باسى وحزن عميقين ودعنا الامير تحسين سعيد بك ” ابو سعيد ” كما كان يحلو لي ان اخاطبه , الوداع الاخير , غادرنا في الوقت الذي كان الئيزيديون في احوج ما يكونون اليه ,فقد كان بحق صمام الامان لهم , وكان الئيزيديون بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم قد وثقوا بقيادته وكان معهم وعاصرهم منذ عقود في مختلف المحن والصعاب التي جابهتهم وكان لهم قائدا محنكا ويمتلك من الخبرة والتجربة السياسية والحياتية الشيئ الكثير , ورغم بعض المآخذ والهنات هنا وهناك ولكنه لم يخذلهم قط في الشدائد والمحن التي مرت عليهم , كان الامير ابو سعيد يمتلك الكثير من المواصفات الايجابية والطيبة , اذ كان ذا روح متواضعة الى حد كبير ويجالس ومستعد للنقاش وتبادل الافكار مع ابسط الناس , ويمتلك سعة صدر واسعة اضافة الى الجرأة الادبية في طرح آرائه ووجهات نظره المخالفة حتى لاراء مسؤولي الدولة الكبار , وكان يتصف بالذكاء والحكمة وحريصا ان يسمع آراء الجميع , وامتد حرصه ان يضمن مساهمة كل القوى والانتماءات السياسية الئيزيدية في الشأن الئيزيدي , وكم كان تواقا لان تتفق تلك الشرائح والانتماءات على الخطوط والاهداف العريضة التي تخدم الملة . وان ككنا قد فقدناه كامير الملة , ولكننا فقدناه كصديق كبير لنا , اذ كنا على تواصل دائمي في المانيا , وكنا نبحث ونتناقش جميع الامور التي تهم الملة , وكنا نختلف في الكثير من الاحيان معه حول بعض القضايا وما يجب عمله لمستقبل الملة , وكان يتقبل تلك الآراء والاختلافات في الرأي بكل تواضع وصبر كبيرين , وكان المرحوم شديد الذكاء ولا تفوته ولا تعبر عليه ايضا الملاحظات التي لا يتفق معها , وكنا نحسده في الكثير من الاحيان على تحمله وصبره في اللقاءت والاجتماعات التي كانت تدوم احيانا ساعات طويلة بحيث كنا نتعب ونمل كثيرا ولم يكن يظهر عليه التعب او الملل . كانت شخصية الامير ذو كاريزما خاصة ومهيبة تؤثر في المقابل رغم تواضعه الجم , ولي الفخر من انني استطعت من خلال علاقتي الوثيقة بالامير ان اجعل له انطباعات ايجابية كبيرة عن اليساريين والشيوعيين العراقيين عربا واكرادا وئيزيديين بشكل خاص بحيث ازالت الكثير من الانطباعات السلبية السابقة والتي تكونت نتيجة الاحداث والمصائب التي مرت على الشعب وقواه السياسية , حتى “وبدون ان يحسب مدحا لي ” في احد الاعياد عرفته بممثلي المكتب السياسي للحزب الشيوعي الكوردستاني الذين حضروا لتهنئه بالعيد فخاطبهم قائلا لو كان هناك عشرة شيوعيين مثل ابو سربست لكنت قد انتميت انا ايضا لحزبكم !! كان بحق مدرسة غنية في مختلف مجالات الحياة , لا اعتقد ان الامير القادم مهما كانت مؤهلاته مع كل الحترام له سيتمكن ان يحل محله ويكون لنفسه شخصية تمتلك نفس الكاريزما , رغم اننا جميعا نتمنى ونأمل في نفس الوقت ان يتصف بنفس ذكاء ومواصفات المرحوم ابو سعيد ..
اعتقد ان الامير الجديد سيجابه مهمات ملحة هائلة والتي كان الامير تحسين بك يحاول ان يتصدى لها ويعالجها وهي :
١. الاستمرار وبعجالة اسرع في ترتيب البيت الئيزيدي
٢. التصدي بكل الامكانيات لمعالجة موضوع النازحين من سنجار خاصة بالشكل الذي يضمن عودتهم بامان وتجزل لهم المساعدات المادية .
٣. متابعة موضوع المختطفات والمخطوفين مع الجهات ذات العلاقة
٤.احياء مشروع المجلس الئيزيدي الاعلى وتفعيله والاسراع بتنفيذه لما له من اهمية قصوي للملة .
٥. عزل المجلس الروحاني عن الشؤون الادارية وتعزيزه ببعض الشخصيات من سنجار وايزيدية البلدان الاخرى .
٦. طرح موضوع آلية اختيار الامير للنقاش بين المجتمع الئيزيدي بمختلف شرائحه وخاصة المتعلمين والمثقفين , والعمل على بلورة فكرة ايجابية عن الآلية الانجع لاختيار الامير المؤهل من جميع النواحي للادارة ..” طبعا ليس لهذه الدورة ” .
الى جانب مهمات اخرى لا تقل اهمية ..
الرحمة لاميرنا ابو سعيد وسلام لروحه , وستبقي ذكراه خالدة بين ملته لاجيال عديدة .
سنبقى نتذكره باعتزاز في جميع الاماكن والمقاهي التي كنا نلتقي ونتسامر ونتفق ونختلف معا . وسنفتقده كثيرا .
التعازي الحارة لعائلته وللاخت دلفين بشكل خاص ,ولابنائه واحفاده وجميع اقربائه ومحبيه ,.
نتمنى للامير الجديد الذي سيحل قريبا محله ان يحاول بكل امكانياته ان يقتدي بالمرحوم وان لا يحيد عن ثوابته , ونتمنى له النجاح والتوفيق في مهامه الشاقة جدا , وعندما يرغب سيجد المئات والالاف من السواعد التي تهب لمساعدته
وللجميع الصبر والسلوان علي هذا المصاب الاليم .
ابو سربست