إتسم الاجتماع الذي تم عقده في 3 من الشهر الجاري بين رٶساء السلطات الثلاث في النظام الايراني
بشکل وسياق متباين تماما عن الاجتماعات السابقة إذ شهد حضور مسٶلين رفيعي المستوى من
السلطات الثلاث کما إنه شهد أيضا إطلاق تصريحات إتفقت في مسارها العام بالاوضاع الصعبة للنظام
وکونه في فوهة المدفع وهو يواجه إحتمال إندلاع الانتفاضة والثورة الشعبية ضده.
الملفت للنظر إن النظام الايراني ومنذ تأسيسه يسعى للظهور في طابع نظام ديمقراطي ومٶسساتي
والسلطات الثلاث منفصلة عن بعضها، لکن هذا المسعى يصطدم بالحقيقة التي هي خلاف ذلك تماما،
فهذه السلطات بل وحتى النظام کله يدور على أصبع الولي الفقيه خامنئي، وإن هذا النظام ليس لايختلف
عن أي نظام دکتاتوري آخر بل وحتى أسوأ منها لأنه يتماهى کثيرا في إستبداده وغطرسته وإجرامه.
في هذا الاجتماع الذي کان مکرسا من أجل البحث عن سبل للخروج بالنظام من أزمته الخانقة فإنه وفي
نفس الوقت فقد إعترف رٶساء السلطات الثلاث بعمق وخطورة الازمة ومن إن کابوس الانتفاضة يخيم
على النظام في أي لحظة، وعلى سبيل المثال فإن إيجەئي، رئيس السلطى القضائية فإنه وإن کان يحاول
لإلقاء اللوم على الحکومة من جراء الاوضاع السائدة لکنه قد حذر وبشکل صريح من إنفجار الغضب
الشعبي الذي بات وشيکا عندما قال:" إذا لم نتمكن من حل المشكلة الاقتصادية ولم نحل أزمة معيشة
الناس، فقد تتسبب المشكلات الاقتصادية في عدم قدرتنا على معالجة الأزمات الثقافية، بل قد تواجهنا
لاحقا تهديدات أمنية أكبر".
المثير في هذا الاجتماع، إن قاليباف، رئيس برلمان النظام، قد حذر من جانبه أيضا من العواقب الوخيمة
التي تنتظر النظام وأشار الى الافق المکفهر بقوله:" هذا اجتماع لا يمكننا فيه إلقاء اللوم على طرف دون
آخر، فكل ما يحدث اليوم، سواء كان خيرا أو شرا، يحدث تحت هذا السقف"، لکن قاليباف الذي کان
يتکلم وکأن النظام الايراني يجسد نظاما ديمقراطيا يتصف بالفصل بين السلطات الثلاث، لکنه عاد
ليکذب نفسه ويضع النظام في إطاره الدکتاتوري الصريح عندما أکد بأن السلطات الثلاث يجب أن
تخضع لکلمة الولي الفقيه خامنئي، بقوله:" بلا مجاملات، قد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر، لكننا
جميعا هنا، ويجب أن تكون كلمة القائد هي الحاسمة في جميع نقاشاتنا"، والحق إن هذا النظام ومنذ بداية
تأسيسه کان ولازال وسيبقى طالما کان سائدا نظاما دکتاتوريا إستبداديا وإنه لايختلف بشئ عن سلفه نظام
الشاه إلا بإستبدال التاج بالعمامة، ولعل التظاهرة الضخمة التي سيقوم بها الالاف من الايرانيين بمناسبة
الثورة الايرانية التي أسقطت نظام الشاه في الثامن من الشهر الجاري في العاصمة الفرنسية باريس
والتي سيعلنون فيها رفضهم للدکتاتورية بشکليها الملکي والديني والعزم على إقامة الجمهورية
الديمقراطية، ستعبر عن صوت وإرادة ومستقبل إيران.