الخميس, أبريل 10, 2025
شبكة بحزاني الاخبارية
شبكة داسن الاجتماعية
Homeمقالاتالشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صارم)/4 : محمد علي الشبيبي

الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صارم)/4 : محمد علي الشبيبي

الموقف العام 1945 / بغداد. زيارة وفد الصحفيين الديمقراطيين للشهيد حسين في المعتقل. الواقف

الثالث من يسار الناظر حسين الشبيبي، والواقف الثالث من اليمين الشاعر محمد مهدي الجواهري،

والجالس الثاني من اليمين الشهيد كامل القزانجي، الاخرون أسماؤهم مجهولة.

 

هذه مادة أولية في حلقات عن حياة الشهيد حسين الشبيبي (صارم) ستخضع لبعض التعديلات والتدقيقات والمراجعات لتنظيمها وإخراجها للطبع. سأكون شاكرا لكل من يقدم ملاحظاته الموثقة ومصدرها بهدف التنقيح والإغناء، ويمكنكم مراسلتي على العنوان الالكتروني alshibiby45@hotmail.com .

حزب التحرر الوطني والجبهة الوطنية:

أجازت حكومة توفيق السويدي بتاريخ 02-04-1946 خمسة أحزاب لم يكن من ضمنها حزب التحرر الوطني، بحجة أن رئيس الهيئة المؤسسة للحزب -حسين الشبيبي- اعتقل بتهمة الشيوعية بتاريخ 11/11/1945! كما لم ترفض إجازته، مما سمح له قانونيا بممارسة نشاطاته الجماهيرية. فأستغل حزب التحرر عدم إصدار قرار بمنعه بمواصلة نشاطه العلني لعدة أشهر. ونشط الحزب في إصدار رسائل دورية باسم (رسائل التحرر) وكانت معظمها من مساهمات حسين الشبيبي [30]، وقد حملت هذه الرسائل نداء وجهته الى الجماعات الوطنية كافة جاء فيه: [هذه رسائل قررت الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني إصدارها دوريا لتعالج فيها مشاكل العراق الآنية في هذه المرحلة من حركتنا الوطنية، وهي تدعو كل وطني مخلص الى العمل لتحقيق أهدافها الوطنية وأمانيها القومية في جبهة وطنية موحدة]. لقد بذل حزب التحرر جهودا من أجل الجبهة الوطنية، وبادر الحزب الى تأييد دعوة محمد مهدي الجواهري على صفحات جريدته “الرأي العام” لعقد الجبهة وأيد حزب التحرر الوطني هذه الدعوة من خلال “رسائل التحرر” وقدم مذكرة جاء فيها: [إننا نرى إمكانية الدخول فورا في اتفاقات مبدئية تمهد السبيل لقيام جبهة وطنية موحدة رصينة طالما لا توجد أحزاب سياسية في الوقت الحاضر معترف بها قانونا]. وطرحت المذكرة  الأهداف التي تراها الهيئة أنها تصلح ليلتف الديمقراطيون حولها، وتتلخص في النضال من أجل حق التنظيم السياسي وغير السياسي -المقصود المهني- وإلغاء القوانين الاستثنائية وحرية النشر والاجتماع والدفاع عن استقلال البلاد والسيادة الوطنية [31].

كانت من اهم تحركات حزب التحرر الوطني هي توجهه للأحزاب الوطنية ودعوته لها من أجل الوحدة الوطنية، وذلك بالارتباط في وضع برنامجه السياسي موضع التطبيق. وعندما دعا حزب التحرر الى الوحدة الوطنية “الجبهة الوطنية” ، كان منطلقا من أهميتها للوقوف بوجه المخططات الاستعمارية، التي تتطلب موقفا موحدا للشعب. كما أن الوحدة الوطنية تجربة رائدة خاضتها معظم الشعوب التي عانت من الاستعمار فهي سلاح سياسي مجرب وناجح في تحقيق أماني الشعوب بالحرية والاستقلال. فالوحدة الوطنية هي بمثابة مركز القوة للشعوب في تحديد هدفها السامي الموجه والمتفق عليه شعبيا، وهو نقطة جذب قوية لكل فئات الشعب من أجل أهداف الجبهة الموحدة. لكن دعوة حزب التحرر الوطني للوحدة الوطنية قوبلت ببرود وحذر من بعض الاحزاب وخاصة (حزب الاتحاد الوطني وحزب الشعب) التي رفعت مقابل ذلك شعار توحيد الحركة الوطنية في حزب واحد، بينما كان موقف الجادرجي “الوطني الديمقراطي” متفرجا من هذا الطرح! أن طرح هذه الاحزاب البرجوازية الى دمج الديمقراطيين في حزب واحد كبديل عن الجبهة الوطنية، طرح غير واقعي! وكانت الحجة في رفض مقترح الوحدة الوطنية، انه مقترح قدمه حزب التحرر وهو مقترح الحزب الشيوعي !. وللأسف ان الحزبين “الاتحاد الوطني والشعب” شنا هجوما غير مسؤول على حزب التحرر الوطني وضمنا على الحزب الشيوعي مستفيدين من اجازتهما والفسحة الاعلامية العلنية التي يتمتعان بها [32].

