الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالاتبيار روباري؛قصة: القبلة الأولىج

بيار روباري؛قصة: القبلة الأولىج

كنتُ أحبه حتى قبل ان يتودد إلى صديقته السابقة،لكنني لم استطع البوح له بذلك ربما الخجل منعني من ذلك أو الخوف من ردته، أو لأنه فضل إخرى علي وتودد لغيري .. ولربما لأسباب اخرى لا اعلم بها! ولكن الأهم من هذا كله، لم اكن ارغب في خسارته كصديق على الأقل والبقاء بقربه بأي شكل كان. وكما أنني لم اكن احببت من قبل ولم يكن لدي أي تجربة، ولذا لم اكن اعلم كيف يجب علي ان أتصرف.

كان ريزان صديقي المفضل منذ ثلاثة سنوات من التواصل اليومي داخل المدرسة وخارجها أثناء المرحلة الثانوية. كان يجذبني وسامته وتعامله مع الأخرين ورقته في الكلام. مع العلم كان متوسط الذكاء وكان يجمعنا نفس الصف.

وقفت إلى جانبه كصديقة عندما كان يمر بوضع نفسي صعب للغاية، حينما إفترق مع صديقته ليليان وكان في حالة يرسى لها ولفترة طويلة. كانا يعشقان بعضهما البعض بشكل كبير .. كنتُ احسد ليليان وأغار منها دون ان تعلم يومآ بذلك.

لم اتوقف يومآ عن مساعدته ومحاولة التخفيف عنه بقدرما استطيع، كنتُ أنجح احيانآ وأفشل في بعض الأحيان. ولم أظهر له أي مشاعر غير طبيعية كصديقة، وكان يقول لي دائمآ إنني محظوظ بكِ كصديقة. فاتحته مرة بضرورة البحث عن إخرى للخروج من الماضي بحلوه ومره.

فقال لي:

– طيب يا ستي وهل لديك أحدآ؟

قلت: سأفكر وابحث لكَ عن واحدة إن لم يكن في ذهنك أحد.

أجاب: لا يوجد حاليآ في ذهني اي واحدة.

قلت: على خير، سأفعل ما استطيع لمساعدتكَ.

أجابني قائلآ: لا ادري كيف أشكركِ، يا نارمين!

أجبته: الأصدقاء لبعضهم ولم افعل شيئ بعد، لتشكرني عليه.

أجاب: انتِ دائمة الحضور …

بعد فترة من ذلك الحوار، عرفته على إحدى صديقاتي مع إني كنت احترق من الداخل ولكن ضغطت على مشاعري وأعصابي بكل ما استطيع من قوة. وقمت بذلك الدور المتعب نفسيآ بصعوبة بالغة. كل ذلك من اجل ان ارضيه وأبقى بقربه. لقد التقوا عدة مرات عن طريقي وأبدى ريزان بعض الإستلطاف نحوها وهي لم تمانع بدورها.

وبقي على إتصال بها ومرت الأيام لا أدري ماذا أفعل، إن اقتربت منه زاد ألمي وان حاولت الإبتعاد ينتابني الشوق ويُعاد الألم يغزوني. في كلا الحالتين كنت أتألم وكنت مشوشة ومضطربة ولقلقة للغاية ودائمة التفكير به.

بعد فترة على بداية تعارفهما، إتصل بي وطلب لقائي فوافقت دون ان اسأله عن دوافع اللقاء،أو اي شيئ آخر. لكن بحس الإنثى ادركت إنه ليس على ما يرام، ويرغب في الحديث لشخصٍ ما.

وعند لقائنا سألته:

– ما بكَ يا ريزان؟

أجابني: لقد إفترقنا …

قلت: انت ودينا؟

هز رأسه بمعنى نعم.

قلت: هم .. هذا يعني لم تجدون ما يجمكم ام في الأمر ما هو أكثر؟

أجاب: لا ادري بالضبط.

من الممكن إنني ما زلت غير قادر الخروج كليآ من الماضي وهذا يؤثر على تصرفاتي. وقد يجوز لم يكن هناك ما يجمعنا انا ودينا.

قلت: من الصعب علي الحكم على ما جرى بينكم، لكن من الأفضل التوقف هنا، ان لم يكن هناك إنسجام بينكما. على كل حال حاولت ولم تثمر تلك المحاولة عن شيئ، ولكنها ليست نهاية العالم.

أجاب: نعم، لم تثمر المحاولة عن شيئ ولم تدم طويلآ ايضآ. أظن إنها كانت مشغولة بشخص آخر، في هذه الفترة على الأقل فكريآ.

سألته: هل اخبرتك هي بشيئ من هذا؟

قال: لا، مجرد إحساس.

بعد فترة من الزمن، قررت  بيني وبين نفسي ان أبوح عن مشاعري نحوه واخبره بذلك وليحدث ما يحدث. عندما اخبرني بإفتراقه عن دينا إنتابني مشاعر مختلطة. فمن جهة حزنت لحاله، ومن الجهة الإخرى فرحت لأنه بات حُر وليس لأحد.

