كان خبر انتقال الأب عمانوئيل خوشابا الى الاخدار السماوية في مالبورن – استراليا صباح الخميس 24 كانون الثاني 2019 بعد خدمة ما يقارب 37 سنة في أبرشية مار توما الرسول في أستراليا ونيوزلندا. مؤثراً علينا .
حاولت أن ابدأ هذا المقال ولكنني هذه المرة تأخرت بضع دقائق وهذه ليست اعتيادية في بداية كتابة اي مقال لي . في الحقيقة كنتُ في حيرة من أمري، من اين ابدأ .قد يكون السبب هو تأثري الكبير لفقدانهِ، بسبب ماكانت تربطني به الكثير من الذكريات الجميلة حين قدومي الى استراليا، وكنت حينذاك في منتصف العشرينات ،وكان الأب عماوئيل في مطلع الستينات من عمره التقيتهُ اول مرة حيث كنت اسكن مع ثلاثة من اصدقائي الأعزاء معي من اهالي زاخو.زارنا الأب عماوئيل ليتفقد احوالنا ويطمئن علينا وتعرفت عليه ووجدت فيه تواضع المسيح وبرائتهِوباسَم الوجه دائما ولطيف المعشَر . استطاع ان يكسب قلوبنا ومحبتنا له ، حيثُ شخصيته الجميلة المتواضعة التي( قلما نراها في رجال الدين للأسف)هذه الشخصية البسيطة جعلتنا نكون قريبين من الكنيسة أكثر.و في الحقيقة كان هو أول كاهن كلداني راعي كنيستنا وصل في منتصف الثمانينات ولم تكن جاليتنا الكلدانية بذالك العدد الكبير، قبل وصولنا الى استراليا في عام 1992م ولكن بعدها بدأت اعداد كبيرة تصل واحدة تلو الأخرى. كنت انا ومجموع من الأصدقاء قريبين جدا من الأب عماوئيل وقمنا ببعض النشاطات في الكنيسة .ومن ضمن الأصدقاء كان الصديق والكاتب يوحنا بيداوييد من ضمن اخوية الكنيسة وكلمة الحق يجب ان تقال هذا الكاهن عمل على لم رعيتهِ ومساعدتهم سواء في تسهيل معاملاتهم او مُساعدة البعض منهم مادياً، وكان محبا للجميع وصديقا مؤنسا ومرحاً، احبهُ الجميع ولم تحدث في طيلةَ سنوات خدمتهِ اية مشاكل بين ابناء رعيتهِ كان باب مكتبه مفتوحا للجميع ،عندما كنا نريد القيام بشيئ ما كنا نمر على مكتبه في الكنيسة ونجلس معه ونتحاور وان استطاع عمل شئ لن يتوانى لحظة واحدة في مساعدتنا. تعاون مع الجميع واستطاع في بداية الأمر ان يقيم القداديس في احدى الكنائس الأيطالية في (برودميدوس في ملبورن) وكان علينا ان نستقل قطاريين للوصول اليها مع مسافة، مشيا على الأقدام بسبب عدم امتلاكنا للسيارات كوننا قاديين جدد. بعدها رويداً رويدا بدأت الجالية تكبر فاستأجر قاعة وحولها الى كنيسة(حافظة الزروع) لأقامة الصلوات ومن ثم اشتراهاوهذه الكنيسة اصبحت اليوم قاعة وبجانبها كنيسة كبيرة شامخة وسميت هذه القاعة(بأسمهِ قاعة الأب عمانوئيل خوشابا) واطلق اسمه عليها قبل رحيله الى الأخدار السماوية تثمينا واعتزازا لما قدمه وتقديرا لشخصيتهِ المتواضعة والمحبة للجميع. وقلما نرى انسان يُكرَم قبل مماتهِاو يطلق اسمه على مَعْلمْ ما .في الحقيقة هناك الكثير من المواقف والذكريات الجميلة مع الأب والصديق والمُرشد والمؤمن الأب الراحل عمانوئيل خوشابا سنتحدث عنها في مناسبات اخرى إن شاء الله.
وفيما يلي نبذة مختصرة عن حياته:
ولد الأب عمانوئيل خوشابا في مدينة زاخو سنة 1931. ومنذ صغره أهتم به عمه الخوري حنا خوشابا وعمته سرو. إذ توفيت والدته وهو طفل صغير. أكمل دراسته الابتدائية في مدرسة القرية (فيشخابور) دخل معهد شمعون الصفا الكهنوتي في الموصل سنة 1944. وفي 29-6-1955 رُسم كاهناً في الموصل بوضع يد المطران سليمان الصائغ المعاون البطريركي. درّس في المعهد نفسه لمدة سنتين، ثم أعاده المطران توما الرئيس إلى أبرشية زاخو.مارس خدمته الكهنوتية في أماكن مختلفة بحدية ونشاط وأمانة وتحت ظروف قاسية أحياناً عديدة. أنتقل إلى بغداد وعُين مدرساً ورئيساً في المعهد الكهنوتي في مدينة الدورة، بغداد. خدم في أماكن أخرى من بغداد. ولاسيما في ميتم الصليخ للراهبات الكلدانيات، حيث قضى في الخدمة لأكثر من 4 سنوات. سافر إلى فرنسا لمواصلة دراسته العالية ولتعلم اللغة الفرنسية في المعهد الكاثوليكي بتولوز.
وفي 13-10-1982 عيّنه البطريرك الراحل بولس الثاني شيخو كاهناً للجالية الكلدانية في ملبورن الأسترالية. وكانت الجالية آنذاك لا تتجاوز 50 عائلة وبقى يخدم فيها الى ان وافاه الأجل صباح الخميس 24/01/2019م.
واقول في خاتمت مقالي …. رحلتَ ياأبتاه والصليب الذي حملته كان ثقيلاً، ولكنك كنت سعيدا بحملهِ لأنك كنت تتذكر دائما المعلم والمخلص يسوع المسيح كيف حمل صليبهُ من أجلنا. رحلت من دنيانا الفانية ولم تقتن دولارا واحدا او تبنى لك بيوتا او تركب سيارة فاخرة كما يفعل البعض ، بل اقتنيت لك موضعا ومكانا في ملكوت السماء هناك حيث لا عقارب الساعة تدور ولا حزنا ولا الم ولا شهوات ، هناك سترى الأنبياء والقديسيين وسيكون فرحك عظيمُ بهم . لاتقلق ايها الراعي الصالح فأن الأجيال التي ربيتها ستذكرك بمحبة المسيح وستصلك الدعوات الطيبة على روحك الطاهرة ولكن نحن الأرضيين الخطاة ربما سنحتاجك ونحاول ان نقتدي خطاك وداعا ايها الراعي الصالح وداعا ايها الصديق العزيز وداعا ايها الأنسان الطيب.