الأحد, مارس 16, 2025
Homeابحاثمن أَثينا الى لالش ج3 : غازي نزام

من أَثينا الى لالش ج3 : غازي نزام

يَبدو لي بأَننا سَوف نَنهي رِحلَتنا المُفتَرضة وبِخَطواتٍ هادئة التي بدَأناها من أَثينا الى لالش عبر سهوب اليونان وساموس وميلي خلال  الأناضول ومَصر القديمة مروراً بِدياربكر وجزيرة أبن عمر وهَكاري وبلاد الخالتيين وجِبال داسن وگاره وآشور وجِبال زاگروس لِنقف على أَعلى قمة جَبل مشَتى ( چيايئ مشه تئ ) حيث وادي لالش وعَين البيضاء ( كانيا سبي ) ذات الحَضارة والميثولوجيا للديانات القَديمة وحضورهِ الدائم في صَفحات التأريخ والأسطورة ذات الجذور الراسخة والعُمق الحَضاري من خلال أَفكار وآراء فلاسفة ماقبل الميلاد لِبلاد الأَغريق سُقراط  وتلميذهِ أفلاطون ، بَعد أَن تَناولنا في الجزئين السابقين فلاسفة ماقبل سُقراط عَن فلسَفة ( الطبيعة والروح ) حيث قال فيهم سُقراط أنها فَلسفة حَسَنة ، ولكن الأنسان وعَقلهِ وماهيتهِ ،أَهم من جميع ماتَتَضَمَنهُ فَلسفة الطًَبيعة بآشجارها وأَحجارها التي مَلأَت الطَبيعة وحتى من نُجومها وكَواكبها . وعَن عَقل الأنسان وماهيتهِ أتجه سقراط الى سَبر الأَغوار ، نَحو الروح الأنسانية في البَحث عَن العَدالة الأنسانية والمَوت والحَياة والشرف والفَضيلة والأَخلاق ، وحبهِ عَن البَحث في النَفس الأنسانية وجَعلت الأجابة عَن هذهِ الأسئلة بأَن دَفعَت أَثينا الى الحُكم على سُقراط بالموت مُتهماً أياهُ بالفَساد الأَخلاقي ،قبل أَن يَجرع كأساً من السم لينهي حَياتهُ ، وليُسَّلم مهام أَخلاقهِ ومَسيرة حَياتهِ الى تلميذهِ أفلاطون ليَكَّمل المشوار رَغم أختلافهِ مع عدد من آرائهِ (١) وقال أفلاطون عَن النفس أنها مَوجودة قَبل أَن تأتي لتَسكن جَسَداً ، ويرى أن الأنسان مُرَكب من جزئين ، جَسَد يَخضع للتحولات مرتَبط أرتباطاً لايَنفَصلعَن عالم الحَواس ولَهُ المَصير نَفسهُ الذي للأَشياء الدنيا ،  وبِما أَن كل حَواسنا مُرتبطة بالجَسد ، فَهي غَير موثوق بها ، لكننا نَمتلك نَفساً خالداً ( كما عند الأيزيدية حيث تقول فَلسَفتهم بأن الروح خالدة ، روحا ره حمانى يه ) وهي مَقر العَقل ولأنها ليسَت مادية ،فهي تَستطيع أَن ترى عالم الأَفكار ، ومنها تَنبع الرَغبة في أستعادة المَسكن الحَقيقي للروح ، ويُطلق أفلاطون على هذه الرَغبة ( أيروس ) ، ومَعناها الحُب ، فَعلى أجنِحة الحُب ، تَعود النَفس الى مَسكنها في عالم الأَفكار أذ تَتَحَرر من سجن الجَسد (٢) وعَن النفس والروح والعَقل والأَخلاق والفضيلة والحُب تَبَنت الديانة الأيزيدية من خلال نصوصها الدينية التي بدأها شيخهم الأَكبر ( عُدي بن مسافر شيخادي )  ومُجَدد ديانتهم الشيخ شمس الدين حَسن بن الشيخ آدي الثاني (رَحمهُ الله )وشقيقَهُ الشاعر والفيلسوف الأشهر شيخ فخر الدين ( شيخ فه خرى آديا ) وشُعراء آخرون أَمثال پير رشي حيران وهَسدي آل تَوري  وپيرداود بن درمان ودرويش آدم ودرويش قاتان وغيرهم حيث مَلئَت أشعارهم ونصوصِهم الدينية صَفحات الكتب  في أَزمانهم ، ومَحافل الأولياء ومجالس الشيوخ وأَروقة مَعبد لالش ،وعَن النفس  والروح والعَقل والحُب أختَلفَت الآراء عند الأيزيدية في تفسيرها وتأويلها وخاصة مايَتَعلق بالروح كما في الديانات الأخرى ، فَعند الأيزيدية أن المادة والروح مُرتَبطان بَعضهما بالبَعض ولم تُقيد نَفسها أَيهما الأَول ، وهذا لايلغي خُلود الروح وأَزليتهِ * في الديانة الأيزيدية و أن كانت مع المادة ، رغم الشكوك ، كما عند العلماء فيما يَخص الكَون والخَليقة لحين أَن يَحسم الجدَل وكما جاء في النص الديني  ( قه ولى شيخو بكر ) عَن الخَليقة والكَون .

