ــ في رأي، على المثقف الأيزيدي الجديد أن يكون هو المنتج الأساسي للمعنى، لا الوارث له، لأن الحداثة همها المستقبل ولا شيء غيره. ولا بأس حتى لو تناول المثقف الماضي كاستثمار مؤقت للعبور، ولكن ألا يعول عليه في مشروعه الحداثوي.
نحن بحاجة الى بحوث وكتب ومقالات تلغي أو تمسح بؤس الحاضر دون أن تنساها على أمل الالتحاق بالعالم المتقدم ولو على مستوى الثقافة العامة والعلوم الإنسانية. نحن بحاجة الى حركات ثقافية طليعية في المجتمع الشنكالي. تقول فاطمة المحسن في كتابها: تمثلات الحداثة في ثقافة العراق:
“نحن وارثو المجد والقذارة، وارثو ضجيج الفخر وأنين الأحزان والنواح”.
الطليعية تُعتبر قوة محركة للإبداع والتجديد في مختلف المجالات، وتلهم الأجيال المتعاقبة من الفنانين والأدباء والمبدعين.
ــ لو تحدث أفراد المجتمع الشنكالي عن مشاكلهم بقدر نشرهم والكتابة والتحدث والتعليق عن وعلى مباريات كرة القدم لأوجدوا حلولا لها. أنا لست ضد كرة القدم بل على العكس فأنا من المشجعين لها، ولكن بمقدار. يقول الباحث البغدادي وليد عطو:
“أصبح المواطن في بلداننا يشعر بالضياع والاغتراب والبحث عن هوية وعن انتصار، فيقوم بتشجيع الاندية الاوربية بكرة القدم، وهو تعبير عن الحاجة الضرورية الى تبني وطن بعد الهزائم والانكسارات الكبرى”.
ــ لم نرض بالتافهين والطارئين والأغبياء على السوشيال ميديا فزادوا علينا نوع آخر من المرضى النفسيين. نوع يجعلك تكفر بمارك أبو ماريا يوم ولد وبوم أبتكر الفيس ويوم يبعث حيا.
ــ يتميز بعض المثقفين الأيزيديين بعدائهم الشديد للمثقفين المنافسين لهم، نتيجة للذاتية والانانية المفرطة لديهم. فكل واحد منهم يحاول الهيمنة على المنابر الثقافية المتاحة، وغيرها من المنتديات. يدفعهم الى ذلك عوامل نفسية من انانية وحب التسلط والشهرة والكسب المادي والرمزي.
ومحاولتهم ابعاد المثقفين الاخرين للاستحواذ على الساحة الثقافية والنطق باسمها. بل باسم الملة كلها. لديهم هوس بالظهور في الفضائيات وفي شاشات الحواسيب والهواتف الذكية، وفي احتكار منصات المنابر الثقافية. انهم يمثلون الامبريالية الثقافية بامتياز. فكل منتدى ثقافي تحتكره شلة بعينها، كما هو حال بعض الأدباء والمحسوبين على الثقافة المعاصرة من بعشيقة وبحزانى، وأهل مركز لالش الثقافي. هؤلاء يقومون باستبعاد الاخرين وخاصة الشنكاليين من الصعود على المنابر. أو طبع نتاجاتهم ونشرها ولديهم هوس في الظهور على شكل تكتلات، وبناء علاقات، وبناء شبكات من التودد مع أربيل وبغداد والموصل. هؤلاء متصنعين ومتشاوفين ويحملون نظرة غير واقعية.
أنا شخصيا انسحبت من هذا الوسط المنتمي المريض بل المشبع بمختلف الامراض الفكرية والنفسية وفصام المثقفين. وأنني أقول هذا بناء على تجارب شخصية. يقول الشاعر: لا يجهلن أحدكم علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا. وفي شأن مشابه يقول الباحث البغدادي صديقي الراحل وليد عطو:
“المثقف الرث يمتلك اخلاق المافيات بالإضافة الى قيم المغالبة والمخاتلة. لذا تجد الكثير من الفصام النفسي والفكري لدى المثقفين من اصحاب الجذور الريفية”.
ــ نحن مجتمع لا ندون، ولا نوثق ما هو لنا، أو علينا وخاصة قبل الفرمان الأخير. مثلا يذكر صديقي الباحث البغدادي الراحل وليد عطو:
“كانت اول فتاة دخلت الى كلية الطب هي (ملك غنام) – مسيحية – في عام (1933) تبعتها (حبيبة بيثون) وهي ايضا مسيحية، وروز موشكة (يهودية). الا ان بعض الاباء المتحررين من العوائل المسلمة تحدوا التقاليد وادخلوا بناتهم في كليات الحقوق والطب، ودخلت سانحة امين زكي كأول فتاة مسلمة في كلية الطب”.
السؤال هو: هل يوجد توثيق لنا نحن الأيزيديون بهذا المعنى؟
من هو أو هي أول أيزيدي، أو أيزيدية دخلت كلية الطب، أو أية كلية؟ من هم الأوائل في أي مجال كان؟
تثبيت هذا الأمر سيكون مفيدا جدا للباحثين والكتاب، وهذا يدخل ضمن واجبات بعض المنظمات والمراكز التي تدعي بأنها ثقافية. ولكن الكسل هو العنوان الرئبس لهم.