رد حسين الشبيبي على مفهوم توحيد الحركة الوطنية بحزب واحد موضحا، أن الجبهة الوطنية تجربة عالمية، وهي ليست ملكا لحزب معين و “والدعوة لها من جانب حزب ما لا تبرر عدم الأخذ بها . وناقش وفند أفكار هذه الاحزاب البرجوازية في رفض مبدأ الجبهة الوطنية، وهم في الحقيقة حتى لم يتطرقوا الى أية معايب في الجبهة ليبرروا رفضهم لها. وإنما راحوا ينشطون من أجل تشكيل حزب واحد يجمعهم، وقد فشلوا في بداية الطريق. وكتب الشهيد عن ذلك: ونحن نتمنى من صميم قلوبنا أن تندمج الاحزاب الديمقراطية الثلاثة المرخصة في حزب واحد، إذ أن أصحاب هذه الاحزاب جميعهم يقولون أن منهاجهم وأهدافهم واحدة، ونضيف أيضا بأن أساليبهم في العمل هي أيضا واحدة أو يمكن توحيدها، فعسى أن يجتمع الأخوان جميعهم في حزب واحد فتزال “الضغائن والأنانية الشخصية والمهاترات” بين الجماعات الديمقراطية تلك التي هول خطرها دعاة “الحزب الواحد” لغرض حمل الجماهير في الأحزاب الأخرى على قبول فكرتهم. أما نحن فنكافح من أجل جبهة وطنية موحدة وعدم الاندماج بأي حزب آخر، وسوف نبقى نكافح من أجل ذلك، كما نجد من واجب كل ديمقراطي وطني أن يقف ضد هذا الميل الذي بدأ من السلطات المسؤولة لتجزيء الديمقراطية أي قصرها على جماعة دون أخرى [33].

كان حزب التحرر يبذل جهودا كبيرة لإقناع الاحزاب السياسية لعقد الجبهة الوطنية، لأنه كان يرى أن في الجبهة الوطنية هو الطريق الأنجع في تحقيق أماني الشعب في التحرر والاستقلال والسيادة الوطنية، وإنها ضرورة وطنية لا تقبل التأجيل لمواجهة الخطط والمشاريع الاستعمارية. وللأسف كانت جهوده هذه تقابل بالصد والتشكيك في نوايا الحزب. لذلك قدم حزب التحرر الوطني أكثر من مذكرة الى القوى الوطنية يدعو ويدافع فيها عن تبنيه لمشروع الجبهة الوطنية، كما كانت مذكراته هذه ترد على حجج الاحزاب التي رفضت او شككت بمصداقية طرحه. وحول مذكرات حزب التحرر الوطني أقتبس ما كتبه الراحل عزيز سباهي [34]: [في 24/12/1945 قدم حزب التحرر مذكرته الأولى في شأن الجبهة الوطنية وكانت بمناسبة الدعوة التي وجهها محمد مهدي الجواهري على صفحات جريدته (الرأي العام) لعقد الجبهة، وأيدت المذكرة هذه الدعوة وقالت: إننا نرى إمكانية الدخول في اتفاقيات مبدئية تمهد السبيل لقيام جبهة وطنية موحدة رصينة طالما لا توجد أحزاب سياسية في الوقت الحاضر معترف بها قانونا وطرحت المذكرة الاهداف التي تراها الهيئة ما يصلح أن يلتف الديمقراطيون حولها، وتتلخص في النضال من أجل حق التنظيم السياسي وغير السياسي وإلغاء القوانين الاستثنائية وحرية النشر والاجتماع والدفاع عن استقلال البلاد والسيادة الوطنية.

ثم أتبعتها بمذكرة ثانية طويلة ناقشت فيها قول البعض ان قيام الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني بهذه الدعوة ذاتها  ما هو إلا مناورة القصد منها إحراج بعض الوطنيين أكثر مما هو إخلاص لفكرة الجبة ذاتها وإنها شعار أجوف وقالت في ردها نحن لا ندري كيف نبرهن على إخلاصنا أكثر من شروعنا في العمل وإعلان استعدادنا لقبول أي رأي يتفق عليه الوطنيون يؤدي الى قيام الجبهة الوطنية الموحدة.

وانتقدت المذكرة سياسة الانتظار والتريث في كونها تساعد على بقاء الخلاف بين الجماعات طالما عملت كل منها باستقلال عن الاخرين، وإنها تساعد الرجعية في ضرب كل جماعة وطنية على حدة. وتذكر المذكرة بأن فكرة عزل جماعة بعينها عن الكفاح الوطني قد أضرت كثيرا بنضال بعض الشعوب، وتضرب أمثلة عديدة على ذلك. ثم تقدم خطتها العملية لعقد الجبهة وتتألف من ست نقاط:

1- أن تضم هيئة الجبهة ممثلين أثنين عن كل من الجماعات التالية: جماعة الأهالي، جماعة حزب الشعب، جماعة الأستاذ عبد الفتاح إبراهيم، جماعة عصبة مكافحة الصهيونية، جماعة حزب التحرر الوطني، ومن صاحب جريدة “الرأي العام” ، وصاحب جريدة “الشعب” .

2- أن يكون التصويت ديمقراطيا، أي بالأكثرية المطلقة.

3- يجوز قبول جماعات أخرى الى الجبهة إذا حصلت الموافقة.

4- يجوز انتماء المواطنين الأفراد الى الجبهة ككل دون أن يكونوا ملزمين بالانضمام لأية جماعة من الجماعات التي تؤلف الجبهة.

5- تضع الجبهة الطرق العملية لتنفيذ المطالب التي قامت عليها وقراراتها نافذة على الجميع.

6- ضرورة وضع منهاج شامل للجبهة تكون أسسه المطالب الأربعة التي تقدمنا بها دعوتنا.

وتنتهي المذكرة بالملاحظة التالية: إن هيئة مؤسسي حزبنا، التحرر الوطني، تعتقد أن هذه هي الخطة العملية التي يمكن تأليف الجبهة الوطنية على أساسها، ولكنها تعلن أن هذه الخطة قابلة للتعديل والنقاش وترجو أن تفصح كل جماعة عن رأيها فيها، وإذا لم توافق عليها كليا، فلتبدي رأيها الخاص في الطريقة العملية التي تراها هي، على أن تكون أيضا موضع نقاش مختلف الجماعات.

وحين تقدمت الهيئات المؤسسة بطلباتها لأجازة أحزابها الديمقراطية عادت الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني وقدمت الى هذه الهيئات مذكرتها الثالثة أشارت فيها الى دعواتها السابقة في هذا الشأن والضرورة الملحة لقيام الجبهة  لأن مطالب شعبنا الرئيسية عظيمة وواسعة لا يمكن تحقيقها دون قيام جبهة تضم جميع طبقات شعبنا ومراتبه وأقسامه التي يهمها أن يتحرر العراق من ربقة الاستعمار . وانتهت المذكرة بالتأكيد على ضرورة النضال المشترك لتحقيق:

1- تعزيز استقلال العراق وسيادته.

2- تطبيق النظام الديمقراطي في العراق وضمان الحريات الشعبية وتوسيعها.

وقالت أخيرا: ترى هيئتنا أن لا مانع من الأخذ بخطتنا التي تقدمت بها سابقا مع تعديل يلائم الظروف الجديدة التي ظهرت فيها الاحزاب والهيئات السياسية. إلا أن القوى الديمقراطية ولاسيما حزب الشعب، وعزيز شريف وعبد الفتاح ابراهيم بالذات، كانت ترفض الإصغاء الى نداء حزب التحرر الوطني المتكررة هذه .

