يصادف يوم الاربعاء 25-12-2024م عيد صوم كرجال لبعض ابناء الديانة الايزيدية وهو ايضا يصادف اعياد ميلاد السيد المسيح -ع- ، وتاريخيا يبدو توقيتاً الاقرب الى عيد بيلنده بحيث الظاهرة الكونية حدثت يوم 21-12- 2024م من كل عام ومنه يحدث ميلان محور دوران الارض وزاوية سقوط اشعة الشمس عموديا فوق مدار الجدي ولو اضيف 13يوم من الحساب الشرقي الى يوم صوم كرجال في 25-12 – لاصبح لنا موافقا لعيد بيلندة الموافق يوم 6/7-1-2025م وبيلنده بالكوردي تعنى العلو اي ارتفاع الشمس ، وزيادة حرارة الارض .
اذن صوم ابناء الديانة الايزيدية في شهر ديسمبر/ كانون الاول من كل عام رغم الاختلاف بايام قليلة مع صوم ايزيد وخودان وحتى مع صوم فقراء سنجار هو تباين حسابي وليس عقائدي ، وعمليا له أثر تاريخي قديم مطابق للظاهرة الكونية بالانقلاب الشتوي ويحتفل به ايضا الايرانيين والافغان والطاجيك بهذه الايام .
وقبل الخوض في اصل وجودها و تباين معنى الكلمة ( ترجال ونرجال وكرجال) لابد نعرض وجودها عند الايزيديون في قول باسم قول { ته رجال} حسب كتاب الدكتورخليل جندي في كتابه ج/1 صفحات من الادب الديني الايزيدي – ونجد فيه فقرات اعتبرها باطنية ودلالية مهمة ونقتضب منها مامعناه :-
ذكر فيه { شرفي داؤد وبيرا و اسم خدرياس – ويظهر الدجال – وامور الشام وهناك يحدث النقص لبعض الاقوام!! – وبَعد الشام اين تذهب !! – وظهور عيسى من مصر ليجلس على الكرسي – وذكر شرف الدين – و ئاجوج وماجوج – وسوف لاتخاف الغنم من الذئاب – والحاكم نفسه يبقى الاله – وكثرة الربا – ويذكر ايضا في الاخير سبقة مميزة – (جاء الوعد من سلطان ايزيد هذه الدنيا يجعلها مذهب واحد) … } . انتهى الاقتباس .
هنا نقف امام هذا القول باجلال ورهبة الرمز وعمق المغزى وثنايا الاسم وبين وقت ظهور ألنص اعلاه وزمان يومنا هذا من احداث الشام المؤلمة وبين الفرج القادم وسواد الحاضر والفقرة الاخيرة التي كثر الحديث والجدل حولها دوليا من مدينة اور التاريخية وابراهيم الخليل –ع – بجعل( الدنيا مذهب واحد ) ليسحب معه الكون باتجاه واحد فقط ، وربما نضجت العولمة ووصلتنا في هذا القول قبل اوانها والعولمة تقوم بالغاء الحدود بين الدول وجعلها قرية صغيرة واحدة. – ومما يذكر ان مفردة { سلطان } : تعني لايزول الى يوم القيامة وقوته لاتفنى – فيما وصف الزمن في الصوفية { بالسلطان } وفلسفيا استخدم المصطلح مقابل المكان ، ولو الزمان في الصوفية لاحقيقة ولاوجود له .
لنعد الى موضوعنا قول وصوم كرجال ولو وردت الكلمة بتباين واضح في اول حرف لها وهذا قد يحدث عندنا كونه معتمد علم الصدر والنقل الشفاهي دون التدوين الخطي اضافة الى اخطاء الترجمة وقِدًم الكلمة، لكننا نجد الكلمة موجودة قديما بمعنى [ الآله ] وفي كتاب ( كلكامش ملحمة الرافدين الخالدة لمؤلفه فراس السواح حيث يذكره ص 44 حسب الواح السومرية بانه – نيجال آله سومرية تمثل الارض الام – وص180 باسم نرجال أريجال زوجة آله العالم السفلي وهو زوج الالهه الثاني في العالم السفلي وزوج الهته ارشكيجال ) .
وفي( كتاب ديانة بابل وآشور يأتي بآله الموتى عند العراقيين وفي أخرى رجل عظيم – )
وفي كتاب ( التاريخ الاسطوري لايران / لجاله اموزغار- معنى ني زهرة ني وايرجال – حاكم العالم الساقط – ربما قصد السفلي ، واعتبره اسم عام لاحد الهة بلاد مابين النهرين ومعروف في العصور الاكادية القديمة وكان لها مزارات في جميع انحاء البلاد خلال الالفية الثانية ق.م وكان اسمه يستخدم في الرسائل والاختام الاسطوانية في بابل وآشور ، وفي نص من مخطوطة كاسي ترتبط اقامة نرجال في العالم الساقط باشهر الشتاء المظلمة ويعني نور-نيرجال {اله النور} وكان مرتبط بكوكب المريخ ) انتهى الاقتباس . فيما نقرأ معنى ني هو الخدران او تشوش الحس – في مصادر اخرى .
و نرجال هو ابن الالهين انليل ونينلين ، وفي الموصل لديه بوابة نركال مخصصة لدخول الملك ورعيته ونشأ الها شمسيا ويومه هو الثلاثاء ويتمتع بقوة تخافه الناس وزوجته اسمها – لاص – حسب ميثولوجيا الشعوب .
وطه باقر في ( كتابه مقدمة في ادب العراق القديم – حيث صوره بشخصية احد وجهاء بابل باسم” شبسي مشري نرجال” وهو شخص نزيه ومتعبد تآمر عليه القوم فاصبح مريضا شبه معاناته بالنبي ايوب ).
ونخلص الى القول بان كرجال هو احدى الاله القديمة المقدسة ارتبط وجوده واسمه بالمعتقدات القديمة للشعوب ومنها ابناء الديانة الايزيدية التي لاتزال تقاوم عاديات الزمن بالتمسك بالموروث الحضاري القديم دون بقية الاقوام والملل معتمدة على زمان ومكان الكون والفلك والطبيعة منذ نشأت الخلق الاولى في نيسان من كل عام ويتضح من هذا تأكيدنا مع غيرنا بان صوم كرجال يحدث في الشتاء العميق .
ومما يذكر انه في نفس هذا اليوم دخل جلخانة شيخادي الشامي الهكاري في معبد لالش رجال الدين والمؤمنين في صوم اربعانية الشتاء ولهم صيام اربعانية الصيف ايضا وقد تنفرد الديانة الايزيدية في عدد ايام الصيام الكثيرة (40يوم لمرتين سنويا ) لتخرج نفسها من جسد الشهوة ومتاع الدنيا وتدخل في غسيل الروح بصفاء الله وحده مقدر الاقدار ومعوض الاعمار وحامي عبده في صفاءه وايمانه بالدار الاولى دون سبق طمعه في الثانية .
وكل عام انتم الخير في نصيب الانسانية و مجد خلقها لله وحده لاقبله ولابعده ولانضير ولاشريك ولالون له..
وفي الاخيرالعبارة تقول (الانسان صائم بذكر الله فان ذًكرغًيره فًطر ).
26ديسمبر 2024م – كندا