|
تطورات هامة ومستجدات كبيرة تشكل واقع إيران والمنطقة والعالم. وتشير المواقف المتخذة إلى أن “إيران” في محور هذه التطورات! من هو الرابح ومن هو الخاسر؟
أجريت الانتخابات في ما يقرب من 70 دولة حول العالم، في عام 2024، وكان أهمها الانتخابات الأمريكية. كما فاز الحزب الجمهوري في أمريكا برئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى الفوز بأغلبية مقاعد مجلسي الشيوخ والكونغرس الأمريكي. وكان هذا المنعطف التاريخي مؤلماً ومميتاً للغاية بالنسبة لحكام النظام الديني في إيران؛ لأن مَن جلس على كرسي رئاسة الولايات المتحدة شخص سبق وأن قتل الحرسي الإرهابي “قاسم سليماني” في عملية عسكرية في بغداد، كما أنه كان قد مزق قبل ذلك الاتفاق النووي مع النظام الإيراني! ولم يتراجع الحزب الجمهوري عن مثل هذه الإجراءات فحسب، بل يفتخر بها أيضاً! لذا، من حق الولي الفقيه وغيره من مسؤولي النظام الإيراني أن يشعروا بالحزن والقلق وأن يحملوا عبء المسؤولية الثقيلة؛ لأن هذا التطور الكبير يتزامن مع الغضب المكبوت لدى الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية، الذين يستعدون لتوجيه الضربة القاضية للديكتاتورية في إيران!
من هو المسؤول عن إسقاط نظام ولاية الفقيه؟
من الواضح أن الإطاحة بالديكتاتورية في إيران هي مهمة وواجب الشعب الإيراني فحسب. ويمكن للآخرين أن يكونوا مؤيدين وداعمين للشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية لتحقيق هذا الهدف. إن مقاومة هذا الشعب لم تعتمد على الآخرين منذ زمن بعيد، وتناضل المقاومة الإيرانية على مدار الساعة حتى الآن للتخلص من قبضة الدكتاتورية.
المعركة الرئيسية!
إن الحرب الرئيسية تدور رحاها بين الشعب الإيراني والدكتاتورية، وخاصة الدكتاتورية الدينية. لكن في الوقت نفسه، يحظى المضي قدماً في الخط السياسي والدبلوماسي على الصعيد الدولي بأهمية بالغة، ولا يزال مستمراً حتى اليوم و سيستمر. لأنه يجب عليكم إحباط سياسة واستراتيجية الاسترضاء مع الديكتاتورية في إيران؛ حتى لا يتم استخدامها ضد الشعب الإيراني! بعبارة أخرى، نؤكد على أن إفشال سياسة الاسترضاء مع الديكتاتورية الدينية يستمد قيمته من النضال من أجل إسقاط هذه الديكتاتورية!
إفشال سياسة الاسترضاء مع الديكتاتورية الدينية!
إن مواجهة سياسة الاسترضاء مع الديكتاتورية الدينية لم ولن تكن مواجهة بسيطة؛ لأن المتساهلين في الغرب قد سعوا و ما زالوا يسعون وراء مصالحهم الخاصة في علاقتهم مع إيران. ولن يتنازلوا عن مصالحهم. حتى أن الرئيس الأميركي الجديد أعلن رسمياً أنه غير مهتم بتغيير نظام الملالي في إيران. أي أن الرأي القائل بأن دولة أو قوة أجنبية ستقوم بإسقاط النظام الحاكم في إيران ليس سوى سراب.
ماذا يجب أن نفعل؟
في المشهد الداخلي الإيراني، أُعدم منذ بداية العام الميلادي الحالي أكثر من 800 شخص، أُعدم من بينهم نحو 500 شخص خلال فترة رئاسة “مسعود بزشكيان”. وقد نفَّذت الحكومة هذه الإعدامات بالتوازي مع زيادة أسعار الخبز والبيض ومنتجات الألبان والمسكن والأسمنت والسيارات ورسوم الطرق وتذاكر الطائرات والقطارات وغيرها. وكان بزشكيان قد قال إنه سيسير على نهج ابراهيم رئيسي، ويتبع خطى ولاية الفقيه! يعني طريق العداء مع الشعب الإيراني! لا يجب أن ننسى أن الشعب الإيراني يتطلع إلى الإطاحة بديكتاتورية ولاية الفقيه.
وفي المشهد الإقليمي، برز “رأس الأفعى”، أي مركز كل مشاكل المنطقة بالتزامن مع الضربات التي تتلقاها الميليشيات العميلة للدكتاتورية الدينية في إيران. قد تلاشت الأوهام والدعاية الزائفة حول “محور المقاومة”، وتجلى ضعف نظام الملالي بشكل غير مسبوق أمام أعين المحللين السياسيين على المستويين الإقليمي والعالمي. لهذا السبب، لم تقتصر موجة “الانهيار” و”الرعب” على قوات النظام داخل إيران، بل تمتد أيضًا إلى قواته الوكيلة. وفي المرحلة الجديدة تنأى هذه القوى بنفسها عن النظام.
وعلى الساحة الدولية أيضاً، تتزايد عزلة نظام الملالي يوماً بعد يوم. لقد تقلصت الفجوة بين أوروبا وأميركا نسبياً، ولم يعد هذا النظام الفاشي قادراً على المناورة بينهما. ولم يجف حتى الآن حبر القرار الـ 71 في “اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة”، المتعلق بإدانة نظام الملالي بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان؛ حتى اجتاح الرعب من تبعات قرار “مجلس المحافظين” كيان نظام الملالي بأكمله. يجب إضافة وصول ترامب إلى السلطة على جميع التطورات الدولية المتعلقة بنظام الملالي، حيث يؤثر على بقية التطورات.
بديل الديكتاتورية في إيران!
بالنظر إلى المائة عام الماضية من تاريخ إيران، نكتشف كيف باءت تضحيات الشعب الإيراني الطويلة الأمد بالفشل في ظل غياب قوة ديمقراطية رائدة في المجتمع الإيراني، وكيف همشت القوى الانتهازية المرتبطة بالأنظمة الديكتاتورية وداعميها الدوليين القوى الشعبية، وكانوا من المروجين للنظام الديكتاتوري في إيران والداعمين له.
لكن السمة المميزة للمرحلة الحالية يمكن رؤيتها في هذه الحقيقة، وهي أنه يوجد بديل شامل الآن ينافس النظام الديكتاتوري الديني، ووضع أمام أعين كل الجماهير الإيرانية المطحونة آفاقاً مشرقة. هذا البديل يطمئن الآخرين بأن إيران المستقبل ستكون تحت حكم شعبي، يسعى للسلام والتعايش السلمي مع الآخرين. إن سجلات هذا البديل التي تثبت تضحيته بالغالي والنفيس هي بارقة أمل للمستقبل وضمانة للشعب الإيراني وشعوب المنطقة، وتتمثل قوته المركزية في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، التي صُقلت في مواجهة ديكتاتوريتين: ديكتاتورية الشاه وديكتاتورية ولاية الفقيه، ونجحت في اجتياز الاختبارات. إن هذه القوة تتمتع الآن بقاعدة اجتماعية و”قوة الشارع” في جميع أنحاء إيران، وتحظى على المستوى الدولي أيضًا بدعم دولي واسع النطاق.
ومؤخراً، أعلنت السيدة مريم رجوي في البرلمان الأوروبي، في 24 أكتوبر 2024، عمَّا يلي:
أولاً: تزعم الديكتاتورية الدينية وأنصارها أنه لا بديل لها، وهذا ادعاء باطل جملة وتفصيلاً، وقد وقف العالم أجمع ضد هذا الادعاء.
ثانياً: يَدّعي الملالي أن إيران وسوريا وليبيا سيغرقواش في الفوضى لولا وجودهم! وهذا هو الوجه الآخر لعملة الادعاء بعدم وجود بديل. عندما يوجد بديل جدير بالثقة، لا مجال للفوضى. وسيعود ملايين الإيرانيين المقيمين في الخارج إلى إيران بخبراتهم ورؤوس أموالهم.
ثالثاً: الديكتاتورية الحاكمة وداعموها يقولون إن إيران ستتجزأ! وهذه أيضًا كذبة. فمواطنونا البلوش والكرد يريدون حقوقهم المشروعة، وليس التقسيم.
نظرة على المشهد السياسي الحالي في إيران!
لا بد أننا جميعاً شهدنا أن مسؤولي الديكتاتورية الحاكمة في إيران، يعبرون عن فرحتهم مرارًا وتكراراً في مناسبات مختلفة؛ عن فرحتهم لكونهم “لم يُسقطوا حتى الآن”! هذا المشهد هو أحد سمات الوضع المهتز والهش للدكتاتورية الحاكمة في إيران ويدل على حقيقة أخرى وهي أن الشعب الإيراني لا يريد النظام الدكتاتوري فحسب، بل إنه يكرهه أيضًا.
قال المعمم ذو النوري، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس شورى الملالي، في 24 أكتوبر 2024، في حديث مع التلفزيون الحكومي، إنه وقع 147 اشتباك في طهران، و800 اشتباك في جميع أنحاء البلاد، وأضرمت النيران في 900 محطة وقود في البلاد، في يوم الأحد الموافق 17 نوفمبر 2019 فقط.
الكلمة الأخيرة!
من هذا المنطلق يمكننا أن ننظر إلى بعض الأحداث من قبيل أحداث 20 يونيو 1981، و27 سبتمبر 1981، والضربة القاتلة في 20 يونيو 1988 ، فضلاً عن نقطة التحول بقبول القرار الـ 598، والانتفاضات الشعبية الأخيرة، لنجد أن كل منها أجبر الدكتاتورية الحاكمة في إيران على تذوق طعم الإطاحة المر. وهي الأحداث التي ستؤدي في النهاية إلى “الانتصار على الدكتاتورية في إيران” ذات يوم. وهو يوم ليس بالبعيد ويقترب رويداً رويدا. إن كل حدث في هذا الوطن كفيل بإشعال فتيل الأحداث!
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني