إيران تحت هيمنة الفساد: سطوة بيت خامنئي وإمبراطورية الحرس الثوري ! : نظام مير محمدي !
كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني
في الغالب، فإن النظام الإيراني يبدو في حالة لا تمکنه من أن يصر على إن أوضاعه على ما يرام وإن ما حدث خلال العامين الماضيين الى جانب ما يحدث له حاليا على الاصعدة الداخلية والاقليمية والدولية، لم يٶثر عليه سلبا، ذلك إن الامر قد تعدى وتجاوز ذلك بکثير ولاسيما بعد أن تناقلت وسائل الاعلام يوم الثلاثاء 25 مارس، تراجع العملة الإيرانية الى أقل من المستوى النفسي المهم البالغ مليون ريال للدولار في وقت لا يرى فيه المتعاملون نهاية قريبة للعقوبات في ظل استئناف الرئيس الأميركي دونالد ترامب لممارسة سياسة “أقصى الضغوط” على طهران، وهو في حد ذاته مٶشر مهم جدا يدل على تفاقم الاوضاع الاقتصادية والمعيشية وسيرها نحو الأسوأ.
الضغط الدولي المسلط على النظام الإيراني بسبب من سياساته المشبوهة التي تتعارض مع مصالح بلدان المنطقة والعالم وتمس على أسوأ ما يکون الامن والاستقرار في المنطقة ولاسيما من حيث سعيها المفرط لإفتعال الحروب والازمات، وبشکل خاص بعد سياسة الضغط الاقصى التي تتبناها إدارة ترامب حيال هذا النظام، والجدية البالغة في تطبيق هذه السياسة والمطالبة بتخلي النظام عن برنامجه النووي الذي کلف لحد الان أکثر من تريليوني دولار وکذلك تخليه عن التدخلات في بلدان المنطقة وحل الميليشيات التابعة له في العراق بشکل خاص، يدل على إن هذا النظام يواجه وضعا وحالة غير مسبوقة منذ تأسيسه قبل 46 عاما.
على الصعيد الاقليمي، وبعد ما حدث في لبنان وسوريا وما يحدث الان في اليمن للحوثيين، وحالة الانطواء والتقوقع على الذات للميليشيات التابعة للنظام الإيراني في العراق، فإن مشروع النظام الذي کان يٶسس من أجل إقامة إمبراطورية دينية بزعامته، قد أصبح في مهب الريح، وقد صار واضحا بأنه يلجأ الى سياسة ونهج يبدو عليه السعي للتمسك بحذر على ما تبقى له في المنطقة من دور ونفوذ وکذلك السعي المفرط من أجل الحيلولة دون إمتداد النار التي باتت تحرق وکلائه في المنطقة الى عقر داره.
على الصعيد الداخلي، فإن الاضطرابات مستمرة على قدم وساق، إذ أن التحرکات الاحتجاجية في سائر أرجاء إيران متواصلة وتشمل مختلف شرائح ومکونات الشعب الإيراني في مختلف المجالات الحياتية والاقتصادية والاجتماعية، الى جانب تزايد ملفت للنظر في العمليات الثورية التي تنفذها وحدات الانتفاضة ضد المراکز والمقار الامنية وغيرها التابعة للنظام هذا الى جانب النشاطات الحثيثة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في داخل وخارج إيران ضد النظام، فإن محاولة النظام وبمختلف الطرق من أجل ضمان بقائه وإستمراره يبدو کمرکب متهالك ملئ بالثقوب والفجوات يحاول أن يمخر عباب بحر هائج والوصول الى بر الامان بسلام، وهذا هو المستحيل في أوضح حالاته!
وخلاصة القول، فإن ما تم بحثه حتى الآن ليس سوى جزء من العوامل التي شكلت الوضع المزري الراهن في المجتمع الإيراني المضطرب. وفي هذا السياق، يبرز بشكل متزايد دور لاعِبَين رئيسيين:
بيت خامنئي، مركز الفساد وتراكم الثروات
لقد لعب بيت خامنئي، باعتباره النواة المركزية للسلطة في نظام ولاية الفقيه، دورًا محوريًا في هذه الكارثة. هذه المؤسسة، التي تعمل خارج نطاق أي رقابة قانونية أو مساءلة عامة، استحوذت على جزء كبير من الثروة الوطنية من خلال سيطرتها على المؤسسات والمنظمات الاقتصادية الضخمة مثل “ستاد إجرائي فرمان إمام”، و”آستان قدس رضوي”، و”بنياد مستضعفان“.
هذا التراكم للثروات، الذي يتناقض بشكل صارخ مع الحياة الفقيرة لملايين الإيرانيين، يدل على عمق الفساد في أعلى مستويات الحكم. لم يكتفِ بيت خامنئي باستخدام هذه الثروة للحفاظ على هيمنته، بل قام أيضًا بتوسيع هذا النهب المنظم إلى مستويات أدنى من خلال إنشاء شبكة من التابعين والأقارب النافذين.
إمبراطورية الحرس الثوري الاقتصادية
إن الحرس الثوري، الذي يعمل كذراع عسكري واقتصادي لنظام ولاية الفقيه، هو عامل رئيسي آخر في تعميق الفقر الحالي. هذه المؤسسة تحولت بمرور الوقت إلى إمبراطورية اقتصادية تسيطر على قطاعات رئيسية من الاقتصاد الإيراني، من النفط والغاز إلى الاتصالات والبناء. بناءً على تقديرات غير رسمية، يسيطر الحرس الثوري بشكل مباشر أو غير مباشر على أكثر من 60 بالمائة من الاقتصاد الإيراني.
هذه الهيمنة، التي غالبًا ما يتم الحصول عليها من خلال عقود بدون مناقصة ومشاريع ضخمة، استولت على الموارد العامة لصالح هذه المؤسسة وقادتها. يأتي هذا في الوقت الذي يعاني فيه ملايين الإيرانيين لتأمين قوت يومهم.
وختامًا؛ فإن احتكار الثروة والفساد المستشري في بيت خامنئي وإمبراطورية الحرس الثوري الاقتصادية يحدث في الوقت الذي يكافح فيه ملايين الإيرانيين تحت خط الفقر. لإنهاء هذه الدائرة المفرغة وتحقيق العدالة الاجتماعية، من الضروري إجراء تغييرات جذرية في هيكل السلطة والشفافية الاقتصادية.