ويدون الراحل عزيز سباهي شهادته، فيكتب ما يلي: أذكر أن الرفيق حسين محمد الشبيبي أعطاني رسالة موجهة الى الأحزاب الديمقراطية الثلاثة التي كانت تقيم ساعتها اجتماعا جماهيريا عاما في مقر حزب الاتحاد الوطني في “جديد حسن باشا” وطلب أن أوصلها الى منظمي الاجتماع لتقرأ كواحدة من رسائل التحية الموجهة للحاضرين. حملتها الى هناك وطلبت من منظمي الاجتماع ما أراده الرفيق، إلا أن عبد الرحيم شريف، وكان أحد عرفاء الاجتماع، اعترضني ورفض أن تقرأ رغم إلحاحي. وعدت بها الى الرفيق الشبيبي… فالتفت الى الحاضرين، وكانوا  كما أذكر سالم عبيد النعمان ويهودا صديق ونعيم سلمان وآخرين. وقال هل رأيتم يرفضون منا حتى رسالة التحية، وطلب مني أن أقرأها، فقرأتها وكانت لا تزيد عن دعوة صادقة الى توحيد القوى … بعد سنوات ذكّرت الرفيق أبو رائد -عبد الرحيم شريف-  وكنا نعمل سوية في مكتب هيئة تحرير “اتحاد الشعب” بالواقعة، فعلق آسفا: كم أضعنا من الفرص حقا ] الى هنا أنتهى الاقتباس

شهادة الراحل دليل على الجهود الحثيثة للشهيد حسين الشبيبي كرئيس حزب التحرر الوطني من أجل الوحدة الوطنية، وكذلك تؤكد هذه الجهود  كتاباته ومحاولاته المتكررة في مقالاته و مذكراته التي كان يقدمها للأحزاب وفي الصحافة، ولكن للأسف أن الأنانية من قبل تلك الأحزاب وسوء استيعاب مهمات المرحلة فوتوا فرصا لن تتكرر وهذا ما أكده عبد الرحيم شريف بعد سنوات، وكان الثمن غاليا.

كانت فترة رئاسة وزارة توفيق السويدي (23 شباط 46 – 03 أيار 46) واستلام الشخصية الوطنية سعد صالح جريو وزارة الداخلية، فترة انفراج نسبي بالنسبة للقوى الوطنية في تلك الفترة، لكن هذا الانفراج النسبي لم يرق للسلطة الملكية والعقول الخفية التي توجهها. ويلاحظ أن الوزارة اللبرالية لتوفيق السويدي لم تستمر سوى شهرين ونصف، حيث عمدت السلطة الملكية وبتوجيه بريطاني الى إجبار وزارة السويدي على تقديم استقالتها وذلك بتحريض مجلس الاعيان لعدم عقد جلسة لمناقشة الميزانية. حيث حلت محلها وزارة أرشد العمري، فكانت فترة ثقيلة على الحركة الوطنية والحزب الشيوعي خاصة ووجهه الشبه علني حزب التحرر الوطني وعصبة مكافحة الصهيونية.

وأجد من المناسب أن أدون نص إحدى المذكرات التي قدمها حزب التحرر الوطني الى الاحزاب الوطنية بتاريخ 21/10/1946. وهي شهادة للتاريخ على الموقف الوطني لحزب التحرر الوطني والحزب الشيوعي العراقي على جهودهما في تلك السنوات من أجل الوحدة الوطنية.

 

مذكرة الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني

حول الجبهة الوطنية [35]

الى:

الحزب الوطني الديمقراطي

حزب الاتحاد الوطني

حزب الشعب

عصبة مكافحة الصهيونية

أيها المواطنون المحترمون

سبق أن دعونا، منذ أكثر من سنة تقريبا، الى وجوب تأليف جبهة وطنية، وأعلنا دعوتنا هذه في نشرياتنا وعلى صفحات الجرائد وسبق لنا أن وجهنا هذه الدعوة الى هيئاتكم المسؤولة المحترمة، وكنا طيلة هذه المدة نعمل -كما يعمل غيرنا- لتعبيد الطريق أمام قيام الجبهة الوطنية هذه، والآن فباستطاعتنا أن نقول انه أصبح بالإمكان ومن الضروري جدا قيام جبهة وطنية رصينة تستطيع أن توحد الاهداف الوطنية الديمقراطية، وتنسق النضال الوطني التحرري وتوجهه، وتدافع عن الحريات الديمقراطية وتوجهها.

أجل أيها المواطنون المحترمون، إن قيام جبهة وطنية هي اليوم ضرورة وطنية لا تقبل التأجيل فالخطط والمشاريع الاستعمارية العدوانية المبيتة ضد العراق والبلاد العربية قد تجمعت واختمرت وبدء فعلا بتطبيقها.

ان هذه الخطط والمشاريع الاستعمارية لم تعد حقيقتها خافية على الهيئات الشعبية العربية ولم تعد أخبارها خافية على رجل الشارع العربي، ولم يعد أعوان الاستعمار في البلاد العربية يخفون تأييدهم وتحبيذهم لها، بل: أخذوا يعملون حثيثا لتطبيقها بالسرعة الممكنة لكي يضعوا العالم العربي والهيئات الشعبية العربية أمام الأمر الواقع.

أن المشاريع الاستعمارية -المعروفة حتى الان- التي يراد تحقيقها في البلاد العربية والتي تستهدف تقوية النفوذ الاستعماري وتوسيعه في البلاد العربية هي: اتحاد العراق مع شرق الأردن، تقسيم فلسطين (المشروع الاتحادي كما يسمى)، سوريا الكبرى، الكتلة الشرقية (بزعامة تركيا)، مجلس دفاع مصري انكليزي … الخ.

وقد وضع الاستعمار مع أعوانه الخطط لتطبيق هذه المشاريع، وبدء تطبيقها فعلا، وتتلخص في: القضاء على الحركة الوطنية في البلاد العربية أو شلها بواسطة القضاء على الحريات الديمقراطية تحت شعار مكافحة الشيوعية، وشعارات شبيهة، وذلك بشن هجوم على منظمات الحركة الوطنية الشعبية، وعلى منظمات الطبقة العاملة، بكبت أصوات المعارضة وتعطيل صحفها ومنعها من استعمال الوسائل التي تعبر عن مطالبها ومشاعرها كالإضرابات والمظاهرات والاجتماعات وغيرها، بطرد العناصر الوطنية الطيبة من دواوين الدولة ومن ملاك المعارف ومن المدارس، بطرد العمال الواعين والنشطين من العمل، بمطاردة العناصر الطيبة الوطنية والعمالية من قبل الشرطة وزجها في المواقف والسجون وتقديمها أفواجا الى المحاكم بسلسلة من التهم لا آخر لها، وبدعايات طائفية وعنصرية من شأنها تفريق صفوف الشعب وتحويله عن سبل النضال الصحيحة.

أيها المواطنون:

ان الاستعمار يقوم الان فعلا بتنفيذ هذه الخطط بمساعدة أعوانه، لا في العراق وحده بل في البلاد العربية جميعها، وهو فوق ذلك يكتل الرجعية عميلته في الاقطار المجاورة، في تركيا وإيران وغيرهما، ولم يعد أمام الهيئات الوطنية العراقية سوى تنظيم نفسها في جبهة وطنية تقوم مبدئيا على الاتفاق على مبادئ وطنية أساسية معينة تكون ميثاقا للجبهة تعمل بموجبه جميع المنظمات المنظمة الى الجبهة الوطنية وتسعى كل منها الى الكفاح من أجل تحقيق هذا الميثاق بأسلوبها الخاص بها، وبشكل لا يتعارض مع نشاط المنظمات الاخرى، وتسعى الجبهة كذلك الى تنسيق كفاح جميع منظماتها بشكل لا يحد من نشاط احدى تلك المنظمات.

أيها المواطنون:

اننا نتقدم اليكم بمسودة ميثاق الجبهة الوطنية الذي هو عبارة عن منهاجها الذي يرتكز على مبادئ ثلاثة معينة (مع تفاصيلها) سبق لمنظماتكم أن أقرتها في منهاجها وفي نشرياتها وتصريحاتها راجين منكم دراستها قبل طرحها على لجنة مشتركة تؤلف من منظماتنا لإقرارها لكي يباشر فورا بوضع الخطط التنظيمية التي ستسير بموجبها الجبهة الوطنية.

هذا وتفضلوا بقبول فائق تحياتنا.

