الخميس, نوفمبر 13, 2025
Homeاراءحول البيان الختامي لمؤتمر هانوفر : الياس عزام شنكالي

حول البيان الختامي لمؤتمر هانوفر : الياس عزام شنكالي

سلامٌ على من أبقوا جوهر الحقيقة صافيًا، فلم يبيعوه في أسواق الكلمات.
وسلامٌ على من لم يخلطوا بين ظلّ الشجرة وجذورها، بين العرض والجوهر.
وسلامٌ على من وعوا أن التاريخ لا يُشترى بالتصفيق، ولا تُروَّض دماء المذابح بابتساماتٍ باردة وصورٍ تذكارية.

أما الذين مرّوا بين الصفوف بمكرٍ ناعمٍ وابتساماتٍ عابرة، فليعلموا أنّ الذاكرة لا تنام، وأنّ الحقيقة تكتب أسماءهم في خانةٍ أخرى، خانة الخيانة والصمت المُدجَّن، حيث لا تنفعهم لغةٌ مراوِغة ولا مجتمعٌ مُنهَك.

🔻 إننا كإيزيديين نقف على حافة مرحلة هي الأخطر في تاريخنا الحديث، مرحلة تُقرَأ فيها الأخطاء لا كزلات عابرة، بل كطعنةٍ في صدر شعبٍ ينزف منذ إبادة لم تندمل بعد. كان الواجب أن تُعلَّق كل الطموحات، وتُؤجَّل كل الأنشطة، ليُحصر الدور في ما هو أعظم وأجلّ: تأمين وجودنا، وتجهيز مجتمعنا لعبور هذه اللحظة العاصفة بأقل الخسائر الممكنة.

لكنكم فضّلتم مشاريعكم الصغيرة على سلامة شعبكم الكبير، وقدمتم سقوفًا مبهرةً بلا جدران. نعم، كثيرٌ من الأفكار التي تطرحونها تحمل بذور الخير، ولكن التوقيت الخاطئ يُحوّل حتى أنبل الأفكار إلى فوضى، ويُشغل الناس عن الأساس: الأمن والأمان، الوجود قبل التفاصيل.

🔻 إن كنّا نتحدث بوعيٍ تاريخي ومسؤوليةٍ استراتيجية، فلا مجال للمجاملات. الحقيقة الجارحة هي التي تفتح أبواب النجاة:

نحن ديانة، وهذا ثابت لا يحتاج إلى مؤتمرات ولا إلى اعترافات الآخرين. كا ملاحظة حول نقطة 18

لكن ما نفتقده هو الاعتراف بنا كـ قومية، لأن القومية هي الدرع السياسي والحقوقي الذي يحمي الدين من الذوبان والابتلاع.

🔻 وما جاء في النقطة (19) حول “المطالبة بمحافظة” ليس سوى تقزيمٍ لقضيتنا، اختزالٍ لدمائنا في معاملة إدارية. شنكال ليست ملفًا خدميًا؛ شنكال قضية وجودية، جرح مفتوح في قلب الإنسانية. والحق الذي يليق بها هو إدارة ذاتية كاملة بضمانات دولية، فهي السبيل الوحيد لحماية الأرض والإنسان والذاكرة من الإبادة القادمة.

🔻 نحن لا نعارض الحوار، بل نؤمن أن الحوار هو السبيل الوحيد لصناعة مستقبلٍ مختلف، لكن الحوار لا يكون في زمنٍ أعمى ولا على أرضٍ رخوة. الحوار على الأساسيات أولًا، على الوجود والأمن والسيادة، ثم تأتي بقية الأفكار تباعًا حين تتهيأ الأرضية ويحين الزمن.

إن قضيتنا أكبر من “مشروع” أو “مؤتمر”. قضيتنا امتحان وجودي لشعبٍ يتحدى العدم.
ومن يصرّ على بناء السقف قبل الجدران، فهو لا يبني بيتًا للإيزيديين، بل وهمًا ينهار فوق رؤوسهم.

هذا زمن الحقيقة لا الوهم، زمن القرار لا المجاملة. … وزمن مَن يختارون أن يكونوا أو لا يكونوا.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular