرى لم تكتفي بنهب ثرواتنا وتبديد خيراتنا وتلويث اجوائنا ؛ بالإضافة الى ان الحكومات العراقية الهالكة والحالية لم تحسن من الواقع الاقتصادي والمعاشي للعراقيين بما ينسجم وحجم الثروات الوطنية ؛ مع ملاحظة الفرق الشاسع بين الحكومات الهجينة البائدة والحكومات الديمقراطية الحالية طبعا … ؛ اذ راحت توظف العمالة الاجنبية ولاسيما الاسيوية في قطاع النفط ؛ بينما العامل العراقي عاطل عن العمل … ؛ و تصل اجواء العراق يوميا الطائرات الممتلئة بالعمال الاجانب ؛ علما ان الاقتصاد العراقي اصلا يعاني من الانكماش والعملة العراقية تعاني من التضخم .
و يشعر بعض العراقيين بالقلق من العمال الأجانب الذين لا يحملون تصاريح العمل القانونية اللازمة… , وزعمت وزارة الداخلية في تصريح سابق : أن 95 بالمئة من العمال الأجانب في العراق يعملون بشكل غير قانوني , وقالت إنها رحّلت 32 ألف عامل في النصف الثاني من عام 2020… , ومن المتوقع الآن زيادة عمليات الترحيل بعد تخفيف قيود السفر المتعلقة بجائحة كوفيد-19… , وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المهنا : إن السلطات “تتبع إجراءات صارمة” في ما يتعلق بترحيل العمال غير الشرعيين وتقييد طلبات الحصول على تصاريح للعمال الأجانب… ؛ وقد أصبحت القضية مؤخرًا أيضًا موضع تركيز سياسي … ؛ ففي فبراير/شباط، حذر نائب رئيس مجلس النواب وقتذاك حاكم الزاملي : من أن الظاهرة تؤدي إلى “زيادة كبيرة في معدلات البطالة” وتضيف أعباء على “الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني” في البلاد… , ودعا الزاملي : إلى زيادة التنسيق بين السلطات المختلفة لتحديد “الحاجة إلى العمالة الوافدة” و “منافذ دخول العمالة غير الشرعية وتشديد السيطرة عليها.”
وفي حديث لموقع أمواج ميديا ؛ قالت النائبة زينب الجزائري من كتلة الصادقون : إن أكثر من 400 مليون دولار تنفق كل شهر على رواتب العمال الأجانب في العراق… , وأوضحت أن الكثير من هذه الأموال يتم تحويلها إلى خارج العراق، أحيانًا من خلال قنوات غير رسمية وبالتالي غير منظمة… , كما اقترحت الجزائري : أنه يجب أن تكون هناك “آليات واضحة بين المؤسسات العراقية لتنظيم العمالة الوافدة في البلاد.”(1)
نعم ؛ في الظروف الصحيحة والطبيعية تعتبر العمالة الوافدة مصدرًا هامًا للقوة العاملة التي تساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية للدول المضيفة ولكن بشروط عديدة ومنها : ان تكون ظاهرة العمالة الأجنبية ظاهرة هجرة مؤقتة , لغرض العمل في البلد المضيف ؛ وان لا تعني الاستقرار الدائم في البلد الذي هو لا يعتبر مسقط رأس العامل الوافد … ، فقد تساعد العمالة الغريبة في تعزيز الإنتاجية وتعويض نقص القوة العاملة المحلية في القطاعات ذات الطلب المرتفع على العمالة، مثل البناء والضيافة والخدمات اللوجستية، كما تُعزز العمالة الوافدة الاقتصاد المحلي عن طريق زيادة الإنفاق والاستهلاك والضرائب… الخ , بينما العمالة الغريبة في العراق تتهرب من الضرائب اولا , وثانيا تأكل وتشرب وتسكن مجانا على الاعم الاغلب , ولا علاقة لها بتطوير القطاع الصناعي لأنه اصلا شبه ميت او معطل , بالإضافة الى ان العمالة الاجنبية على الاغلب عمالة عادية وذات مهارات عادية ومحدودة ولا تضيف شيئا للخبرة الوطنية العراقية … ؛ بينما العراق يحتاج الى الكفاءات الأجنبية والايدي العاملة الماهرة التي تستطيع ان تساهم بصورة فعالة في التنمية والإنتاج، اذ قد تساهم العمالة الاجنبية في المسيرة التنموية و ديمومة العديد من القطاعات الاقتصادية لبعض البلدان المستضيفة من خلال المشاركة الفاعلة والايجابية في أعمال البناء والعمران والبنى التحتية والصناعات المختلفة ومجالات النقل والزراعة والصيد وتقديم الخدمات … الخ , ولكن وفقا لدراسات اقتصادية دقيقة وخطط استراتيجية وطنية في غاية الرصانة , بحيث يكون المستفيد الاول هو البلد المستضيف وليس العكس كما هو الحال في العراق …؛ اذ ان الفائدة المترتبة على العمالة الوافدة هي لصالح العمال الاجانب وبلدانهم ؛ اذ يتم تحويل مليارات الدولارات لتلك البلدان , وهم لا ينفعون الا في بعض القطاعات الخدمية مثل العناية الشخصية… ؛ وبلغ حجم العمالة الأجنبية في وقت سابق وحسب بعض الاحصائيات حوالي 10% من حجم الايدي العاملة، وازدادت هذه النسبة بمرور الايام … ؛ وفي الجهة المقابلة , وحسب احصاءات الامم المتحدة في وقت سابق : ان هناك 15600000 شخص في سن العمل في العراق والذين يستطيعون ان يجدوا العمل فيه هو 7600000 شخص اي بحدود 40% من مجموع القادرين عن العمل.(3)
وقد كشفت الإحصاءات الصادرة عن البنك الدَّوْليّ، أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991… ؛ وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في وقت سابق ؛ مبينًا أن نسبة الفقر في العراق شهدت أيضا ارتفاعًا خلال العام الماضي لتصل إلى 31.7، لكنها انخفضت قليلًا هذا العام لتصل إلى 30 في المئة.(2)
علما ؛ أن نحو 95 بالمئة من هذه العمالة الأجنبية تدخل البلد بطرق غير شرعية ، لتجنب السياقات القانونية في العراق وتجديد الإقامة ، طبقا لتصريح المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا في وقت سابق ؛ و يدخل العمال الأجانب والغرباء إلى العراق بأشكال مختلفة وإلى قطاعات متنوعة ، و قال موظف في مديرية الإقامة في وزارة الداخلية لموقع أمواج ميديا ، شريطة عدم الكشف عن هويته : إن السوريين الذين فروا من الصراع في بلادهم يدخلون العراق “بشكل قانوني وغير قانوني” لا سيما عبر كردستان العراق… ؛ وقال المصدر : إن مديريته “تبحث باستمرار عن العمالة الوافدة التي يتم تهريبها إلى البلاد عبر إقليم كردستان” ؛ بالإضافة الى دخولهم عن طريق شركات و وكالات تشغيل العمال الاجانب ؛ وتحصل الوكالات التي تسهل دخولهم إلى العراق على 500 إلى 1000 دولار أميركي لكل عامل وبالأخص لكل عاملة وفقًا لتصريح احد الخبراء ، بالإضافة إلى عمولات من العراقيين الذين يوظفونهم … ؛ ويوضح الباحث في الشأن الاقتصادي علي كريم اذهيب : أن “العمالة تدخل إلى العراق عن طريق التهريب، وبحسب المعلومات المتوفرة والمؤكدة أن العمالة الأجنبية وخصوصا السورية واللبنانية وبعض الجنسيات الأخرى الآسيوية يأتون عن طريق إقليم كردستان بفيزا رخيصة ومن دون إقامة ومن بعدها تقوم شبكات المتاجرة بنقلهم من مناطق الشمال في أربيل والسليمانية إلى مناطق الوسط والجنوب للعمل وتحديدًا إلى بغداد باعتبارها مركز الثقل من الناحية السكانية للعمل فيها تحت غطاء غير قانوني أو ما يسمى بالعمل في السوق السوداء من دون أوراق إقامة”… ؛ و استغل مجرمو الهجرة والتهريب ؛ الثغرات الامنية والانفلات الامني , والتساهل العراقي تجاه العمالة الوافدة ، فسعى المجرمون والمهربون إلى مخادعة وافدين محتملين جهلاء؛ لإقناعهم بالانتقال إلى العراق ؛ أو ربما إجبارهم على ذلك… ؛ ويقومون بذلك عن طريق تزويدهم بمعلومات غير دقيقة عن طبيعة فرصة العمل والمكافأة المالية المتوقعة… ؛ وعلى سبيل المثال، قد تُعطى عاملة وافدة ما ، الانطباع عن أنها ستعمل كسكرتيرة براتب شهري يبلغ 800 دولار، بينما عند وصولها إلى العراق ، تكتشف أنها ستعمل كخادمة منزلية براتب شهري يبلغ 300 دولار… ؛ ويحمّل المجرم المهرب الاستغلالي الوافد ديوناً كبيرة متعلّقة بكلف الهجرة؛ ممّا يجبر العامل على العمل في السوق السوداء في العراق احيانا ؛ لأجل تسديد الديون، ولجمع أموال لعائلته … ؛ ويشكّل ما سبق جزءاً ممّا يسمّى ظاهرة «العمالة السائبة»… ؛ بالإضافة الى ان بعض عصابات الجريمة المنظمة قامت بالإتجار بهؤلاء من خلال بيع اعضاءهم .
ومن اهم المشاكل التي تواجه بعض العمال الاجانب الفقراء , انهم احيانا يعلقون في العراق , بحيث لا يستطيعون مغادرة البلاد بسبب عدم توفر السيولة النقدية والفقر والعوز , مما يحولهم الى حالة خطيرة تهدد امن المجتمع العراقي , فأمثال هؤلاء امامهم طريقان لا ثالث لهما : الاول الاجرام والسرقة , والثاني التسول والاستجداء من العراقيين ومنافسة العراقيين على مواردهم المادية والمعيشية …؛ فها هو احد العمال الباكستانيين يحدثنا عن وضعه في العراق , قائلا : “أرغب بالعودة إلى بلدي، لكني لا أملك فلسا واحدا، تكلفة الرحلة إلى باكستان 700 دولار (نحو مليون و50 الف دينار تقريبا )، ولا أملك دينارا واحدا” … ؛ وقد تم تسريح الكثير من العمال البنغاليين وغيرهم من الشركات النفطية اثناء جائحة كورونا , وعلقوا في العراق , وذلك بسبب فقرهم وعدم تمكنهم من المغادرة , ولان اعدادهم كبيرة جدا , ولحل مشكلتهم يتطلب الامر ؛ استئجار الكثير من الطائرات , ولا احد يستطيع تحمل تلك النفقات .
…………………………………..
1- العمالة الوافدة وأزمة البطالة في العراق / علي كريم إذهيب .
2- العمالة اﻷجنبية في العراق / العالم الجديد .
3- العمالة الوافدة الى العراق واثارها الاقتصادية والاجتماعية / حيدر الجراح .