نعيش اليوم واقعا متأزما، تتشابك فيه الفوضى بالتنافس، ويتحول فيه الخلاف إلى صراع يشتت وحدتنا، ويزرع الشك في كل مبادرة حتى لو كانت خالصة النية، وباتت التهم تسبق النتائج والافعال، والتخوين يعلو على التفهم، وكأننا بتنا نحترف إسقاط النوايا، قبل أن نمنح الفكرة فرصة للشرح أو النقاش او حتى الولادة.
صحيح أن بعض الهجمات تنطلق من دوافع فكرية او سياسية إلا أن الأخطر منها هو ما تغذّيه الصراعات الشخصية، الجهل والانغلاق، ويتصدر البعض مشهد (التشويه!)، غير آبهين بمصلحة المجتمع الإيزيدي، الذي لا يزال يرزح تحت أثقال المعاناة الإنسانية، وللأسف هناك من يقتنص اللحظات ليركب الموجة، لا بحثاً عن الحق، بل لصناعة مجد شخصي أو تعزيز نفوذ هشّ.
نعلم إنه يتم إستهداف أي مشروع بنّاء فقط لأن اسما ما ورد ضمنه، وكأنه صراع شخوص لا جدال افكار! دون أدنى محاولة لفهم الاهداف أو قراءة بياناته، بل إن بعضهم يعادي مؤتمر الحوار الإيزيدي- الإيزيدي فقط لأنه لم يُدعَ إلى لجنته التحضيرية! فهل باتت الوجاهة هدفاً، والمصلحة العامة هامشاً؟ وإلا فما وجه الخوف من مؤتمر يدعو للحوار؟ أليس هو ما نحتاجه لتقليص المسافات وبناء جسور الثقة؟ خصوصاً وأن القائمين عليه أكدوا مراراً أنه مفتوح لكل التوجهات، لا يُقصي أحداً، ولا يفرض رأياً.
نحن على يقين أن غالبية الإيزيديين، لو حكموا بإنصاف، سيجدون في المؤتمر فرصة حقيقية للتوافق على حلحلة الكثير من مشاكلنا، ونحن لسنا أصحاب القرار، بل مجرد وسطاء، أما المخرجات ستصاغ بأصوات المشاركين من كل المناطق والتيارات.
لدينا ستة أشهر من العمل الجاد ينتظرنا، والمشروع لا يزال في طور النقاش، لكن احتراماً للرأي العام، أعلنا توجهنا بوضوح، ونكررها بلا تردد: ثوابت الديانة الإيزيدية خط أحمر، ونحن أبناء هذه الديانة، نعرف مخاوف مجتمعنا، ونحترمها، ورؤية شخص واحد او أثنين أو ثلاثة، يفترض ان لا تؤثر الجميع.
ففي زمن تتساقط فيه القيم أمام عولمة جارفة، تقع علينا مسؤولية مزدوجة: أن نتمسك بثوابتنا، وننفتح بعقل راشد، لذلك فدعوتنا للحوار نابعة من صدق، ورجاؤنا أن نعيد للمنطق مكانته، وللحكمة دورها، فبالحوار تُبنى الأمم، وبالانغلاق تهدم.