“كأم أتألم كثيرا، عندما أرى عودة اطفالي بهذا الشكل من المدرسة”، هذا ما قالته منيفة يوسف، من اهالي ناحية سنوني أم لطالبين واضافت، أن “اطفالي ولمدة 15 دقيقة يذهبون مشيا على الاقدام و14 كم بالسيارة للوصول الى المدرسة”، مدرسة يديرها محاضرين متطوعين بدلا من الحكومة.
اطفال منيفة الاثنين في المرحلة الابتدائية، يخرجون يوميا عند الساعة السابعة والنصف صباحا ليتمكنوا من الوصول الى مدرستهم في الساعة الثامنة، بُعد المدرسة وقلة عدد المدرسيين وسوء المباني الدراسية باتت مشكلة كبيرة امام ابناء منيفة والدراسة بشكل كامل في سنجار، شمال غربي الموصل.
كيفية انهاء اطفالها مرحلتهم الدراسية بنجاح، هذا الامر يعد من أكبر هموم منيفة، في منطقة كانت قبل عامين تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”.
“اطفالي يواجهون صعوبات من الناحيتين النفسية والجسدية، والطريق بعيد جدا ولايتعلمون المناهج الدراسية بالمستوى المطلوبة اليوم (8 كانون الثاني) عندما وصل أبني الى المنزل لم يتمكن حتى من تبديل ملابسه ودخل في نوم عميق”. وأضافت منيفة: “عندما أرى اطفالي بهذا الشكل أتألم كثيرا وافكر بمستقبل أطفالي وجميع اطفال المنطقة”.
منيفة والتي تسكن في احدى القرى النائية التابعة لناحية سنوني، تحدثت بهذه الصورة عن معاناة الوضع الدراسي في سنجار والذي يسكنه اغلبية ايزيدية.
ناحية سنوني تتبع قضاء سنجار، المدارس فتحت ابوابها امام طلبة القرى التي بعد عودتهم من النزوح الى موطنهم الاصلي.
القرى التي دُمرت مدارسها أبان سيطرة “داعش” في (2014 – 2015)، كوادرها التدريسية لم يعودوا اليها حتى الان ويسكنون بمحافظات اقليم كوردستان والمخيمات، وهذا ما تسبب بأزمة كبيرة في القطاع التربوي بالمنطقة.
هذه المشكلة تعتبر نموذجا لازمة قطاع التربية في سنجار واطرافه، والذي يبلغ عدد سكانه اكثر من 230 الف شخصا قبل هجوم داعش على المنطقة.
عالية داود خديدا (16 عاما) طالبة في الصف الرابع العلمي، وهي من اهالي مخيم خانصور، تقصد مدرسة بناحية سنوني يوميا وتقول بانها ” تواجه مشاكل كثيرة يوميا، وخصوصا عند صعودها بسيارة نقل الطلاب والتي (تحمل 50 طالبا)، علما ان السيارة مخصصة لـ 25 شخصا”.
اكثر من 400 طالب يذهبون يوميا من مجمع خانصور الى ناحية سنوني بواسطة سيارات مخصصة لنقل الركاب، ويبعد المجمع عن الناحية 10 كم.
وأضافت عالية: “مباني مدارسنا سيئة للغاية، قبل عام 2014 كان لدينا كوادر تدريسية جيدة، كانت الدراسة افضل بكثير حينها، كنا نتعلم بشكل أفضل، الوضع الحالي أثر علينا كثيرا وعلى درجاتنا وخصوصا للطلاب الذين يدخلون الامتحانات الوزارية العامة”.
من مجموع 169 مدرسة ابتدائية ومتوسطة واعدادية قبل هجوم تنظيم داعش على سنجار، اُعيد افتتاح 29 مدرسة منها، بحسب احصائية لمديرية تربية سنجار.
مدير تربية سنجار، عدنان مهيدي سعيد قال لـ (كركوك ناو)، إن “في الوقت الحالي العمل مستمر لاعادة اعمار 80 بالمائة من المدارس التي تضررت بسبب العمليات العسكرية، الا اننا نواجه مشكلة الا وهي قلة الملاكات التدريسية، لان اغلب المدرسين والمعلمين نزحوا الى مناطق اخرى ولانستيطع اجبارهم على العودة، لاننا لا نستطيع تأمين الامن والخدمات واماكن السكن لهم”.
“150 مدرسا ومعلما على ملاك وزارة التربية العراقية يدرسون اكثر من 10 طالب في سنجار، الا ان عدد المعلمين والمدرسين قبل هجوم داعش كان 2850 مدرسا وعدد الطلاب يفوق الستون الفا”. حسب ماجاء في احصائية تربية سنجار.
وجه محافظ نينوى منتصف عام 2018 بعودة اكثر من 2500 موظف تم تنسيبهم على اقليم كوردستان في غضون اسبوع والا سيواجهون عقوبات خاصة تصل الى فصلهم من وظيفتهم.
يواجه أكثر من (2500)، موظف في سنجار تهديدا بالفصل وقطع رواتبهم في حال عدم عودتهم الى القضاء والمباشرة بمهامهم، بناءً على أمر صادر من محافظ نينوى.
اكثر من 48 الف طالب من الايزيديين يواصلون دراستهم في مخيمات النزوح بمحافظة دهوك
وبهدف سد النقص الحاصل في عدد الكوادر التدريسية، بدأت تربية سنجار بالاعتماد على المحاضرين المتطوعين لتدريس الطلاب في القضاء.
خلف قاسم سمو، احد المتطوعين الذين يحاضرون في سنجار منذ اكثر ثلاثة اعوام يقول: “بعد استعادة سنجار، نهاية عام 2015 لم يتم تثبيت المحاضرين المتطوعين على الملاك الدائم”. مبيناً : ” لدينا مشاكل في متطلبات الدراسية، لا نمتلك النفط الابيض لتشغيل التدفئة في الصفوف، والبرد القارص يؤثر على مستوى استيعاب الطلاب”.
اكثر من 48 الف طالب من الايزيديين يواصلون دراستهم في مخيمات النزوح بمحافظة دهوك أو في مركز المحافظة وبسهل نينوى.
وتابع مدير تربية سنجار: “لا نمتلك ميزانية لصرف مستحقات المحاضرين وتأمين مستلزمات الدراسة للمدارس، وان السبب الرئيسي لعدم اعادة افتتاح اغلب المدارس يعود الى نقص الكوادر التدريسية، والمدارس التي اعيد افتتاحها يتم ادارتها من قبل 423 محاضر و105 مدرس وموظف”.
مديرية التربية افتتحت مركزا لتقوية طلبة صف السادس الاعدادي لمدة 45 يوما، كون الأمر متعلق بمستقبلهم للوصول الى الجامعات والمعاهد.
مديرية تربية سنجار والطلاب وذويهم يطالبون بضرورة معالجة مشاكل قطاع التربية في القضاء، هذه المطالب تأتي بالتزامن مع تشكيل الحكومة العراقية الجديدة واستقالة وزيرة التربية بعد اتهام شقيقها بالانتماء الى تنظيم داعش.
منيفة التي تنتظر عودة اطفالها الاثنين من المدرسة تقول: “يجب ان لاننسى فضل وجهود المحاضرين المتطوعين لاستمرار الدراسة وتعليم أبناءنا”.
تصوير: كركوك ناو
شما شنكالي – نينوى