في إحدى الأيام خرجنا كشلة من المدرسة وكنا ثلاثة بنات وثلاثة شبان (سرتيب، سولاف، ريزان، سيابند وانا وروشن)، اثناء فترة الظهيرة لنتناول الطعام وقررنا الجلوس في تلك الحديقة الصغيرة المجاورة للمدرسة. اخرجنا الأكل كلآ من حقيبته وزجاجات الماء والكولا … الخ.

وأثنا الأكل سأل سيابند وقال:

يا ريزان كيف كانت قبلتك الأولى، وكم كان عمركَ حينها؟

ضحك ريزان واجاب:

عليك أفكار يا أخي غير معقولة، وتظن الأن هو الوقت المناسب لمثل هذا الموضوع؟ دعنا نأكل ونستمتع بهذا الجو الجميل، ونريح دماغنا خلال الفرصة قبل ان نعود من جديد الى الصف.

علق سرتيب قائلآ:

يا ريزان انت عقدتها دون لزوم، يا صاحبي سأبدأ من عندي انا.

اجابه ريزان:

تفضل كلنا سمع ووعد مني بأن أخبركم عن تجربتي بعد ان تنتهي من كلامكَ.

سرتيب: سمعتم يا جماعة؟!

نحن: بلى سمعنا.

قص علينا سرتيب تجربته مع القبلة الأولى،وتأثيرها عليه وكم كان عمره حينها. وثم كيف ينظر اليوم الى الأمر.

تلاه في الكلام ريزان وأخذ بدوره يقص علينا تجربته وكيف عاشها وتلاه البنات وهكذا الى أن جاء الدورعليَّ. خلال كل تلك الفترة كنتُ إصغي بإهتمام، ولكن كنت احس بنوع من الحرج والخوف معآ لمعرفتِ بأن الدور سيأتيعليّ وانا لا أدري ماذا علي ان اقول وخاصة لا املك اي تجربة في المجال، ولم اقبل اي شاب في حياتي لحد ذاك اليوم.

إلتفت الي سيابند وقال:

ها يا نارمين والأن جاء الدور عليك، هاتِ لانشوف يا ستي.

إحمر وجهي وإرتفع ضغط  دمي، وأجبته قائلة دون ان انظر في وجهه:

– إعذروني ليس عندي ما اقوله.

إستغربوا ونظروا الى بعضهم البعض مستغربين الأمر.

سألتني روشن وقالت:

– لا تريدين الحديث حول الموضوع، ام انكِ لم تمر بأي تجربة من هذا النوع؟

في هذه اللحظة زاد حرجي وهذا ما كنت اخاف منه، ولم اعرف ماذا افعل. لا شعوريآ حملت الشنطاية وغادرت المكان دون اي كلام، وسط حيرة وإستغراب الجميع. أسرعت الخطى وقررت التوجه الى البيت عوضآ عن المدرسة. كانت لحظات ثقيلة وطويلة جدآ التي مرت علي خلال تلك الفترة القصيرة زمنيآ. بعد أن إبتعدت عن المكان مسافة معينة لحق بي ريزان وهو ينادي:

إستني يا نارمين … إستني.

لم أرد عليه، ولم اتوقف عن المشي. بعد بضع دقائق حصلني وهو يلهث من الركض.

خاطبني قائلآ:

– قفي من فضلك.

– توقفت وقلت نعم؟

أجاب:

– ماذا جرى لكِ؟ ولِمَ إنسحبت بهذا الشكل؟

قلت: لا أدري ماذا بي، الذي اعرفه انا متعبة.

قال: متعبة من ماذا؟

أجبته: لا أدري.

سألني: هل ازعجناكِ بشيئ؟

قلت: لا… لستُ منزعجة منكم وإنما من نفسي!

رد علي قائلآ:

هل تصدقين إنها المرة الأولى التي لا افهمكِ،وكلامكِ يبدو غريبآ عليّ.

قلت: هذا ممكن ..

سألني وقال:

بالله عليكِ قولي وريحيني لقد شغلتي بالي عليكِ يا بنت الحلال. يعز عليّ ان اترككِ وانت على هذه الحالة. ثم الى اين انت ذاهبة؟

أجبته: انا ذاهبة الى البيت. انسحبت لأنني لا أملك ما اقوله وبدأت كغريبة بينكم لذا قررت المغادرة.

قال باستغراب: يعنى ايه معنى كلامكِ؟

قلت: يعني لم اقبل اي شاب في حياتي. خلاص ارتحت؟! ولمعلوماتك ثلاثة سنوات وأنا اقمع مشاعري نحوك وانت لست حاسس بيانهائيآ.

أخذته الدهشة وصمت لبرهة …

وأنا لم أعرف كيف تغلبت على نفسي، واخبرته بما احس به تجاهه من مشاعر، طوال تلك السنوات.

خطفت نظرة سريعة منه لرؤية ملامحه وإذا بعيناه جاحظتان والذهول يخيم على وجه بالكامل، من صدمة ما قلته له.

سادَ صمتٌ مدوي بيننا وتسمر كل واحدٍ منا في مكانه …

النهاية.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular