تداولت وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الشبكة العنكبوتية فيديو أظهر مشاهد مصورة عن حالة من الفوضى داخل معسكر في منطقة الكرمة في الأنبار… ؛ على خلفية رفض تطبيق قرار عسكري بنقل الفوج السادس / لواء المهمات الخاصة / شرطة اتحادية في قضاء الكرمة في محافظة الأنبار – وقيل : هم عناصر فوج حماية النائب السابق محمد الحلبوسي – ؛ و الذي يضم 386 مقاتلاً ؛ اذ تعمل وزارة الداخلية على اقامة الدورات التدريبية وبشكل دوري ومستمر ؛ وذلك لتعزيز قواتها من مختلف الافواج , و اوعزت الوزارة بالتحاق هذا الفوج بإحدى الدورات التدريبية في التاجي ؛ وقد التحق قسم من عناصر الفوج بالدورات، بينما امتنع القسم الآخر عن الالتحاق ؛ ورفضوا تنفيذ القرار , ثم حدثت مشاجرة بين عناصر الفوج المذكور وقوة أمنية قادمة من بغداد لتطبيق قرار الوزارة , وقامت العناصر المسيئة – وعددهم 15 منتسب – من الفوج بإطلاق العيارات النارية وعمت الفوضى في المقر , وتعالت اصوات هؤلاء بالصراخ والعويل كالنساء , وخرجت من بعضهم كلمات نابية والفاظ فاحشة تخدش الحياء العام ولا تليق بالجندي والمنتسب للقوات المسلحة العراقية فضلا عن الاتهامات والافتراءات والادعاءات من قبيل : (( ك ..امهاتهم .. ولد الكذا .. لا تلتحقون بالدورة احن مبيوعين .. اجوي علينه عصابات .. شباب ارموا عليهم … الخ )) وكلها عبارات تحريضية ومعادية للحكومة والاجهزة الامنية الوطنية , وتدعو للعصيان والتمرد وعدم تنفيذ الاوامر العسكرية الصادرة من الجهات العليا ؛ ولاحظ المواطنون والمتابعون انهم لا يتمتعون باللياقة البدنية والرياضية , وكأنهم عجزة او معاقين او اشبه ب ( تنابلة السلطان ) اذ اعتاد البعض من حماية المسؤولين على الولائم والمطابخ والمطاعم و( الخده والخدر ) الكسل والفتور .
من الواضح ان وجود الجبناء داخل التشكيلات الامنية والوحدات العسكرية يشكل خطرا كبيرا على أمن الدولة , وكذلك الاشخاص الذين يثبطون عزائم الجنود وهمم القادة ويستكثرون النصر على القوات المسلحة , ويشيعون روح الهزيمة و الهروب من المعارك المصيرية والواجبات الامنية , ويعملون على إضعاف الهمم، وزيادة التشكيك والتخويف بين العناصر الامنية والعسكرية فضلا بقية المواطنين ؛ وهذه الصفة الذميمة موجودة في كل زمان ومكان، فهنالك صف القاعدين والمثبطين ، وقد عُرف بهذه الصفة السلبية المنافقون، فمن علامة النفاق : التثبيط عن الأعمال الجادة التي فيها نفع للمسلمين، والسخرية من العاملين والمجاهدين وأذيتهم والتقليل من مكانتهم وانجازاتهم وبطولاتهم … ؛ ففي غزوة تبوك أشاع المنافقون الأراجيف وبثوا الدعايات ؛ و وخاطبوا المسلمين : بأنكم لن تستطيعوا على قتال بني الأصفر ، إنما ذاك جلاد العرب بعضهم بعضاً، وأما جهاد الروم فشيء آخر مختلف تماما ، وبدؤوا يكبرون ويضخمون الأمور، ثم بدؤوا يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات، بل حاولوا قتل النبي محمد , وجاءوا يحلفون الكذب، وقال كتاب القران الكريم عنهم : ﴿ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ * رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ فهذه سمات المنافقين : الهروب من المعارك والفرار من الزحف و كثرة التشاؤم والتثبيط، وعدم التفاؤل، وعدم تشجيع العاملين والمجاهدين والمقاتلين .
لذلك عمد القادة الشجعان على التخلص من الجنود الجبناء والخونة والضعفاء اولا قبل خوض المعارك مع الاعداء , فالدمار والخسائر التي يسببها الجبناء والعملاء والدخلاء كبيرة وكثيرة وفادحة , فالجبان لا يهتم لكرامته ولا يعبأ برجولته ولا يهمه أمر شعبه و وطنه وامته وبني جلدته , فهو شخص اناني رخيص , ضعيف الشخصية , عديم الشرف , مثير للقرف والاشمئزاز .
وكالعادة تفاعلت الجماهير مع هذه الحادثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام , وحذرت الجماهير من مغبة تكرار هذه الحوادث التي تسيء الى سمعة العراق والاجهزة الامنية والقوات المسلحة , وقالت ان هؤلاء لا يؤتمنون على حماية الوطن وتأمين حدوده , وامثالهم من سلم المحافظات العراقية للإرهاب عام 2014 , وهربوا امام جحافل الاعداء المجرمين , وحذروا من ظاهرة تصوير الوحدات العسكرية والاحداث الامنية ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام , و اشار البعض الى عدم عفوية هذا العصيان والتمرد , اذ ربطه بما يحدث في المنطقة وبالتحديات الداخلية والخارجية والاخطار المحدقة بالعراق , وقال اغلب المعلقين والمغردين والمدونين في ( السوشيال ميديا ) : ان شباب الجنوب والوسط الابطال والغيارى يعانون من البطالة ويطالبون بفرص التعيين في وزارتي الدفاع والداخلية للدفاع عن الوطن ؛ بينما يهرب هؤلاء من اداء الواجبات وتنفيذ الاوامر العسكرية , ولا يحمدون الله على نعمة التعيين في تلك الوظائف … ؛ واضافوا : ان هؤلاء عندما يتعرض العراق للخطر يهربون كالعادة , كي نتطوع نحن للدفاع عن الوطن كما فعلناه عام 2014 , ونقاتل الاعداء من دون راتب او رعاية حكومية , بل ونحارب ونستبعد بعد زوال الخطر واندحار الاعداء …!!
بينما جاءت ردود فعل ابناء الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة كالمعتاد , معارضة لكل اجراءات وقرارات الحكومة , ومشككة فيها , اذ قال البعض : ان نقل هذا الفوج الى هذه الدورات التدريبية مؤامرة ضد ابناء السنة ولإحداث الفتنة في الانبار …؛ وهنالك افواج كثيرة لماذا تركوا كل تلك الافواج وجاؤا الى هذا الفوج ؛ واعتبروا امر النقل والتدريب تجارة بأرواح عناصر الفوج ومؤامرة طائفية ضدهم …؟!
وكل هذه التبريرات لا اساس لها من الصحة , وقد بينا في مقالتنا السابقة ( علاقة الاقليات بالأغلبية العراقية .. الاسباب التداعيات المعالجات ) اسباب استمرار هذه التمردات والتحركات المشبوهة والادعاءات والافتراءات , فهذه الذرائع لا تستطيع اصلاح هذا الخلل الخطير والاستهتار الفاضح والواضح للعيان والذي يسيء لسمعة العراق والجندي العراقي ويعرض امن الوطن للخطر , ومن الاسباب المهمة والتي ادت الى هذه الظاهرة الخطيرة واشباهها , المحاصصة السياسية والطائفية والمناطقية والتي تدفع بالعناصر السيئة احيانا الى الحكومة بحجة حصة المكون السني او الكردي او غيرهما , فضلا عن المحسوبيات والتعيين بواسطة الرشى والتوصيات الحزبية والخارجية ؛ واعادة الهاربين من ابناء المحافظات والمناطق السنية ؛ الذين هربوا من الجيش والشرطة وسلموا اسلحتهم عام 2014 ؛ واعتبار البعض ان اداء الواجب العسكري والامني مجرد وظيفة ومهنة للارتزاق وليست عقيدة وحسا وطنيا و واجبا مقدسا .
وطالبت النخب الوطنية الغيورة والشخصيات العراقية المحترمة ؛ بمنع اي عصيان او تمرد لاسيما في هذه الظروف السياسية الدولية والاقليمية , وانزال اقسى العقوبات القانونية بحق هذه العناصر المسيئة , ومحاسبة كل من يروج ويدعم المتمردين والارهابيين والمخربين والطائفيين عبر الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي ؛ والكشف عن تلك التحقيقيات والعقوبات وعرضها امام الرأي العام .
وقد استجابت وزارة الداخلية للمطالب الشعبية والنخبوية ؛ اذ وجه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، بالتحقيق الفوري , و باتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة والحازمة , كما وجه سيادته قائد قوات الشرطة الاتحادية بالتواجد الميداني في محل الحادث ومعرفة ملابساته , واسفرت التحقيقات عن اصدار احكام بحق 15 عنصر متمرد , وتم إلقاء القبض على 12 منهم، بينما لا يزال 3 منهم هاربين حتى الآن ؛ وطردوا من الخدمة , وتم هيكلة الفوج السادس بالكامل وتوزيعه على أفواج مختلفة من قوات الشرطة الاتحادية .