تتوجه أنظار العالم نحو عُمان حيث تترقب ما ستفضي إليه مفاوضات يوم غد السبت بين الولايات المتحدة الأمريكية
والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي يشير محللون بأنها فاشلة قبل أن تبدأ لأن سقف المطالب بل الاملاءات الامريكية
عالٍ جداً.
ورطة الموقف الإيراني يتمثل في جدية التهديدات المتكررة للرئيس الأمريكي ترامب التي أتبعها برسالة واضحة للمرشد
الإيراني السيد خامنئي والتي رغم بدايتها الدبلوماسية، فإن آخرها تهديد ووعيد, اشتملت على شروط صعبة، تُبطن في
مضمونها التخلي عن المشروع النووي وتصنيع الصواريخ ورفع اليد عن أذرعها في المنطقة والانكفاء داخل حدودها أي
بمعنى آخر التبرؤ من مشروع تصدير الثورة الإيرانية إلى الأبد، او حرب مدمرة.
ببساطة يعني إنهاء المشروع الإيراني بجوانبه التوسعية والطائفية والنووية والإذعان المطلق للارادة الترامبوية.
وهكذا وجدت الحكومة الايرانية نفسها امام خيارين، أحلاهما مر او بالاحرى كلاهما بطعم واحد لا يمكن أن تستسيغه
السلطات الإيرانية، مفاوضات إذعان بشروط مذلة او حرب ضروس، تأتي على الأخضر واليابس.
هل يا ترى يمكن التعويل على عقلية ترامب التجارية ونزوعها الطبيعي نحو المساومة أو الركون إلى ما يُشاع عن صبر
وأناة صانع السجاد الإيراني، من أجل درء خطر حرب مدمرة في المنطقة ؟
ورغم طبيعتي المتفائلة، إلا أني في قراءتي المتواضعة، تعديت حالة التشاؤل حتى ووصلت أعطاف التشاؤم. ولا تستقيم
عندي التشكيكات بجدية ما يُدبر ، وان كل ما يجري مجرد زوبعة إعلامية، بسبب أن حسابات وحجم التخصيصات المالية
الهائلة في تجييش الجيوش وحاملات الطائرات وأحدث وسائل الحرب التكنولوجية، لا يقارن مع الارباح التي قد يجنيها
ترامب وامريكا من حربه التجارية على العالم… لذا فإن هناك هدف أكبر من تحييد إيران إلا وهو ترتيب أوضاع منطقة
الشرق الأوسط ذي الاستراتيجية الخاصة وضمان علويّة إسرائيل فيها ثم ترويض (حليف ) إيران التنين الصيني
الشرس.
وبينما الراعي الايراني يقف مرتبكاً أمام معضلة ترامب، فإن الحشد الشعبي العراقي والقوى المسلحة الاخرى التي أوقفت
نشاطها، حتى الدعائي منه، ضد الامريكان واسرائيل بعد تلقيها أمراً إيرانياً بالركون إلى الهدوء بسبب الظروف العصيبة
التي تعيشها الجمهورية الاسلامية، ولا مناص لها إلا ان تنتظر حائرة وبقلق ما سيكون القرار المتعلق بشأنها. لاسيما بعد
مشروع قانون " تحرير العراق من ايران " الذي يزمع النائب الجمهوري جو ويلسون تقديمه مع زميل ديمقراطي
للكونغرس لإقراره، وعلى حد قول ابراهيم الصميدعي المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني
: " قانون جو ويلسون سيمضي.. ركض ".
بالتأكيد, قرار تحديد مصير الحشد والفصائل لن يكون عراقياً، لا بقرار داخلي طوعي بحلّ نفسها لأن قيادها ليس بيدها،
حيث انها تتبع الإرادة الإيرانية… وليس بقرار حكومي عراقي، على افتراض خضوع مؤسسة الحشد بالخصوص لإدارة
القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، والذي عجز سابقاً بمناسبات متعددة
التأثير بقراراتها، لذا فإن قادتها يداخلهم الوسواس والارتباك من حالة التوهان السائدة..
تخلص الجمهورية الاسلامية في ايران من هذا المأزق، يبدو مستحيلاً، بعد تجريدها من مصادر قوتها المتمثلة بحزب الله
اللبناني ونظام بشار الأسد في سوريا وتراجع قوة الحوثيين في اليمن بعد الضربات الأمريكية المدمرة، وتناثر أوراق
لعبها في خضم العاصفة.. ولم يبق لها من سبيل سوى أن تلجأ ومعها هذه القوى إلى ما تعتقده وتتمناه من غيبيات, بظهور
المخلص، الإمام المهدي المنتظر ليغير الواقع بمعجزة… لذا تتعالى الصيحات : " يا إمام زمانم كجايي ؟ " دعوة توسل
بالفارسية، تعني أينك يا إمام الزمان ؟
وقد أعلن أحد المشايخ من على منبره، أن الإمام المهدي يستعد للظهور !!!
اندلاع أي أعمال عنف، لن تكون بالتأكيد لصالح شعوب المنطقة… ولا نتمنى لأهلنا وشبابنا أن يكونوا حطباً لها !!!