عاشقئ عيرفئ چييه      ​​​​     أيها العاف العاشق العاقل

تفتيشامن ژوئ جوابئ يه   ​​​​      نَبحث عَن ذلك الجَواب

كا دؤور ژپه دشايه يان په دشا ژدؤوريه    ​​   هل الدُّرة من الألهأَم الأله

                  من الدُّرة

هُنا لابد الأشارة الى المَعنى الدقيق للنَص ودَور العَقل والحُب فيهِ ،حيث أن ( عاشقى ) هو الحب والعشق الألهي والذي يَنبع من العَقل و ( عيرفئ چييه ) في السطر الأَول هو ( الحس والعَقل ) عند الأنسان والذي بِدورهم يَبحثون عَن الخَليقة والكَون بِنظر ( أَرسطو ) وتَتم بِعملية تَجريد يَقوم بها العَقل ليُدرك المَعاني الكلية والمَعروف بنظر ( أفلاطون ) لاتقوم على المدركات الحسية التي تنقلها الحَواس الى الذهن بَل هي عبارة عَن المُدركات الثابتة (٣) ، وهنا وقبل الأنتهاء من المقال نُشير الى النَص الدين الشهير في النفس والعَقل والعَين والذي يتألف من فقرات عديدة أَو أَبيات عديدة أذا صَح التَعبير في هذا النَص والذي يُدعى (( قه ولئ چاف و زمان و ئاقل ونه فسئ )) .

چاف بازيى سه رى

دل خوندكاره وئ ل وى ده رى

چاف دبينه ، دل دخوازه

زمان دبيژه من ده ورى

زمانو خوزى من توو كربايه كه ر بكه رى

المَعنى :

العَين باز الرأس

القَلب سلطان في تلك الجِهة

العَين تَرى ، والقَلب يَهوى

ويَقول اللِسان هاتها

يالَيتَني أَيها اللِسان قًَطَعتك إِرباً إِربا

زمان دبيژه ، دلؤ ، ئه ز ده لالم

هه تا ژباته نه خولقه ، نايئ بالا من

ئه ز په ر چو مه كى كه ر و لالم

 

المَعنى :

يَرد اللِسان قائلاً ،

أَنا دَلال أَيها القَلب

مالم يَخلق عندك ويَأتني أَمُرك

فأَنا قِطعةٌ صَمٌ بُكم

هنا ومن خلال النصَين أَعلاه نرى بوضوح الحِوار والجَدل الشَيّق بين العَين واللسان والقَلب والذي يَتطابق ماأَشرنا اليها في فلسفة أفلاطون وأستاذهِ سُقراط ، وهو ماخرج أَو مانتج عَن العَقل ، وعبَّر عَن لِسان حالهِ كل من العَين واللِسان والقلب ،

نه فس دبيژه : ئاقلؤ خه به رين ته يى كورن

قه دا و قوتكئ دنيايى پرن

دنيا دونگه لى بده ن ببرن

المَعنى :

أَيها العَقل ، أَحاديثُك ذوو مَغزى

وكثيرةُ هي مَصائِب الدُنيا

الدُنيا ليّة ، أقطَعوها وتَنَعموا بها

نه فسئ نه وه تا

چ كه سئ بخوه لوقمه كئ بئ ره دا

دئ ل روژا ئاخره تئ ل پيشيى بته قه دا (٤)

المَعنى :

يجاوب العَقل :

لاأَيتها النَفس كل مَن يأكل لُقمةً حَراماً

سيواجه مُصيبة يوم الآخرة  (٥)

تَبين بوضوح من خلال تَرجمة هذين النَصين الجَدل والحِوار الواضح بين النفس والعَقل .

المَصادر والمَراجع :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

٠١ وول ديورانت / قصة الفلسفة من أفلاطون الى جون ديوي / ترجمة فتح الله المشعشع ، مكتبة المعارف بيروت ، الطبعة السادسة ، ١٤٨ه ، ١٩٨٨ م

٠٢ عالم صوفي / رواية حَول تاريخ الفلسفة ، جوستيان غاردر ، دار المُنى ، النص العربي بقلم ، حياة الحويك عَطية

*، للمزيد عَن الروح والنفس ،راجع الجزء الثاني من المقال ، نفس الموقع ، بحزاني نيت ، لُطفاً

٠٣  من أَذربيجان الى لالش ، المرحوم أًَحمد ملا خليل مشختي ، تحقيق وتعليق الدكتور خليل جندي

٠٤ الشيخ فخر الآداني ، الفيلسوف وأَحد الخَواص في الديانة الأيزيديةباللغة الكردية / البيت الأيزيدي في أولدنبورك ، ترجمة صالح جاسم عثمان ، دهوك ، ٢٠١١

٠٥ التَرجمة الحَرفية الى اللغة العَربية ،من كتاب لالش نامة للكاتب الأستاذ بَدل فقير حجي  .ط١ خريف ٢٠١٩ ، مطبعة طهران ، ص ١٢٦

غازي نَزام / أوكسبورك

٢٦/ شباط / ٢٠٢٥

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular