السويد 2019-02-03
رحل الامير في المهجر ليرقد في منزله في مدينة عينسفني حاضرة امارة الشيخان (ايزيدخان) بعد حياة طويلة في منصب مسؤولية لا يحسد عليها. لقد اختار الامير المرحوم مكان السكون الابدي خير اختيار و نقرأ في ذلك رسالة واضحة … وكأن رحمه الله يقول هنا: سارقد الى الابد متمسكا بالامارة …بالارض …بايزيدخان … التي اريدها ازلية ابدية رغم انف من لايريد للايزيدين و ايزيدخان خيرا. و كأن سموه يدعو الانسان الايزيدي ان يتشبث بالارض و الجغرافية.
لقد كان موفقا سموه في اختياره الثاني، الا وهو عدم تسمية احدا خلفا له، بل ترك الامر الى صاحب الامر والشأن … رسالته الثانية هنا ايضا واضحة و كانه فيها يقول … ادرك تماما صعوبة المرحلة و اعي تماما ضرورة ترك حرية الاختيار لصاحب الشأن… سموه لم يبغي ان يحرج الايزيديون بان يوصي عليهم اميرا خلفا له … لم يرد بذلك ايضا ان يزرع بذرة الفتنة في الدار الاميري بل وضع ابناء البيت الاميري امام الامتحان الصعب بان يختاروا الامير بالية ترتقي الى مستوى التحدي …
رحل سمو الامير و دفن معه بكل تأكيد اسرارا قد تكشفها الايام وقد تبقى اسرارا الى الابد … لكم فكرت و حاولت ان اختصر مسيرة حياة سموه بكلمات منصفة محايدة لكنني لم افلح اكثر من اصف هذه المسيرة باكثر من “كانت مسيرة سيد الموقف فيها العين بصيرة و اليد قصيرة” …
ليس سهلا ان تبقى اميرا في زمن غير زمن الامارات و شعبك محاط بالاعداء من كل حدب و صوب … ليس سهلا ان تتحدى السلطة بعد السلطة و الحاكم بعد الحاكم و دساتيرهم جميعا لا تقر لك حق الهوية و البقاء … كيف تتحداهم و انت الحلقة الاضعف بعد ان غدر بك الزمان. ا
لكلام دون شك عن سمو الامير و شعب مغدور على مر المئات من السنين في جغرافية تعد من اشرس الجغرافيات التي عرفها التاريخ، يطول و مليء بالشجون و الماسي.
عرفناه انسانا متواضعا يسمع بكثير اكثر مما يتكلم و يتقبل النقد و كنا كثيرا ما ننتقده كما غيرنا … لكنه ظل دوما متماسكا هادئا وكأنه في صمته يتكلم و يجيبنا جميعا … ما لا يسرنا و ما قد لا نفهمه … قبل لنفسه ان يكون شهيدا حيا لقضية شعب مغدور …
بكل تاكيد فان مسيرة حياته في موقع المسؤولية كلها كانت مشقات و تحديات و لا احسب نفسي اجانب الحقيقة ان قلت ان فاجعة شنكال و ما تلاها كانت بكل تاكيد اقسى فترة مرت عليه … وهو يرى امام عينيه ما حدث ويحدث و يسمع من شعبه كلاما قاسيا ونقدا لاذعا لم يكن دوما بكياسة … وربما قال قائلهم انه كان كلاما في محله !!! لكنني وجدت موقف سموه عصيا على الفهم في ضوء الفهم السطحي الساذج و لا يستقيم مع العقل و المنطق ؟
لا يقبل العقل و لا المنطق انه تقاعس وحاشاه من ذلك من واجب الحضور بحجة الحالة الصحية و لا بخله لتكاليف السفر و بكل تاكيد لا يمكن لذو اقل عقل و منطق ان يقبل بانه لم يكترث !!
اذن لماذا لم يكن موقفه غير ذلك الموقف؟ هذا هو السؤال الذي ربما حمل اجابته في صدره خوفا و حرصا الى العالم الاخر.
ماذا كان بوسعه ان يقول؟! ليس لنا سوى ان نتكهن ما ربما قد دار في ذهن سموه المرحوم … ربما قال: ماذا اقول؟ والعالم كله يعرف السبب و المسبّب و المتقاعس و المتخاذل و المتامر …؟ ياليت شعبي يدرك ان لا عدالة في الحياة و ان الغدر بنا سيد الموقف … نحن اضعف من ان نطالب باحقاق العدل …نحن اقل وزنا مما يجب في المعادلة السياسية محليا و اقليميا و دوليا … السياسة مصالح ..لا اخلاق و لا انسانية و لا عدل و لا عدالة …
ها هو يضع الجميع امراء و شيوخ و بيرة و رؤساء عشائر و سياسيين و مثقفين امام مسؤولية الاختيار الصعب … لم يتدخل و الرسالة هي: لكم كامل الحرية في تنصيب الامير الجديد … وهو يعلم جيدا انه خيارا صعبا … وامتحانا اصعب منه … هاكم و اثبتوا للعالم انكم قادرين على حسن الاختيار و التدبير … في اختيار امير جديد بطاقات جديدة و باليات جديدة ترتقي الى مستوى الطموح و التحدي … فمن هو الامير القادم؟ وما هو نمط الادارة الاميرية القادم؟ هل سينتهز الايزيدي الفرصة لاعادة ترميم البيت الايزيدي اميرا و امارة … هل سيجعل الايزيدي الامر مؤسساتيا لا ينفرد الامير بكل الامر بل يدير الامر مع مجلس ايزيدي عام جديد ينبثق من ضرورات المرحلة و يمثل الانسان الايزيدي اينما كان خير تمثيل؟ هذا هو السؤال الاهم اليوم.
هناك بكل تاكيد خوف و مخاوف من ان يضّيع الايزيدي هذه الفرصة كسابقاتها دون ان يحقق ما هو في خير المصلحة العامة.
رحل الامير وبقى السؤال : ماذا بعد؟ هذا سؤال يضعن كل انسان ايزيدي امام المسؤولية.