السبت, أبريل 26, 2025
شبكة بحزاني الاخبارية
شبكة داسن الاجتماعية
Homeاراءظواهر جديرة بالانتباه في مجموعة مقالات للمرحوم عيدو بابا شيخ كتاب في...

ظواهر جديرة بالانتباه في مجموعة مقالات للمرحوم عيدو بابا شيخ كتاب في قراءة وحوار ج1:ب.د.خالد محمود خدر

قراءة وحوار حول كتاب وبعدها كانت وقفة مع مؤلفه الفقيد عيدو بابا شيخ ، كباحث ترقب ورصد الأحداث وعبر عن وجهة نظره فيها ، قبل أن ينقلها للقارئ. وكتابه يتضمن مجموعة مقالات ، سبق له نشرها بشكل منفرد عبر أكثر من عقد ، تتناولت مواضيع تضم جوانب متعددة من شؤون وشجون الحياة التي واكبها وعبر فيها عن وجهة نظره التي مثلت جانبا من خلاصة جولاته الفكرية والميدانية والاجتماعية محليا ودوليا ، ليخرج منها ومن سنينها بهذا الكتاب الذي ضم بالنتيجه افكار ورؤى ونتاج تجاذبات وتنافرات أفراد المجتمع ، حكاما ومحكومين ، مسؤولين ومجهولين ، وهي شبيهة بتلك التي يحملها و يعيشها أي مواطن. ومن هنا تأتي أهميتها لأن فحواها صب ويصب ويلتقي مع منظور الكثير.

هكذا وجدت الفقيد عيدو بابا شيخ في كتابه موضوع الحديث ، وهو آخر كتاب له ، يتفحص واقع الحياة من مواقع مختلفة ، تجده فيها وكأنه واقف على قمة من مرتفعاتها قبالة سفوحها المكتنزة بأشجار وارفة الظلال ، بجذورها الممتدة في أعماق الأرض بعد معاناة في توغّلِها وصعاب العيش فيها ، كالمربي الذي يضحي براحته وسنين عمره من اجل ان يمد طلابه بكل مقومات الحياة ليقف فيها شامخا مدركا فخورا بهم بعد تخرجهم وخروجهم لميادين العمل معززين بعلم وخبرة لمواجهة صعاب الحياة وآفاقها.

كان الفقيد عيدو ينظر الى الحياة نظرة الخبير المتفحص ليكشف عن مواقع الخلل ومحاسن الامور ، مثل جذور الشجرة التي تبقى ابدا جذورا في نظر من لا يراها ، ولكنها ازهارا في نظر الحياة ومن يتفحصها ، ازهارا تحتقر الشهرة كما يقول جبران. و ما يفصح عن وجودها هو ثمار شجرتها المتدلية بين اغصانها ، لتبقى هي الأصل تمد بعناوين الحياة والبقاء دون كلل ، وكأنها في هذا تعطي رساله مفادها ليس جمال القمه فقط بما يعلوها على الارض من صخور وشجيرات وازهار ، بل يكمن جمالها بمن يمدها متواريا مضحيا بعناوين الحياة. هكذا ايضا هم بعض البشر .

كل ذلك كما اشرت وغيره وجدته في آخر نتاجات الفقيد عيدو بابا شيخ في كتابه المطبوع أواخر سنة ٢٠١٩ على ورق من القطع المتوسط . كتاب ضم ظواهر جديرة تأملها ووقف عندها بمختلف فصول أحداثها وتنوعها ، لتحمل بعدها معنى اختصرها في كتاب توسم بعنوان : ظواهر جديرة بالانتباه ، عنوان اتخذه المؤلف كما تبين من عنوان أحدى مقالاته فيه.

قبل أن اتناول جانبا مما ورد في كتابه هذا ، لابد من التعريف سريعا بسيرة الفقيد عيدو بابا شيخ:
ولد في ١/ ٧/ ١٩٥٢ في عين سفني ، مركز قضاء الشيخان و أكمل فيها دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية ، ليلتحق بعدها في كلية القانون/ جامعة بغداد وتخرج منها عام ١٩٨٠ بتفوق.

عمل لفترة طويلة في مهنة المحاماة بمحافظة نينوى ، قبل أن يعتقل في اواسط تسعينات القرن الماضي. بعد خروجه من المعتقل ، عمل فترة كناشط في مجال حقوق الإنسان في دهوك، إضافة الى نشاطاته الثقافية والأدبية. ثم هاجر إلى ألمانيا ليستقر فيها لفترة ، وسرعان ما دارت عجلة الزمن في دواليب السياسة العراقية أوائل تسعينات القرن الماضي ، ليجد المؤلف بعد ذلك طريقه الى موطنه في اقرب موعد لطائرة ، لتتغير بعدها امور دنياه ويصبح مسؤولا مرة ونائبا برلمانيا مرات أخرى وكاتبا ومؤلفا في غيرها دون رقيب او متابع لتحركاته او اهتماماته ، حيث انتخب بعد عام ٢٠٠٣ عضوا في برلمان إقليم الكوردستاني والبرلمان العراقي لأكثر من مرة ، ثم أصبح مستشارا للرئيس العراقي السيد جلال الطالباني حتى وفاته.

كتب العديد من المقالات والبحوث باللغتين الكردية والعربية كما ترجم من الانكليزية مقالات وبحوث تاريخية ، مثلما ترجمت بعض كتاباته الى الانكليزية والالمانية والروسية.
توفى اثر إصابته بوباء كورونا في ٢٨/ ١١/ ٢٠٢٠

ظواهر جديرة بالانتباه
ظواهر اختارها الفقيد بعناية وانتباه ، ولكنه كان انتباه يتوزع بين رصد المسؤول ويقظة المترقب وحلم العاشق لربوع وطنه حاملا همه وشجونه وامله بغد معافى ، وهو يتنقل وقت كتابة مقالاته بينه وبين هجرة اختارها منذ زمن بعيد يوم لم يكن له منها من بد .هجرة كان في سببها الكثير من الوجع والقسريه الدينيه والقوميه والفكريه لتحمل في اخرها الاكثر من استلهام للعبر في الكثير من المحطات التي مر بها أو الظواهر التي مرت به ، سواء بإستقرائه لمستقبل أهله الاقربون والابعدون بكل عناوينهم الدينية والقوميه والوطنيه المشتتين في الدين والدنيا ،خاصة أضعفهم عددا ، نفوذا وتأثيرا ، في الوطن والمهجر .

لابد من الإشارة إلى أستلامي نسخة من الكتاب هذا كهدية من مؤلفه يوم ٢٠٢٠/١/٣٠. ساقني تلهفي لمعرفة مكنونات هذه الظواهر الى المباشرة بقرائته خاصة ، وقد صادف استلام النسخه عشية يومي العطلة الاسبوعية في الجامعة ، وسرعان ما وجدت نفسي مثل سائح ربيعي في حديقة غناء من طراز متنوع خليط من المحلي والدولي تمتد أزهاره لمسافات طويلة عبر المكان و أكثر من عقد من الزمن ، تتنوع وتغطي جوانب تعين الزائر المتلهف بنسمة ريح عطرة تهب محملة بأريج عطر أزهارها الملهم والمستفز للفضول ، لتريحه كباحث عن مرفأ إستراحة متشوقا متنقلا ملتهما لسطور المقالات التي ضمها الكتاب بما احتواه من ظواهر وأحداث ومواقف اجتماعية وسياسية وإنسانية متنوعة ، تنوع ازهار و ورود الربيع في سفوح الجبال المطلة على مسقط رأسه وسهوب مرابع وطنه ، مثلما سني غربته ، ليجدها القارى بالنتيجه تختلف في عناوينها ومضامينها ، ولكنها تشترك جميعها في عرض وجهة نظر المؤلف حيال الظاهرة و الموقف المعني .