  عن الهيئة المؤسسة      حسين محمد الشبيبي      بغداد في 21/10/1946

 

وأدناه نص ميثاق الجبهة الذي قدمه حزب التحرر الوطني في زمن وزارة أرشد العمري الأولى (01/06 – 14/11/1946).

 

ميثاق الجبهة الوطنية الموحدة

1- الكفاح في سبيل استكمال استقلال العراق، وتعزيز السيادة الوطنية:

(آ)- اعتبار المعاهدة الانكليزية-العراقية ملغاة تاريخيا بحكم التطورات العالمية التي جاءت بها الحرب العالمية الاخيرة، وبحكم ميثاق هيأة الأمم المتحدة التي تعتبر العراق عضوا فيها باعتباره دولة مستقلة إذ أن تلك المعاهدة فرضت على العراق في ظروف عالمية وداخلية ملائمة لبريطانيا مكنتها من الاحتفاظ لنفسها بحقوق وامتيازات تتنافى واستقلال العراق والسيادة الوطنية لشعبنا فطوحت باستقلالنا وجعلته اسما بدون مسمى.

(ب)- الكفاح في سبيل جلاء الجيوش البريطانية من أراضي العراق، وأخلاء القواعد الحربية وإلغاء جميع الاتفاقيات العسكرية،دفاعية كانت أم فنية أم تدريبية أم تجهيزية المعقودة بين العراق وبريطانيا.

(ج)- الغاء جميع الامتيازات السياسية والإدارية، تلك الامتيازات التي مكنت وتمكن بريطانيا من التدخل في شؤون دولتنا وإدارتها باسم الاستشارة والفن والاختصاص وبحجة الديون، وتنظيف جهاز الدولة من الأجانب.

 (د)- ايقاف اعطاء امتيازات واحتكارات اقتصادية جديدة للشركات الأجنبية وللدول الأجنبية وفرض رقابة الدولة على المؤسسات الاقتصادية الأجنبية ومراقبة أعمالها وإخضاعها للقوانين المرعية في القطر، وإعادة النظر في الامتيازات المعطاة قبلا كامتيازات النفط والكهرباء وغيرها.

(ه)- تحرير عملتنا من الهيمنة البريطانية ورفع حاجز منطقة الاسترليني عن تجارتنا.

(و)- الكفاح ضد كل محاولة تقوم بها بريطانيا لاتخاذ العراق قاعدة احتياطية ورأس جسر لها للاعتداء على الشعوب المجاورة ومحاولاتها الراهنة ضد الجارة ايران.

(ز)- الكفاح ضد كل محاولة تقوم بها بريطانيا وأعوانها لتوريط العراق وجره الى الاتحاد مع شرق الاردن تنفيذا لخطط استعمارية مبيتة، وضد كل محاولة لتوريط العراق في تكتلات شرقية مع تركيا وغيرها لدرء خطر موهوم بينما الخطر الذي يهدد الشعوب العربية هو وجود الجيوش البريطانية في البلاد العربية.

(ط)- فضح دعاة الاستعمار وعملائه الذين يعملون لتحقيق أهدافه وخططه الاستعمارية داخل العراق وفي البلاد العربية.

2- الدفاع عن الحريات الديمقراطية، وتثبيتها وتوسيعها:

(آ)- الدفاع عن حق التنظيم السياسي والنقابي الحر، وعن حق الاحزاب والنقابات والجمعيات في مزاولة أعمالها الحزبية والنقابية دون الحد من نشاطاتها وملاحقة منتسبيها، ودن تحديد مجال توسعها.

(ب)- الدفاع عن حرية النشر والاجتماع والتظاهر والإضراب.

(ج)- النضال من أجل انتخابات حرة بعيدة عن تدخل السلطة والنضال في سبيل مجلس نيابي تقدمي.

(د)- النضال لإسقاط كل وزارة تحارب الحريات الديمقراطية وتقف الى جانب الاستعمار في قضايانا الوطنية الملحة كوزارة أرشد العمري.

3- التعاون العربي ضد المستعمرين:

(آ)- تأييد نضال الشعوب العربية في سبيل جلاء الجيوش الاجنبية عن أقطارها، وإلغاء المعاهدات والمراكز الممتازة للدول الاجنبية في البلاد العربية.

(ب)- نصرة فلسطين ضد الاستعمار والصهيونية وضد دعاة الخطط الاستعمارية المبيتة لها وتأييد الشعب الفلسطيني في مطالبه التالية:

(1)- الغاء الانتداب ووعد بلفور وتصفية حكومة الانتداب وجلاء الجيوش الاجنبية عنها.

(2)- تأليف حكومة وطنية ديمقراطية مستقلة.

(3)- وقف الهجرة وانتقال الاراضي من حوزة العرب وعرض قضيتها على مجلس الامن.

(ج)- تأييد الشعب المصري في نضاله التحرري في سبيل الجلاء وإلغاء المعاهدة ورفضه ربط مصيره باتفاقيات استعمارية جديدة مع بريطانيا.

(د)- تأييد الشعبين السوري واللبناني في نضالهما من أجل تثبيت استقلالهما وإحباط المحاولات الاستعمارية لتحويل هذين القطرين الى منطقتي نفوذ للاستعمار البريطاني- الأمريكي.

(ه)- محاربة الخطط والمشاريع الاستعمارية الرامية الى تسخير الدول العربية لحماية المصالح الاستعمارية داخل البلاد العربية وخارجها كمشروع سوريا الكبرى وتقسيم فلسطين … والكتلة الشرقية والمشاريع التي يريد الاستعمار ايجادها بين العرب وتركيا وغير ذلك من المشاريع.

(و)- النضال من أجل ابعاد النفوذ الاستعماري عن الجامعة العربية وفضح مطايا هذا النفوذ.

(ز)- التعاون الوثيق بين الهيئات الشعبية في العراق والبلدان العربية  الاخرى لتنسيق النشاط الفكري والعملي في حقلي التحرر الوطني والدفاع عن الحريات الديمقراطية.

ونحن ندعو المنظمات الشعبية الوطنية الى الاتفاق فيما بينها على وجوب المطالبة بتنحية الوزارة القائمة التي لا تستند الى ثقة الجماهير ولا تمثل مصالحها وتأليف وزارة تقوم على أساس اشاعة الحريات الديمقراطية بأوسع معانيها. وزارة يؤمن رجالها جدا بالمبادئ الديمقراطية والحقوق الوطنية.

اننا ندعو جماهير الشعب لتأييدنا في مسعانا من أجل جمع الوطنيين الديمقراطيين في جبهة وطنية موحدة لإحباط المشاريع الاستعمارية، ولمنع اجراء انتخابات في ظل هذه الأوضاع التي تفتقر لأبسط مستلزمات الانتخابات الحرة في ظل وزارة لا تؤمن بمطالب الشعب الوطنية الاساسية كإجلاء الجيوش وإبقاء المعاهدة وإقصاء التدخل الاجنبي وتحرير اقتصادنا من سيطرة الاحتكارات الاجنبية.

عاش شعبنا. عاش نضاله. عاشت منظماته الوطنية المجاهدة. عاشت الجبهة الوطنية الموحدة ضد الاستعمار وفي سبيل عراق حر متقدم مرفه.

يـــــتــــــــــــــــــــــــــــــــبــع

 

محمد علي الشبيبي

السويد/ 02 نيسان 2025

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[30]- الرائد علي محمد الشبيبي/ ذكريات التنوير والمكابدة / تأليف وتحقيق ومراجعة محمد علي الشبيبي. دار المدى، الطبعة الثانية سنة 2021،  موضوعة “البداية” صفحة 363.

[31]-  عزيز سباهي. عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، الجزء الأول، الطبعة الأولى. صفحة 300.

[32]-  سالم عبيد النعمان. الحزب الشيوعي العراقي بقيادة فهد.الطبعة الاولى 2007. صفحة 174/ 175.

[33]-  عزيز سباهي   “عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي”، الجزء الأول، الطبعة الأولى. صفحة 299 .

[34]-  عزيز سباهي   “عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي”، الجزء الأول، الطبعة الأولى. صفحة 300-302 .

[35]- المذكرة وميثاق الجبهة من وثائق الحزب الشيوعي العراقي، طبعه الحزب الشيوعي بكراس من 23 صفحة في سبعينيات القرن الماضي، بعنوان: (كتابات الرفيق حسين الشبيبي في الجبهة الوطنية).

 

 

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular