يُعتبر الوادي، ومنذ العام 2003، خارجاً عن سيطرة الحكومة العراقية؛ إذ يعدُّ من أخطر المناطق أمنياً في العراق… ؛ فهو يُشكِّل مأوى للجماعات الإرهابية والمسلحة والإجرامية والخارجة عن القانون، وذلك بسبب وعورة تضاريسه، وعزلته في عمق الصحراء، وبُعده عن المراكز الحضرية والطرق المعبَّدة.
وقد أُطلقت على وادي حوران تسميات عديدة، فمنهم من أسماه “وادي الموت”، وآخرون شبهوه بـ”مثلث برمودا” الأمريكي، حيث يقع الوادي عند نقطة التقاء الحدود العراقية والأردنية والسورية، ويهيمن على الطرق الصحراوية التي تتفرع من المنطقة وإليها… ؛ ومع تعدد التسميات، يبقى الوادي لغزاً محيِّراً تختفي في أعماقه أسرار مجهولة تتعلق بإدارة وتوجيه عناصر تنظيم “داعش” وغيرها من الحركات الإرهابية… ؛ فحتى اللحظة، لم تستطع أي جهة عسكرية أو استخباراتية فك هذا اللغز الأمريكي، أو تحديد مصير حشود الإرهابيين الذين اختفوا في صحراء وادي حوران بعد هزيمتهم عام 2017.
بعيداً عن الأضواء وضجيج الإعلام، تشير مصادر عراقية إلى معلومات متوافقة تارة ومتعارضة تارة أخرى، مفادها أن الإدارة الأمريكية قامت، بعد عام 2003 وعلى مدار عشر سنوات، ببناء قاعدة عسكرية متكاملة في وادي حوران… ؛ وبعد اتفاقية الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011، وعودتها مرة أخرى إثر اجتياح داعش للعراق، أكملت الإدارة الأمريكية بناء هذه القاعدة، ونقلت إليها معدات عسكرية متطورة، وأجهزة تنصت، وطائرات، وآليات قتالية مختلفة… ؛ وتُعدُّ هذه القاعدة اليوم واحدة من أهم القواعد الأمريكية السرية التي لم يتم الإفصاح عنها حتى الآن… ؛ ولعلَّ سبب منع القوات الأمريكية للجيش العراقي والحشد الشعبي من الاقتراب من الوادي يعود إلى وجود هذه القاعدة العسكرية أو الأنشطة الإرهابية السرية التي تجري فيها… ؛ ويُقال إن موقع الوادي في العمق الصحراوي وبُعده عن المدن الرئيسية جعله المقر السري للإدارة الأمريكية وأذرعها في المنطقة.
أصبح وادي حوران في العراق مرتعاً لفلول الإرهاب ومقراً للمرتزقة وعناصر المخابرات الدولية المشبوهة، خاصة الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية… ؛ وتهدف هذه التجمعات السرية إلى التحضير لأعمال شغب وعنف وإرهاب وتفجيرات واغتيالات تطال مدن العراق، وخاصة مدن الأغلبية العراقية الأصيلة.
يبدو أن القوات الأمريكية تمنع العراقيين من دخول هذا الوادي، ولا تسمح للجيش العراقي أو الحشد الشعبي بالاقتراب منه، مما يثير الشكوك حول نواياهم الحقيقية… ؛ هل يريدون حماية هذه التجمعات الإرهابية؟ أم أنهم يستخدمونها لتحقيق أهدافهم السياسية في العراق؟
وبحسب المعلومات المسربة، فإن عدداً من عناصر تنظيم داعش وغيره من الفصائل الإرهابية يتواجدون في كهوف سرية في مناطق صحراء الأنبار الغربية باتجاه محافظة نينوى، ويشكلون مصدر خطر لا يُستهان به… ؛ وبالتحديد في وادي حوران، توجد الخلايا النائمة والعناصر الخطيرة التي تمثل تهديداً مباشراً لأمن العراق… ؛ وقد حذر العديد من مسؤولي الحشد الشعبي والقوات الأمنية في أوقات سابقة من “خطر وادي حوران الذي يمتد من جنوب الرطبة إلى النخيب”.
وفي وقت سابق، صرح حاكم الزاملي، عندما كان رئيساً للجنة الأمن في مجلس النواب، لبعض الوكالات الإعلامية قائلاً: “إن منطقة وادي حوران كانت مكاناً لانطلاق العمليات الإرهابية لاستهداف الجنود المجازين في منطقة الرطبة والطريق الدولي” , وأضاف : “إن وادي حوران لا يزال يشكل خطراً على محافظة الأنبار وأمن العاصمة بغداد، لاحتوائه معسكرات لتنظيم داعش الإرهابي”… ؛ كما أشار إلى أن “التنظيم الإرهابي يمتلك الكثير من الأسلحة الثقيلة والعتاد في وادي حوران، والذي يُعتبر مكاناً لشن الهجمات الإرهابية واستهداف القوات الأمنية”… ؛ ودعا الزاملي إلى “توفير مروحيات قتالية لحماية القوات الأمنية والجنود المجازين والطريق الدولي من الهجمات الإرهابية”.
وقد شهد وصرح العديد من الجنود وعناصر الحشد الشعبي : بأنهم كلما حاولوا التحرك نحو الوادي لتطهيره من المجاميع الإرهابية والمجرمين، تلقوا أوامر من بغداد بضرورة التوقف والانسحاب الفوري، وذلك بسبب تهديدات الطيران الأمريكي وقوات الاحتلال.
وأكد شهود عيان على وجود مقرات عسكرية ومراكز تدريب ومستشفيات وغيرها في وادي حوران… ؛ وأكد الخبراء أن الأمريكيين يحرصون على بقاء الوادي تحت سيطرتهم وسيطرة قوى الإرهاب والعصابات الدولية المدربة والخطيرة، كـ”ورقة ضغط” لتهديد العراق والدول المجاورة.
وأكد أحد الشهود العيان أن الوادي لا يدخله الناس البسطاء والمواطنين منذ زمن الاحتلال البريطاني بسبب المخاطر الكبيرة، إلا أن بعض أفراد عشيرة الجغايفة دخلوا إليه في الشتاء أثناء عمليات تحرير المنطقة من داعش، إلا أنهم انسحبوا منه فيما بعد .
كما أكد رعاة وشهود عيان آخرون أن طائرات الهليكوبتر الأمريكية تهبط في الوادي، كما فعلت من قبل في مناطق أخرى مثل سنجار وتكريت، حيث تقوم بنقل الجرحى والمصابين جراء العمليات الإرهابية، بالإضافة إلى إنزال المؤن والأسلحة والوقود وغيرها من المستلزمات… ؛ وهي تحوم بشكل مستمر فوق الوادي والمناطق القريبة منه… ؛ مما يثير تساؤلات حول طبيعة المهام التي تقوم بها هذه الطائرات وأهدافها الحقيقية ؟!
وأكد الإعلامي قتيبة أكرم طه سليمان الدلي: “إن الأمريكيين يرون وهم يقصفون داعش العراقيين، بينما يغضون الطرف عن داعش الأجانب ولا يتعرضون لهم في بعض المناطق… ؛ كما أن الأمريكيين يقومون بإنزال المساعدات للتنظيم والعناصر الإرهابية الأجنبية والعراقية في الصحاري، ومنها وادي حوران”.
هذه التصرفات الأمريكية تظهر تناقضاً واضحاً في سياساتها تجاه الإرهاب… ؛ فمن جهة، تدعي الولايات المتحدة أنها تقاتل الإرهاب، ومن جهة أخرى، يبدو أنها تدعمه بشكل غير مباشر. هذه اللعبة السياسية المدروسة بدقة تنفذ بحيل شيطانية تهدف إلى تضليل الرأي العام، ولا يستطيع كشفها إلا أصحاب الخبرة والوعي العميق بملفات المنطقة.
يشكل هذا الوادي خطراً على أمن العراق ودول الجوار… ؛ وهذا الإجراء يتطلب من العراقيين الأحرار مواجهة الأمريكيين والوقوف بوجه المخططات الأمريكية الرامية إلى جعل هذا الوادي كقاعدة عين الأسد في الأنبار… ؛ وقد أصبح هذا الوادي مرتكزاً لقوى الإرهاب وقاعدة خطيرة، تعد من أكبر القواعد في الشرق الأوسط والمنطقة… ؛ فالعراق لن يستقر إلا بتطهير الوادي من العناصر والمجاميع الإرهابية، وتحريره من العناصر المخابراتية الاجنبية والمرتزقة ، والسيطرة على الأجواء العراقية كافة، ومنع التحركات الأمريكية والأجنبية المشبوهة، وإلقاء القبض على العناصر الإرهابية وإنزال أقسى العقوبات القانونية بحقهم، وتخليص البلاد من شرهم إلى الأبد، والضرب بيد من حديد.
يمثل هذا الوادي نقطة الارتكاز لعصابات داعش في المنطقة عموماً، حيث يشرف هذا الوادي على أغلب مناطق البلاد جنوباً وشمالاً… ؛ فهو يطل على محافظات النجف وكربلاء جنوباً، وعلى محافظات صلاح الدين والموصل شمالاً… ؛ بالإضافة إلى تحكم هذه العصابات بالصحراء الغربية وطرق السير بين سوريا والعراق، ما يعطي زخماً في التهديد المستمر للمدن المحررة من جهة، ولعموم مدن البلاد من جهة أخرى.
كما أن دور القوات الأمريكية في السيطرة على سماء هذه المنطقة وتحكمها بهذه المناطق التي تتكثف فيها حركة الإرهابيين، وتهديدها للقوات الأمنية إذا حاولت الدخول إلى هذه المناطق، أبقي مناطق وادي حوران مصدر قلق وتهديد لأمن البلاد عموماً.
وتشير التقارير الأمنية إلى أن هناك محاولات كثيرة لتحرير هذا الوادي، ولكنها باءت بالفشل… ؛ وأن من يدخل هذا الوادي مصيره الموت، إما بسبب وعورة وتعقيد زوايا هذا الوادي، أو من خلال استهداف القوات الأمريكية لكل من يحاول الدخول إليه.
وهناك تقارير سرية تشير إلى وجود أعتى الإرهابيين وأقوى المجرمين في وادي حوران، والذين يختبئون في الأنفاق والجحور والوديان والكهوف والأماكن السرية، فضلاً عن تكديس الأسلحة المختلفة في تلك الأماكن… , ولعل قرب قاعدة عين الأسد من هذه المنطقة يفسر لنا حقيقة الأمر، كما أسلفنا.
والوادي أصبح نقطة سوداء مظلمة قادرة على إرجاع فلول الإرهاب وشراذم الإجرام والفصائل المسلحة والتنظيمات التكفيرية، وإعادة تدويرها لتنتشر مرة أخرى في العراق والمنطقة، لتعيث في الأرض فساداً وقتلاً وذبحاً وخراباً ودماراً.
وللحديث بقية …