وجهات نظر بمجملها يجدها القارئ تتوزع بين ثناء لايجابيات ونقد لسلبيات ، مثلما يجد القارئ فيها توضيحا ناقدا او مثنيا لظواهر اجتماعية عاشها العراقيون وتحديدا المجتمع الكردستاني في فترة التسعينات حيث غطت مقالات الكاتب في كتابه الفترة من سنة ١٩٩٢ وحتى نيسان ٢٠٠٣.

ومن هنا تأتي أهمية وجهة نظر الكاتب ، خاصة أن أكثر مقالاتها كتبت ونشرت في فترة تحمل خصوصيتها وظرفها الأمني السياسي العراقي بالنسبة للمؤلف ، لتكتسب بذلك مزيدا من المصداقية ووضوح الرؤيه في وجهة النظر.

لم يقيم المؤلف مقالاته موضوع الحديث تقييمي ختامي يمثل خلاصة وجهة نظره حيال احداث وامور وظواهر ، ليبين فيها وجهه نظره حيال الكثير من تلك الظواهر بعد مضيء حوالي عقدين عنها. ولعل انشغاله وقتها في أكثر من اهتمام ومهام حال دون ذلك ، او لعله أراد كما توقعت ، أن يبين للقارئ بشكل خفي بين السطور ، أن وجهة نظره وقت كتابته للمقال المعني ، قد ثبت مصداقيتها بعد أكثر من عقد مضى.
ولابد من الإشارة أيضا إلى أنني كتبت هذا الجزء من المقال وبقية أجزائه اللاحقة في منشور لي على صفحتي في موقع الفيسبوك بعد الانتهاء من قراءته في ٢٠٢٠/٢/٣.

حقا انها ظواهر مختلفة في مواضيعها وزمانها خرجتُ منها ، بما يمكن القول ، أن الحياة قد تتعثر في كثير من محطاتها ولكنها لا تتوقف ، لتعطي الكل رساله مفادها انه قد يختفي الأمل للحظات تطول وتقصر عند الكثير ولكنه لا يموت أبدا بثبات متأملٓه ، ذلك أن الفرص لا تنتهي مهما ضاقت الدنيا. وتبقى لإرادة الإنسان هنا دور في تحديه لكل ما يضيق عنه من فرص ، ذلك انه عندما تعطي الحياة للانسان سببا لليأس ، فعلى الإنسان أن يمنحها الف سبب للاستمرار ، بثباته وصبره وعدم انكساره ، وعندها فقط سيجد نفسه يوما ما امام فرص لم يكن يتوقعها ، وسيجد نفسه قد عبر الطريق رغم ثقل كل ما صادفه من نوائب و معوقات. ولعل الاستاذ عيدو نفسه في هذا ، مثل نموذجا لما سبقته من كلام ، وهو الذي كان يعاني الامرين من وضعه ، كما جاء في مقاله عن اليخت والثور في سنوات الحصار وقبلها في سنوات الثمانينات التي ضُيقت عليه حتى فرص اللقاء بإخوته واقاربه وشددت عليه المتابعه الامنيه في الثمانينات حدا لم يجد غير الهجرة منفذا ومتنفسا .

اخيرا الرحمة للاستاذ الفقيد عيدو بابا شيخ الذي كان يتمتع بخلق كبير وادم جم وثقافة عالية ، معززة بتقدير واحترام كبير نشأ عليه ، لكل من يلتقيه ، كسب بها علاقات واسعة ، على مستويات عدة محلية واقليمية ، اذ ان الكثير من الباحثين والمؤرخين الاجانب المهتمين بشؤون الايزيدية كانوا يزورونه ويستمعون اليه بخصوص وضع الايزيديين وغير ذلك من شوؤن وشجون. وكثيرا ما كان يأخذ طريقه مع زائريه الى الأماكن الدينية المقدسة الخاصة بالايزيديين من اجل تسهيل مهامهم . كتب الكثير من المقالات والمؤلفات التي احتوت عصارة جهوده افكاره وارائه.
وأمل ان وجد مؤلفه الأخير هذا طريقه الى المكتبات والقراء ليأخذوا من معينه وجهات نظر الكاتب في ظواهر أو أحداث عاشها في تسعينات القرن الماضي .

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular