على أرض دولة الإمارات يعيش مقيمون من نحو 200 جنسية، بينهم مسيحيون يتمتعون، كما غيرهم، بالحياة الكريمة والاحترام والمساواة، وهي قيم رسختها الدولة، التي أصبحت مثالا رائدا في التسامح والتعددية الثقافية.
ويعود وجود المسيحية في الإمارات إلى قرون خلت، إذ أظهرت الاكتشافات الأثرية عام 1992 في جزيرة صير بني ياس، المأهولة منذ آلاف السنين، وجود دير مسيحي بني في القرن السابع الميلادي.
وحديثا، بنيت أول كنيسة في إمارة أبوظبي عام 1965، على قطعة أرض تبرعت بها الإمارة، وحملت اسم “سانت جوزيف الكاثوليكية”.
أما أول قداس بالإمارة، فقد نظم عام 1958 في قصر الحصن، وفي إمارة دبي المجاورة بنيت أول كنيسة عام 1967، وحملت اسم “القديسة مريم”.
وقبل بناء الكنائس وتحديدا في الخمسينيات، كان الكهنة يأتون إلى بيوت المسيحيين للصلاة فيها، وفق ما قال لـ” سكاي نيوز عربية” كاهن الجالية الفرنسية في دبي، الأب طانيوس جعجع.
وتوالى افتتاح الكنائس وإفساح المجال أكثر أمام المسيحيين لممارسة شعائر دينهم بحرية كاملة أسوة بغيرهم، مع قيام دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وقدوم الوافدين، ومن ضمنهم المسيحيين، للعمل والإقامة على أرضها.
وتحتضن الإمارات اليوم كنائس في مختلف أرجائها ولشتى الطوائف المسيحية، مثل الكاثوليك والروم الأرثوذكس والأقباط والأرمن والسريان، والإنجيليين والأنغليكان.
ومن أبرز الكنائس في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، كنيسة القديس جوزيف، وكنيسة القديس بولس، والكنيسة الإنجيلية، والكنيسة الأرمنية، وكنيسة القديس نيكولاس، وكاتدرائية النبي إلياس الأرثوذكسية، وكنيسة القديس أندرو، وكنيسة القديس جورج، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وفي المجمل فإن هناك 45 كنيسة على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتعد أحدث كنيسة جرى افتتحها في أبوظبي، هي كاتدرائية النبي إلياس في منطقة المصفح مطلع عام 2018، على قطعة أرض منحها رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في مثال يؤكد تصدر دولته مجال التسامح واحترام الآخر.
ولم يكن هذا التبرع فريدا من نوعه، إذ دأب شيوخ الإمارات، منذ عهد المؤسس الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على التبرع بأراض للطوائف المسيحية من أجل بناء كنائس عليها.
ولا تزال توجد كنيسة قيد الإنشاء في مجمع الكنائس بمنطقة جبل علي بإمارة دبي، اسمها “مار شربل” الكاثوليكية، وقد تبرع، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بقطعة أرض من أجل بنائها.
ويقول الأب طانيوس جعجع تعليقا على هذه المبادرات من شيوخ الإمارات: “هذه ترجمة لقيم تجسدها دولة الإمارات من انفتاح ومحبة، والسعي إلى الخير العام واحترام قيم ومعتقدات الوافدين”.
أعداد المسيحيين
ويسكن الإمارات أكثر من مليون مسيحي غالبيتهم من الكاثوليك، ويشكلون نحو تسع السكان، وفق ما قال وزير التسامح الإماراتي، الشيخ نهيان بن مبارك، في مقال نشره بعيد الإعلان في ديسمبر الماضي عن زيارة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى العاصمة أبوظبي.
وقال المعتمد البطريركي في دولة الإمارات، المطران غريغوريوس خوري لـ”سكاي نيوز عربية”، إن هناك تقريبا 10 آلاف من أبناء طائفة الروم الأرثوذوكس في مختلف أنحاء الإمارات.
وأضاف خوري أن هناك كنيستين للطائفة في أبوظبي، افتتحت أولهما في الثمانينيات، وتحمل اسم اسمت كنيسة “القديس نيكولاس”، كما تم افتتاح كنيسة جديدة في الإمارة ذاتها عام 2018.
البيئة الأفضل للمسيحيين
بدوره، قال الأب برنابا ميسي، راعي رعية الكنيسة الأرثوذكسية في دبي والشارقة والإمارات الشمالية، إن لديهم كنيسة اسمها “سيدة البشارة” في مجمع الكنائس بمنطقة جبل علي بدبي، مشيرا إلى أنها افتتحت عام 2009، بعدما تبرع بقطعة أرض من أجل بناءها، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
ووصف ميسي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” البيئة التي يعيش فيها المسيحيون في الإمارات بأنه “لا يعلى عليها”، مضيفا: “نعيش أجواءً من التسامح والسعادة على أرض دولة الإمارات”.
وتابع: “يمكن أن تكون هناك أجواء شبيهة في بيئة الإمارات من حيث التسامح، لكن بالتأكيد لا يوجد أفضل منها”.