الثلاثاء, أبريل 15, 2025
شبكة بحزاني الاخبارية
شبكة داسن الاجتماعية
Homeاراءدراسة استراتيجية لمشروع الإصلاح الديني والدستوري في المجتمع الإيزيدي : د. سعيد...

دراسة استراتيجية لمشروع الإصلاح الديني والدستوري في المجتمع الإيزيدي : د. سعيد بير مراد

مقدمة
يُعد الإصلاح الديني في المجتمعات ذات البنية التقليدية تحديًا مركبًا، لما يتطلبه من مواءمة دقيقة بين الثوابت العقائدية وبين مقتضيات العصر الحديث. ويتجلى هذا التحدي بشكل أكثر وضوحًا في الديانة الإيزيدية، التي تميّزت عبر تاريخها بخصوصية لاهوتية وانغلاق ثقافي فرضته السياقات الاجتماعية والسياسية المتعاقبة.
ولعلّ أي مشروع إصلاحي حقيقي في الإيزيدية لا بد أن يُقاد من قبل شخصيات نزيهة، ذات فكر مستنير، لم تتلطّخ بفساد السياسة ولم تُتاجر يومًا بقضايا هذا المجتمع. ومن وجهة نظري المتواضعة، فإن الأكاديميين د. ماجد حسن ود. ديما يمثلان الأنسب لقيادة هذا التحول التاريخي، بما يمتلكانه من خلفية معرفية ووعي روحي متوازن.
يهدف مشروع الإصلاح الديني والدنيوي إلى إعادة تموضع الديانة الإيزيدية ضمن سياق معاصر، دون المساس بجوهرها الرمزي والروحي. وتقدّم هذه الدراسة خارطة طريق تأصيلية وعملية لتحقيق هذه الرؤية.
أولًا: الإطار النظري للإصلاح الديني في الإيزيدية
1. مفهوم الإصلاح الديني: نحو تجديد واعٍ
• لا ينبغي النظر إلى الإصلاح بوصفه قطيعة مع المقدس، بل باعتباره تجديدًا عقلانيًا للخطاب الديني، من خلال فهم النصوص التأسيسية بمنهجية علمية تتسم بالعمق والتوازن.
• يجب أن يتصف هذا الإصلاح بـ:
• التدرج: لتجنب الصدمات الثقافية ومقاومة التغيير.
• الشمول: بحيث يشمل البعد العقدي، الفقهي، والاجتماعي.
• المنهجية العلمية: عبر استخدام أدوات التأويل المنهجي (Hermeneutics) لفهم النصوص وتحليل بنيتها الرمزية والتاريخية.
2. الإصلاح في السياق الإيزيدي: الخصوصية والتحدي
• الإيزيدية ديانة غير تبشيرية، تعتمد بشكل كبير على التراث الشفهي، مما يجعل الإصلاح الديني أكثر تعقيدًا.
• يتطلب المشروع ما يلي:
• تحرير النصوص المقدسة من القراءة الأسطورية الجامدة دون انتقاص من رمزيتها.
• تحديث الفقه الاجتماعي، خصوصًا في ما يتعلق بقضايا المرأة، الهوية، والمواطنة.
• تفكيك الصور النمطية التي رُوّجت عن الإيزيديين في الداخل والخارج، وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
ثانيًا: الركائز المؤسسية لنجاح المشروع
1. إنشاء هيئة عليا للإصلاح الإيزيدي
• هيئة مستقلة تتولى الإشراف العلمي والديني على عملية الإصلاح، وتضم:
• علماء دين معتدلين وعقلانيين.
• باحثين أكاديميين متخصصين في مقارنة الأديان والفكر الديني.
• ممثلين عن الجيل الشاب الواعي والمثقف.
• وتُناط بها المهام التالية:
• صياغة دستور ديني–مدني متوازن.
• إعادة قراءة النصوص المرجعية وتقديم تأويلات معاصرة.
• متابعة التطوير الفقهي ورصد الانحرافات الفكرية.
2. بناء دستور إيزيدي عصري
• يقوم هذا الدستور على المبادئ التالية:
1. حماية العقيدة والرمزية الدينية، وعلى رأسها مبدأ التوحيد.
2. تطوير تشريعات مدنية مرنة، تُعنى بتنظيم مسائل مثل الزواج، الميراث، والهوية الثقافية.
3. ضمان التعددية الفكرية داخل المجتمع الإيزيدي، واحترام التنوع في الرؤى.
• يُقترح إنشاء “مجلس الحكماء” تكون مهمته مراجعة الدستور وتحديثه دوريًا (كل عشر سنوات)، مع تفعيل آليات التصويت المجتمعي في القضايا الخلافية.
3. إصلاح المنظومة التعليمية والدعوية
• تأسيس معهد إيزيدي للدراسات اللاهوتية والتاريخية، يعمل على:
• تدريس الفكر الديني المقارن، وتاريخ الفِكر الإيزيدي.
• تأهيل جيل جديد من الدعاة القادرين على إيصال رسالة الدين بلغة معاصرة.
• تطوير مناهج تعليمية موجهة للأطفال والشباب، تدمج بين القيم الإيزيدية ومفاهيم حقوق الإنسان والفكر الفلسفي.
4. إدارة التحديات المتوقعة
أ. التحديات الداخلية
• التعامل مع التيارات المحافظة بالحوار لا بالصدام.
• تجاوز الانقسامات العشائرية من خلال مشروع جامع عابر للانتماءات الضيقة.
ب. التحديات الخارجية
• مقاومة التوظيف السياسي للمشروع الإصلاحي.
• تقديم صورة حضارية متكاملة عن الإيزيدية في الإعلام المحلي والدولي.
ثالثًا: مراحل تنفيذ المشروع
المرحلة الإطار الزمني الأنشطة الرئيسية
مرحلة التأسيس 1–2 سنة تشكيل الهيئة العليا، إعداد دراسات مقارنة، توثيق التراث الشفهي.
مرحلة الصياغة 2–3 سنوات إعداد الدستور، تنظيم ورش حوارية، اختبار الاستجابة المجتمعية.
مرحلة التطبيق 3–5 سنوات تنفيذ بنود الدستور، تأسيس المؤسسات التعليمية، تأهيل القيادات الدينية.
مرحلة التقييم مستمرة مراجعة الأداء، تطوير الآليات، وتفعيل الحوار المجتمعي المفتوح.
خاتمة وتوصيات
شروط النجاح الأساسية:
1. ترسيخ الوحدة المجتمعية وتفادي الاستقطابات.
2. الاستفادة من الخبرات الفكرية والأكاديمية، خاصة د. ماجد حسن ود. ديما.
3. ضمان التمويل المستقل بعيدًا عن التدخلات السياسية.
المخاطر المحتملة:
• تصاعد الصراع بين التيارات المتشددة والتيارات التقدمية.
• المساس بالشرعية الدينية في حال تم تجاوز الرمزية العقدية للدين.
رؤية المشروع:
دينٌ إيزيدي متجدد في الفكر، متجذر في الروح، متوازن في الانفتاح، قادر على احتضان أبنائه، والتفاعل بثقة مع العالم.
“الإصلاح الحقيقي لا يهدد الإيمان، بل يعيد إليه حيويته وصدقيته.”
— من فلسفة المشروع.
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular