لايمکن لتصريحات ومزاعم مهما کانت محبوکة بصورة متقنة ورصينة من أن تحظى بأهمية إعتبارية أو تکون لها من مصداقية مالم تکن مدعومة من الواقع، صحيح إن هناك إستثناء لهذه القاعدة”کما لکل قاعدة أخرى”، ولکن هکذا إستثناء لم يعد من أي وجود له في إيران، حيث إن الصورة الايرانية باتت أکثر من واضحة المعالم ولم تعد بحاجة الى أي شرح أو تعليق!
طهران على موعد في أية لحظة مع أزمة أو أزمات جديدة تضاف الى سجل أزماتها المستفحلة. ولاريب من إن طهران التي تواجهها أزمات غير مسبوقة ولاتتمکن من إيجاد حلول لها أو معالجتها، ليس مربط الفرس، بل إن العقدة الاساسية هو إن هذه الازمات لها علاقة غير عادية مع مظاهر الاحتجاجات الحادة السائدة في إيران ومن إن بقائها يعني بقاء الاسباب الموجبة لإعادة سيناريوهات إنتفاضتي عام 2009 وأواخر عام 2017، مع الاخذ بنظر الاعتبار بأن الحکم الديني في إيران لم يعد يمتلك القوة السابقة لمواجهة أية إنتفاضة عارمة ولاسيما وإن سيف مٶتمر وارسو مسلطا على رأسه.
الاقتصاد الايراني المشلول والکسيح، والذي ينتظر لحظة الانهيار الکبير، قد فقد الرايال في العام المنصرم 70% من قيمته، وإرتفع سعر التضخم لبعض السلع الاستهلاکية الاکثر قيمة الى أکثر من 100%. أما البطالة فقد صارت بعض المدن أکثر من 50%، بل وطبقا لما قد ذکرته صحيفة نيويورك تايمز، فإن أحد مستشاري روحاني إعترف مٶخرا بأن 50% من الطبقة الوسطى الايرانية قد تلاشت وإنضمت لطبقة الفقراء. ولاريب من إن السبب والعامل الرئيسي لأزمات النظام السياسية هو قيامه بصرف أغلب الميزانية على القمع الداخلي وعلى التدخلات في بلدان المنطقة ودعم المجاميع الارهابية والمتطرفة والسعي من أجل الحصول على الاسلحة الاستراتيجية، هذا إذا ماوضعنا الفساد الکبير المستشري في إيران بسبب الحکم نفسه جانبا. وفي ظل کل ذلك فإنه ليس هناك من أي دافع أو باعث للتعلق بالامال بإحتمال أن تتحسن الاوضاع وتتمکن طهران من إحتواء الاوضاع وإمتلاك زمام الامور کالسابق.
إحتمالات تزعزع النظام الحاکم أکثر وغرقه في دوامة أزماته المستعصية وحلول نهايته هو الاکثر واردا في ظل ماقد أسلفنا ذکره من أن يقف على قدميه ولاسيما إذا أخذنا بالحسبان الظروف والاوضاع الدولية التي لم تعد في صالحه بل وإن هناك تشديد خارجي متزامن ومرافق للأوضاع الداخلية المتوترة أصلا من أجل إيصال الاوضاع الى الذروة التي هي أساس الخوف والرعب في طهران.