في کل مرة قام النظام الايراني بمغامرة نزقة في المنطقة بإثارة حرب أو صنع أزمة مفتعلة، فإنه ومن
لأسباب وعوامل مختلفة أهمها أن ما کان يقوم به لا يتعدى الحدود ولا يصل الى حد ومستوى بحيث
يعبث ويتلاعب بالاسس والمقومات الاساسية في المنطقة والتي ينظر إليها کخطوط حمراء لا يمکن
تجاوزها، لکنه هذه المرة ومن فرط تردي أوضاعه الداخلية ووصولها الى مفترق بالغ الخطورة يهدد
النظام مصيريا، فإنه ومن أجل أن يحول دون ذلك، قام بإثارة حرب هوجاء وفق حسابات خاطئة کانت
ترجح أن تنتهي خلال فترة قصيرة ويخرج منها بمکاسب تعينه على مواجهة الداخلية الصعبة وتغير
مسارها لصالحه.
لکن تبين الخطأ الفظيع جدا في حسابات النظام وإنه قد أوقع نفسه من حيث لا يدري في حفرة عميقة من
المحال الخروج منها بسلام، وبصرف النظام عن التصريحات المبهرجة والفارغة لمسٶولي النظام
بخصوص ما يجري في المنطقة وکذلك ما يکتب من مقالات منمقة في وسائل إعلام النظام، فإن الذي
يلفت النظر هو الهرولة الدبلوماسية لوزير خارجية النظام في المنطقة من أجل تدارك الامر ولاسيما وإن
عراقجي ونظامه قد أکدوا خلف الابواب المغلقة عن إستعدادهم لکل شئ مقابل الصفح عن النظام
والسماح ببقائه خصوصا بعد إفتضاح أمره وعدم تمکنه من البقاء في الظل والتلاعب بدماه المتحرکة
من خلف الستارة.
لئن کانت هناك أسباب کثيرة دفعت هذا النظام دفعا لکي يقوم بالمغامرة الجنونية الاخيرة في إثارة
الحرب في غزة، لکن السبب الاساسي والاهم وراء ذلك کان تصاعد عملية الصراع والمواجهة ضد
النظام والاصرار على إسقاطه ولاسيما وإن کل المٶشرات کانت تٶکد بأن هناك عاصفة غضب في
الطريق سوف تقتلع النظام هذه المرة من جذوره.
الملفت للنظر، إن النظام وعلى الرغم من کل الاعتقالات التعسفية والاعدامات ولاسيما بعد إعتقاله
لعناصر في وحدات المقاومة وکذلك قرارات محاکمه الصورية ضد 104 من أعضاء مجاهدي خلق في
خارج إيران، فإن ذلك لم يتمکن أبدا من إيقاف أو حتى الحد من النشاطات المعارضة للنظام بل وحتى
إنها قد تزايدت أکثر من أي وقت مضى وهذا ما قد أصاب النظام بالرعب وجعله يبذل أقصى جهوده من
أجل إيجاد ثمة وسيلة من أجل تدارك الاوضاع ولم يکن أمامه غير إثارة الحرب في المنطقة!
النظام الايراني وفي کل مرة کان يقوم فيها بإثارة حرب أو مشکلة غير عادية في المنطقة، فإنه کان
يخرج بسلته آمنة لکنه هذه المرة خابت مساعيه مثلما فشلت حساباته فقد إنکسرت جرته وعليه أن يتحمل
ثمن مغامرته الجنونية هذه!