عندما تشتد الازمات على أي نظام سياسي وتحاصره من کل جانب ولايعد في الامکان مواجهة تلك الازمات وإيجاد ثمة حلول مناسبة، وعندما يصل سخط وتذمر الشعب الى أقصاه وکل شئ يشير الى إحتمال إنفجار برکان الغضب لديه، فإنه من الطبيعي جدا أن نجد تصاعد الصراعات بين أقطاب النظام و السعي لإلقاء تبعات المسؤولية على بعضهم البعض ونشر الدفاتر والملفات القديمة من أجل تحقيق أکثر من هدف رغم إن الهدف الاکبر لدى معظم الاقطاب هو کسب رضا وعطف الشعب في حال حدوث أي تغيير، وهذا مايحدث الان في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية تحديدا.
الصراعات المتصاعدة بوتيرة غير مسبوقة ليس بين جناحي النظام فقط وانما حتى داخل الجناحين نفسهما، مؤشر واضح جدا على إن الاوضاع في إيران تسير بإتجاه أقل مايقال عنه”غير إعتيادي”، وتصاعد الصراعات يعود الى عاملين مهمين مترابطين ببعضهما البعض وهما:
ـ الرفض الشعبي واسع النطاق للنظام منذ إندلاع إنتفاضة 28، ديسمبر/کانون الاول 2017، والذي زلزل النظام بقوة کشفته على حقيقته الى الحد الذي لم يبق عليه حتى ورقة التوت، ولم يتمکن النظام من إنهاء هذه الانتفاضة وإخمادها کما فعل مع الانتفاضة السابقة لأن الاحتجاجات المتداعية عنها لازالت مستمرة، وقد تندلعالانتفاضة بقوة أکبر في أية لحظة وهو ماتتوقعه أوساط النظام وتترقبه بحذر وقلق غير مألوفين.
ـ العقوبات الامريکية غير المسبوقة على النظام وإزدياد عزلته الدولية خصوصا بعد ثبوت تورطه بنشاطات إرهابية دفعت لإدراج وزارة المخابرات الايرانية ضمن قائمة الارهاب من قبل الاتحاد الاوربي، کما إن عقد مٶتمر وارسو من الممکن أن يکون له هو الاخر تأثير على الاوضاع في إيران ولاسيما بعد التغيير الکبير في الموقف الرسمي الامريکي لصالح الشعب الايراني.
التصريحات والمواقف المتوترة والمتشنجة المتبادلة داخل الجناحين وتبادل الاتهامات بينهما من جهة وبين أقطاب الجناحين ضد بعضهما، تؤکد على إن النظام صار يعلم جيدا بأن إيران سائرة بخطى متسارعة نحو منعطف تقود کل طرقاته الى التغيير السياسي الجذري في إيران، وهو مايجعل حالة من عدم الاستقرار والترقب الحذر تفرض نفسها على النظام والاجهزة الامنية.
الاوساط السياسية الايرانية الحاکمة تعلم جيدا بأن الصراع الحقيقي ليس هو الذي يدور داخل أروقة النظام من أجل إنقاذه وإخراجه من محنته وأزمته الخانقة وإنما بين النظام من جهة وبين الشعب والمعارضة الايرانية النشيطة المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية والذي صار العالم على إطلاع به وصار المراقبون والمحللون السياسيون يترقبون أحداثا وتطورات غير مألوفة بحيث تقود إيران نحو المفترق النهائي خصوصا وإن العالم کله صار يرى إن إيران تغلي بإنتظار تغيير لامناص منه أبدا.